رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

تدخل إدارى ينهى أزمة التوريد.. ورفع السعر بنسبة 10% .. «شبرا بلولة».. نصف ياسمين العالم يخرج من هنا


26-6-2025 | 23:26

.

طباعة
تقرير: مصطفى الشرقاوى

تحرك سريع يؤكد حرص الدولة المصرية وأجهزتها على أهمية الزراعة، والوقوف إلى جانب المزارعين فى ربوع مصر كافة، بعدما نجحت محافظة الغربية بالتعاون مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، فى إنهاء مشكلة توريد محصول الياسمين بقرية شبرا بلولة التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، التى شهدت فى منتصف يونيو الجارى توقفًا بعمليات التوريد نتيجة الخلاف الذى نشأ حول أسعار التوريد بين الفلاحين وإدارة مصنع أحمد فكرى لإنتاج الزيوت العطرية، ما أثار قلق عدد كبير من مزارعى القرية.

 

ونجح محافظ الغربية ووزير الزراعة، فى إنهاء مشكلة توريد الياسمين بالقرية، لتعزيز استقرار المحصول، لتعم السعادة جميع سكان شبرا بلولة، التى تنتج أكثر من نصف ياسمين العالم.

جاءت تحركات محافظة الغربية، فى إطار استجابة سريعة لشكاوى وردت من أهالى شبرا بلولة، حيث أجرى محافظ الغربية، اللواء أشرف الجندي، تنسيقًا مباشرًا مع وزارة الزراعة، التى أصدرت بيانًا رسميًا بتحديد سعر التوريد بـ105 جنيهات للكيلو، بعد جلسات تفاوض ضمت مسئولى الزراعة وممثلى المصانع والمزارعين، ما أعاد الحركة الطبيعية إلى منظومة التوريد وأنهى الخلاف فعليًا.

وعقب تجاوز المشكلة واستقرار الأسعار، أكد اللواء أشرف الجندى، وعبدالسلام البغدادى وكيل وزارة الزراعة بالغربية، أن هناك آليات تم الاتفاق عليها لمنع تكرار الموقف مستقبلًا، وذلك لاستقرار منظومة زراعة وتصنيع الياسمين، وتعزيز دور الإرشاد الزراعى فى القرى المتخصصة فى المحاصيل العطرية.

وفى تصريحات خاصة لـ«المصور»، أكد محافظ الغربية، أن دعم الفلاح وتثبيت العائد الاقتصادى للمحاصيل المتخصصة يمثلان أولوية تنموية للمحافظة الدلتاوية، مشيرًا إلى أن شبرا بلولة، قلعة زراعة الياسمين، تُعد من القرى الرائدة فى إنتاج هذا المحصول على مستوى العالم، وأن حماية هذا النشاط الاقتصادى الحيوى مسئولية مشتركة بين كافة الجهات الإدارية بالدولة المصرية.

وشدد المحافظ على أهمية العمل الاستباقى فى مثل هذه الحالات، معربًا عن تقديره لتعاون وزارة الزراعة وكافة الأطراف التى ساهمت فى حل المشكلة، وأنه وجّه وكيل وزارة الزراعة بالاستمرار فى متابعة توريد المحصول ميدانيًا خلال الموسم، والتنسيق مع كافة الأطراف، مشيرًا إلى أن قرية شبرا بلولة تحتل مكانة مهمة على خريطة النباتات الطبية والعطرية، ومساهمتها فى قطاع التصدير تستحق كل أشكال الدعم.

يُذكر أن ظهور زراعة الياسمين فى مصر بدأ عام 1950 مع إنشاء أول كيان صناعي، وهو مصنع أحمد فخرى فى قرية شبرا بلولة بمركز قطور بمحافظة الغربية، وهو كذلك أول تاريخ لزرع أول شجرة من الياسمين فى مصر من أجل الاستثمار.. وتعتبر شجرة الياسمين من الأشجار المعمرة فى الأرض، حيث يزيد عمرها على خمسين عاما.. وتعتبر قرية شبرا بلولة الأولى فى زراعة الياسمين عالميًا، هى وبعض القرى المجاورة لها فى مركزى قطور وبسيون بمحافظة الغربية، وتتميز الأراضى المزروعة بالياسمين بالخصوبة، وتتميز زهرة الياسمين المزروعة فى مصر بأنها الأجود عالميًا.. وتصدر مصر أكثر من نصف الإنتاج العالمى لصناعة الياسمين، وتعتبر أجود وأفضل أنواع عجائن العطور حول العالم.

من جانبه، قال إبراهيم المزين، مزارع من شبرا بلولة، إن الياسمين هو مصدر دخل آلاف الأسر فى القرى التى تزرع هذه النباتات فى مركزى قطور وبسيون، حيث إن مساحات الياسمين فى تزايد بقريتنا والقرى المجاورة، ويبدأ موسم الياسمين فى أول يونيو وينتهى فى آخر ديسمبر، ويتم جمع زهرة الياسمين من الساعة الثانية ليلا حتى التاسعة صباحًا، ويعتبر جمع الياسمين عملا شاقا ويحتاج إلى الخبرة والدقة، ويحرص المزارعون على القطف السريع وعدم الضغط على الزهرة لكى لا تفقد زيوتها العطرية، ويمكن للشخص جمع 2 كيلو يوميا من القيراط الأول فى الشهر الأول لموسم الحصاد، ولا يستطيع صاحب الأرض أو المستأجر جمع المحصول بمفرده، ولكن يحتاج إلى عمالة يومية، حيث تكون عملية الجمع بنظام الشراكة بين صاحب الأرض والعمالة، حيث تحصل الأخيرة على ثلثى الجمع اليومى وصاحب الأرض على الثلث، وهو تكلفة كبيرة، ولكن لا يمكن الحصد إلا بتلك الطريقة.

وأضاف محمود علي، أن أغلب أراضى الياسمين «مستأجرة»، وتتراوح قيمة الإيجار ما بين 6 آلاف جنيه إلى 8 آلاف للقيراط الواحد فى العام، وذلك حسب جودة الأرض، غير تكلفة رعاية الأشجار والعناية بها لمدة عام، وهو سبب مطالبتنا برفع سعر كيلو الياسمين من 95 إلى 150 جنيها، حتى نستطيع تغطية التكلفة وجنى بعض المكاسب بعد بيع المحصول، لكن الحقيقة أن جهود الحكومة فى هذا الشأن نجحت فى رفع المحصول هذا العام، وهو أمر طيب كون الحكومة قد بادرت بالتحرك بعد المشكلة التى حدثت بيننا وبين أصحاب المصانع، مع وعد وزير الزراعة برفع السعر العام القادم بالتشاور مع الفلاح وأصحاب المصانع.

تكلفة العناية بأشجار الياسمين على مدار العام كبيرة، حيث يتم قص أشجار الياسمين بعد موسم الحصاد، ويتم حرث الأرض وتخطيطها مرة ثانية مع وضع السماد البلدى الطبيعى والكيمياوى والسوبر فوسفات والبوتاسيوم والرش لمقاومة الأمراض على مدار العام، وذلك حتى يكون هناك محصول متميز فى وقت الحصاد.

بينما أفادت ميرفت العمرى، أنها تعمل فى حصاد الياسمين هى وثلاثة من أبنائها، وتتحرك رفقة المئات من النساء ليتلاقين عند مدخل القرية حتى يصلن حقل الزهور مع نزول قطرات الندى، وهى أولى لحظات بدء العمل، فنحن نعرف كيفية جمع المحصول مع الحفاظ على قيمته، حيث تتجاور الحقول على أطراف مركزى قطور وبسيون.. وفى طريقنا إلى الحقل نلتزم بمنحدر غير مُمهد، تركت قطرات الندى آثارها عليه، وحيث إن ضوء القمر وحده لا يكفى، لذا نرتدى كشافا صغيرا مثبتا على الرأس لنرى ما نجمعه، ونتجول فى الممرات بين شجر الياسمين حتى نجمع أكبر كمية من المحصول وعليه قطرات الندى، فجمع المحصول بعد بزوغ أشعة الشمس أمر صعب، ويقلل من جودة زهور الياسمين ويخفض سعره.

وأضافت «ميرفت»، قائلة: إن طبيعة الزهرة هى السبب وراء العمل فى الليل، فالندى يجعل الزهور تتفتح لتستقبل تلك القطرات، ثم تخرج رحيقها من الزيت العطري، وهو المادة الخام المطلوبة لصناعة العطور، أما السبب وراء أن العمل غالبا يتميز بالطابع النسائى، فهو أن تلك الزهور رقيقة لا تحتاج إلى يد قوية، بل من الأفضل أن تكون أيادٍ رقيقة تحسن قطفها، ونحن نعمل بكل جهد، ولا نتوقف، لأن ما نحصل عليه من أموال مرتبط بما نجمع من زهور الياسمين، فنحن لا نعمل باليومية بل بنسبة ربحية، ونحصل على قيمة ثلثى ما نجنيه بأيدينا.

وأشارت إلى أنه بعد الجمع، تنقل الزهور إلى قطعة كبيرة من القماش تغطى مساحة من الأرض، ينثرون الزهور لتنال نصيبا آخر من الندى، قطرات الماء القليلة تلك تحافظ على الرحيق والزيت حتى نقله إلى المصانع التى تتولى استخراج العصارة منه، ولا يجب أن تلمسه المياه، وإلا ذبل، وتحول بياضه إلى لون أسود، وفسد رحيقها.

فيما واصلت سناء عاطف، إحدى العاملات فى جمع الياسمين، الحديث، قائلة إن كل مجموعة من السيدات يتفقن مع صاحب الحقل، يتركه لهن ليجمعن كل زهور الياسمين، وبيع المحصول أول بأول صباح كل يوم يقتسمن القيمة، لهن الثلثان، ولصاحب الحقل الثلث، مضيفة أن إنتاج الحقل على أيدى بضع من النسوة يتراوح بين 6 إلى 7 كيلو كل ليلة، الأشجار كريمة بطبعها ولكنها تكره الطمع، الكمية ليست قليلة، خاصة أن نسبة كبيرة منها هى زيت عطرى خام، فتحصل كل سيدة وابنتها على مبلغ لا يقل عن 500 جنيه نظير عمل يمتد من 12 ليلا وحتى ظهور أشعة الشمس فى الأفق، فى ذلك التوقيت تغلق الزهور، ثم ينقل صاحب الحقل الزهور إلى المصنع لتتحول إلى عجينة يخرج منها الزيت.

وفقا لبيانات الاتحاد الدولى لمصنّعى العطور، تنتج مصر سنويا 6 أطنان من عجينة الياسمين، 70 فى المائة من ذلك الإنتاج يخرج من محافظة الغربية وحدها، تحديدا من قرية شبرا بلولة، التى تتميز بالعديد من مصانع استخلاص الزيوت من النباتات، ينتج كل طن من العجينة على الأقل، نصف طن من زيت الياسمين الخام ووفقًا لمحمود عيسى، نائب محافظ الغربية، الذى صرح لمجلة المصور، بأن مساحات زراعة الياسمين توسعت بقرية شبرا بلولة، وامتدت حتى وصلت لقرية نجريج التى أصبحت من أكثر القرى لزراعة الياسمين، ويتم نقل محصولها إلى قرية شبرا بلولة لمصانع الاستخلاص.

وأوضح نائب محافظ الغربية، أن نجريج أصبحت تضاهى قرية شبرا بلولة، التى تبعد عنها حوالى 5 كيلو تقريبا، وتوفر مصدرا للرزق للعديد من الأسر، سواء فى الزراعة والتقليم، أو الحصاد على أيدى العاملات الماهرات، مضيفا أن زراعة الياسمين أصبحت مجزية وتنتشر بمرور الوقت مع انتباه المزارعين إلى أهمية تصديره للخارج، بجانب إنتاجية الفدان المرتفعة التى تصل إلى 5 سنوات وهو سبب تحركنا فى بداية موسم الحصاد هذا العام بعد علمنا بوجود خلاف بين المزارعين وأصحاب المصانع على التسعير، ونسقنا مع وزير الزراعة الذى حضر إلى محافظة الغربية، وعقدنا جلسات امتدت لأكثر من 48 ساعة حتى رفعنا السعر من 95 إلى 105 جنيهات بزيادة قدرها 10 فى المائة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة