رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

تعزيزًا للتنافسية والاستثمار الحكومة تواجه «تهريب البضائع» بمنظومة جمركية متطورة


27-4-2025 | 16:48

.

طباعة
تقرير: مروة سنبل

تولى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى أهمية كبيرة لإصلاح وتطوير المنظومة الجمركية والحد من التهريب وإغراق الأسواق المصرية، كخطوة ضرورية لتعزيز تنافسية وتحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، وتعتبر مشكلة «التهريب الجمركى» من أبرز التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى.

ورصدت مصلحة الجمارك فى مكافحة التهرب الضريبى خلال عام 2024، تحرير نحو 58.8 ألف محضر، تم على إثرها تحصيل 4.84 مليار جنيه، وشملت المحاضر جرائم تهريب المواد المخدرة، والخمور والسجائر، والأقمشة والمنسوجات، والأسلحة والألعاب النارية، والأدوية والمواد الغذائية، والأجهزة المتنوعة، والمشغولات الذهبية والفضية، وأجهزة المحمول وإكسسواراتها، والسيارات وقطع الغيار، والكيماويات والمبيدات الحشرية، إلى جانب جرائم التلاعب فى المستندات، وتهريب النقد الأجنبى، والآثار، وذلك وفقًا لتصريحات رسمية صادرة عن رئاسة مجلس الوزراء.

وعلى مدار الأسابيع الماضية، ناقشت الحكومة الضوابط المقترحة بهدف الحد من التهريب بالمنافذ المختلفة، وكذلك حزمة الإجراءات المقترحة للتطوير الإلكترونى للمنظومة الجمركية لسد ثغرات التهريب الجمركى، وتتضمن خطة إصلاح المنظومة الجمركية والحد من التهريب إجراءات ينطوى بعضها على تيسيرات وحوافز، من بينها تقسيط الضريبة الجمركية لمستلزمات الإنتاج، وتيسير وتسهيل نظام التخليص المسبق، ومنح ميزة التخليص الجمركى بمقر العميل للشركات المدرجة بالقائمة البيضاء والمنضمة للمشغل الاقتصادى، إلى جانب خفض معدلات زمن الإفراج الجمركى، وإنشاء دليل إجراءات استرشادى للمتعاملين مع الجمارك، فضلاً عن السماح بقبول المدفوعات إلكترونيًا، وكذلك السماح للشركات بإنشاء مراكز خدمات لوجستية بهدف تعزيز تجارة الترانزيت.

كما تتضمن الخطة أيضًا خطوات لضبط المنظومة الجمركية، منها حوكمة آليات تأمين ومتابعة حركة البضائع والشحنات، ومراجعة الفئات الواردة بالتعريفة الجمركية وخاصة للسلع والقطاعات الصناعية المستهدفة، وتدريب العاملين بمصلحة الجمارك ورفع قدراتهم الفنية وإعادة تدوير العاملين داخل المنافذ الجمركية، فضلاً عن تحديث الموقع الإلكترونى لمصلحة الجمارك، والتوسع فى الترخيص بإنشاء مستودعات جمركية عامة داخل الموانئ الجافة لاستقبال كافة البضائع، بالإضافة إلى مراجعة الشروط اللازمة للانضمام لبرنامج المشغل الاقتصادى المعتمد، لمضاعفة عدد الشركات المنضمة للبرنامج إلى 500 شركة.

ويركز البرنامج الحكومى على عدة محاور رئيسية، منها توحيد الجهات التى تأخذ العينات، وتطوير النظام الإلكترونى للجمارك، وتهدف هذه الخطوات إلى تبسيط الإجراءات وخفض التكاليف، ومنع التهريب الجمركى، مما يساهم فى دعم التنمية المستدامة وتحسين القدرة التنافسية للأسواق المصرية أيضا تسريع إجراءات الإفراج الجمركى فالمستهدف هو تخفيض عدد الأيام اللازمة للإفراج من ثمانية إلى ستة أيام مع استمرار عمل الخدمات الجمركية بالاجازات الرسمية وأيام الجمعة ، خاصة أنه وفقا لتصريحات المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية فمصر تخسر 150 مليون دولار يوميا بسبب تأخر الإفراج عن البضائع حيث تصل إجمالي خسائر المستثمرين والمستهلكين من تأخر الإجراءات الجمركية بسبب الإجازات السنوية لما يقرب من 2 مليار دولار سنويا.

محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، حذر من إغراق الأسواق بالبضائع المهربة التى تدخل بصفة غير شرعية، مؤكدًا أن هذا الملف يعتبر من أهم التحديات التى تواجه القطاع وتؤثر بالسلب على المنتج المحلى وعلى الاقتصاد ككل، وليس قطاع الصناعات النسيجية فقط.

ووصف «المرشدى» تأثير التهريب على الصناعة المحلية بـ«الكارثة»، قبل أن يضيف: هذه القضية نعمل عليها ونجاهد فيها منذ سنوات طويلة ونطالب بتحقيق المنافسة العادلة بين المنتج المحلى وغير المحلى بحيث تكون المنافسة فى صالح المستهلك وليس المهرب.

كما أشار إلى أن «مشكلة التهريب ليست جديدة ولكنها مزمنة ولها انعكاسات سلبية كبيرة على السوق والاقتصاد بسبب الخسائر الكبيرة التى يتكبدها المصنعون والخزانة العامة للدولة، وأن قطاع النسيج من أكبر القطاعات التى تشهد تهريبًا»، لافتًا إلى أن حجم التهريب بالقطاع يصل إلى 50 فى المائة من حجم الطاقة الإنتاجية.

رئيس غرفة الصناعات النسيجية أوضح أن «هناك مطلبًا رئيسيًا وهو ضرورة تحقيق المنافسة العادلة بين المنتج المحلى والمنتج الوارد من الخارج من السلع المهربة، حيث إن المنتجات الواردة من الخارج تدخل بطرق غير شرعية أحيانًا وعن طريق استغلال بعض التيسيرات التى قدمتها الدولة لتشجيع التصدير، حيث إن بعض المنتجين يقومون باستيراد خامات من الخارج بنظام السماح المؤقت أو المناطق الحرة الخاصة والعامة، لذلك لا بد من إعادة النظر فى الإجراءات الحاكمة وأن تكون خاضعة للضوابط والإجراءات المعلنة والتدقيق والتشديد فى تطبيق هذه الإجراءات، وسد الثغرات الموجودة بنظام الاستيراد بالسماح المؤقت وهو نظام معمول به لاستيراد الخامات بقصد إنتاجها ثم إعادة تصديرها، لكن مافيا التهريب تستورد الأقمشة وتصنعها وتبيعها داخليًا وتنافس المنتجات المحلية».

وتابع: كذلك، يجب العمل على سد الثغرات فى المناطق الحرة الخاصة والعامة، فهناك إنتاج وارد من الخارج محرر من كل الأعباء بلا جمارك ولا قيمة مضافة وبدون أى رسوم ويدخل السوق بلا ضابط ولا رابط، وهو ما لا يحقق المنافسة العادلة مع المنتج المحلى، كما يضغط على الصناعة المحلية فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجه المصنعين بسبب ارتفاع التكلفة.

وأضاف «المرشدى»، أن «دعم صناعة الغزل والنسيج والملابس وإزالة العقبات التى تواجهها يسهم فى توطين الصناعة المصرية وزيادة الإنتاج وتغطية السوق المحلى وتعزيز الصادرات ودعم مناخ الاستثمار»، مشددًا على أهمية الحد من عمليات التهريب وإغراق الأسواق التى تتسبب فى خسائر ضخمة للموازنة بسبب عدم سداد المستحقات من الرسوم الجمركية أو الضرائب المفروضة على مبيعات هذه السلع، وكذلك عدم عدالة المنافسة مع الصناعة المحلية، لأن البضائع المهربة من الخارج تباع بتكلفة أقل من التكلفة الفعلية للإنتاج، مما هدد الصناعة المحلية وأصبحت المنافسة غير عادلة فتعثرت المصانع وتوقفت عن الإنتاج وأصبحت غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها وغير قادرة على شراء مستلزمات إنتاجها.

ورحب «المرشدى» باعتزام الحكومة وضع ضوابط جديدة لمواجهة عمليات التهريب المستمرة وإغراق الأسواق المصرية بأصناف من السلع والواردات مما يسهم فى ضبط المخالفات، متمنيًا أن تأتى الصحوة الحالية من الحكومة فى عهد الفريق كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة، بثمارها وإصدار قرارات حاسمة وبجرأة، مؤكدًا أن الحكومة أدركت خطورة هذا الملف وتأثيره على الصناعة الوطنية لأن التصدى لملف التهريب من أهم عوامل إعادة تشغيل المصانع المتوقفة والمتعثرة.

وأضاف رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات: مطالبنا واضحة لصالح الصناعة الوطنية بضرورة العمل على تحقيق المنافسة العادلة والحد من عمليات التهريب وإغراق الأسواق بالبضائع المهربة؛ مما يتسبب فى الإضرار بالصناعة المحلية وخسائر كبيرة لموازنة الدولة، وقدمنا مذكرة لوزير الصناعة ونائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية برؤية الغرفة فى كيفية مواجهة هذه المشاكل ووضع الإجراءات والضوابط للحد من عمليات التهريب، مشيرًا إلى أن الحكومة قادرة على التصدى بقوة لهذا الملف، حيث إن الإرادة السياسية موجودة بداية من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية للتصدى بقوة لمكافحة التهريب.

من جانبه شدد الخبير الاقتصادى، الدكتور عادل عامر، على ضرورة سد الثغرات للتهرب الجمركى والضريبى بسبب تأثيراته السلبية على الاقتصاد، مشيرًا إلى أن السلع المهربة تعتبر منافسًا قويًا للمنتج المحلى، حيث إن تهريب نفس المنتج بطرق غير شرعية دون سداد الرسوم والضرائب الجمركية يتسبب فى انخفاض تكلفته عن نظيره المحلى مما يؤثر على عملية زيادة الإنتاجية والتسويق للمنتج المحلى فى الاقتصاد المصرى.

«عامر»، أكد أن السلع المهربة لا تضيف أى قيمة مضافة للاقتصاد الوطنى؛ لأنها غير رسمية وبالتالى تحرم الدولة من مصدر من مصادر الدخل القومى وهى الرسوم الجمركية، فضلاً عن أن غالبية هذه السلع تكون خارج نطاق الجودة لذلك يتم حرقها وبيعها فى السوق بأسعار مخفضة مما يؤدى إلى تدمير الصناعة الوطنية، لافتًا إلى أن الصناعات الإلكترونية بكافة أنواعها هى الأكثر تهريبًا وإغراقًا بالسوق المصرى وتسمى بـ «المنتجات الكسر».

كما شدد على ضرورة سرعة إصلاح المنظومة الجمركية واتخاذ الحكومة إجراءات وضوابط لتطبيقها فى الموانئ والمنافذ الجمركية لضبط أية محاولات تهريب، فى ظل شكاوى المصنعين من انتشار وإغراق الأسواق ببعض السلع المهربة ما يؤثر على الصناعة الوطنية، مع ضرورة عقد مؤتمر من قبل وزارة المالية مع كافة المستوردين والمصدرين لمناقشة كافة المشاكل التى يتعرضون لها ودراسة اقتراحاتهم حتى يتم تعديل وصياغة قانون شامل ومتكامل، بناءً على حوار مجتمعى من رجال الأعمال المتخصصين فى التصدير والاستيراد ما يعزز دعم التنمية والاستثمار والقدرة التنافسية بالأسواق.

من جانبه قال عماد قناوى رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، إن تهريب السلع من الخارج له تأثير سلبى على الاقتصاد الوطنى؛ حيث يتسبب فى انخفاض حصيلة الموازنة العامة من رسوم الجمارك والضرائب، ويؤدى أيضا إلى عدم تحقيق منافسة عادلة مع المنتج المحلي، الأمر الذى يتطلب ضرورة تشديد الرقابة الجمركية على السلع المستوردة.

وعن التوصيات المطلوبة للحد من التهريب الجمركى يقول قناوي: على الحكومة أن تُسرع فى إجراءات الإفراج الجمركى مع تشديد الرقابة والمتابعة الجمركية على السلع المستوردة من خلال جميع المنافذ البرية والبحرية للحد من التهريب الذى يؤثر على المصنعين المحليين.

وأوضح أن هناك اهتماما من الدولة بتعميق التصنيع المحلى وإحلال المنتج المحلى محل المستورد، وهو ما يعكس اتجاه الدولة نحو تعظيم التصنيع المحلى وزيادة القدرة الإنتاجية وتحسين بيئة عمل المستثمرين، مما يعزز النمو الاقتصادى.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة