رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

اللواء محمود نصار رئيس الجهاز المركزى للتنمية والتعمير : «الاستثمار فى الحدود» تحصين سياسي وتنموى لمصر


24-4-2025 | 16:14

اللواء محمود نصار رئيس الجهاز المركزي للتنمية والتعمير

طباعة
حوار:راندا طارق

«طفرة تنموية غير مسبوقة»، واقع استطاعت أن تحققه مصر خلال السنوات القليلة الماضية على أرض سيناء، وهو واقع امتد كذلك إلى مدن القناة، التى كان لها هى الأخرى نصيب من التنمية، ووسط هذا كله تبرز مشروعات التعمير كأداة استراتيجية للدولة ليس فقط لتحقيق التنمية المتوازنة، ولكن أيضا لترسيخ الأمن القومى وتحقيق استدامة اقتصادية واجتماعية.

 

وفى الحوار التالي، مع اللواء محمود نصار، نقترب أكثر من ملامح التحول الذى تشهده هذه المناطق، ونتناول آفاق المستقبل، وأبعاد هذه المشروعات من منظور اقتصادي، أمني، واستراتيجي، كما نلقى الضوء على طبيعة ما نفذ فى سيناء من مشروعات، والتعرف على معدلات التنفيذ فى المشروعات التى لا تزال «تحت الإنشاء»، ورؤيته لمستقبل القطعة الغالية من أرض مصر.. فإلى نص الحوار.

 

عانت شمال سيناء كثيرا من الإرهاب والتهميش.. كيف استطاعت الدولة الوصول لتنمية حقيقية على الأرض فى وسط هذا الكم من التحديات؟

 

حققت الدولة فى السنوات الأخيرة تقدمًا ملحوظًا فى تحقيق التنمية فى العديد من القطاعات بفضل عدة استراتيجيات وجهود مركزة لتجاوز هذه العقبات، ومن العوامل التى أسهمت فى هذا التحول مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار الأمنى للدولة، وإنشاء ورفع كفاءة البنية التحتية، وتنفيذ العديد من المشروعات التنموية، وأيضا الاهتمام بتعليم الشباب وتنمية المهارات وتأهيلهم فى مجالات مختلفة التعاون مع المجتمع المحلى من خلال توفير فرص عمل وتعليم ورعاية صحية، وكل هذه الجهود أسهمت فى تحفيز التنمية فى شمال سيناء رغم الظروف المعقدة، ورغم أن بعض التحديات لا تزال قائمة فإن هناك تقدمًا ملحوظًا فى التنمية الشاملة بشكل ملحوظ.

 

ما أبرز المشروعات التنموية التى يشرف عليها الجهاز حاليا فى شمال وجنوب سيناء، وكم تبلغ نسب الإنجاز؟

 

نفذنا مشروعات تنموية كثيرة لخدمة أهالى سيناء للمساهمة فى تنمية هذه البقعة الغالية من أرض مصر، من خلال حزمة مشروعات تنموية منها «إنشاء وتحسين البنية التحتية، إنشاء ورفع كفاءة جودة الطرق والخدمات المقدمة للمواطنين، تنمية القرى والتجمعات البدوية النائية، تعمير صحراء سيناء، والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة فى هذه المناطق، بما يحقق تحسين مستوى المعيشة للأهالى وتوفير احتياجاتهم من الغذاء والخدمات، وتسهيل الحركة وربط سيناء بالوطن الأم»، ومن أبرز المشروعات الجارى تنفيذها على سبيل المثال لا الحصر تصميم وتنفيذ تجمعات تنموية كأسبقية أولى بتجمعات «الحسينات، الوفاق، نجع شبانة والمهدية، الظهير والمقاطعة برفح والشيخ زويد»، بنسب تنفيذ 65 فى المائة، وكذلك المرحلة الثانية من التجمعات التنموية بسيناء بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بنسب تنفيذ 96 فى المائة، إنشاء عمارات سكنية بحى الريسة بمدينة العريش، وإعادة انشاء 12 عمارة آيلة للسقوط، إنشاء 60 منزلا بدويا بالمرافق بمدينة طابا بنسب إنجاز 85%، وأعمال معالجة مخاطر انهيار هضبة أم السيد بمحافظة جنوب سيناء، وتوصيل التيار الكهربائى إلى 30 تجمعا بدويا بمحافظتى شمال وجنوب سيناء وغيرهما.

مع هذا الكم الهائل من المشروعات، هل هناك خطط للجذب السكانى فى شمال سيناء، وهل تم الانتهاء من تنفيذ مشروعات إسكان أو بنية تحتية تدعم ذلك؟

 

بالتأكيد هناك خطط حكومية شاملة لجذب السكان إلى شمال سيناء، وهذه الخطط تتضمن تنفيذ مشروعات بنية تحتية ومشرعات إسكان ضخمة تهدف إلى إنشاء تجمعات جديدة وتحسين جودة الحياة بها، وتسعى الدولة إلى تنفيذ العديد من البيوت البدوية المصممة لتتناسب مع طبيعة وظروف أهالى سيناء، والتى تشمل إنشاء مدن جديدة مثل رفح الجديدة وبئر العبد الجديدة، بالإضافة إلى إنشاء 14 تجمعا تنمويا حضريا فى مناطق رفح والشيخ زويد شاملة الخدمات والمرافق، ويجرى تنفيذ 4 تجمعات تنموية كمرحلة أولى وتضم 6053 بيتا بدويا، وكذلك تطوير البنية التحتية والمرافق بشمال سيناء، وتوصيل التيار الكهربائى وإنارة القرى والتجمعات البدوية والطرق، بالإضافة إلى خدمات الاتصالات والنقل والمواصلات وإنشاء مجمعات خدمية.

 

جنوب سيناء منطقة سياحية من الطراز الأول.. كيف يتم الموازنة بين الحفاظ على الطبيعة وتنفيذ مشروعات التعمير؟

 

بالفعل.. نراعى التوازن بين الحفاظ على الطبيعة وتنفيذ مشروعات التعمير، بعدة آليات واستراتيجيات، كما أن التخطيط العمرانى المستدام تم بمراعاة الطبيعة الجغرافية والبيئية للمنطقة، فكان تصميم المشروعات وإنشاء التجمعات العمرانية بعيدا عن المحميات الطبيعية والمناطق البيئية الحساسة، والرقابة البيئية والتقييم المسبق قامت بإلزام جميع المشروعات بإجراء تقييم بيئى شامل قبل التنفيذ، وكذلك المتابعة المستمرة من وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة لضمان عدم حدوث أضرار بيئية، هذا فضلا عن استخدام التكنولوجيا الصديقة للبيئة بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية فى مدن مثل شرم الشيخ ودهب والبناء بمواد صديقة للبيئة، وتشجيع العمارة الخضراء، وإشراك المجتمعات المحلية بالاستفادة من خبرات السكان المحليين والبدو فى الأنشطة المستدامة، وإنشاء مشروعات بنية تحتية تخدم السياحة المستدامة مثل مسارات سياحية بيئية، ومراكز تعليمية للزوار حول البيئة، وتطوير النقل الجماعى لتقليل الانبعاثات، وشهدنا ذلك فى مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، وكذلك تطوير مدينة سانت كاترين مشروع التجلى الأعظم تم طبقًا للطابع البيئى والطابع البصرى مع الحفاظ على الطبيعة التراثية البكر للمدينة وبما يتماشى مع المناظر الطبيعية.

 

مدن القناة كانت دائما مناطق استراتيجية.. كيف يتم تطويرها فى إطار رؤية مصر 2030؟

 

بالتأكيد هى من المناطق الاستراتيجية الهامة، سواء من الناحية الجغرافية أو الاقتصادية، وتطوير هذه المدن فى إطار رؤية مصر2030 يعكس أهمية تعزيز دورها كحلقة وصل بين البحرين الأحمر والمتوسط، وكذلك كرافد رئيسى لاقتصاد الدولة، وتشمل عدد من المبادرات التى تهدف إلى تحسين البنية التحتية، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التنمية العمرانية، وتحقيق الاستدامة البيئية، وتوفير فرص عمل جديدة.

هل هناك مشروعات لربط مدن القناة بشكل أفضل بالدلتا وسيناء، سواء طرقا أو خدمات لوجستية؟

 

فى ظل تحركات الدولة المصرية نحو تعزيز التكامل الإقليمى وتطوير البنية التحتية، تُطرح تساؤلات حول مدى نجاح الجهود الحكومية فى ربط مدن القناة السويس، بورسعيد، الإسماعيلية بشبكة حديثة من الطرق والخدمات اللوجستية تمتد إلى الدلتا فى الغرب وسيناء فى الشرق، وبينما تنطلق مشروعات قومية كبرى من قلب مدن القناة، يزداد الاهتمام بتقييم مدى فاعلية هذه المبادرات فى دعم حركة التجارة، وتسهيل انتقال الأفراد، وتحقيق التنمية المستدامة فى المناطق الحدودية والمهمشة، شبكة طرق تربط الشرق بالغرب أحد أبرز ملامح هذا التوجه يتمثل فى المشروع القومى للطرق، الذى أعاد تشكيل الخريطة الجغرافية للحركة داخل مصر، فعلى سبيل المثال أسهم محور 30 يونيو، الذى تم تنفيذه من خلال الجهاز المركزى للتعمير، وهو طريق حر مزدوج يربط جنوب محافظة بورسعيد بطريق القاهرة-الإسماعيلية، ساهم فى تقليل زمن الرحلات، وتسهيل نقل البضائع من الموانئ إلى الدلتا والعاصمة، وتشهد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تحولات جذرية، حيث يتم تطوير موانئ استراتيجية لتصبح بوابات لوجستية عالمية، وهذه الموانئ متصلة بمحاور الطرق السريعة، وتخدمها مناطق صناعية وخدمات لوجستية حديثة، ما يعزز الربط مع الأسواق الإقليمية والعالمية، ويفتح فرصا جديدة للاستثمار والتشغيل، ومن المشروعات الطموحة التى تُراهن عليها الدولة أيضا، مشروع القطار الكهربائى السريع الذى يبدأ من العين السخنة على البحر الأحمر، مارًا بالعاصمة الإدارية، وصولًا إلى العلمين على الساحل الشمالي، مع محطات قريبة من مدن القناة، هذا المشروع من شأنه أن يحدث طفرة فى ربط المحافظات ببعضها البعض، ويختصر ساعات السفر إلى دقائق معدودة.

 

إلى أى مدى يسهم الجهاز المركزى للتعمير فى دعم الصناعات أو المناطق اللوجستية فى السويس أو الإسماعيلية على سبيل المثال؟

 

رغم عدم اختصاص الجهاز بطريقة مباشرة بتأسيس الصناعات أو إدارة المناطق اللوجستية، إلا أن مساهمته غير المباشرة حاسمة فى دعم تلك المجالات من خلال تطوير البنية التحتية، وإنشاء وتطوير الطرق والمحاور الجديدة التى تسهل حركة النقل من وإلى المناطق الصناعية واللوجستية، وتنفيذ مشروعات المرافق الصرف الصحى الضرورية لجذب الاستثمارات الصناعية، الجهاز لا يعمل منفردًا، بل بالتنسيق مع الجهات الأخرى ومنها الهيئة الاقتصادية لقناة السويس وهى الجهة الأهم فى إدارة وتطوير المناطق الصناعية واللوجستية، وكذلك وزارة النقل والهيئة العامة للطرق والكبارى، بالإضافة إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

 

الجهاز المركزى للتعمير يلعب دورا كبيرا فى مشروعات البنية التحتية.. ما أبرز التحديات التى تواجه عمليات التنفيذ؟

 

تواجهنا بعض التحديات تتلخص فى صعوبة توفير الأراضى المناسبة للمشروعات أحيانا، خصوصا فى المناطق المأهولة أو ذات الكثافة العالية، وكذلك تنفيذ المشروعات الكبرى يحتاج للتنسيق مع العديد من الجهات الحكومية بسبب تداخل الصلاحيات، بجانب التمويل والتكلفة فبعض المشروعات يتطلب تنفيذها تكلفة ضخمة توفير التمويل الكافى يمثل تحديا كبيرا، خاصة فى ظل المتغيرات الاقتصادية وارتفاع الأسعار المصاحب للأزمة الاقتصادية العالمية، والتحديات الفنية واللوجستية طبقًا للطبيعة الجغرافية لبعض المناطق بالجمهورية، يوجد بعض الصعوبات فى نقل المعدات والخامات، مما يؤثر أحيانًا على مدة التنفيذ، وكذلك التغيرات المناخية والبيئية كما أن تنفيذ مشروعات فى بعض المناطق يستلزم مراعاة الأثر البيئي، وهذا يحتاج دراسات وتراخيص خاصة.

 

هل هناك اهتمام بتوفير فرص عمل ضمن مشروعات التعمير فى سيناء ومدن القناة؟ وكيف يتم دمج الأهالى فى عجلة التنمية؟

 

اهتمام واضح وصريح وذلك من منطلق «الإنسان قبل المكان»، لا تقتصر خطط التنمية على إنشاء بنية تحتية أو مشروعات عمرانية فقط، بل تمتد لتشمل تمكين السكان المحليين ودمجهم فى عملية التنمية المستدامة من خلال توفير فرص العمل تنفيذ المشروعات القومية الكبرى والمشروعات الخدمية جميعها تسهم فى خلق آلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة لأبناء سيناء ومدن القناة من خلال الشركات المنفذة للمشروعات والتى غالبا تُمنح الأولوية فى إتاحة فرص العمل لسكان هذه المناطق لضمان مشاركتهم الفعالة فى بناء مجتمعاتهم، ولتقليل معدلات البطالة المحلية، وكذلك يتم دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال مبادرات تمويلية وتدريبية لتشجيع الشباب والنساء على بدء مشروعاتهم الخاصة، يتم دمج الأهالى فى عجلة التنمية بما يتناسب مع طبيعة كل مشروع، وكذلك المشاركة المجتمعية تشجع على المشاركة فى التخطيط والتنفيذ.

هل هناك شكاوى من بعض المواطنين فى المناطق الحدودية بشأن تأخر بعض الخدمات وكيف تتعاملون مع ذلك؟

 

بالطبع وردتنا ونؤكد أن هذه الشكاوى محل اهتمام ومتابعة مباشرة، نحن نتعامل مع هذه القضايا وفق آلية واضحة تبدأ برصد الشكاوى وتحليلها، ومن ثم إرسال فرق ميدانية لتقييم الاحتياجات بشكل دقيق بناء على نتائج التقييم، ويتم وضع خطة استجابة تتضمن جدولًا زمنيًا لمعالجة التأخير وضمان استمرارية الخدمات، كما نحرص على التنسيق المستمر مع الجهات المعنية لتسريع الإجراءات، وتوفير الدعم اللازم لتلك المناطق، التى نعتبرها ذات أولوية لما تمثله من أهمية وطنية واستراتيجية، نحن نؤمن أن تحقيق العدالة فى توزيع الخدمات يشمل كل المواطنين دون استثناء، ونعمل على أن تصل الخدمات لكل المناطق بنفس الكفاءة والجودة مهما كانت التحديات الجغرافية أو اللوجستية.

 

هل تعتبر مشروعات التعمير فى سيناء ومدن القناة جزءا من استراتيجية الدولة لترسيخ الأمن القومي؟

 

بالتأكيد لعدة أسباب استراتيجية وتنموية منها تعزيز السيطرة على الأراضى الحدودية، سيناء منطقة ذات أهمية جغرافية وأمنية كبيرة، كونها تربط بين قارتين وتُعد البوابة الشرقية لمصر، تعميرها واستثمارها يسهم فى فرض السيطرة الأمنية عليها ويمنع استغلالها من قبل الجماعات المتطرفة أو المعادية للدولة، تحقيق التنمية المتوازنة من خلال تنفيذ مشروعات فى مناطق كانت مهمشة لعقود، تسعى الدولة لخلق توازن تنموى بين مختلف الأقاليم، التعمير يؤدى إلى تحسين مستوى المعيشة ويحد من المشكلات الاجتماعية، التى قد تستغلها جهات معادية لتأجيج الصراعات، كما أن ربط سيناء والمدن الحدودية بباقى الجمهورية يعزز التكامل الوطنى ويقلل من الإحساس بالعزلة أو التهميش، وكذلك استثمار الموارد الطبيعية يعزز الاقتصاد الوطني..

 

تضم سيناء ومدن القناة موارد طبيعية مهمة، واستغلالها فى مشروعات زراعية، صناعية، وسياحية يدعم الاقتصاد الوطني، إعادة التوزيع السكاني، التوسع فى التعمير يهدف إلى تخفيف التكدس السكانى فى الوادى والدلتا، ويشجع على إعادة توزيع السكان بما يحقق الأمن الديموغرافى والاقتصادي، وبالتالى فإن مشروعات التعمير هناك ليست مجرد خطط تنموية، بل هى جزء محورى من استراتيجية شاملة تعزز الأمن القومى بمفهومه الواسع العسكري، الاقتصادي، الاجتماعي، والسياسي.

 

فى ظل المتغيرات الإقليمية والدولية.. هل هناك توجيهات بزيادة وتيرة التنمية فى المناطق الحدودية كنوع من التحصين السياسى والاستراتيجى؟

 

بالفعل.. هناك توجه ملحوظ لدى العديد من الدول خاصة فى العالم العربي، نحو تعزيز التنمية فى المناطق الحدودية، ويمكن النظر إلى هذه التوجهات على أنها استراتيجية متعددة الأبعاد تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، منها التحصين السياسى والاستراتيجى وتعزيز السيادة الوطنية من خلال تكثيف الوجود المدنى والعسكرى فى المناطق الحدودية، ما يقلل من احتمالات التسلل أو التدخل الخارجي، ومنع التمدد أو النفوذ الأجنبى، وخاصة فى المناطق التى قد تكون عرضة لتأثيرات من دول مجاورة أو جماعات مسلحة عابرة للحدود، ودعم الاستقرار الداخلى، إذ يُنظر إلى التنمية كوسيلة لامتصاص التوترات الاجتماعية والسياسية التى قد تنشأ فى مناطق مهمشة، وكذلك هناك أبعاد أمنية وتنموية منها مكافحة التهريب والتسلل من خلال تطوير البنية التحتية، وتوفير فرص العمل، بحيث يتم تقليل الحاجة لدى السكان للانخراط فى أنشطة غير مشروعة ورفع مستوى المعيشة والخدمات، ما يعزز الولاء للدولة، ويحد من فرص تأجيج النزعات الانفصالية أو القبلية، وإعادة التوازن فى التنمية الوطنية، فكثير من الدول تعانى من اختلال التوازن التنموى بين المركز والأطراف، لذلك فإن توجيه الاستثمارات للمناطق الحدودية يساعد فى توزيع الموارد بشكل أكثر عدالة، ويعزز من تماسك النسيج الوطنى.

 

هل عمليات التنمية الشاملة فى سيناء هى الرد الأقوى على كل محاولات زعزعة الاستقرار؟

 

بالطبع الرد الأكثر فاعلية على محاولات زعزعة الاستقرار فى هذه المنطقة المهمة استراتيجيًا، التنمية تخلق فرص عمل وتحسن مستوى المعيشة، مما يقلل من احتمالية انخراط الشباب فى أنشطة متطرفة أو غير قانونية، وتعزز الشعور بالانتماء فعندما يشعر أبناء سيناء بأن لهم نصيبًا حقيقيًا فى ثمار التنمية، يتعزز ولاؤهم للدولة، ويشعرون بأنهم جزء لا يتجزأ من الوطن، والتنمية الشاملة توفر بدائل واقعية للفكر المتطرف، وتقدم نموذجًا عمليًا لقدرة الدولة على تحقيق الإنجاز، تكامل الجهود بين الأمن والتنمية فلا يمكن الاعتماد على الحلول الأمنية وحدها، بل يجب أن تواكبها خطط تنموية مستدامة تعالج جذور المشكلة.

 

هناك حديث دائما عن «الفراغات التنموية» التى من الممكن وأن تستغلها الجماعات المتطرفة.. هل الجهاز يتعامل مع هذه المناطق كأولوية؟

 

أجهزة الدولة سواء الأمنية أو التنموية عادة ما تتعامل مع هذه المناطق كأولوية، حيث يتم اتخاذ خطوات استراتيجية شاملة تجمع بين الأمن والتنمية، فيتم ضخ استثمارات فى البنية التحتية، والرعاية الصحية، والتعليم والتوعية من خلال نشر المدارس، ومراكز التدريب المهني، والبرامج الثقافية لتوفير بدائل فكرية واقتصادية، تواجد الدولة الفعال وتعزيز حضور الدولة فى هذه المناطق ليس فقط أمنيا، بل من خلال مؤسساتها الخدمية أيضا.

 

وكيف تسهم مشروعات البنية التحتية فى جذب المستثمرين للمنطقة، خصوصا فى شمال سيناء؟

 

مشروعات البنية التحتية هى حجر الأساس فى تحويل شمال سيناء لمنطقة جذب استثمارى واعدة، من خلال توفير الخدمات الأساسية، وتقلل تكاليف التشغيل والنقل، وتسهل الربط اللوجستى مع الأسواق الداخلية والخارجية.

 

إلى أى مدى تمثل مشروعات التعمير فى سيناء ومدن القناة رافدا من روافد الناتج القومى المصرى؟

 

تمثل رافدًا مهمًا للناتج القومى المصرى، وتسهم بشكل مباشر وغير مباشر فى العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، منها زيادة الإنتاج الزراعى والصناعي، فمشروعات التعمير فى سيناء ومدن القناة تشمل تطوير الأراضى الزراعية واستصلاحها أراضى وتسهم فى زيادة الإنتاج الزراعي، خاصة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح، والخضروات، والفواكه، تعزيز الأمن الغذائى فيمكن تحقيق اكتفاء ذاتى فى بعض المحاصيل الزراعية، مما يقلل من الاعتماد على الاستيراد ويُسهم فى تعزيز الأمن الغذائى للبلاد، وفيما يتعلق بتنمية السياحة هناك جهود كبيرة لتحويل سيناء إلى وجهة سياحية جاذبة، خاصة فى مجال السياحة الدينية والتاريخية، مما يسهم فى تنشيط قطاع السياحة ويضيف إيرادات كبيرة للناتج القومي، زيادة فرص العمل المشروعات الكبيرة التى يتم تنفيذها فى هذه المناطق تخلق فرص عمل جديدة فى مختلف القطاعات، ما يسهم فى الحد من البطالة وزيادة دخل الأفراد، هذا فضلا عن أن تحسين البنية التحتية يسهل حركة التجارة والمواصلات، ويساعد فى جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية، وهناك أيضا مشروعات تتعلق بالطاقة فى سيناء ومدن القناة، مثل محطات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة الطاقة الشمسية والرياح، مما يسهم فى توفير طاقة نظيفة ومستدامة، وتوسيع القاعدة الاقتصادية من خلال تطوير سيناء ومدن القناة، يتم تعزيز التنوع الاقتصادى وتحفيز الصناعات المحلية الجديدة، مما يسهم فى تقليل الاعتماد على بعض القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز، مشروعات التعمير فى سيناء ومدن القناة من المحركات المهمة للنمو الاقتصادى فى مصر، حيث تسهم بشكل فعال فى زيادة الناتج القومى وتحقيق التنمية المستدامة فى هذه المناطق.

 

كيف ترى مستقبل سيناء بعد 5 سنوات من الآن؟

 

يعتمد على عدة عوامل «سياسية، اقتصادية، أمنية، وتنموية»، ولو نظرنا إلى الاتجاهات الحالية والمشروعات القائمة، يمكن توقع بعض السيناريوهات المتفائلة مع بعض التحديات، تنمية اقتصادية وعمرانية متزايدة، الدولة المصرية تستثمر بشكل كبير فى تنمية سيناء، خاصة فى مشروعات البنية التحتية الطرق والكباري، محطات المياه والتحلية، شبكات كهرباء والمشروعات الزراعية مثل استصلاح الأراضى فى وسط وشمال سيناء، والتى قد تسهم فى تحويل المنطقة لسلة غذاء مهمة، كما أن هناك تحسنا فى الأوضاع الأمنية بعد سنوات من المواجهات مع التنظيمات المتطرفة، وتحسن الوضع الأمنى كثيرًا واستمرار هذا التحسن يعنى جذب مزيد من الاستثمارات والسكان، زيادة عدد السكان، الدولة تشجع الهجرة الداخلية إلى سيناء كجزء من خطط تخفيف الضغط عن الدلتا والقاهرة وهذا سيؤدى إلى ظهور مجتمعات عمرانية جديدة، وفرص عمل، وتوسع فى الخدمات التعليمية والصحية، فرص فى السياحة جنوب سيناء، خاصة شرم الشيخ ودهب وسانت كاترين، قد تشهد نهضة جديدة فى تنشيط السياحة البيئية والدينية بعد استقرار الأوضاع الدولية والإقليمية، بحلول عام 2030نأمل أن تصبح سيناء مركزًا مهمًا للزراعة الحديثة، بها مجتمعات عمرانية مستقرة، وتلعب دورًا كبيرًا فى فى دعم الاقتصاد القومي، خاصة مع مشروعات مثل قناة السويس الجديدة والممرات اللوجستية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة