تتجه أنظار الأسواق المالية والمستثمرين في مصر إلى اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، المقرر عقده غدًا الخميس 25 ديسمبر 2025، وهو الاجتماع الثامن والأخير للجنة خلال العام، لحسم قرار أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض وسعر العملية الرئيسية، في ظل تراجع معدلات التضخم وتحسن عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية، مقابل استمرار بعض الضغوط العالمية.
تراجع التضخم وتحسن المؤشرات الاقتصادية
وقال الدكتور محمد عبدالهادي، الخبير الاقتصادي، إن معدلات التضخم المعلنة من البنك المركزي المصري أظهرت تراجعًا ملحوظًا، حيث سجلت 12.3%، بما يعكس انخفاضًا على المستويين السنوي والشهري، إلا أنها لا تزال أعلى من المستهدف الرسمي للبنك المركزي، الذي يسعى للوصول بمعدل التضخم إلى 7%، على أن يبلغ نحو 9% خلال عام 2026.
وأوضح عبدالهادي، في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن هذا التراجع في التضخم، إلى جانب تحسن سعر الصرف وارتفاع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، يدعم اتجاه البنك المركزي نحو خفض أسعار الفائدة بنحو 0.5% خلال الاجتماع المقبل، خاصة مع زيادة تحويلات المصريين بالخارج لتسجل نحو 36.5 مليار دولار، وارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى قرابة 50 مليار دولار.
وأضاف أن تحسن أداء الصادرات المصرية، وقطاع السياحة، وإيرادات قناة السويس، يمثل عوامل إضافية تصب في صالح اتخاذ خطوة خفض الفائدة، بما يعزز قدرة الاقتصاد على مواصلة التعافي ودعم النشاط الاستثماري.

عوامل قد تدفع نحو التثبيت
في المقابل، أشار عبدالهادي إلى أن ظهور بعض المتغيرات قد يدفع البنك المركزي إلى تبني خيار التثبيت خلال الاجتماع المقبل، موضحًا أن من أبرز هذه العوامل تباطؤ وتيرة تراجع التضخم مقارنة بالشهر السابق، حيث انخفض من 12.5% إلى 12.3%، وهو ما قد يدفع صانع القرار النقدي إلى التريث.
كما لفت إلى اتجاه بعض البنوك المركزية العالمية لرفع أسعار الفائدة، وعلى رأسها البنك المركزي الياباني، فضلًا عن إشارات صادرة عن أعضاء في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعدم الاتجاه لخفض الفائدة في الاجتماع المقبل، وهو ما يعزز سيناريو التثبيت على المستوى العالمي.
وأشار كذلك إلى البعد الاجتماعي، في ظل اعتماد شرائح واسعة من المواطنين على عوائد الودائع والشهادات البنكية كمصدر دخل رئيسي، وهو ما يضع في الاعتبار عند اتخاذ قرارات خفض الفائدة.
الشهادات البنكية وتأثير السيولة
وأكد عبدالهادي أن قرار التثبيت يعد الأقرب في الوقت الراهن، خاصة في ظل تدفقات السيولة الناتجة عن شهادة الـ27%، والمقرر انتهاء أجلها في يناير 2026، موضحًا أن المشهد قد يتغير حال اتجاه الحكومة إلى طرح أوعية ادخارية جديدة لامتصاص السيولة الناتجة عن انتهاء هذه الشهادة.
دورة التيسير النقدي مستمرة
من جانبه، توقع الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، خفض سعر الفائدة بنحو 1% خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية، في إطار دورة التيسير النقدي التي بدأها البنك المركزي منذ أبريل الماضي، حيث تم خفض الفائدة من أعلى مستوى لها عند 28% إلى المستويات الحالية البالغة نحو 21%.
وأوضح أنيس، في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن هذه السياسة تستهدف دعم النشاط الاقتصادي واحتواء معدلات التضخم بعد تراجعها من 38% إلى نحو 12%، لافتًا إلى أن إجراءات الإصلاح المالي التي نُفذت في أكتوبر الماضي، رغم شمولها رفع أسعار بعض الخدمات، لم تؤدِ إلى قفزات كبيرة في التضخم نتيجة تطبيقها بشكل تدريجي.
وأشار إلى أن خفض الفائدة في الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة ساعد في تقليل الضغوط على العملات الناشئة، ومنح البنك المركزي المصري مساحة أوسع لمواصلة سياسة التيسير النقدي دون التأثير على استقرار سعر الصرف.

توقعات بمزيد من الخفض خلال 2026
بدوره، توقع الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن يتجه البنك المركزي إلى خفض محدود للفائدة قد يصل إلى 100 نقطة أساس، مستفيدًا من تباطؤ التضخم، واستقرار سعر الصرف، ودخول سيولة دولارية كبيرة من السياحة، والصادرات، وتحويلات العاملين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
كما أشار إلى إعلان الحكومة عدم رفع أسعار الكهرباء والمحروقات خلال الفترة المقبلة، وهو ما يدعم استمرار تراجع التضخم.

وأكد الدكتور خالد الشافعي أن خفض سعر الفائدة سيكون له مردود إيجابي على الاقتصاد، من خلال خفض تكلفة الاقتراض، وتشجيع الاستثمار، وتحسين القوة الشرائية للمواطنين، فيما توقع محلل سوق المال وائل النحاس استمرار خفض الفائدة تدريجيًا حتى منتصف عام 2026 لتتراوح بين 16 و17%.

وفي السياق نفسه، قال محلل سوق المال، وائل النحاس، إن اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، المقرر عقده غدًا الخميس 25 ديسمبر 2025، قد يشهد إعلان خفض سعر الفائدة، مع توقعات باستمرار التخفيض بشكل تدريجي حتى نهاية يونيو المقبل، لتتراوح أسعار الفائدة بين 16 و17%.
وأوضح النحاس، في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن هذا التوجه يأتي في إطار تحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدًا أن قرارات البنك المركزي خلال الفترة المقبلة ستسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على معدلات التضخم، بما يضمن استقرار الأسواق المالية.

تحركات أسعار الفائدة خلال 2025
وخلال عام 2025، اتبعت لجنة السياسة النقدية سياسة مرنة جمعت بين التثبيت والخفض، حيث خفضت أسعار الفائدة بإجمالي 625 نقطة أساس، أي بنسبة 6.25%، بينما تم التثبيت في 3 اجتماعات، في إطار تحقيق التوازن بين السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادي.
وتسجل أسعار الفائدة حاليًا 21% لعائد الإيداع، و22% لعائد الإقراض، قبل قرار الاجتماع المرتقب، وسط ترقب واسع من الأسواق لمعرفة التوجه النهائي للبنك المركزي مع نهاية العام.