لم تترك القيادة السياسية، هذا الملف الحساس دون حلول واضحة، بل وضعت بدائل متعددة لضمان عدم تضرر المستأجرين المتأثرين بالقانون الجديد، وكلّفت الحكومة وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية، بوضع آليات عملية لتوفير السكن البديل، سواء من خلال الوحدات السكنية فى مشروعات الدولة، أو بدائل مدعومة تناسب دخول الفئات محدودة ومتوسطة الدخل.
وصرح الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بأن «ملف السكن البديل لمستأجرى الإيجار القديم يمثل التزامًا كاملًا من الدولة، وليس مجرد وعد حكومى عابر»، مشددًا على أن هذا الالتزام سيستمر عبر الحكومات المتعاقبة حتى يحصل كل مواطن مستحق على سكن آمن وكريم.
«مدبولى»، أوضح أن الحكومة لن تترك أى أسرة متضررة من تطبيق القانون دون مأوى، مؤكدًا أن توفير البدائل السكنية حق أصيل تلتزم به الدولة.
كما أعلن أن مجلس الوزراء سيعتمد معايير استحقاق السكن البديل وفقًا للمادة الثامنة من القانون رقم 164 لسنة 2025، على أن يتم إطلاق منصة إلكترونية للتقديم أمام المستحقين اعتبارًا من الأول من أكتوبر المقبل، إلى جانب إتاحة مكاتب البريد فى جميع المحافظات لاستقبال الطلبات، ضمانًا لوصول الخدمة إلى أكبر شريحة ممكنة.
وتشمل البدائل الحكومية، إتاحة وحدات فى المدن الجديدة بأسعار ميسرة وأقساط ممتدة، لتستوعب شرائح واسعة من المواطنين الذين ينهون عقود الإيجار القديمة، وسيتم طرح وحدات ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعى مع أولوية للمستأجرين المتأثرين، وذلك لتأمين انتقال سلس يحافظ على استقرار الأسر، وهناك أيضًا دراسة تخصيص بدائل فى المحافظات من خلال وزارة التنمية المحلية، بما يضمن قرب السكن الجديد من مناطق عمل ودراسة الأسر، وإتاحة أنظمة دعم مباشرة لغير القادرين، سواء بدعم نقدى جزئى للإيجار، أو تخصيص وحدات مجانية فى الحالات الإنسانية الحرجة.
وفى أكتوبر المقبل، ستطلق الحكومة منصة إلكترونية جديدة لتلقى طلبات الحصول على السكن البديل، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الوزراء بشأن التعامل مع مستأجرى الإيجار القديم المتضررين من التعديلات الأخيرة، وستعمل هذه المنصة لمدة ثلاثة أشهر، تتيح للمواطنين تسجيل بياناتهم ورفع المستندات المطلوبة؛ مثل: بطاقة الرقم القومى، عقد الإيجار القديم، إيصالات المرافق، وإثباتات الدخل، ليتم فحصها من خلال لجان متخصصة، ويتم ترتيب الطلبات وفقًا لأولويات واضحة حددتها الدولة: الأسر الأولى بالرعاية، محدودو الدخل، الفئات المتوسطة، ثم الأسر الأكبر عددًا، وصولًا إلى الأكبر سنًا فى حالة التساوى، وتهدف هذه الخطوة إلى ضمان العدالة الاجتماعية، وإعطاء الأولوية للفئات الأكثر احتياجًا، وبعد المراجعة، تُرفع ملفات المستحقين إلى صندوق الإسكان الاجتماعى لاعتمادها، ثم تُعرض على وزير الإسكان ومجلس الوزراء لتحديد آلية التخصيص، ويلتزم المستفيد بتوقيع تعهد موثق بالشهر العقارى لإخلاء الوحدة القديمة فور استلام البديلة.
وتنوعت آليات التخصيص لتناسب مختلف الشرائح: إيجار شهرى، إيجار تمليكى، تمليك عبر التمويل العقارى، أو تمليك نقدى وأقساط، بما يضمن حلولًا مرنة تراعى ظروف المواطنين، وبهذا النظام المتكامل، تؤكد الحكومة التزامها بتحقيق التوازن بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين، عبر مسار منظم وشفاف يضمن لكل مستحق حقه فى مسكن بديل كريم.
ووفقا لتصريحات وزارة الإسكان، فأن حجم ما تم تنفيذه من وحدات سكنية بديلة، هو إنشاء 238,109 وحدات، منها وحدات فى المحافظات، وأخرى بمعرفة هيئة المجتمعات العمرانية (1082 وحدة)، بالإضافة إلى 12,827 وحدة بأنماط إسكان مختلفة، كما شملت المشروعات مدنًا جديدة مثل العبور، السويس الجديدة، والمنصورة الجديدة، إلى جانب محافظات الإسماعيلية الجديدة (12,720 وحدة)، القاهرة والسويس (8104 وحدات)، ومشروعات كبرى مثل «سكن أهل مصر» بالسلام (25,684 وحدة) و»بشائر الخير» (أكثر من 8000 وحدة)، وتتجه الحكومة إلى تدشين صندوق جديد على غرار صندوق الإسكان الاجتماعى لتنظيم تمويل الوحدات البديلة، وسيحصل أصحاب المعاشات على دعم كامل من هذا الصندوق لضمان عدم تأثر أوضاعهم المالية.
من جانبه، أكد الدكتور خالد قاسم، مساعد الوزير، المتحدث الرسمى لوزارة التنمية المحلية، أن «المحافظات تملك مساحات شاسعة من الأراضى تبلغ نحو 61 مليون متر مربع، فضلًا عن أراضى الإصلاح الزراعى والأوقاف، ما يتيح خيارات واسعة لإقامة الوحدات البديلة».
كما أوضح «قاسم»، أن «فلسفة الدولة تقوم على التوازن بين حقوق الملاك فى استرداد أملاكهم بعد سنوات طويلة من التجميد، وبين حق المستأجر فى سكن بديل كريم»، مضيفًا: «نحن لا نتحدث عن إخلاء وتشريد، بل عن انتقال مُنظم ومدعوم يحقق العدالة الاجتماعية ويحافظ على السلم المجتمعي».
المتحدث الرسمى، أشار إلى أن «الوزارة بدأت بالفعل حصر الحالات الأكثر احتياجًا بالتنسيق مع المحافظات، تمهيدًا لتوفير البدائل المناسبة لها، بينما تواصل وزارة الإسكان تنفيذ مشروعات وحدات جديدة تستوعب الأعداد المتوقع استفادتها من النظام»، لافتًا إلى أن «الإسكان» أعلنت أن المستأجرين المتأثرين بتعديل قوانين الإيجار القديمة سيتمكنون من التقدم بطلبات الحصول على وحدات بديلة عبر منصة إلكترونية ومكاتب البريد فى جميع أنحاء البلاد، اعتبارًا من مطلع أكتوبر حتى نهاية العام الجارى.
بدوره، أكد الدكتور أيمن الحارس، الخبير القانونى وأستاذ القانون بجامعة المنوفية، أن «الإجراءات الحكومية لتوفير السكن البديل لمستأجرى الإيجار القديم تمثل خطوة داعمة وعادلة لحماية حقوق المستأجرين والمؤجرين على حد سواء»، موضحًا أن «منح فترة انتقالية سبع سنوات يسمح للمستأجرين بالتكيف مع الوحدات البديلة دون ضغط، بينما تضمن المنصة الإلكترونية لتقديم الطلبات الشفافية والمساواة فى اختيار المستحقين».
الخبير القانونى، أشار إلى أن «نجاح تطبيق القانون لن يُقاس فقط بعدد الوحدات، بل بكفاءة توزيعها ومتابعة وصولها للمستحقين فعليًا، مؤكدًا ضرورة وضع آليات مراجعة دورية لضمان العدالة وتقليل أى اختلال محتمل.
كما أوصى «د. أيمن»، بتقديم دعم قانونى وإرشادى للمستأجرين خلال فترة الانتقال، وتطوير المنصة الإلكترونية بشكل مستمر لربط جميع الجهات المعنية، بما يعزز الثقة بين المواطنين والدولة ويضمن استدامة تطبيق القانون بشكل عادل وشفاف.