فى سابقة تُعد الأولى من نوعها فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر، قام المواطن محمد مختار عبد الوهاب سليمان بتقديم إنذار رسمى إلى شركة فودافون مصر، مطالبًا بإعادة خطه الذى تم بيعه دون وجه حق، وهو ما اعتبره انتهاكًا لخصوصيته وحياته الشخصية.
وأوضح سليمان فى الإنذار، الذى تم توثيقه على يد محضر قانوني، أنه يطالب الشركة بسرعة إعادة الخط رقم 01066453453، مع التعويض عن الأضرار المادية والنفسية والمعنوية التى لحقت به جراء هذا التصرف.
يعود تاريخ العقد الذى يربط «سليمان» بشركة فودافون إلى 9 يوليو 2012، حيث كان يستخدم هذا الخط فى إجراء المكالمات المحلية والدولية، وإرسال الرسائل النصية والبريد الإلكتروني، بالإضافة إلى استخدام الإنترنت. وأكد سليمان لـ«المصور» أنه لم يُخل بأى من التزاماته تجاه الشركة، وأنه يحتفظ بسجلات تدل على تعامله المستمر معها.
فى هذا السياق، يبدو أن موضوع الهاتف المحمول فى عصرنا الحديث قد تجاوز مجرد كونه أداة اتصال؛ ليصبح جزءًا أساسيًا من هويتنا الرقمية، وإذا كان رقم بطاقة الرقم القومى يمثل الهوية الشخصية للأفراد من الميلاد حتى الوفاة، فإن رقم شريحة المحمول أصبح يمثل الهوية الرقمية التى لا غنى عنها فى ظل التقدم التكنولوجى السريع، فى عصر الميتافيرس والتطورات المذهلة فى تقنيات الذكاء الاصطناعى والواقع المعزز، أصبح الهاتف المحمول بمثابة مفتاح المنزل الرقمي، كما أكد ذلك الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات، فى عدة مناسبات إعلامية.
لقد أصبح رقم الهاتف المحمول هو الرابط الأساسى للخدمات الإلكترونية التى يعتمد عليها الأفراد، مثل الحسابات البنكية، والإشعارات المالية، والخدمات الحكومية عبر بوابة مصر الرقمية، إضافة إلى استخدامه فى التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي. وبالتالي، فإن فقدان هذا الرقم يمكن أن يؤدى إلى توقف هذه الخدمات الحيوية، ويشكل خطرًا كبيرًا على خصوصية الأفراد.
كما أن قانون الاتصالات المصرى يحدد شروطًا لحيازة خطوط الهاتف المحمول، حيث لا يسمح بتوقف الشريحة لفترة تتجاوز 3 أشهر فى نظام الشحن المسبق أو 6 أشهر فى نظام الاشتراك الشهري، وإلا يتم سحب الشريحة وإعادتها للشركة. هذا الأمر يثير تساؤلات حول كيفية التعامل مع الأضرار التى قد تلحق بحياة الأشخاص نتيجة فقدان أرقامهم.
وحسب تقرير وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى يونيو 2025 بلغ عدد مشتركى الهاتف المحمول فى مصر 117.52 مليون خط محمول، مما يعكس نموًا فى القطاع بنسبة 6.45 فى المائة مقارنة بالعام الماضى 110.41 مليون خط، كما زادت نسبة انتشار الهاتف المحمول فى البلاد 106.66 فى المائة بنهاية النصف الأول من العام الحالى بنمو سنوى 4.47 فى المائة مقارنة بالعام السابق 2024 (101.92 فى المائة).
وفيما يتعلق بعقده مع فودافون، أشار سليمان إلى أن العقد الذى وقع عليه يعد من عقود الإذعان، وهو نوع من العقود التى تضع شروطًا ثابتة لا يمكن تعديلها من قبل المستخدم، وقد أكدت محكمة النقض على أهمية حماية حقوق المستهلكين فى هذه النوعية من العقود، حيث يُعتبر الاحتكار أو السيطرة على الخدمة سببًا رئيسيًا لتطبيق هذه العقود.
سليمان، الذى يواجه الآن أزمة تتعلق بخصوصيته وبياناته الشخصية، أطلع «المصور» فى انفراد لها على نص دعواه والتى تعتبر أول قضية من نوعها خاصة فى تاريخ قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ لتطالب شركة فودافون مصر برد شريحة المحمول بنفس الرقم مع التعويض عن الأضرار الأدبية والمالية الناتجة عن سحب الخط؛ حيث من المنتظر أن يقول القضاء كلمته 17 أكتوبر المقبل بعد أن تم تحويلها من محكمة جنوب الجيزة إلى المحكمة الاقتصادية، موضحاً أنه اتخذ الإجراءات القانونية بعد تجاهل الشركة لمطالبه خلال عشرة أيام من استلام الإنذار.
وشدد أنه حتى مع قبول بنود الإذعان فى العقد، فإن ذلك لا يعطى الشركة الحق فى بيع الخط لعميل آخر، وأشار إلى البند 7.3 فى العقد الذى يمنح الشركة الحق فى وقف الخط إذا لم يقم صاحبه بشحنه لفترة معينة، إلا أنه لا يتضمن أى حق فى بيع الخط.
وأكد سليمان أن بيع الخط لعميل آخر يعد انتهاكًا لحياته الخاصة، حيث يمكن للمالك الجديد للخط الوصول إلى بياناته الشخصية وحساباته البنكية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى اختراق بياناته المسجلة على موقع مصر الرقمية.
إنذارات وقف الخدمة
أضاف سليمان أن الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات قد ألزم شركات الاتصالات بضرورة إرسال إنذار لصاحب الخط مرتين قبل التصرف فى الخط، وهو ما لم يحدث فى حالته. وأكد أن دليل الإثبات لا يحتوى على ما يثبت إرسال الإنذار سوى عبر الطريق القانوني، مما يعنى أنه لا يجوز للشركة الاحتجاج بأنها أرسلت رسائل عبر نفس الخط الموقوف، لأن تلك الرسائل ببساطة لن تصل إليه. كما أشار إلى أنه لا يجوز أن يكون الخصم هو نفسه مرجع الإثبات القانونى فى إجراء اتخذته ضد الطرف الآخر فى الخصومة. وبالتالي، يجب أن يتم الإنذار عبر الطريق القانونى وعلى يد محضر، وهو ما لم يحدث فى هذه الحالة. وقد جرت محكمة النقض على ذلك فى حكمها، حيث أكدت أنه: «لا يملك الشخص أن يتخذ من عمل نفسه لنفسه دليلاً يحتج به على الغير» (نقض مدنى فى الطعنين رقمى 29 و 31 لسنة 38.10/09/2021).
تسلط هذه القضية الضوء على أهمية حماية حقوق المستخدمين فى عالم الاتصالات المتسارع، وضرورة وجود آليات قانونية تضمن عدم انتهاك خصوصيتهم أو حقوقهم الأساسية.
حسام أبوإسماعيل: صدمة سحب شريحة المحمول
وفى قصة مؤلمة تعكس واقع العديد من مستخدمى خطوط المحمول فى مصر، يروى حسام أبو إسماعيل، إحدى ضحايا ظاهرة سحب خطوط المحمول، تجربته التى بدأت بشكل عادى لكنها تحولت إلى كابوس حقيقي.
ويقول حسام، لـ«المصور» الذى كان يستخدم خطه من شركة «أورانج» لمدة تسع سنوات، إنه ترك الشريحة داخل هاتفه دون استخدام مكثف، لكنه كان يعتمد عليها فى إجراء المكالمات. ومع ذلك، فوجئ بعد حوالى أسبوع من آخر استخدام له، بقرار الشركة بسحب خطه دون أى إنذار مسبق. وعندما استفسر عن السبب، اكتشف أنه تم تسجيل الخط باسم شخص آخر. ورغم محاولاته للتواصل مع الشركة للحصول على تفاصيل حول هذا الشخص لفهم الموقف، قوبل بالرفض، حيث أبلغته الشركة بأنها لا تستطيع تقديم أى معلومات بسبب سياسة حماية البيانات.
وأشار حسام إلى أن الخط كان مرتبطًا بكل جوانب حياته الرقمية، بما فى ذلك حسابات البريد الإلكتروني، تطبيقات الوسائط الاجتماعية، وحتى الخدمات البنكية. وكان هذا الرقم هو المرجع الوحيد له فى العديد من المنصات مثل «كيميت نيوز».
وعند سؤاله عن إمكانية اتخاذ خطوات قانونية لحماية بياناته، أوضح أنه حاول ذلك، لكن الشركة أبلغته بعدم قدرتها على المساعدة.
وفى ختام حديثه، طرح حسام تساؤلات مهمة حول كيفية حماية البيانات الشخصية فى ظل هذه الأزمات. حيث أكد على ضرورة تحمل الشركات مسئوليتها، واقترح إنشاء نظام يضمن نقل ملكية الخطوط بشكل دورى إلى الشخص الذى يستخدمه، مما يسهم فى حماية البيانات الشخصية، ويقلل من المخاطر المرتبطة بسحب الخطوط. تجربة حسام ليست مجرد قصة فردية، بل تمثل تحديًا حقيقيًا يواجه العديد من المستخدمين فى عالمنا الرقمى اليوم، مما يستدعى ضرورة التفكير فى حلول فعالة لحماية البيانات الشخصية.
معاناة منة: فقدان الرقم الشخصى كارثة للفتيات
كشفت منة حسين، إحدى المتضررات من ظاهرة سحب خطوط المحمول، عن تجربتها الشخصية مع هذه المشكلة. وقالت إن خط الهاتف الخاص بها، التابع لشركة «اتصالات» سابقًا (إى أند)، كان غير مستخدم ومغلقًا لفترة طويلة، لكنها لم تتلقَ أى تنبيه أو رسالة تفيد بسحب الخط.
وأضافت منة فى حديثها لـ«المصور» أن الخط ظل خارج الاستخدام لمدة تجاوزت ثلاثة أشهر، قبل أن تكتشف أن الرقم تم تخصيصه لشخص سوداني. ورغم محاولاتها العديدة للتواصل معه لاستعادة البيانات المرتبطة بالخط، خاصة كود تطبيق واتساب، فإن عائق اللغة حال دون التفاهم بينهما.
وأشارت إلى أن الشخص الجديد استخدم الخط لتفعيل حساب واتساب خاص به، مما أدى إلى إغلاق التطبيق على هاتفها، موضحة أن هذا الإجراء تسبب فى فقدانها للوصول إلى تطبيق واتساب الخاص بها، والذى كان يحتوى على جميع بيانات عملها وأمور حياتها المهمة. وأكدت أن الشخص الذى اشترى الخط قام بإنشاء حساب جديد بنفس الرقم، مما أدى إلى فقدانها جميع البيانات المخزنة، وخسارتها لجزء كبير من عملها ومشاريعها.
وتابعت منة أنها اضطرت لتغيير الرقم المرتبط بجميع حساباتها الرقمية، لكنها لم تتخذ أى إجراءات قانونية. وعبرت عن استيائها من سحب الخط دون موافقتها، معتبرة أن الرقم، طالما كان مسجلًا باسمها وبطاقة هويتها، لا يحق لأحد سحبه، حتى إذا كان غير مستخدم. وأشارت إلى أن هناك حالات قد يكون فيها الرقم مهمًا جدًا لصاحبه أو أسرته.
ودعت منة إلى إعادة النظر فى القوانين المنظمة لسحب خطوط المحمول، لضمان حماية حقوق المستخدمين، خاصة فى الحالات التى قد تؤدى إلى خسائر شخصية أو مهنية.
تطوير الآليات وإيجاد بدائل إيجابية
وقالت مصادر مسئولة بشركات خدمات الاتصالات الأجنبية فى مصر، إن عملية سحب الشرائح من المستخدمين بسبب عدم تشغيلها تحتاج إلى تطوير الآليات وإيجاد بدائل إيجابية تكون أكثر نفعًا لجميع أطراف السوق، سواء متلقى الخدمة أو مقدميها أو الرقيب عليها ،وأوضحت أن إعادة ملكية الشريحة للشركات بعد 3 أشهر من توقف نشاطها مدة غير كافية، خاصة مع امتلاك العديد من المستخدمين لأكثر من شريحة فى نفس الوقت، وهو أمر إيجابى فى مجمله، ويعكس تطور تنافسية عروض سوق الاتصالات فى بلد يتجاوز تعداد سكانه 110 ملايين فرد.
وأشارت المصادر فى تصريحات خاصة لـ«المصور» إلى أن الأمر يحتاج إلى زيادة فترة السماح من 3 أشهر إلى 6 أشهر أو حتى عام كامل، مع مقترح فرض رسوم مادية تزيد بزيادة المدة، وذلك لتحفيز المستخدمين على استمرار نشاط شريحته دون توقف، كما اقترح أن يرتبط نشاط شريحة المحمول بمعاملات المحفظة المالية الإلكترونية لمشغلى خدمات الاتصالات، مما يضمن استمرار تفعيل الشريحة، خاصة أن ذلك يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء سعى المستخدمين لاستعادة خطوطهم.
كما اقترحت تحصيل ضريبة الدمغة بشكل استباقي، وذلك كنوع من أنواع تنشيط شريحة المحمول، ما يساعد فى تنبيه العميل لتوقف شريحته. وبذلك يكون توقفه عن سداد تلك الضريبة إقرارًا حاسمًا منه بعدم استفادته من الشريحة.
مسار خطوط المحمول يضم مليون شريحة
كشفت المصادر أن سحب الشريحة من العميل بسبب عدم الاستخدام بعد فترة السماح لا يُعد اعتداءً على الملكية الشخصية، موضحة أن عقد شراء خطوط المحمول يُعتبر حق انتفاع وليس ملكية، وهو النظام الذى تتبعه جميع دول العالم. وأكدت المصادر أن قانون الاتصالات يمنح الشركات حق وقف الخدمة فى عدة حالات، مثل الاستخدام الخاطئ للشريحة، اختراق الخصوصية، إزعاج المشتركين، والتهديدات الأمنية.
وأضافت المصادر أن العميل يجب أن يكون على دراية بتكلفة تشغيل الخط على الشركة، مشيرة إلى أن كل مسار لخطوط المحمول يتضمن مليون خط، وهو ما يكلف الشركات مليونى جنيه. كما استشهدت المصادر بأن شركات المحمول تحتاج إلى فترة تتراوح بين عام وعام ونصف العام لفتح مسار جديد لخطوط المحمول، موضحة أن نفقات ترقيم الخطوط تُعد تكلفة استثمارية سنوية تتحملها الشركات فى إطار نشاط الخطوط، مما يعنى خسارة تلك التكلفة مع توقف عمل الشريحة. مشيرة إلى تكلفة تطوير البنية التحتية، بما فى ذلك شراء المعدات وبناء الأبراج التى تُخصص أساسًا لخدمات المحمول التى تعتمد عليها الشريحة، وهو ما يؤدى إلى إهدار تكلفة إضافية.
وحسب لوائح الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، تمتد فترة السماح الخاصة بخطوط الهواتف المحمولة لتصل إلى نحو 15 يومًا إضافيًا، ليصل إجمالى الفترة إلى 195 يومًا لنظام الفاتورة الشهرية و105 أيام لنظام الكارت المدفوع مقدمًا، وذلك اعتبارًا من آخر استخدام لتلك الخطوط (إجراء مكالمات أو إرسال رسائل أو استخدام الإنترنت). يشترط أن تكون الشريحة غير مشحونة وغير مرتبطة بالشبكة أو الهاتف، حيث إن توافر أى من هذين الشرطين يمنع غلق الشريحة وسحب ملكية الخط من المستخدم.
وأوضحت المصادر أن شحن رصيد خطوط المحمول يمنع غلقها، حيث يتم خصم ضريبة الدمغة المستقطعة شهريًا من رصيد المستهلك، مما يعنى أن الدولة تعتبر الشريحة فعالة طالما يلتزم المستهلك بدفع الضريبة. وأكدت المصادر أن زيادة فترة السماح جاءت نتيجة لارتفاع معدل شكاوى المستخدمين، خاصة المسافرين خارج البلاد وأصحاب الأعمال الحرة، الذين اشتكوا من غلق شرائحهم وسحب ملكيتها.
وأشارت المصادر إلى صعوبة استعادة ملكية الخط فى حالة غلقه، حيث يمر الخط بإجراءات طرح جديدة تشمل عودة ملكية الخط إلى الشركة، ثم إعادة هيكلة البيانات قبل طرحه للبيع مجددًا فى إدارة المبيعات وعرضه فى الفروع وعلى الإنترنت.
دور إدارات المبيعات فى حل الأزمة
من جانبها شكلت إدارات المبيعات بشركات المحمول لجانا متخصصة بالفروع، وعبر خدمة العملاء لمواجهة الأمر، حيث كشفت مصادر أنه تم تدريب أفراد المبيعات على مخاطبة العملاء عبر إرسال رسائل نصية قبل محادثتهم هاتفيا وتحذيرهم من انتهاء فترة السماح، ووقف الخطوط الخاصة بهم، بالإضافة إلى تقديم عروض ترويجية وخصومات متميزة عليها لجذب العملاء.
إجراءات «القومى للاتصالات» لمواجهة الظاهرة
صرحت مصادر مطلعة بالجهاز القومى لتنظيم الاتصالات بأن الجهاز يعمل بجدية على معالجة ظاهرة سحب خطوط المحمول غير المستخدمة من خلال سلسلة من الإجراءات الذكية والمنظمة التى تجمع بين التكنولوجيا المتطورة، التنظيم المحكم، والتوعية المجتمعية، فى ظل تعليمات الاتحاد الدولى للاتصالات بنشر أعداد الاشتراكات النشطة فقط خلال إصدارات الاشتراكات بدلاً من إجمالى الخطوط المسجلة .
وأكدت المصادر أن الجهاز القومى لا يترك الأمور للصدفة، حيث تم وضع نظام متكامل لإدارة الخطوط غير المستخدمة. وفقًا لهذا النظام، إذا لم يظهر أى نشاط على الخط لفترة طويلة، تبدأ شركات الاتصالات بإرسال إشعارات متكررة للمستخدمين عبر الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية، لإبلاغهم باحتمالية إلغاء الخط إذا لم يتم استخدامه قريبًا.
ضوابط صارمة لحماية البيانات
وأوضحت المصادر أنه فى حالة عدم استجابة المستخدم أو عدم إبداء رغبته فى الاحتفاظ بالخط، يتم اتخاذ قرار بإلغاء تفعيله وإعادته إلى الشركة، وهذه العملية تتم وفق قواعد صارمة للغاية، تضمن حذف بيانات المستخدم السابق تمامًا قبل أى محاولة لإعادة بيع الخط أو تفعيله مرة أخرى.
وأضافت المصادر أن الجهاز يشترط أن تكون جميع عمليات تسجيل الخطوط مرتبطة بقاعدة بيانات الرقم القومي، وذلك لضمان حماية البيانات الشخصية للمستخدمين. هذا الإجراء يمنع أى خط يُعاد تفعيله من أن يحمل بيانات المستخدم السابق، مما يوفر مستوى عاليا من الأمان والخصوصية.
التوعية المجتمعية.. ركن أساسى فى الحل
وأشارت المصادر إلى أن الجهاز لا يكتفى بالإجراءات التقنية والتنظيمية فقط، بل يركز أيضًا على التوعية المجتمعية باعتبارها عنصرًا محوريًا فى مواجهة هذه الظاهرة. وقد أطلق الجهاز حملات إعلامية ومبادرات توعوية تهدف إلى توجيه المستخدمين نحو متابعة الخطوط المسجلة بأسمائهم بانتظام، وحثهم على الإبلاغ عن أى مخالفات أو تسجيل غير قانوني.
يذكر أن الجهاز ألزم شركات المحمول بإخطار المستخدم مرتين قبل انقضاء فترة السماح المحددة بـ10 أيام وبـ 48 ساعة بوجوب إعادة استخدام الخط تجنبًا لفصل الخدمة عنه وحدد فترة سماح 15 يوما بعد انقضاء المدد المحددة لإعادة تدوير خطوط المحمول؛ ليستطيع خلالها المشترك إعادة تشغيل واستخدام الخط وذلك بعد مطابقة كافة البيانات الخاصة به مع نظيرتها المسجلة على قواعد بيانات الشركة مقدمة الخدمة.
وأقر «تنظيم الاتصالات» قواعد جديدة لتنظيم حقوق مستخدمى خدمات الاتصالات فى مصر؛ حيث تضمنت أحقية العميل المصرى باستخدام الرقم القومى السارى الواحد لشراء 15 شريحة بحد أقصى تنقسم إلى 10 خطوط للخدمات الصوتية و5 أخرى لخدمات البيانات من شركة مقدمة للخدمة. كما يحق للعميل صاحب الجنسية الأجنبية شراء 10 شرائح بحد أقصى تنقسم إلى 5 خطوط للخدمات الصوتية و5 أخرى لخدمات البيانات بشرط تقديم جواز سفر ساري.
كما أشارت المصادر إلى طرح الشركات خاصية «ركن الخط» (park line) مقابل رسوم شهرية (حوالى 10 جنيهات) لمدة تصل إلى سنة، للحفاظ على الملكية أثناء السفر أو عدم الاستخدام، لافتة إلى أنه فى حال الوفاة، يجب نقل الملكية إلى الوريث خلال 90 يومًا عبر طلب رسمى وإعلام وراثة، وإلا يُسحب الخط.
الفارق بين تعاقد الخط الأرضى والمحمول
أكد د. عمرو بدوي، الرئيس السابق للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، على أهمية الحفاظ على الخطوط الأرضية فى ظل التنافس المتزايد بين شركات الاتصالات. وأشار بدوى إلى أن وجود أربع شركات تقدم خدمات متنوعة يتيح للمستخدمين خيارات متعددة، مما يعزز المنافسة ويعود بالنفع على المشتركين.
وقال بدوى إن هناك مصاريف سنوية مرتبطة بالاستثمارات فى ترقيم الخطوط، وأن كل خط أرضى محجوز له مساحة معينة على النظام، لافتاً إلى أن المستخدمين الذين لا يتفاعلون مع خدماتهم لفترة طويلة قد يتعرضون لإغلاق خطوطهم، مما يثير قلقًا بشأن فقدان البيانات الشخصية المرتبطة بتلك الخطوط، مثل الحسابات البنكية وبيانات وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار بدوى إلى ضرورة تعديل القوانين الحالية لتسهيل الحفاظ على البيانات والمعلومات الشخصية للمستخدمين، مؤكداً على أهمية فرض رسوم رمزية بسيطة، مثل 50 جنيهًا كل ثلاثة أشهر، لضمان استمرارية الخدمة، مما يساهم فى ضمان تشغيل الخطوط الأرضية وتخفيف الضغط على الشركات.
«البرلمان» يطرح حلول مواجهة الأزمة
أكدت مها عبد الناصر، عضو لجنة الاتصالات فى مجلس النواب، على أهمية اتخاذ خطوات فعالة لتنظيم سوق الاتصالات فى مصر، مشددةً على ضرورة حماية حقوق المستهلكين فى ظل التحديات الحالية. وفى تصريحاتها، أشارت إلى ضرورة إبلاغ المستخدمين قبل إلغاء خطوطهم، معتبرةً أن شركات الاتصالات يجب أن تكون أكثر شفافية تجاه عملائها.
وأوضحت «عبد الناصر» أنه من الضرورى أن تتواصل الشركات مع العملاء قبل اتخاذ قرار بإلغاء الخطوط، وأن تُعلمهم بالأسباب وراء هذا الإجراء. وعبرت عن رأيها بأن العودة إلى إعادة بيع الخطوط المستخدمة سابقًا يجب أن تتضمن إبلاغ العميل الجديد بكافة بيانات الخط والخدمات المرتبطة به، لضمان عدم تعرضهم لأى إزعاج من جهات الاتصال القديمة.
واقترحت «عبد الناصر» فكرة فرض رسوم استخدام على الخطوط غير المستخدمة، مشبهةً ذلك بخدمات الهاتف الأرضي، حيث يُفرض رسم شهرى على الاستخدام. وأكدت أن الشركة لا تستطيع إلغاء الخط إلا بعد مرور فترة طويلة من عدم الشحن، مما يتيح للمستخدمين فرصة الاستمرار فى استخدام خطوطهم.
كما تناولت عبد الناصر قضية الأهمية المتزايدة للخطوط المحمولة مقارنة بالخطوط الأرضية، حيث تُظهر الإحصائيات أن هناك طلبًا كبيرًا على خدمات المحمول، بينما يفضل عدد من المستخدمين التخلى عن الخطوط الأرضية. وأشارت إلى تجربتها الشخصية عند محاولة الحصول على خط ضوئي، حيث تم إبلاغها بأنه تم سحب الخط بسبب عدم دفع المستخدم السابق للفواتير.
مركز حقوقى: سحب الخطوط يؤثر سلباً على المجتمع
من جانبه أعرب المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن قلقه البالغ إزاء ظاهرة سحب خطوط المحمول غير المستخدمة، مشددًا على الحاجة إلى دراسة دقيقة لتداعيات هذه السياسة على المواطنين.
وأوضح المركز أن حق الوصول إلى خدمات الاتصالات يُعتبر من الحقوق الأساسية التى يجب أن يتمتع بها كافة الأفراد، حيث إن سحب الخطوط قد يعوق بعض الفئات، خاصة الفقراء والمهمشين، من الحصول على هذه الخدمات الضرورية.
كما نبه المركز إلى أن هذه الإجراءات قد تؤدى إلى آثار سلبية على الأفراد، مما قد يزيد من عزلتهم ويؤثر على فرصهم فى العمل والتعليم والتفاعل الاجتماعي.
ودعا المركز إلى ضرورة وجود آليات شفافة للمساءلة حول كيفية تطبيق سياسات سحب الخطوط، مع التأكيد على أهمية الحوار المجتمعى الشامل الذى يضم جميع الأطراف المعنية، بما فى ذلك الجهات الحكومية ومقدمو خدمات الاتصالات، بالإضافة إلى توعية المواطنين بتطوير خدمات الاتصالات ولوائحها. وأكد المركز أهمية تعزيز الاستخدام المسئول للخطوط من خلال التوعية، بدلاً من اللجوء إلى عقوبات قد تؤثر سلبًا على حقوق الأفراد.
خبراء أمن المعلومات: ضرورة تعديل سياسات حماية البيانات الشخصية
وحذر وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، من الأبعاد الخطيرة المرتبطة باستخدام خطوط الهواتف المحمولة بعد سحبها وغلق استخدامها؛ مشيراً إلى أن الخطوط التى تحتوى على معلومات حساسة، مثل حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، ضارباً مثالا بالخطوط التى قد تُستخدم بشكل غير قانونى من قبل أى شخص يحصل عليها بعد وفاة صاحبها، مما يعرض خصوصية الأفراد للخطر.
وأكد حجاج لـ«المصور» أن رقم الهاتف أصبح فى الوقت الحالى يعادل أهمية رقم الهوية، مما يستدعى ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لحماية البيانات الشخصية، موضحاً أن هناك حاجة ملحة لتعديل السياسات الحالية لشركات الاتصالات، حيث يُفترض أن تكون فترة صلاحية الخطوط أطول، لا سيما فى حالة وفاة صاحب الخط. واقترح أن يتم مد فترة صلاحية الخطوط لتصل إلى عام كامل، وذلك لتمكين الأسرة من اتخاذ الإجراءات اللازمة لإثبات الوراثة دون ضغوط زمنية.
كما انتقد حجاج نظام الشحن المتبع فى مصر، مشيراً إلى أن النظام الحالى لا يراعى احتياجات المستخدمين، ويضع قيودًا غير منطقية على صلاحية الخطوط مشددا على ضرورة وجود آلية تضمن حماية البيانات الشخصية، وتمنع استغلال الخطوط من قبل أشخاص غير موثوق بهم.
وكشف خبير أمن المعلومات، ضرورة تعديل سياسات شركات المحمول فى مصر لحماية بيانات العملاء، خاصة فى حالات وفاة أصحاب الخطوط. موضحاً أنه يجب تجميد الخطوط لحين تقديم إشعار الوراثة، وذلك لفترة تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة، لمنع أى شخص من استغلال الخط بعد وفاة صاحبه.
وأشار حجاج إلى أن المشكلة ليست فقط فى نقص التوعية بين العملاء، بل تتعلق أيضًا بالقوانين والسياسات الحالية التى تتبعها شركات الاتصالات، لافتاً إلى أن فترة الصلاحية الحالية للخطوط، التى تصل إلى ثلاثة أشهر، غير كافية، معتبراً أن الحد الأدنى يجب أن يكون ستة أشهر.
وتحدث حجاج عن المخاطر المرتبطة بخطوط الهواتف المجهولة، محذرًا من إمكانية استخدامها فى أنشطة غير قانونية، مما يعرض الأفراد للخطر. كما انتقد عدم وجود آلية واضحة للتعامل مع البيانات الشخصية فى حالة وفاة العميل، حيث يمكن لعائلة المتوفى أن تواجه صعوبات فى إثبات الوراثة.
واستشهد حجاج بتجربته مع أحد البنوك، حيث تلقى رسائل نصية تتعلق بمعاملات لأشخاص غير معروفين، مما يدل على مشكلات أكبر تتعلق بأمان البيانات معبراً عن استيائه من عدم استجابة الشركات والجهات المعنية لمطالبه بتعديل القوانين والسياسات، مؤكدًا أن حماية البيانات الشخصية يجب أن تكون أولوية.
ودعا حجاج إلى ضرورة إنشاء آليات أكثر أمانًا لحماية بيانات العملاء، مؤكدًا أن هذا سيساعد فى تعزيز الثقة بين المستخدمين وشركات الاتصالات، كما دعا إلى أهمية التوعية بأمن المعلومات وضرورة مراجعة القوانين المتعلقة بحماية البيانات الشخصية، مؤكدًا أن هذه التغييرات ستسهم فى تعزيز أمان المجتمع بشكل عام.




