رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

العدوان على غزة فضح «دبلوماسية بايدن» وحيل «ترامب» .. أمريكا.. إدارة «أتلفها الهوى»


22-8-2025 | 14:25

.

طباعة
تقرير: يمنى الحديدى

لا يخفى على أحد الدعم التام الذى تقدمه الولايات المتحدة للكيان المحتل، كما لا يخفى على أحد قدرة الولايات المتحدة على إيقاف العدوان الإسرائيلى على غزة، إن أرادت ذلك كما فعلت وقت الحرب على إيران، لكن الإدارة الحالية لـ«البيت الأبيض» فى هذه الحرب اتخذت موقفها، وهو الدعم الكامل لإسرائيل دون حتى الاعتراض على ما تقوم به من جرائم حرب بحق المدنيين فى فلسطين، بل والتستر ودعم أحيانًا ما تقوم به.

فى عهد الرئيس الأمريكى السابق، جو بايدن، الأمر لم يكن بتلك الفجاجة التى يتبعها الرئيس الحالي، دونالد ترامب، فى دعم إسرائيل والقيام بمحاولة تهجير الفلسطينيين من غزة، بل والضغط على الدول علنًا لاستقبال الفلسطينيين المهجرين قسرًا من أرضهم، كما أنه أيضًا صاحب اقتراح أن تصبح غزة «ريفيرا»، لذا حسب تعبيره يجب إخلاء السكان من غزة حتى يتم تنفيذ هذا المشروع، فأصبح ترامب من مجرد داعم لإسرائيل إلى داعٍ لمشروع يدعم نفس الفكرة التى تروج لها إسرائيل.

الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل إن «ترامب» إلى الآن لم يذكر حل الدولتين فى فلسطين بشكل عام، وهو ما يعتبر تأييدًا غير مباشر لما اقترحته إسرائيل بأن أقصى ما يمكن للفلسطينيين الحصول عليه هو حكم ذاتى تحت الإدارة الإسرائيلية، حل لا يرقى للإنسانية بشيء، وسيمكّن إسرائيل من ارتكاب مزيد من الظلم والجرائم ضد الشعب الفلسطيني.

كما أن تيارًا من الحزب الجمهورى أخذ على عاتقه نطاق الدفاع عن إسرائيل من منظور ديني، وباتوا يرددون أن دعم إسرائيل واجب دينى يجب الوقوف وراءه. ورغم أن هناك تيارًا آخر من داخل الحزب الجمهورى المعروف بدعمه الأعمى لإسرائيل يرفض ما يقوم به ترامب ويرفض الدعم الكامل لإسرائيل على حساب «أمريكا أولًا»، الشعار الذى طالما تغنى به ترامب، لكن رغم ذلك لا يزال صوتهم غير مسموع على المستوى التنفيذى، وما زالت تلك النداءات سياسية، لا تتعدى نطاق الحزب والرأى العام الأمريكي.

ربما تتفق الإرادة السياسية الأمريكية الحالية مع الإرادة الإسرائيلية فى أن تستمر الحرب على غزة، لكن جرائم الحرب التى تحدث بحق المدنيين الفلسطينيين كان أولى أن تلقى استهجانًا أمريكيًا، على الأقل من باب التصريحات المرسلة، لكن هذا أيضًا لم يحدث، وكان ترامب قد رفض الاعتراف بأن هناك مجاعة فى غزة على مدار الأيام الماضية، حتى إن مبعوثه إلى فلسطين ويتكوف قال إن الأمر لا يرقى إلى المجاعة، رغم ما يحدث ورآه بعينه هناك، ومع الضغط عاد «ترامب» واعترف بالمجاعة فى غزة، وقال إنه «سيرسل الطعام إلى هناك».

أما القوات الأمريكية التى ذهبت بالفعل إلى هناك، ولا يعرف أحد حتى الآن ماهيتها أو وظيفتها الفعلية على الأرض، فتشهد كل يوم مقتل مئات من الأبرياء من أولئك الذين يتدافعون بحثًا عن الطعام والمساعدات، وأكثرهم من النساء والأطفال، ولا تحرك ساكنًا.

«ترامب» لم يخفِ نيته أو يحاول أن يتجمل منذ فوزه بالانتخابات وحتى قبل ذلك، ففى يناير الماضى عقب تسلمه المنصب تحدث على متن الطائرة الرئاسية عن خطة لتطهير غزة، قائلًا: «نتحدث عن مليون ونصف المليون شخص لتطهير المنطقة برمتها»، واقترح حينها أن تستضيف مصر والأردن الفلسطينيين، الأمر الذى قوبل بموقف صارم من قِبل الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية وهو رفض التهجير رفضًا قطعيًا، لكن ما زالت هذه النية موجودة، ويعتقد ترامب مع نتنياهو أن ذلك هو الحل الأوحد لانتهاء الحرب، ويحاولان بكل ما أوتيا من قوة تسخير الطريق لتنفيذه.

فى المقابل، فإن «بايدن»، فمنذ بدء الهجمات الفلسطينية فى 7 أكتوبر 2023 أعلن دعمه الكامل لإسرائيل وحقها فى التخلص من عناصر حركة حماس فى القطاع، ولم يعلن حينها أى نية عن التهجير القسرى للفلسطينيين أو شيء من ذلك، وقدم «بايدن» حينها الدعم العسكرى والدبلوماسى والمالى لإسرائيل، وشمل ذلك النشر السريع للسفن الحربية والطائرات العسكرية ومليارات الدولارات وغيرها من المساعدات العسكرية وصفقات الأسلحة السريعة، بما فى ذلك الصواريخ الموجهة وقذائف المدفعية وأنظمة الدفاع المتقدمة.

كذلك، لم يتراجع «بايدن» أيضًا عن استخدام حق «الفيتو» عدة مرات ضد قرارات متعددة للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار وحماية إسرائيل من التدقيق القانونى الدولى، حتى مع تزايد الخسائر المدنية فى غزة وتدهور الظروف الإنسانية، لكنه مع ذلك لم يكن فجًا فى تصريحاته مثلما الحال فى ولاية «ترامب»، بل كان يحاول فعل ذلك بمبرر وإن لم يكن مقبولًا، لكنه لم يقل: «هذا هو ما عندي».

وبعد هجمات إسرائيل على رفح، تعرض «بايدن» وإدارته لضغط شديد، ساهم فى تعليق إمداد إسرائيل بأنواع معينة من الذخائر لفترة، لكنها لم تدُم طويلًا، فسرعان ما عاودت الإمدادات الأمريكية لإسرائيل، حتى إن تصريحاته عن نيته فى إيقاف الحرب فى غزة كذّبها التلفزيون الإسرائيلى، وقال إن بايدن لم يكن لديه النية لذلك، فى تحقيق نشرته القناة 13 الإسرائيلية مستعينة بشهادات من كبار المسئولين فى إدارة بايدن، والسفير الإسرائيلى السابق لدى أمريكا هيرتزوج.

ورغم أن «بايدن» كان يعترف وينادى بحل الدولتين، فإن ذلك لم يدفعه لتحقيق أى شيء على الأرض من أجل التمهيد لذلك الحل. فى النهاية تبقى الإرادة الإسرائيلية هى الغالبة، وتنفذها الإدارة الأمريكية، لكن بأسلوبين مختلفين: الأول هو السم فى العسل، والثانى بطريقة مباشرة لا تلوين فيها.

وفى هذا السياق، ريتشارد تشاسدى، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة واشنطن، أشار فى حديثه لـ«المصوّر»، إلى أنه «إذا تم انتخاب نائبة الرئيس كاميلا هاريس، لكان هناك مزيد من الضغوط على الجيش الإسرائيلى فى غزة للامتثال بشكل أوثق للقانون الدولي، وعلى نفس المنوال كان يمكن أن يكون هناك إجبار لنتنياهو على وقف انتهاكات المستوطنين اليهود لحقوق الإنسان ضد العرب الفلسطينيين فى الضفة الغربية».

وتابع: أما ترامب فيمكن أن يمارس ضغوطًا كبيرة على إسرائيل فيما يخص مخططات نقل الفلسطينيين، ومنها نقلهم إلى جنوب السودان مثلًا، لكنه لن يفعل ذلك، كما أنه لن يعترف بدولة فلسطينية مستقلة، أما فيما يخص الانتهاكات التى تحدث بالنسبة للغذاء والإمدادات الطبية، فهى لا تخفى على أحد، بل إنها أحد أسباب تعاطف العديد من الدول مع القضية الفلسطينية، مثل أستراليا وفرنسا وكندا للدولة الفلسطينية.

وحول تأييد الولايات المتحدة الدائم لإسرائيل، ذكر «تشاسدى» أنه على مدار التاريخ لم تكن الولايات المتحدة وإسرائيل دائمًا على وفاق، فأحيانًا كانت تحدث حالة من الفتور. فعلى سبيل المثال، خلال عهدى مناحم بيجن وإسحاق شامير، سادت التوترات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وحتى حاليًا هناك مستويات متفاوتة من الدعم داخل الحكومة الأمريكية لإسرائيل، كما أن هناك سياسيين عبّروا عن مشاعر معادية لإسرائيل فى الوقت الحالي.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة