مع انقضاء برد الشتاء ونفحات الربيع الأولى، تبدأ حالة من الارتباك المحبب داخل البيوت المصرية. طاولة السفرة تصبح ساحة حوار بين أفراد الأسرة، تتناثر عليها خطط المصيف، الحسابات، والميزانيات، وتعلو التساؤلات المعتادة: «هنروح فين السنة دي؟ والميزانية تكفى لكام يوم؟».
وفيما كانت الوجهات التقليدية مثل الإسكندرية، ومرسى مطروح، ورأس البر هى الخيار الطبيعي، تظل الغردقة وشرم الشيخ فى مكان مختلف. ففى المدينتين، لا مكان كبير لتأجير الشقق أو الشاليهات، فالفنادق هى السيدة الأولى للمشهد، وتحديدًا الفنادق من فئة الخمس نجوم التى تتراوح أسعارها بين 7 آلاف وحتى 25 ألف جنيه فى الليلة للغرفة المزدوجة. أما الفنادق الاقتصادية من فئة الثلاث نجوم، فتبدأ أسعارها من 2500 جنيه لليلة الواحدة.
وتصبح العطلة الصيفية اختبارًا سنويًا لقدرة الأسر المصرية على الجمع بين المتعة والتدبير. فهناك مَن يدبر ويدخر على مدار أشهر، مقابل آخرين لا يحتاجون إلا إلى قرار سريع وساعات قليلة ليحزموا حقائبهم ويختاروا بين فخامة الساحل أو رقى شرم.
مطلع شهر يوليو الجاري، ارتفعت أسعار الإيجارات فى القرى والمناطق الساحلية بنسبة تجاوزت 75 فى المائة، حسب تقديرات العاملين فى القطاع السياحي. ويقدر متوسط إيجار شاليه صغير 8 آلاف جنيه فى اليوم، وفى بعض المناطق الفاخرة، يتراوح السعر ما بين 70 إلى 80 ألف جنيه لليوم الواحد.
ويكفى أن نشير إلى تصريحات رئيس هيئة تنشيط السياحة السابق، عمرو القاضي، بأن سعر حجز الغرفة فى الساحل الشمالى تخطى الـ 1200 دولار، مرجعًا السبب لارتفاع الأسعار، كون الطلب على الساحل الشمالى أكبر من المعروض، والأسعار قفزت بشكل غير مسبوق.
وطوال شهر يوليو، شهدت منطقة الساحل الشمالى زيادة فى أعداد السياح الوافدين، كما قال الخبير السياحي، إيهاب الجندي، خاصة السائحين من منطقة الخليج، ونظرًا لقلة المعروض من الغرف، ترتفع الأسعار جراء زيادة الطلب، مشددًا على ضرورة الإسراع فى الاستثمار بالفنادق فى الساحل الشمالي، حيث تحتاج المنطقة إلى 30 ألف غرفة فندقية لاستيعاب 8 ملايين سائح، وفقًا لتصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء.
مَن يرغب فى قضاء إجازة الصيف بالساحل الشمالي، يعرف أن وجهته تحتاج إلى مصاريف كبيرة، كما أوضح «الجندى»، فتكلفة قضاء أسرة صغيرة مكونة من أربع أفراد لمدة 4 أيام تتخطى الـ50 ألف جنيه فى الأماكن المتوسطة بالساحل، فى حين تبلغ تكلفة الإقامة لـ4 أفراد 280 ألف جنيه لمدة 4 أيام فى الأماكن الأكثر تميزًا، والتى تشهد إقبالا من الأسر مرتفعة الدخل.
من جانبه، أكد الدكتور حسام هزاع، عضو اتحاد الغرف السياحية، أن حصول مدينة العلمين الجديدة على لقب «عاصمة المصايف العربية 2025» يعزز مكانتها كوجهة سياحية رائدة عربيًا ودوليًا، حيث استعرض المزايا التنافسية للمدينة، وتأثير هذا اللقب على الاقتصاد المصري.
وتابع أنه يمكن وصول عدد الغرف الفندقية إلى 30 ألف غرفة خلال السنوات الخمس المقبلة، معربًا عن ثقته فى أن «هذه الطفرة الاستثمارية ستجذب 5 ملايين سائح سنويًا، وتوفر 2 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وتظهر البيانات الرسمية أن المدينة استقطبت استثمارات تزيد على 10 مليارات دولار منذ إطلاقها، فيما تشير التوقعات إلى أن تصبح إحدى أكبر 10 وجهات سياحية فى إفريقيا بحلول 2030.
مصيف «بالتقسيط»
مع ارتفاع الأسعار فى كل المصايف سواء فى الساحل الشمالى أو شرم الشيخ والغردقة، والمناطق التى يغلب عليها جذب طبقة الأغنياء أو الأثرياء فى مصر، وتزاحمهم طبقة العرب القاصدين للساحل بالأخص، وطبقة الأجانب القاصدين لشرم الشيخ والغردقة، تطفو على السطح فكرة المصيف «بالتقسيط»، لتكون خيارًا لكل من الطبقات الغنية وملاذًا أيضًا للطبقات المتوسطة التى ترغب فى تغيير المصيف من الإسكندرية ومطروح للساحل وشرم.