رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ما بعد السابع من أكتوبر.. خبراء: دماء الفلسطينيين أعادت إحياء قضيتهم وفضحت السردية الإسرائيلية

2-8-2025 | 12:06

قطاع غزة

طباعة
محمود غانم

لا يمكن فصل موجة التعاطف الدولي الحالية مع القضية الفلسطينية بعد سنوات من النسيان عن تضحيات الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة، المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث يؤكد خبراء أن دماء الفلسطينيين أعادت تسليط الضوء على قضيتهم في المشهد العالمي، وهو ما يفسر ازدياد حجم التحرك الدولي تجاه خطوة الاعتراف بدولتهم.

وقال الخبراء في حديث لـ"دار الهلال"، إن دماء الفلسطينيين التي تعمد إسرائيل إلى سفكها دون أي ذنب، غير مفرقة بين شيخ أو طفل أو شاب، قد شكلت وعيًا عالميًا جديدًا بالقضية الفلسطينية، ما دحض السردية الإسرائيلية التي ظلت سائدة لسنوات.

 العالم أدرك أنه منحاز للحق

ويرى الدكتور الحارث الحلالمة، أستاذ العلوم السياسية الأردني، أن ازدياد حجم التحرك الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية يُعبر عن قناعة متزايدة لدى الدول بأن المقاربات الأمنية والعسكرية التي تنتهجها إسرائيل في المنطقة، وبالأخص تجاه الفلسطينيين، لن تحقق الأمن والاستقرار لا لإسرائيل، ولا للفلسطينيين، ولا للمنطقة والعالم بأسره.

وتابع الحلالمة، في حديثه لـ"دار الهلال"، "وأن حل الدولتين هو المسار الآمن لتحقيق السلام والاستقرار، وذلك وفقًا لقرارات الشرعية الدولية".

وأكد أن إسرائيل، من خلال أفعالها في حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، تسببت في تآكل الدعم الدولي، الذي بدأ يرى إسرائيل على حقيقتها: "دولة إحلالية استيطانية توسعية، تفكر بعقلية استعلائية، ولا ترى في الفلسطيني شريكًا في السلام"، بعيدًا عن قناع الديمقراطية الذي تدّعيه.

وأوضح أن ذلك بات جليًا في عهد هذه الحكومة اليمينية "الفاشية"، التي لا تفكر إلا بعقلية التهجير والقتل والتدمير، وتسعى إلى تقويض البنية التحتية، لإجهاض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية، وبالتالي إفشال حل الدولتين.

ويؤكد الدكتور الحلالمة أن السابع من أكتوبر شكّل نقطة تحول محورية في تحقيق مكاسب سياسية، إذ إن القضية الفلسطينية كانت، في الفترة الأخيرة، قد أُقصيت عن أجندة المجتمع الدولي.

وأشار إلى أن ما بعد السابع من أكتوبر أعاد انتباه المجتمع الدولي إلى أن غياب حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يقوم على أساس حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، سيؤدي إلى مزيد من العنف، وسيزج بالمنطقة بأكملها في أتون عدم الاستقرار.

واختتم مؤكدًا أنه على الرغم من استشهاد وإصابة أعداد كبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني، فإن ذلك أظهر للعالم ضرورة الانحياز إلى الحق، والسير في طريق السلام الحقيقي، الذي لا بديل عنه، والمتمثل في حل الدولتين.

 العدوان أعاد إحياء القضية

ومن جانبه، يؤكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي متواصل وجرائم حرب ممنهجة، كان له أثر بالغ في إعادة إحياء القضية الفلسطينية على المستويين الشعبي والدبلوماسي حول العالم.

وأوضح الرقب، في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن الاعتراف الغربي المتنامي بدولة فلسطين، والذي تلوّح به عدة دول مؤثرة مثل فرنسا وبريطانيا وكندا والنمسا وألمانيا، لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة مباشرة لما شهدته حرب غزة من فظائع ومجازر، خاصة تلك التي طالت الأطفال والمدنيين العزل، وتسببت في كارثة إنسانية شاملة، أبرزها المجاعة التي تضرب القطاع بشكل واسع.

وأضاف أن "الدم الفلسطيني أعاد صياغة الوعي العالمي تجاه قضيتنا"، مشيرًا إلى أن هذا التحوّل في الموقف الدولي، وإن كان بطيئًا، يعكس تغيرًا حقيقيًا في المزاج السياسي العالمي، خاصة بين الشباب، الذين باتوا أكثر وعيًا بحقيقة ما يجري في الأراضي المحتلة.

 السابع من أكتوبر تاريخ مفصلي

وعلى الرغم من أن ما لحق تاريخ السابع من أكتوبر 2023، دمارًا واسعًا في قطاع غزة، ودفع الشعب الفلسطيني أثمانًا باهظة على مستوى الشهداء والأراضي، إلا أن من أبرز إيجابياته أنه أعاد إحياء الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، هكذا رد "الرقب" بعد سؤاله حول ما إذا كان العدوان الإسرائيلي على غزة، هو ما أحيى فرصة إقامة الدولة الفلسطينية.

وبحسب السياسي الفلسطيني، فقد أصبح هذا الاهتمام أحد المحاور التي تحرّض إسرائيل ضدها، إذ تعتبر مجرد اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية دعمًا للمقاومة الفلسطينية، بل وتصفه بأنه تشجيع لما تسميه "الإرهاب الفلسطيني".

غير أن الحقيقة، هي أن القضية الفلسطينية عادت إلى الواجهة العالمية بفضل دماء الأطفال التي سالت في غزة، وبفعل المجاعة التي تفشت بشكل كبير، وجراء الجرائم التي يرتكبها الاحتلال.

وفي غضون ذلك، يقول الرقب، إنه كان بإمكان الاحتلال أن يستفيد من أحداث السابع من أكتوبر بصورة كبيرة، لكنه نتيجة لنهجه الإجرامي المستمر ضد الشعب الفلسطيني، فقد هذه الفرصة.

ويوضح أن المجتمع الدولي أدان ما وقع بعد السابع من أكتوبر من جرائم إسرائيلية ضد الفلسطينيين، مضيفًا: "صحيح أن هذه الصيغة قد لا ترضي الفلسطينيين بالكامل، لكنها في جوهرها اعتراف بأن ما ارتكبه الاحتلال من جرائم يفوق ما حدث في السابع من أكتوبر من أعمال نضالية، كانت لها دوافع واضحة".

ويؤكد أن العالم بدأ الحين يرى الحقيقة بوضوح، ورغم استمرار الابتعاد الرسمي عن إدانة الاحتلال، إلا أن الحقيقة وصلت، بل وأثرت حتى في داخل الولايات المتحدة، فبالرغم من المواقف "الخجولة" من قبل الإدارة الأمريكية، إلا أن هناك أصواتًا بدأت تخرج بين الحين والآخر تندد بما يقوم به الاحتلال من جرائم ضد الشعب الفلسطيني".

وعند سؤاله حول ما الذي ستخسره إسرائيل جراء الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟، قال إن الأمر على مستوى الأرض لن يتغير كثيرًا، لأن ذلك يحتاج إلى قرار دولي ملزم تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يُجبر الاحتلال على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية، خاصةً أن قرار التقسيم عام 1947 نصّ على قيام دولة عربية إلى جانب دولة يهودية، غير أن إسرائيل اعتدت على الجزء المخصص للدولة العربية.

لكنه أكد أن الخسارة الحقيقية لإسرائيل في الوقت الراهن هي خسارة دبلوماسية وإعلامية، وهو ما وصفه الإعلام العبري بـ"تسونامي" ضدهم.

وكذلك على المدى البعيد، تخسر إسرائيل شعبيتها بين مؤيديها حول العالم، فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن الشباب -في كثير من البلدان- باتوا يميلون بشكل كبير إلى دعم الفلسطينيين، نتيجة لما رأوه من فظائع ترتكبها إسرائيل.

واختتم مؤكدًا أن "الاحتلال أنتج لنفسه حالة من الكراهية على نطاق واسع، وكل ذلك بسبب دماء الفلسطينيين التي لا تزال تُسفك دون ثمن".

أخبار الساعة

الاكثر قراءة