قال الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، إن ثورتي 23 يوليو و30 يونيو تمثلان محطتين فارقتين في التاريخ المصري، وتعكسان في جوهرهما قدرة الشعب على التجدد ومواجهة التحديات الكبرى.
وأضاف في حوار مع "المصوّر" ينشر لاحقا، أن "ثورة يوليو كانت بمثابة ولادة جديدة للدولة المصرية بعد عقود من الاستعمار والملكية والتمييز الطبقي، وقادها الضباط الأحرار بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، لتؤسس نظامًا جمهوريًا جديدًا يحمل شعارات التحرر الوطني والاستقلال التام والعدالة الاجتماعية".
وتابع: "ثورة يونيو جاءت بعد مرحلة من الاضطراب السياسي والانقسام المجتمعي الذي تلا أحداث 25 يناير 2011، وكانت تعبيرًا شعبيًا هائلًا عن رفض مشروع جماعة الإخوان الإرهابية، الذي كان يستهدف اختطاف الدولة لحساب تنظيم لا يؤمن بالدولة الوطنية ولا بالمواطنة".
وأوضح شقرة أن "30 يونيو لم تكن مجرد انتفاضة ضد نظام حكم، بل كانت إنقاذًا للدولة نفسها من الانهيار، وكانت بمثابة تصحيح لمسار ثورة يناير، وتأكيدًا جديدًا على أن الشعب المصري هو مصدر الشرعية".
وحول استمرار حضور ثورة يوليو في وجدان المصريين، قال: "ثورة يوليو حاضرة لأنها ارتبطت بمشروع تنموي ومجتمعي شامل غيّر حياة الناس، لا سيما الطبقات الفقيرة والمتوسطة. لأول مرة شعر الفلاح والعامل والموظف الصغير أنه جزء من بلاده، وأن له حقوقًا وليس فقط واجبات".
وأشار إلى أنه "تم إلغاء الإقطاع، وتمصير الشركات، وبُني السد العالي، وتم دعم التعليم والصحة، وامتلك المصريون لأول مرة مؤسساتهم الاقتصادية"، مؤكدًا أن "شخصية ناصر، بما حملته من كاريزما وطنية، وتركيزه على القضايا القومية مثل فلسطين والتحرر من الاستعمار، جعلته رمزًا باقيًا في الوجدان العربي والمصري".
وختم شقرة بالقول: "رغم حداثة ثورة 30 يونيو، فإنها استطاعت أن تحفر لنفسها مكانًا في الوعي الشعبي، لأنها أنقذت مصر من مصير غامض مجهول. في هذه الثورة لم تخرج الجماهير فقط ضد الإخوان، بل خرجت دفاعًا عن نمط حياة، عن مدنية الدولة، عن الاعتدال والتعددية. ولهذا، أعتقد أنه ومع مرور الزمن، سيثبت التاريخ أن 30 يونيو ستظل علامة بارزة في ذاكرة الأمة".