رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الصحة الإنجابية أولوية حكومية


18-7-2025 | 09:29

.

طباعة
بقلم: د. فاطمة الزهراء جيل

تبذل الدولة بمؤسساتها الحكومية وغير الحكومية كثيرًا من المجهودات لتلبية احتياجات المراهقين والشباب من معلومات واستشارات تُمكنهم من القيام باتخاذ قرارات مسئولة وواعية تتعلق بصحتهم الإنجابية للحفاظ عليها، ومساعدتهم لبناء أسرة أساسها الالتزام وحياة صحية سليمة، إلا أن هذه الخدمات والبرامج المختلفة ما زالت غير منتفع بها من قبل الشباب بالرغم من حاجتهم إليها، وربما يرجع السبب لعدم انتشارها والتسويق الكافى لها. وبافتراض أن الظروف الاجتماعية والثقافية والعادات والتقاليد التى تحيط بالشباب فى بعض المجتمعات هى التى تؤدى إلى تبنى مفاهيم وسلوكيات خاطئة تؤثر على صحتهم قبل وبعد مرحلة الإنجاب، وهو ما يتطلب منا جهداً كبيراً للوصول إلى هذه المجتمعات لتقديم المعلومات الصحية لجميع أفراد الأسرة من المهتمين، سواء الأوقاف والكنائس المصرية ووزارة الصحة والتضامن والمجتمع الأهلى لضمان تمكين أفراد الأسرة بالمعرفة لتبنى قرارات رشيدة لهم ولأبنائهم.

 

وبتتبع نتائج آخر مسح قام به الجهاز الإحصائى الرسمى بالدولة وهو مسح «صحة الأسرة المصرية» الصادر عام 2022، نجد أن هناك بعض المعلومات المثيرة للاهتمام مثل:

1. الحمل والإنجاب المبكر: هناك 5.3 فى المائة من السيدات فى العمر 15-19 سنة لديهن أطفال بالفعل، 0.9فى المائة حوامل فى مولودها الأول أى أن 6.2فى المائة بدأن الحياة الإنجابية فى سن مبكرة دون وعى صحى وإدراك بكثير من الأمور المهمة لرعاية صحتهن وصحة أطفالهن، وهذه النسب لا يُستهان بها فهى تعنى أن لدينا ما يقرب من 286 ألف أم فى هذا العمر المبكر يحتجن إلى رعاية خاصة.

2. العدد الأمثل للأطفال ونسبة ممارسة تنظيم الأسرة والحاجة غير الملباة: وبسؤالهم عن عدد الأطفال الأمثل من وجهة نظر السيدات فى الفئة 15-19 سنة وُجد أن 2.6 طفل لكل سيدة، ولكن إذا نظرنا لبيانات نسب ممارسة تنظيم الأسرة ونسب الحاجة غير الملباة لتنظيم الأسرة فى هذا العمر نجد أن نسبة الممارسة بين السيدات المتزوجات فى العمر 15-19 سنة لا تتجاوز 39فى المائة فقط لأى وسيلة أى ما بين كل 100 سيدة متزوجة فى هذا العمر 39 فقط يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة، أما عن حاجاتهن غير الملباة لتنظيم الأسرة فنجد أنها بلغت 16.2فى المائة بمعنى أن 16فى المائة من المتزوجات فى هذا العمر لديهن رغبة فى الاستخدام ولا يستخدمن فعليًا، وعند تحليل الأسباب وُجد أن 12.2 فى المائة ترجع لأسباب مرتبطة بالوسيلة منها 8.8فى المائة الخوف من الوسيلة، وهنا يجب أن نقف عند المعلومات التى يقدمها مسئولو التواصل للسيدات داخل الأسر والتعريف بخطورة الإنجاب المبكر وأهمية تأجيل الطفل الأول وعدم الخوف من الوسيلة لخفض نسب الحاجة غير الملباة لدى السيدات فى هذا العمر، وأن نعمل على زيادة أعداد المسئولين عن التواصل مع الأسر، خاصة أن البيانات توضح أن من تم زيارتهن من أحد العاملين الميدانيين لمناقشة تنظيم الأسرة لا تتجاوز نسبتهم 3.5فى المائة لفئة العمر 15-19، و5.9 فى المائة لفئة العمر 20-24.

3. زواج الأقارب: وإذا تطرقنا إلى قضية أخرى وهى زواج الأقارب وما يترتب عليه من مشاكل صحية للأطفال فنجد أن 40فى المائة من حالات الزواج فى العمر 15-19 سنة بين الأقارب، وهذه الفئة لا يجب تهميشها، حيث إنها تحتاج إلى استشارات ورعاية طبية منتظمة وبرامج توعوية للحفاظ على نسل سليم معافى.

4. رعاية الحمل والولادة: وعند دراسة مؤشرات رعاية الحمل والولادة نجد أنها تجاوزت 97فى المائة بين هذه الفئة العمرية (أقل من 20 سنة)، وتتم على أيدى أطباء ومقدمى خدمة مدربين، وهذا يرجع لوعى الجهات الحكومية المسئولة عن خطورة المشكلات التى قد تتعرض لها هذه الفئة العمرية والتى قطعًا تحتاج إلى رعاية وحماية من سلوكيات المجتمع الخطرة.

5. التغذية والإصابة بالأنيميا: أما عن التغذية والإصابة بالأنيميا بين فئة العمر 15-19 سنة فنجدها بين الإناث 39.7فى المائة وبين الذكور 54.8 فى المائة، وهذا مؤشر يعكس السلوك الخاطئ فى التغذية وعدم وعى الأسر والنشء بالتغذية السليمة مما يجعلنا نركز فى المرحلة القادمة على إدخال برامج توعوية فى المدارس فى جميع المراحل التعليمية وندوات للأسر للتعرف على أنماط الغذاء السليم الصحى وأسلوب عمله، كما لا يمكننا إغفال دور الإعلام المسموع والمرئى والسوشيال ميديا فى رفع وعى المجتمع أكمله بكيفية تقديم وجبات صحية لأفراد الأسرة.

6. ختان الإناث: وإذا انتقلنا إلى عادة الختان التى تتم للأنثى فى العمر الأقل من 19 سنة فنجد أن هناك انخفاضًا ملحوظًا فى ممارسة هذه العادة، حيث يُلاحظ من بيانات المسح أن 14فى المائة فقط من البنات فى هذا العمر تم ختانهن، وثلث السيدات فى العمر 15-49 يؤيدن عملية الختان لبناتهن فى المستقبل، وهذا يستدعى تدخلات عاجلة من كافة الجهات المسئولة عن التوعية الدينية والصحية والاجتماعية والنفسية للحد مستقبلاً من هذه العادة وتوقيع عقوبات غليظة على مَن يقوم بها، سواء من الأسرة أو من مقدمى الخدمة الصحية.

7. الإطار الاجتماعى المحيط بالشباب والمراهقين: وللتعرف على الإطار الاجتماعى المحيط بالشباب والمراهقين ومدى دعمه وملاءمته لمتطلبات هذه المرحلة العمرية كان لزامًا علينا تحديد مستويات المعرفة والوعى بالمفاهيم المختلفة للصحة الإنجابية لدى المقربين والمحيطين بالشباب ومدى دقة هذه المعلومات وكفايتها وقدرة هؤلاء المقربين والمحيطين بهذه الفئة المهمة على التواصل معهم ومناقشة تلك القضايا والمشكلات المتعلقة بصحتهم الإنجابية من خلال مقابلات متعمقة جماعية مع الشباب وأولياء الأمور والمدرسين ورجال الدين. أظهرت النتائج أن هناك قصورًا فى المعلومات عن الصحة الإنجابية بين أولياء الأمور وأنهم لا يُفضلون مناقشة هذه الأمور مع أولادهم، وبالرغم من ذلك يعتبر الشباب الأسرة هى المصدر الأساسى الموثوق به خاصة الإناث، وتختلف بالتأكيد درجة تقبل الحوار والمناقشة وفقًا لمستويات التعليم المختلفة للآباء والأمهات، حيث وُجد أن أولياء الأمور المتعلمين لديهم قدرة على تقبل الحوار وتقديم المعلومات لأبنائهم أكثر من غيرهم. يُعتبر الأصدقاء هم مصدراً آخر للمعلومات، خاصة بين الذكور بالرغم من عدم كفاية ودقة المعلومات لديهم كما يعتقد أقرانهم. ويعتقد أولياء الأمور أن علماء الدين الإسلامى والمسيحى مصدر موثوق فيه للمعلومات بالرغم من محدودية الدور الذى يقومون به فى هذا المجال، أما الإعلام فهو يُعتبر مصدرًا جيدًا إذا ما تم الاهتمام بدقة المعلومات وطريقة نقلها للمشاهدين بطريقة علمية. كما اتضح كذلك أن هناك رغبة فى الاعتماد على المدرسين فى المدرسة فى تقديم المعلومات الصحيحة والكافية للمراهقين والشباب، بالرغم من عدم قدرة المدرسين وعدم تأهيلهم لتقديم تلك المعلومات إلى الطلبة.

لذا يُقترح ما يلي

1. استخدام أندية السكان بوزارة الشباب والرياضة والمنتشرة بمراكز الشباب بالمحافظات لتقديم استشارات طبية عن الصحة الإنجابية من خلال متخصصين من الصحة والجامعات والأوقاف والكنيسة.

2. استخدام أندية المرأة بوزارة الصحة والسكان لرفع وعى السيدات بمشاكل الصحة الإنجابية للمراهقين وسبل التعامل معها.

3. دعم وبناء قدرات القيادات التنفيذية والطبيعية التى تتعامل مع الشباب فى المدارس والمساجد ومراكز الشباب من خلال برامج تدريبية موجهة تمكنهم من التواصل بفاعلية مع الشباب لتقديم المعلومات الصحيحة ورفع قدراتهم للرد على استفسارات الشباب.

4. إعداد منهج تعليمى عن الصحة الإنجابية يتلاءم مع الأعمار المختلفة داخل مراحل التعليم وتصميم وسائل معرفة مناسبة من خلال فرق من المدرسين مؤهلين للتجاوب مع هذه الفئة المهمشة.

5. تصميم برامج تهدف لرفع وعى المجتمع بالقوانين ذات العلاقة بالختان والزواج المبكر والتى تم وضعها لحماية المجتمع.