رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. أحمد السبكى رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية: «التأمين الصحى الشامل» هدية الرئيس السيسى للمصريين


5-7-2025 | 12:27

الدكتور أحمد السبكى رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحى الشامل

طباعة
حوار: إيمان النجار عدسة: نسمة السهيتى

«التأمين الصحى الشامل» أحد أهم الملفات الصحية على أجندة القيادة السياسية، وتطبيقه منذ أكثر من خمس سنوات بمثابة ترجمة حقيقية لاهتمام القيادة السياسية بصحة المصريين، الدكتور أحمد السبكى، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، والمشرف العام على مشروع التأمين الصحى الشامل فى حديثه لـ«المصور» أكد أن التأمين الصحى الشامل هو هدية الرئيس للمصريين، ضمن تعليمات واضحة بإصلاح المنظومة الصحية بشكل كامل.

«د. السبكي» تحدث عن بدايات التطبيق والتحديات موضحا كيفية التغلب عليها، وأن المنظومة الصحية فى مصر دخلت مرحلة جديدة من التنظيم والكفاءة والعدالة، فلم يعد العلاج الجيد امتيازًا لفئة دون أخرى.

وأشار «د. السبكي» إلى اكتمال المرحلة الأولى من التأمين الصحى الشامل ببدء التشغيل الرسمى للمنظومة بمحافظة أسوان أول يوليو، آخر محافظات المرحلة الأولى، معلنا موعد المرحلة الثانية بإطلاق المنظومة فى محافظة مطروح خلال سبتمبر 2025، وفى شمال سيناء خلال ديسمبر من نفس العام.

رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، تحدث أيضا عن مشاركة القطاع الخاص باعتباره شريكا أساسيا فى المنظومة مشيرا إلى أنه مع بداية العام المالى الجديد سيتم إطلاق نموذج حقيقى أو موديل لشراكة الدولة مع القطاع الخاص.

محاور جديدة سيتم العمل عليها لمواجهة تحديات المحافظات المليونية بالمرحلة الثانية رصدها «د. السبكي» وفى مقدمتها التوسع فى خدمات جديدة ستطلق لأول مرة، منها إطلاق «كول سنتر» جديد برقم 15305، إلى جانب خدمات أخرى يكشف عنها رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، فى الحوار التالى:

 

بداية.. كيف ترى الدعم الرئاسى والمتابعة المستمرة من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى للعمل على تنفيذ مشروعات جميعها تهدف إلى «تحسين صحة المصريين»؟

التأمين الصحى الشامل يعد جزءا من رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى، لإصلاح المنظومة الصحية، فالقيادة السياسية أدركت أن مصر خلال العقود الماضية حدث بها اختلاف فى عدد السكان، وهو ما يعنى أن التحديات اختلفت وزادت، فكان لا بد من وجود رؤية جديدة لتطوير القطاع الصحى بشكل عام، وليس فقط نظام تأمين قائم نحوله لنظام جديد، وبالتالى جاءت تعليمات القيادة السياسية بإصلاح المنظومة الصحية بشكل كامل، وهذا نتج عنه على أرض الواقع إنشاء سبع هيئات صحية تعمل مع وزارة الصحة لم تكن موجودة قبل مشروع الإصلاح الصحى، منها ثلاث هيئات أنشئت بموجب القانون رقم 2 لعام 2018 وهو قانون التأمين الصحى الشامل، هذه الهيئات حققت مفهوما فى حوكمة النظم الصحية، وهو فصل التمويل عن تقديم الخدمة عن الرقابة عليها، وتبع ذلك استغلال أفضل لموارد الدولة، وأصبحت هناك تخصصية فى العمل بحيث توجد هيئة مسئولة عن الاشتراكات والاستدامة المالية للمنظومة وهى هيئة التأمين الصحى الشامل، هيئة مسئولة عن تقديم الخدمات الصحية والعلاجية وهى هيئة الرعاية الصحية، وهيئة ثالثة تابعة لرئيس الجمهورية لتحقيق الشفافية والرقابة على جودة الخدمة وهى الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية.

فى العام التالى أصدر الرئيس القانون 151 لعام 2019، وبموجبه تم إنشاء هيئتين، هيئة الدواء المصرية التى أصبحت المرجعية فى إفريقيا فى النظم الحاكمة لصناعة الدواء، وهيئة الشراء الموحد مسئولة عن شراء الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية وإمدادات الدولة من الطعوم والأمصال، والهيئة السادسة هى المجلس الصحى المصرى وأنشئ فى 2022، وهو مسئول عن القوى البشرية بالقطاع الصحى، وبناء سجلات قومية للأمراض، وكذلك هيئة سلامة الغذاء المسئولة عن مأمونية وسلامة غذاء المصريين، هذا معناه أن الرئيس «السيسي» أرسى مبدأ التخصصية والمساءلة، وأصبح لدينا شكل جديد للنظام الصحى، فهذه رؤية كبيرة فى البرنامج الرئاسى للرئيس تحققت على أرض الواقع، وبدأت كل هيئة تؤدى دورها.

كيف تأتى التوجيهات أو التعليمات فيما يتعلق بصحة المصريين، حتى نصل لخدمة تليق بالمواطن المصرى وتُقدم بكرامة؟

مبدأ العدالة فى جودة الخدمة بين كل فئات الشعب المصرى، وألا تكون الرعاية الصحية الجيدة امتيازا لفئة دون الأخرى، فعدالة الوصول والحصول على الخدمة الصحية لكل فئات الشعب بنفس درجة الجودة والمأمونية هدف رئيسى للقيادة السياسية، وتحت هذا المبدأ تندرج أمور كثيرة، منها توفر وحدات ومستشفيات تليق بالمصريين، وأطباء مدربون على أعلى مستوى، ودواء متوفر بشكل مستمر ومستدام، هذا إلى جانب توفر مظلة تمويلية وتغطية تأمينية للمصريين، ففى محافظات التأمين الصحى الشامل كل المواطنين سواسية ، ففى أحد المستشفيات بالأقصر على سبيل المثال فوجئ مواطن أثناء علاجه بالمستشفى بمريضة أمريكية تتلقى العلاج فى نفس المكان، وهذه هى الفكرة، فكرة العدالة .

«التأمين الصحى الشامل» كانت تطلق عليه لجنة إعداد القانون أنه «القانون الحلم»، ماذا يمثل هذا القانون للمنظومة الصحية بعد مرور خمس سنوات على التطبيق، وكيف غيَّر شكل المنظومة الصحية؟

التأمين الصحى الشامل هو هدية الرئيس السيسى للمصريين، والدولة المصرية لن تدخر جهدا فى تنفيذه، ويمثل القانون نقلة نوعية غير مسبوقة فى تاريخ القطاع الصحى المصرى، وهو بالفعل «القانون الحلم» كما أطلقنا عليه أثناء مرحلة الإعداد، لأنه استجاب لحاجة ملحة إلى نظام صحى شامل وعادل يُغطى جميع المواطنين دون تفرقة، ويضمن حقهم فى الرعاية الصحية الجيدة، وفق معايير الجودة العالمية.

وبعد مرور خمس سنوات على إطلاق منظومة التأمين الصحى الشامل، يمكننا أن نؤكد أن المنظومة الصحية فى مصر دخلت مرحلة جديدة من التنظيم والكفاءة والعدالة، لم يعد العلاج الجيد امتيازًا لفئة دون أخرى، بل أصبح حقًا أصيلًا لكل مواطن، يُقدَّم من خلال منظومة مؤسسية متكاملة تتوزع فيها الأدوار والمسئوليات بين ثلاث هيئات رئيسية، تعمل بتنسيق محكم لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظومة، ومن خلال هذا التكامل بين الهيئات الثلاث، نشأت منظومة صحية حديثة ترتكز على الحوكمة، وتضمن للمواطن رحلة علاج آمنة، عادلة، ومحترفة من أول نقطة اتصال حتى تلقى الخدمة والحصول على العلاج، كما ساهم القانون فى رفع كفاءة البنية التحتية، والتوسع فى التحول الرقمى، وتعزيز ثقافة الجودة، ما انعكس على تحسن مؤشرات الأداء، ورضا المنتفعين.

والأهم أن هذا القانون أعاد الثقة فى النظام الصحى، وأعاد رسم العلاقة بين الدولة والمواطن على أساس من المسئولية والالتزام بالحق فى الصحة، وهو فى حد ذاته أحد أعظم مكتسبات الدولة المصرية فى عهد الجمهورية الجديدة.

اختفت «الجزر المنعزلة» منذ بدء العمل فى «التأمين الصحى الشامل»، حدّثنا عن هذه التجربة وكيف تم تنفيذها وما الصعوبات التى واجهتكم؟

أكبر تحدٍّ وأهم مشكلة بالنظام الصحى المصرى هى «التفتت»، فليست مشكلة موارد، فهيئة الرعاية حاليا تدر دخلا رغم كونها هيئة خدمية، فتبلغ الإيرادات السنوية نحو 12 مليار جنيه ولا نزال فى ست محافظات، فالمشكلة ليست موارد بقدر ما هى إدارة ومعالجة تفتت، تفتت تقديم الخدمة، أيضا تفتت التمويل، كل هذا فى النهاية أدى لتفتت المنظومة الصحية، وكان الحل فى منظومة التأمين الصحى الشامل، أن هيئة الرعاية الصحية ويتبعها كل المنشآت الصحية التابعة لوزارة الصحة، حيث توحد رحلة المريض، توحد كل اللوائح الإدارية والمالية والتنظيمية، توحد المسار الإكلينيكى للفريق الطبى، توحد معايير تقييم الخدمة، واستطعنا من خلال الهيئة تنفيذ ذلك، وكذلك التغلب على تفتت التمويل بإلغاء العلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحى القديم والعلاج الاقتصادى، فقط تأمين صحى شامل يغطى كل الفئات وكل الأمراض، يدفع المواطنون الاشتراكات، وغير القادرين تتحملهم الدولة، فالقادر وغير القادر لم يعد يقلق بشأن العلاج، لأنه أصبح لدينا نظام واحد للجميع.

أيضا استحدثنا منظومة لقياس رضاء المواطنين عن الخدمة.

بالحديث عن منظومة «القياس»، كم تبلغ نسبة رضا المنتفعين؟

فى بداية التطبيق كانت النسبة 40 و 50 فى المائة، فالمواطن غير معتاد على المنظومة الجديدة، ولهذا كان لا بد أن نغير ثقافة المواطن، ولا بد أن يبدأ رحلته بوحدة الرعاية الأولية أو مركز طب الأسرة، ثم المستشفى، فنحو 80 فى المائة من المواطنين يتم علاجهم بوحدات الرعاية الأولية، وهذا أدى إلى تخفيف معاناة الذهاب لمستشفى بعيد، وتخفيف الضغط على المستشفيات وتركيزها على الخدمات الطبية المتقدمة، ولكن لكى أعيد ثقة المواطن مرة أخرى فى الوحدات الصحية وقطاع الرعاية الأولية، هذا الأمر استغرق وقتا، لذا نسب رضاء المواطنين لم تكن جيدة فى بدء التطبيق، لكن تطورت النسبة وتتراوح حاليا ما بين 86 إلى 92 فى المائة وهذا مؤشر جيد ونأمل الوصول لمعدلات أعلى.

ماذا عن فكرة «الوساطة» و«المحسوبية» وكيفية التغلب عليها؟

نكافح ذلك بالمنظومة الإلكترونية، فكل رحلة المريض مميكنة، وهذا يحد من الموضوع ويجعلنا نطمئن من تحقق الحد الأدنى من العدالة، فالأنظمة بالهيئة مميكنة.

«الرقمنة» اتجاه دولة والهيئة تعد من أولى الهيئات المطبقة لها، ماذا عنها؟

الهيئة حققت قفزات نوعية فى هذا الملف، بما يدعم كفاءة المنظومة الصحية ويُسهل رحلة المريض داخل منشآت التأمين الصحى، حيث تم ميكنة 100 فى المائة من الإجراءات بوحدات ومراكز طب الأسرة فى محافظات المرحلة الأولى، كما تم ميكنة 90 فى المائة من الإجراءات بالمستشفيات، ويجرى استكمال المتبقى، هذه الميكنة تضمن سهولة تسجيل المنتفعين، سرعة تقديم الخدمة، وتقليل فرص الخطأ البشري.

وإلى جانب ما سبق، تم تفعيل الملف الطبى الإلكترونى الموحد لما يزيد على 6 ملايين مواطن مسجل بمنظومة التأمين الصحى الشامل، وأطلقنا عددا من الأنظمة الذكية المتكاملة، منها منظومة المعامل الإلكترونية، منظومة الغسيل الكلوى الإلكترونية، منظومة أرشفة صور الأشعة المعتمدة على الذكاء الاصطناعى، لوحة مؤشرات الأداء (Dashboards) لمتابعة الجودة والتشغيل فى الوقت الفعلى، وكان لدينا قناعة أنه لن تنجح منظومة التأمين الصحى الشامل بدون ميكنة، وهذا تحدٍّ كبير، فثقافة الميكنة بشكل عام لمقدمى الخدمة الصحية يعتبرونها عبئا إضافيا عليهم، لذا كان لا بد من تحفيزهم على العمل بالمنظومة الإلكترونية.

كيف تحقق ذلك؟

تم ربط الحوافز التى يتلقاها الطاقم الطبى بالالتزام بالميكنة، ونتج عنه أن كل مريض يتردد على منشآت المنظومة ينشئ له ملفا صحيا إلكترونيا، وهذه ثورة حقيقية حدثت فى نظام الرعاية الصحية فى مصر، فأصبح لدينا ملف صحى إلكترونى لكل مريض، فلدينا ما يقرب من 6 ملايين ملف صحى إلكترونى موحد، وهذا معناه أن كل البيانات الصحية للمريض فى محافظات التأمين الصحى الشامل مؤرشفة إلكترونيا منذ دخوله المنظومة، وهذا يحقق استمرارية الرعاية الصحية، هذا فضلا عن أنه يوفر تكرار فحوص طبية، ويقدم دقة أعلى فى التشخيص، والبناء على تاريخ مرضى منضبط، ويحسن النتائج الصحية بشكل أفضل، هذا على مستوى ميكنة الجانب الطبى، أما الميكنة على مستوى التشغيل، فنظام الموارد البشرية كله مميكن، وبالتالى التقييم الخاص بإنتاجية الفريق الطبى، والحساب على الإنتاجية، وهذا الأمر نتج عنه ارتفاع إنتاجية الفريق الطبى بنسبة 42 فى المائة، كما حدثت نقلة نوعية فى المقابل المادى للفريق الطبى، ليس بزيادة مرتبات لكن بإضافة حوافز مجزية مرتبطة بالإنتاجية.

تمكين الشباب وتوليهم مناصب قيادية اتساقا مع توجه الدولة، كيف تتعاملون مع هذا الملف؟

لدينا مزج بين الشباب وشيوخ المهنة، فالهيئة تدار بثلاثة مستويات، دائرة صناعة القرار والغالب عليها شيوخ المهنة والخبراء، دائرة اتخاذ القرار وهو مجلس الإدارة التمثيل به متوازن وبه تنوع وتخصصية وبالتالى القرار الذى يصدر تشاركيا، والثالثة دائرة تنفيذ القرار ومعظمها من الشباب، متعلم، متدرب، وطنى، فلدينا خريجون من جامعة هارفارد الجامعة رقم واحد فى العالم، لدينا نحو 7 ممن حصلوا على دراسات عليا من ماجستير أو دكتوراه، وكذلك جامعة أكسفورد، هيوستن، جون هوبكينز، وجامعات أخرى، مديرو الفروع من الشباب، لديه طاقة للتحرك وتنفيذ القرارات المنضبطة والمتوازنة.

تشجيع مشاركة القطاع الخاص أحد توجهات الدولة، فكيف يظهر دوره فى المنظومة؟

الدولة المصرية تتبنى نهجًا واضحًا فى تشجيع القطاع الخاص على الدخول بقوة فى القطاع الصحى، ومنظومة التأمين الصحى الشامل تُعد إحدى أهم المساحات التى تتسع للتكامل بين القطاعين العام والخاص، ومن جانبنا بالهيئة نُرحب بمشاركة القطاع الخاص سواء كمقدم للخدمة أو كمطور للبنية التحتية أو كشريك فى التحول الرقمى، بل ونوفر بيئة تشريعية وتنظيمية تسمح بذلك، ونؤمن بالتكامل، ونرى أن القطاع الخاص شريك استراتيجى فى تحقيق حلم التغطية الصحية الشاملة، فالقطاع الخاص شريك أساسى لا يمكن الاستغناء عنه، لكن بضوابط المنظومة، والالتزام بمعايير الجودة القومية والاعتماد من قبل الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، الالتزام بلوائح الأسعار فلا سماح للفوضى فى تسعير الخدمات، والالتزام بتحقيق هدف المنظومة وهو رضاء المواطن.

من واقع متابعتك.. هل القطاع الخاص لديه الرغبة والإرادة الحقيقية فى المشاركة؟

الدولة والقيادة السياسية تعتبر القطاع الخاص قاطرة التنمية فى كل القطاعات، ولكن القطاع الخاص لن تتولد لديه الإرادة الحقيقية للشراكة إلا بعد رؤية نموذج ناجح لهذه الشراكة، ففى البداية فى بورسعيد كان هناك تخوف من قبل القطاع الخاص، لكن بعدما وجد لائحة أسعار مطبقة ونظاما إلكترونيا بدأ يشارك منها صيدليات وعيادات خاصة، لكن نريد تعظيم دوره واستثمار أكبر كبناء مستشفيات، والدولة عليها منح حوافز، لأن السوق المصرى فى احتياج، وكدولة يجب بناء نموذج ناجح لهذه الشراكة، فإذا كنا حققنا نظاما عادلا يحقق فرص تشارك مع القطاع الخاص، والدولة تمنح حوافز، وصدر قانون 87 لعام 2024 الخاص بالتزام المرافق، الخطوة المتبقية هى تدريب موظفى القطاع الحكومى على التعامل بلغة القطاع الخاص، والخطوة الرابعة هى بناء نموذج شراكة بين الدولة والقطاع الخاص ناجح يتم التسويق له لجذب مزيد من الاستثمارات عليه، فجذب الاستثمارات لا يكون على القانون وإنما على التطبيق.

برأيك.. هل نحن قادرون على ذلك؟

كهيئة رعاية صحية نجهز لإطلاق نموذج حقيقى أو موديل لشراكة الدولة مع القطاع الخاص، يمكن التسويق والبناء عليه، ومن المقرر الإعلان عن هذا النموذج فى بداية العام المالى الجديد.

المرحلة الأولى للمنظومة شملت 6 محافظات، كيف تقيم التطبيق بهذه المحافظات؟

المرحلة الأولى بدأت فى 26 نوفمبر 2019، والمرحلة الأولى من تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل والتى شملت 6 محافظات (بورسعيد، الأقصر، الإسماعيلية، جنوب سيناء، أسوان، والسويس)، تمثل حجر الأساس الحقيقى للمنظومة الجديدة، وكانت بمثابة اختبار عملى لقدرة الدولة المصرية على بناء نظام صحى حديث بمعايير عالمية، من الصفر، فى ظل التحديات الاقتصادية والجغرافية والاجتماعية، وبعد سنوات من التطبيق الفعلى، نستطيع القول إن التجربة نجحت بامتياز، وأثبتت أن الإرادة السياسية عندما تقترن بالحوكمة والالتزام المجتمعى، قادرة على إحداث تحول جذرى فى قطاع معقد كقطاع الصحة.

المحافظات الست أصبحت نماذج حية على أرض الواقع لما يجب أن تكون عليه الخدمة الصحية فى مصر الحديثة، سواء من حيث البنية التحتية، أو الكوادر، أو استخدام التكنولوجيا، أو التغطية الصحية الشاملة، وتقييمنا للمرحلة الأولى هو تقييم إيجابى للغاية، ويمنحنا ثقة كبيرة فى التوسع إلى باقى المحافظات، بنفس الكفاءة، ووفق خطة تدريجية مدروسة تضمن الاستدامة والعدالة والتكامل.

كم تبلغ نسبة التغطية بالمرحلة الأولى؟

المرحلة الأولى من منظومة التأمين الصحى الشامل استهدفت تسجيل أكثر من 6 ملايين مواطن فى 6 محافظات، واستطعنا الوصول إلى أكثر من 5 ملايين مستفيد، وهى نسبة تعكس ليس فقط الجاهزية الفنية والمؤسسية، بل وأيضًا ثقة المواطن فى المنظومة الجديدة وخدماتها.

كم تبلغ تكلفة المرحلة الأولى؟

بلغت التكلفة الاستثمارية الكلية للمرحلة الأولى أكثر من 53 مليار جنيه مصرى، وتم تنفيذ هذه المرحلة بدعم كامل من القيادة السياسية.

ماذا عن حجم العمل والخدمات المقدمة بالمرحلة الأولى؟

المرحلة الأولى من تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل جسدت تحولًا حقيقيًا فى مشهد الرعاية الصحية فى مصر، من خلال ما تحقق على مستوى حجم العمل والبنية التحتية وعدد الخدمات المقدمة للمواطنين. فقد تم إطلاق المنظومة فى 6 محافظات حتى الآن، وبلغ عدد المواطنين المسجلين بها نحو 5 ملايين مواطن، وتم تقديم ما يزيد عن 70 مليون خدمة طبية وعلاجية ضمن تغطية شاملة ومتكاملة، شملت خدمات طب الأسرة، الرعاية الأولية، التخصصات الدقيقة، والعمليات الجراحية المتقدمة، بواقع: أكثر من 22 مليون خدمة فى محافظة بورسعيد، نحو24 مليون خدمة فى الأقصر، نحو 16 مليون خدمة فى الإسماعيلية، أكثر من 2.5 مليون خدمة فى جنوب سيناء، نحو 2.5 مليون خدمة فى السويس، وقرابة 2.8 مليون خدمة فى محافظة أسوان.

هذا إلى جانب 37 مليون خدمة طب أسرة تم تقديمها من خلال منشآت الرعاية الصحية الأولية التابعة للهيئة، والتى بلغ عددها 328 منشأة صحية فى المحافظات الست.

وفيما يتعلق بالتدخلات الجراحية، فقد تم إجراء نحو 700 ألف عملية جراحية تحت مظلة التأمين الصحى الشامل، منها 35 فى المائة عمليات دقيقة وذات مهارة عالية، ما يعكس مدى تطور الخدمات الطبية المقدمة فى ظل المنظومة، كما تم تنفيذ أكثر من 3 ملايين فحص طبى شامل للمنتفعين، وفتح 5 ملايين ملف طبى إلكترونى موحد، فى إطار التحول الرقمى الذى تبنته المنظومة، إلى جانب إصدار 66 مليون وصفة طبية إلكترونية، وهو ما يعزز الكفاءة وسلامة الاستخدام الدوائي.

فالمرحلة الأولى بالكامل تم تشغيلها، بها كل الدروس المستفادة وهى التى أخرجت لنا الدليل أو «الكاتالوج» لباقى المراحل، استغرقت وقتا طويلا نسبيا لأنها شهدت تطبيق منظومة لأول مرة فى مصر، فكان لابد أن نعى كل الدروس والتعامل مع مختلف السيناريوهات حتى تكون المراحل المقبلة بها سرعة فى التنفيذ.

ما أهم التحديات التى واجهتكم خلال المرحلة الأولى وكيف تغلبتم عليها؟

أهم التحديات كانت إعادة حوكمة النظام الصحى ومعالجة التفتت فى تقديم أو تمويل الخدمة، إعادة مرة أخرى ثقة المواطن فى الخدمات الصحية الحكومية، تغيير ثقافة المواطنين فى تلقى الخدمة الصحية وفق رحلة مميكنة، تحدى أيضا تطبيق الميكنة على أرض الواقع، فما حدث فى جزء الميكنة مهم جدا، ونحن النظام الوحيد، باعتراف أكبر منظمة لميكنة النظم الصحية فى العالم «هيمس»، المميكن المتصل بشكل متكامل على مستوى إفريقيا.

هناك تحدٍ آخر يتعلق بفكرة مواجهة هجرة الأطباء وكيفية استيعاب احتياجاتهم وتحسين بيئة العمل والمقابل المادى بحوافز، فهم ثروة لا يجب الاستهانة بها، وتطبيق استراتيجية لاستبقاء الكفاءات وهذا تحدٍ كبير خاصة فى ظل معاناة العالم من ندرة فى الأطباء.

البنية التحتية أيضا تحدٍ، لكن القيادة السياسية لم تبخل فى ضخ استثمارات لتطوير القطاع الصحى، فخطة التأمين الصحى الشامل بانتهائها ستكون كل المنشآت الصحية فى مصر تم تطويرها، فلا توجد وحدة أو مستشفى لن يطوله التطوير، فتوجد وحدات ومستشفيات من العصور الملكية، فكان قرار القيادة السياسية بتطوير شامل للبنية التحتية الصحية سواء برفع الكفاءة أو الإنشاء الجديد أو بالإحلال والتجديد، طبقا لمعايير دولية بحيث تواكب خمسين سنة لاحقة، فالجيل فى المرحلة الثانية للبناء هو الجيل الخامس من الوحدات الصحية، سيكون بها تكنولوجيا أعلى من الجيل الرابع المتحقق فى المرحلة الأولى.

مقرر قريبا بدء التطبيق فى أسوان فماذا عنها، ومدى جاهزية المحافظة لاستيعاب «التأمين الصحى الشامل»؟

أسوان بالفعل دخلت مرحلة التشغيل التجريبيى، وقدمنا مليونين و800 ألف خدمة، وخلال شهر يوليو التشغيل الرسمى للمنظومة فى محافظة أسوان، وهى سادس محافظات المرحلة الأولى وآخرها، وثانى محافظات الصعيد التى تدخل تحت مظلة المنظومة بعد الأقصر، وهو ما يعكس التزام الدولة بمدّ التغطية الصحية الشاملة لكافة ربوع الوطن، لاسيما فى محافظات الجنوب.

ماذا تبقى من المرحلة الأولى؟

بدخول أسوان التشغيل الرسمى أول يوليو المقبل تكون المرحلة الأولى قد اكتملت.

وما الدروس المستفادة من المرحلة الأولى، وكيف سيتم مراعاتها فى المرحلة الثانية؟

من أكبر التحديات التى واجهتنا فى بداية تطبيق المنظومة كان طريقة تقديم الخدمة الصحية طبقًا لنظام التأمين الصحى الشامل الجديد، ففكرة منشآت طب الأسرة من وحدات ومراكز طب أسرة تعد نواة منظومة التأمين الصحى الشامل، فطبيب الأسرة يقدم 80 فى المائة من الخدمة الصحية التى يحتاجها المواطن، فكان على عاتقنا تغيير فكر المواطن بأهمية طب الأسرة ودوره وعدم التوجه مباشرة إلى المستشفى إلا فى الحالات الطارئة فقط، أو طبقًا لمنظومة الإحالة وفقًا للرأى الطبى لطبيب الأسرة باحتياج المنتفع إلى مستوى أعلى من الخدمة الطبية، هذا الفكر الذى أسهم فى تقليل الضغط على المستشفيات، وكان لدينا تحدٍ كبير فى تغيير ثقافة المواطن، أيضًا الطبيعة الجغرافية والخصائص الديموغرافية لسكان بعض المحافظات كما فى جنوب سيناء وأسوان كانت لهم طبيعة خاصة فى التخطيط الصحى السليم، وإعادة التخطيط الصحى نفسه يختلف من محافظة إلى أخرى، إلا أنه بتطبيق المنظومة فى مرحلتها الأولى وإعادة تخطيط القطاع الصحى على أساس علمى سليم شعر المواطن بالفارق. كل تحديات المرحلة الأولى كانت بمثابة فرص للتطوير، وقد حولناها إلى قصص نجاح على الأرض وستنعكس بشكل أكبر فى المرحلة الثانية، التى سنبدؤها مستفيدين من كل ما أنجزناه وواجهناه فى المرحلة الأولى.

ننتقل للحديث عن المرحلة الثانية والتى تستهدف نحو 12 مليون مواطن أى ضعف المرحلة الأولى، وهى تحدٍ كبير خاصة أنها محافظات مليونية فكيف تستعدون لهذا التحدى، ومتى ستكون البداية وبأى محافظة؟

محافظات المرحلة الثانية 5 محافظات هى: مطروح وشمال سيناء ودمياط وكفر الشيخ والمنيا، وسنبدأ بإطلاق المنظومة فى محافظة مطروح خلال سبتمبر 2025، وفى شمال سيناء خلال ديسمبر 2025 ، ومع بداية عام 2026 سيتم بدء تشغيل المنظومة فى محافظتين أخريين، فالتطوير يسير بالتوازى فى كل المحافظات، وتتضمن الخطة المرحلة الثانية محافظتين مليونيتين، هما المنيا لزيادة الخدمة لأهلنا بالصعيد وكفر الشيخ ليروا لأول مرة نموذج التأمين الصحى الشامل.

كم تبلغ تكلفة التطبيق فى المرحلة الثانية، وما المدة الزمنية التى ستستغرقها؟

المرحلة الثانية، والتى تشمل أكثر من محافظة مليونية، فى إقليم الدلتا والصعيد قُدِّرت تكلفتها المالية بحوالى 115 مليار جنيه، وبحسب ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء، من المستهدف الانتهاء من تنفيذ المرحلة الثانية خلال عامين، وهى فترة طموحة، ولكنها واقعية بفضل ما تم بناؤه من بنية مؤسسية قوية، وخبرة تنفيذية تراكمية، وهو ما يعكس إرادة الدولة السياسية القوية والإصرار على التسريع من وتيرة الإصلاح الصحى الشامل فى مختلف المحافظات، فالموضوع يسير بشكل مختلف، ويتم العمل على أكثر من محور بالتوازى، بحيث يتم الانتهاء من التطبيق فى المحافظات الخمس بشكل كامل ودخولها بشكل رسمى خلال العامين المقبلين، أيضا خلال هذه الفترة سيتم بدء التطوير فى المرحلتين الثالثة والرابعة، فالتحرك سيكون فى مسارات متوازية، فلدينا مجموعة عمل وفريق كبير من الخبراء يدرسون كيفية تسريع وتيرة التطبيق.

كيف سيتم ذلك؟

من خلال العمل فى مسارات متوازية فى المحافظات فى المراحل المختلفة أثناء تنفيذ المرحلة الأولى، بدليل بدء التنفيذ فى المرحلة الثانية بعد شهرين فقط من انتهاء المرحلة الأولى، أيضا تم الانتهاء من البنية التحتية فى سوهاج وقنا.

وما تحديات المرحلة الثانية، وهل تتوقع أنها ستختلف عن الأولى؟

نحن هنا أمام واقع مختلف نوعيًا، فالمحافظات المستهدفة فى هذه المرحلة هى محافظات مليونية كثيفة السكان مثل المنيا وكفر الشيخ، وهو ما يتطلب تخطيطًا صحيًا أكثر دقة، وتدخلات تنظيمية متقدمة تضمن الوصول العادل للخدمات الصحية لكل الفئات، وأريد أن أشير هنا إلى أننا لا نتعامل مع المرحلة الثانية باعتبارها «نسخة مكررة» من المرحلة الأولى، بل نراها تطورًا نوعيًا ومؤسسيًا للمنظومة بأكملها، ونعمل من خلالها على تثبيت قواعد الاستدامة، والجودة، والتحول الرقمى، بما يليق بمستقبل الجمهورية الجديدة.

المحافظات المليونية تحدٍ كبير كيف سيتم التعامل معه خلال المرحلة الثانية؟

من خلال محاور كثيرة بدءا من البنية التحتية، فيتم الاعتماد على نموذج التوسع الرأسى لاستيعاب أكبر عدد من المواطنين، فيتم عمل نظم مبتكرة لوحدات الرعاية الأولية «نموذج التاور أو النموذج البرجي»، أيضا عمل نموذج مجمعات العيادات الكبرى لأول مرة نظرا لأن العدد كبير على عيادة المستشفى، والمجمع التشخيصى يقدم كل الخدمات التشخيصية من تحاليل وأشعة، ففى المرحلة الأولى قدمنا خمسة نماذج، نموذج الوحدة ومركز طب الأسرة والمستشفى المتعدد التخصص والمستشفى أحادى التخصص والمجمع الطبى، ولمواجهة تحدى العدد ستضاف النماذج الجديدة لهذه النماذج، أيضا سيتم التوسع فى خدمات جديدة ستطلق لأول مرة، منها إطلاق «كول سنتر» جديد برقم 15305، لتقليل الضغط على الرقم الحالى خاصة مع دخول ملايين، هذا إلى جانب تقديم خدمات استشارية طبية عن بُعد، وهذا يخفف الضغط عن الوحدات الصحية، التى خففت الضغط على المستشفيات، أيضا تقديم خدمات منزلية بمقابل رمزى فنموذج الرعاية المنزلية نموذج كبير سنطلقه من خلال هذا الرقم.

فى أكثر من لقاء يتحدث الرئيس «السيسي» عن ضغط البرنامج الزمنى لتطبيق المنظومة، حدّثنا عن هذا الأمر، وكيف سيتحقق ذلك؟

بالفعل تم ضغط الجدول الزمنى لمشروع التأمين الصحى الشامل لثلثى المدة المقررة له، فبحلول 2030 يتمتع كافة المواطنين بإذن الله بالتغطية الصحية الشاملة.

السياحة العلاجية أيضا هدف مهم فكيف تدعمونه وتسوقون له؟

استقبلنا حالات علاجية من 97 دولة حول العالم ضمن برامج السياحة العلاجية، حيث بلغ عدد المرضى الأجانب أكثر من 25 ألف سائح علاجى، ولهم سيستم إلكترونى، ونجحنا فى تقديم خدمات طبية متخصصة وعالية الجودة، وذلك تحت مظلة العلامة التجارية «نرعاك فى مصر»، مع الالتزام بأعلى معايير الجودة والاعتماد الدولى، كما تعاقدنا مع 25 شركة تأمين طبى أجنبية وذلك لتسهيل استقطاب الأجانب للعلاج فى منشآتنا وفق أحدث برتوكولات العلاج العالمية، وحققت السياحة الصحية إيرادات نحو 5 ملايين دولار، حيث شهدت إيرادات السياحة العلاجية تضاعفًا ثلاثيًا مقارنة بالفترات السابقة.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة