رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مينا مسعود: حققت حلم التمثيل داخل مصر.. «فى عز الضهر» ..!


28-6-2025 | 13:52

الفنان العالمى مينا مسعود

طباعة
حوار: سما الشافعى

لم يأتِ إلى مصر حاملًا معه «البساط السحرى»، وقبل ذلك لم تهبط عليه الفرصة من السماء، بل على العكس تمامًا، يمتلك الفنان مينا مسعود، مسيرة حافلة بالعديد من التحديات، والتى استطاع «مينا»، الذى عرفه العالم بدور «علاء الدين» فى النسخة الحيّة التى قدّمتها ديزنى عام 2019 تجاوزها جميعًا.

«مينا»، هو واحد من تلك الوجوه التى لا تكتفى بالصعود، بل يسعى للتعبير عن قضايا وجذور هوية وطنه، ومن بطولة عالمية فى «علاء الدين» إلى بطولة سينمائية مصرية يتحول حلم مينا إلى واقع، ليخطو أولى خطواته فى السينما المصرية من خلال فيلمه «فى عز الظهر».

«المصور»، التقت «مينا» الذى تحدث عن رحلته ولحظات الانتصار التى لا تُقاس بحجم الإيرادات، حيث أكد النجم الكندى ذو الأصول المصرية، على سعادته فى أول عرض سينمائى مصرى له، بعد تأجيل دام لأكثر من أربع سنوات، مشيرًا إلى أن التمثيل فى وطنه الأصلى بالنسبة له حلم تحقق.. فإلى نص الحوار :

 

بداية.. بعد النجاح العالمى الذى حققته بمشاركتك فى فيلم «علاء الدين»، ما الذى دفعك لخوض تجربة سينمائية مصرية من خلال «فى عز الظهر»؟

قد يرى البعض أن مشاركتى فى فيلم مصرى بعد تجربة عالمية مثل تجربة فيلم «علاء الدين» هو تراجعًا، إلا أننى شخصيًا رأيت فيها عودة إلى الجذور، وذلك لأن السينما المصرية ليست غريبة عن وجدانى، بل تمثل جزءًا من هويتى، وحين قرأت سيناريو الفيلم وجدت أن دورى به يعبر عنه شخصية تحمل تعقيدًا نفسيًا نادرًا، حيث أُجسد شخصية زعيم عصابة لديه ماضٍ ثقيل وصراع داخلى مستمر، وفى الحقيقة هذا النوع من الأدوار يستهوينى ويدفعنى إلى استكشاف أعماقى كممثل.

يرى البعض هنا أنك واجهت تحديًا واضحًا فى التمثيل باللغة العربية وتحديد اللهجة المصرية، كيف تعاملت مع ذلك؟

اللغة واللهجة كانت بالفعل التحدى الأكبر، ورغم أننى أفهم اللغة العربية جيدًا، لكنى لا أُجيد التحدث بها بأداء تمثيلى دقيق، ولذلك لم يكن الأمر سهلاً، وهو ما دفعنى للاستعانة بـ«مدرب لهجة»، وكنت أُسجل الجمل وأكررها مرارًا حتى أُتقن النطق والإحساس، وكان الأمر فى بدايته أشبه بتعلم النطق من جديد.

ما الفرق فى التصوير بين القاهرة وروما؟

روما مدينة منضبطة ومنظمة، لكن غير مسموح هناك بالعفوية أو الارتجال، أما القاهرة فهى نابضة وعفوية، حين كنا نصور فى شوارعها، حيث كان يندمج المارّة فى المشهد وكأنهم جزء منه، فنحن فى مصر لا نمثل فحسب، بل نعيش داخل المشهد، وهذا الشعور لا يمكن نقله بالكلمات، بل نلمسه دائمًا من خلال التجربة.

هل وجدت أن الشخصية التى جسدتها فى الفيلم تحمل شيئًا منك؟

بالطبع شخصية «حمزة» تُشبهنى فى تفاصيل نشأته خارج مصر وعاد إليها بعد سنوات طويلة، وأنا أيضًا وُلدت ونشأت فى كندا، لكن دائمًا أشعر بالانتماء لمصر، وإلى حد بعيد أرى أن الشخصية التى أديتها ليست بطلاً نمطيًا ولا شخصًا شريرًا إطلاقاً، بل مزيج معقد من التناقضات، لديه قرارات صعبة وماضٍ يطارده، وهذا التشابك النفسى أقرب ما يكون إلى واقع الإنسان المعاصر، ربما لهذا السبب شعرت أننى أقدم جزءًا منى دون أن أشعر فى أعماق الشخصية.

خلال فعاليات العرض الخاص لفيلمك «فى عز الضهر»، كيف رأيتِ استقبال الجمهور المصرى للفيلم؟

كان إعجاب الجمهور المصرى بالفيلم والاحتفاء بى إحساساً كبيرًا لا يمكن وصفه، بل شعرت بدفء عظيم، حيث رحّب الجمهور بى وكأننى أحدهم، حتى الانتقادات التى وُجِهت لى فيما يخص اللهجة أو بعض جوانب الأداء كانت نابعة من محبة، وحينها لم أشعر بالغربة، بل شعرت بالانتماء، وكان لذلك أثر عميق فى نفسى، ورأيت أن الوصول إلى تلك اللحظة التى أرى فيلماً مصرياً لى على الشاشة مع الجمهور المصرى هو حلم تحقق بالنسبة لى، وذلك لأن التمثيل فى مصر كان دائمًا حلمى، منذ أن كنت صغيرًا وقبل أن أُجسد بطولة فيلم «علاء الدين».

هل شجعتك تجربة «فى عز الضهر» على تكرار العمل فى السينما المصرية؟

بالطبع شجعتنى بلا شك، لكننى أطمح مستقبلاً إلى خوض مشروعات ذات طابع إنسانى وفكرى أعمق، بل أتمنى أن يناقش الورق قضية تلامس أبناء وطنى بشكل حقيقي، وأُريد أن أؤدى أدوارًا تمس الجمهور وتعبّر عن قضايا الهوية، الهجرة، والانتماء، وواثق أن السينما المصرية قادرة على ذلك، فمازال لدى شغف أن أكون جزءًا من هذه النوعية من الأعمال.

ما الفارق الذى لمسته بين آليات العمل فى هوليوود وصناعة السينما فى مصر؟

أعتقد أن الفارق الأكبر يكمن فى عنصر التنظيم، حيث إننا فى هوليوود كل شيء مضبوط بدقة، من مواعيد التصوير إلى آليات الإضاءة وحتى طعام الفريق، أما فى مصر، فهناك مرونة شديدة، وأحيانًا «فوضى محببة» تفتح المجال للارتجال والإبداع اللحظى، لكل نظام جماله وتحدياته، لكن ما يُميز مصر هو الدفء الإنسانى فى مواقع التصوير.

ما المواقف التى لا تُنسى بالنسبة لك هنا فى مصر خلال تصوير الفيلم؟

هناك موقف طريف حدث أثناء تصوير أحد المشاهد الخطيرة فى الشارع المصرى، حيث ظن أحد المارّة أننا نواجه مشكلةً حقيقيةً، فدخل فى المشهد محاولاً المساعدة حيث كان الأمر كوميديًا ومؤثرًا فى آن واحد وشعرت حينها بمدى تفاعل الناس العفوى مع ما نقدمه، بل شعرت أيضًا بإنسانية وشهامة المصريين التى لم ألمسها بهذا الشكل فى أى مكان فى العالم.

بصراحة.. هل كنت تتدخل فى تطوير ملامح شخصيتك التى قدمتها خلال أحداث فيلمك «فى عز الضهر» ؟

بالطبع طلب منى المخرج أحمد عبدالله صالح مساحة كبيرة للاقتراح والتطوير، وبناء عليه أضفت بعض التفاصيل للشخصية من تجربتى الخاصة، مثل نبرة الصوت فى لحظات التهديد، والتردد فى نظرات العيون، وحتى طريقة المشى، بل كنت حريصًا على ألا يظهر البطل «كليشيهًا»، بل إنسان يتألم رغم قسوته.

هل تنوى الاتجاه للكتابة أو المشاركة فى تأليف عمل عربى مستقبلاً؟

أتمنى هذا ولدى أفكار تدور فى ذهنى منذ فترة عن الهوية والشتات والمصير، بل أطمح لكتابة سيناريو يجمع بين الحكاية المصرية والعالمية، وأتمنى ترك عمل يلمس كل مَن عاش تجربة الهجرة أو فقدان الوطن، وأرى أن الكتابة بالنسبة لى حلم مؤجل، لكنه آتٍ.

إلى أى مدى تعتبر مشاركتك فى هذا الفيلم خطوة نحو بناء جسر بين السينما المصرية والغربية؟

أعتقد أنها بداية رمزية، لأننا فى حاجة إلى مزيد من التعاون بين السينما المصرية والسينما الغربية، وذلك لأن الفن وسيلة عظيمة تستطيع فتح قنوات التفاهم بين الشعوب وأرى أن الفنون هى أسرع رسالة ووثيقة سلام إنسانية فى العالم، وأنا مؤمن بأن السينما المصرية تمتلك مواهب وإمكانات رائعة، ويمكننا أن نقدم أعمالًا تلامس العالم كله إذا توافرت الرؤية.

ما رؤيتك للفن العربى بكل أشكاله فى المشهد العالمى اليوم؟

أرى أن هناك نهوضًا واضحًا، لكن الطريق لا يزال طويلاً، الفنانون العرب يثبتون يومًا بعد يوم أن لديهم طاقات مذهلة، وأنهم ليسوا مجرد امتداد لصور نمطية، والمشكلة ليست فينا، بل فى عدسة العالم التى لم تتعوّد بعد على رؤيتنا خارج القوالب المعهودة، وأعتقد أن دورنا اليوم هو الاستمرار فى العمل الجاد، وتقديم قصصنا بأنفسنا، لا أن ننتظر مَن يكتبها لنا.

دعنا نعود إلى الطفولة.. ما أول ذكرى فنية علقت بذهنك؟

أتذكر جيدًا أن أول مرة انجذبت فيها إلى التمثيل كنت أتابع فيلمًا مصريًا مع والدَيّ، كان «أبيض وأسود» لا أتذكر اسمه، لكننى أذكر وجوه الممثلين، وتأثير أدائهم عليّ، كانت لحظة أشبه بالسحر، بدأت أن أقوم بتقليدهم أمام المرآة، وكنت أكتب مشاهد قصيرة وأؤديها فى غرفة المعيشة، ربما كانت البذرة الأولى لاكتشافى الفنى من خلال مسرح المدرسة، حيث كنت دائمًا أشارك فى العروض، ليس فقط بدافع الشغف، بل لأننى كنت أجد فيها مساحةً لأكون شخصًا آخر، أو ربما لأكتشف مَن أنا حقًا.

كيف كانت نشأتك بين ثقافتين مختلفتين، هل شكل ذلك ضغطًا أم فرصة؟

مزيج من الاثنين لكنه كان الأمر فى البداية غريبًا ومرهقًا ذهنيًا، حيث إننا فى المنزل كنا نتحدث العربية ونعيش أجواء مصرية خالصة، لكن فى الخارج، كان على أن أكون «كنديًا» فى طفولتى، وكنت أحاول جاهدًا أن أُرضى الصورتين، وهذا استنزفنى نفسيًا فى مراحل معينة، لكن مع الوقت، أدركت أن هذه الازدواجية هى مصدر قوة وليست ضعفًا، وأشعر بأننى أصبحت أرى العالم من زاويتين، وأفهم البشر بشكل أعمق، وهذا الانقسام بين الثقافتين علّمنى كيف أجمع المتناقضات وأحوّلها إلى أدوات فنية.

كنت قد ذكرت أن أول علاقتك بالفن كان من خلال مسرح المدرسة.. هل من الممكن أن تجسد عملاً حقيقيًا على خشبة المسرح المصرى؟

المسرح هو الأصل، هو المكان الذى بدأت فيه، وهناك شعور لا يمكن أن يُوصف حين تقف أمام جمهور حيّ، وتسمع أنفاسه، وترى تفاعله اللحظى، بل أنا أشتاق إلى خشبة المسرح هنا فى مصر، وأتمنى أن أقف عليها قريبًا، ربما فى مشروع يجمع بين التقاليد الغربية والعربية، وأتمنى أن أجد «نص هجين» يمثلنى ويشبهنى.

بمن تأثرت من الفنانين العرب الذين كانوا مصدر إلهام لك خلال مسيرتك؟

بالفعل هناك كثيرون من مصر، بل كان قدوتى الدائمة هو النجم الراحل عمر الشريف، فكم كنت أتمنى أن أكون نجمًا مصريًا عالميًا مثله، وكنت معجبًا دائمًا بأحمد زكى، وجرأته فى اختيار أدواره، كذلك أحب الفنان الراحل محمود عبدالعزيز، ويسرا، وهند صبرى، وهؤلاء الفنانون لم يكتفوا بتمثيل النص، بل عاشوا الشخصيات لذلك تأثرت بهم، وتأثرت أيضًا ببعض التجارب الحديثة فى السينما المستقلة، التى تُقدّم قصصًا إنسانية عميقة دون تجميل.

كيف ترى مستقبل السينما المصرية فى ظل ما يحدث من تحولات؟

أعتقد أن السينما المصرية تمرّ بمرحلة إعادة اكتشاف، وهناك تحديات، لكن هناك أيضًا أصوات جديدة، وتجارب تخرج من القلب، إذا وجد الشباب الدعم والحرية، أظن أنهم سيكونون قادرين على إحياء عصر جديد من السينما، والمهم ألا نخاف من المغامرة، وألا نبقى أسرى للماضى.

إذا خُيّرت بين الشهرة والاستقلالية الفنية، ماذا تختار؟

أختار دومًا الاستقلالية، حتى لو تأخرت الشهرة، بالنسبة لى، لأنى مؤمن بأنه لا قيمة للنجاح إذا لم يكن على طريقتى وقناعاتى، وأريد أن أقدّم أدوارًا تؤمن بها روحى، لا أدوارًا تُملى عليّ، ولذلك، بدأت فى إنتاج مشاريعى الخاصة، وكتابة ما لم أجد من يكتبه.

ما الدور الذى تحلم بتقديمه ولم يتحقق بعد؟

أُريد أن أؤدى دور شاعر أو مفكر عربى فى لحظة سياسية عصيبة، وأريد أن أغوص فى عمق الإنسان العربى، وأحلم أيضًا بدور فى فيلم خيال علمى يمثل العالم العربى ضمن سردية كونية، نحن جزء من هذا العالم، ويجب أن نُرى كذلك.

كيف استقبل الجمهور العربى ظهورك فى فيلم «علاء الدين»؟

كانت ردود الفعل مزيجًا بين الفخر والدهشة، البعض لم يكن يصدق أن شابًا عربيًا من أصول مصرية سيجسد علاء الدين فى فيلم عالمى، و الرسائل التى تلقيتها خلال عرض فيلم «علاء الدين» كانت مؤثرة جدًا، و هناك من قالوا لى إننى جعلتهم يشعرون بالفخر بعربيتهم ومصريتهم بسببى وهذا وحده يكفينى.

بعد نجاح فيلم «علاء الدين» هل تغيّرت نظرتك لهوليوود؟

إلى حدّ ما نظرتى تغيرت لأفلام هوليوود، حيث إننى اكتشفت أن النجاح لا يفتح الأبواب بالضرورة، بل لا يكفى لأن تنجح، بل يجب أن تُطالب بحقك فى الاستمرار، وبعد الفيلم، توقعت عروضًا ضخمة، لكن الواقع كان مختلفًا ولم يتم التنفيذ بسبب قناعاتى ورغبتى فى ترك عمل إنسانى خلفى، لذلك قررت أن أخلق مساحتى الخاصة، وألا أُقاس فقط بما يُعرض عليّ، بل بما أُنتجه وأكتبه.

أرى فى حديثك عن العالمية أن العمل داخل مصر أصبح أولوية بالنسبة لك.. كيف تصف علاقتك بمصر اليوم؟

علاقتى بوطنى الأم «مصر» هى علاقة عاطفية عميقة، أزورها كلما استطعت وأرتبط بالمكان والناس واللهجة، بل أشعر أننى مدين لمصر، ولهذا أسعدنى كثيرًا أن أشارك فى فيلم مصرى.

ما طبيعة الشخصية التى تطمح فى تجسيدها خلال الفترة القادمة؟

أطمح لتجسيد شخصية فلسفية أو فكرية، ربما عالم عربى فى لحظة شك أو انهيار، أو لاجئ يبحث عن معنى فى مكان لا ينتمى إليه، الأدوار التى تستفز الوعى قبل العاطفة هى ما أبحث عنه، بل أتمنى أن أُجسد أعمالاً هادفة تبرز شكل ومظهر بلدى الإيجابية.

ما رأيك فى تحولات السينما المصرية اليوم؟

أرى أن هناك تحولات مشجعة، بل إن هناك جيلاً جديدًا من المخرجين والكتاب يطرح قضايا جديدة وتتناول الشخصيات من زوايا إنسانية مختلفة، ونحن حاليًا نحتاج إلى صناعة تحتضن هذا التطور وتدعمه من حيث التمويل والتوزيع والرؤية بعيدة المدى.

ما الذى تغير فى شخصيتك كممثل بعد تجربة فيلمك «فى عز الضهر»؟

أصبحت بعد هذا الفيلم أكثر وعيًا بتفاصيل الشخصية وخصوصية الجمهور، تعلمت أن التعبير لا يقتصر على اللغة واللهجة، بل النظرة، الإيقاع، والصمت أحيانًا، بل زادت علاقتى بجسدى وصوتي، وازداد احترامى لثقافة الأداء فى كل بيئة.

وما رسالتك الأخيرة للجمهور العربى؟

أشكرهم من القلب على هذا الاحتضان الصادق، فإن رسائلهم وكلماتهم ودعمهم المستمر يمنحنى دافعًا للاستمرار، و أعدهم بأن أكون صادقًا فى كل عمل أقدّمه، وأن أحاول دائمًا بأن أكون صوتًا حقيقيًا لمن يعيشون فى مناطق التقاطع مثلى.

 

الاكثر قراءة