رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

سلطنة عُمان.. 55 عامًا من النهضة والتنمية


23-10-2025 | 17:43

.

طباعة
بقلم: أحمد النبوى

منذ صغرى وهناك ارتباط بينى وبين سلطنة عمان فأبى لم يحضر ولادتى لأنه كان معارًا فى سلطنة عمان فى بداية السبعينيات كمعلم رياضيات، وأذكر أننى عندما كنت طفلا صغيرا كنا نقوم بتسجيل شريط كاسيت لإرساله إلى والدى بالبريد، وكان كل فرد من العائلة يقول كلمة بالتسجيل، ومازالت تلك الشرائط موجودة حتى يومنا..

ومع مرور سنوات الطفولة ارتبطت معى السلطنة بالألعاب والهدايا التى كان يحضرها أبى لى ولإخوتى ولأطفال العائلة بالكامل، والتى كانت تتميز بأنها لا يوجد مثيل لها فى مصر والتى مازالت تعمل بكفاءة رغم مرور أكثر من نصف قرن،

 

وأذكر مثلا جهار الجرامافون الكهرباء على شكل حقيبة تفتح فتجد أن الظهر عبارة عن سماعات الصوت، ويحتوى بالإضافة إلى مشغل الأسطوانات إلى راديو وجهاز كاسيت، وكان هذا الجهاز فى بداية السبعينيات تقدما تكنولوجيا هائلا لا مثيل له فى مصر فهو كما نقول (ثلاثة فى واحد) وليس معنى كلامى يتلخص فى الانبهار بتلك التكنولوجيا المتقدمة- مع الوضع فى الاعتبار أن مصر فى تلك الحقبة كانت فى حالة حرب الاستنزاف ووفاة عبدالناصر وتولى السادات مقاليد الحكم ومن بعدها حرب أكتوبر المجيدة - ولكنه دليل على مدى انفتاح السلطنة فى تلك الفترة فى بداية نهضتها على يد السلطان قابوس بن سعيد، رحمه الله، والذى تولى الحكم يوم 23 يوليو 1970 وهو اليوم الذى يعد احتفالا فى أغلب الدول العربية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو 52 فى مصر، والتى ساندت كل الدول العربية فى نيل الاستقلال.

ومن الذكريات التى لا أنساها أن والدى بعد عودته من السلطنة لم تنقطع علاقاته مع زملائه أو طلابه هناك بمجموعة من الصور والذكريات، بل كانت الخطابات دائمة التواصل على مدار سنوات، وبعد أكثر من عقدين جاء لوالدى خطاب من أحد طلابه يخبره أنه أصبح وزيرًا فى السلطنة ولا تتخيل عزيزى القارئ كم كانت سعادة والدى بهذا الخبر، ولكنه يعبر بحق عن عمق العلاقات بين الشعبين المصرى والعمانى، التى طالما حدثنى أبى عنها وكيف أن الشعب العمانى طيب ويعشق كل ما هو مصرى، وهنا أتذكر حديث الكاتب الصحفى الكبير الراحل عبدالعظيم مناف، رئيس مجلس إدارة الموقف العربى لى عن السلطنة، والتى عمل بها لسنوات فى منصب رسمى فى عهد الرئيس عبدالناصر، وكان حديثه بكل الحب من القلب عن السلطنة وذكرياته هناك وعن عمق العلاقات التى تربط بين البلدين وأن السلطنة موقفها من مصر لم يتغير على مدار عقود طويلة، ودعمت مصر فى حرب أكتوبر حتى بعد اتفاقية كامب ديفيد لم تتأثر العلاقات مع مصر، كما فعلت الكثير من الدول العربية.

وهنا يذكر التاريخ أن السلطان قابوس له مواقف مشرفة طوال فترة حكمه لمساندة مصر، وخاصة فى حرب أكتوبر عندما أصدر مرسومًا خلال الحرب بالتبرع بربع رواتب الموظفين لدعم مصر، وإرسال بعثتين طبيتين عُمانيتين لمصر، ولم يقتصر الدعم على الحرب فقط، ولكن باستمرار العلاقات مع مصر رغم المقاطعة العربية ردا على اتفاقية السلام فى ذلك الوقت، وكان السلطان قابوس محبا لمصر، لذا عندما بدأ عصر النهضة فى السلطنة كان المصريون عنصرا أساسيا يعتمد عليهم فى كل المجالات، لذا لا تعجب عندما نجد كلمات خالدة قالها السلطان قابوس عن مصر فى ذكرى العيد الوطنى للسلطنة قال فيها:

«ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر عنصر الأساس فى بناء الكيان والصف العربي، ولم تتوان يوما فى التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام»..

هذه الكلمات هى عقيدة ممتدة عند القيادة السياسية فى السلطنة، لذا لا تعجب عندما تعلم أن سلطنة عمان ليس لها أى خلافات مع أى دولة أخرى فهى تعمل منذ عقود على تأسيس دولة عصرية تهتم بالمواطن، واليوم استطاعت أن تواصل التنمية وتواكب التقدم التكنولوجى والعلمى ومع تولى السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم فى يناير 2020 خلفا للسلطان الراحل قابوس بن سعيد وهو يسير على نهج التنمية، واتباع سياسة متوازنة ومعتدلة مع دول العالم بجانب العلاقات الأخوية مع مصر، وهو الأمر الذى وضح جليا فى زيارته إلى مصر أو زيارة الرئيس السيسى للسلطنة أو التشاور الدائم بين الرئيس السيسى والسلطان هيثم من خلال الاتصالات التليفونية لبحث العديد من الأمور السياسية بالمنطقة أو بتعزيز التعاون بين البلدين ولم يتوقف الأمر على الزعمين، بل شاهدنا جميعا الزيارات المتبادلة بين السيدة انتصار السيسى وحرم السلطان هيثم، سواء فى مصر أو سلطنة عمان، وهو ما يعكس عمق العلاقات الأخوية التى تربط بين البلدين وبين القيادة السياسية أيضا وعلى المستوى الشخصى.

أتابع أخبار السلطنة وما تشهده من مواكبة التقدم فى العالم ومنها إطلاق أول قمر صناعى عُمانى مسجل باسم السلطنة لدى المنظمة الدولية للاتصالات، ويختصُّ بتقنيات الاستشعار عن بُعد ومراقبة الأرض ومُعزز بتقنيات الذّكاء الاصطناعى..

بالإضافة إلى مشروع مدينة السُّلطان هيثم أول مشروع ذكى ومستدام بصفته مدينة متكاملة فى سلطنة عُمان وغيرها من المشروعات الثقافية التى تشتهر بها السلطنة.

و«مجمع عُمان الثقافي» الذى يعد واجهة فنية وثقافية بمستويات عالية وإنجازًا حضاريًّا وثقافيًّا وعلميًّا وفكريًّا، ويجمع ثلاث مؤسسات وطنية مهمة فى منشأة واحدة، هى (المسرح الوطنى، والمكتبة الوطنية، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية)، ليكون بمثابة مساحة حيوية مخصّصة لجمع وحفظ وعرض الفنون والثقافة الحيّة والتاريخية والمعاصرة فى سلطنة عُمان ولا ننسى أن السلطان هيثم كان وزير التراث والثقافة فى السلطنة من عام 2002 إلى عام 2020، وهو الأمر الذى انعكس على التقدم الثقافى بالسلطنة، وكان من نتائجه فوز الكاتب زهران القاسمى بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية عن روايته «تغريبة القافر»، التى فازت بجائزة الدورة لعام 2023 ومن قبله الكاتبة جوخة الحارثى أول كاتبة عربية تفوز بجائزة البوكر الدولية للرواية المترجمة عن روايتها «سيدات القمر».

أخبار الساعة

الاكثر قراءة