أهدتنى الفنانة إلهام شاهين أحدث كتاب صدر عنها، والذى أصدرته الجمعية المصرية لكُتَّاب ونُقَّاد السينما، من خلال مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر الأبيض المتوسط فى الدورة 39. ورئيس مجلس إدارة الجمعية الصديق والكاتب الصحفى الأمير أباظة.. ورئيس تحرير الكُتب التى تصدُر عنها الصديق الدكتور محمد مصطفى هنداوى.
والكتاب كتبه الناقد السينمائى المعروف غزير الإنتاج والحضور أشرف غريب. وعنوان الكتاب: سر النجاح، خلطة إلهام شاهين. والمؤلف يُهدى كتابه للساعين للبحث عن أسباب النجاح والحِفاظ عليه: هاكم هذه التجربة الفنية والإنسانية المُلهمة لعلها تكون زادًا لكم فى هذا السعى النبيل.
أما ما قاله عنها فى الكتاب فهو يرى أنها أكثر بنات جيلها جرأة فى التعبير عن آرائها والدفاع عن مواقفها. بعض صديقاتها اتهمنها بالتهور. وهى لا تُنكر اندفاعها فى مواقف عِدَّة.. لكنها لا تُبالى أو تخاف طالما آمنت بما تفعل.. وما زلنا نذكر لها موقفها الذى سوف يسجله لها التاريخ حينما امتلكت زمام المبادرة واختارت المواجهة فى وقتٍ كانت فيهم فاصل الدولة المصرية فى يد أُناسٍ يكرهون الفن والإبداع.. ويفسرون الدين على هواهم، وينصبون أنفسهم قُضاةً وجلادين فى مجتمع يرونه كافرًا وخارجًا على القانون، ما دام لا يسير وفق السمع والطاعة ولا يخدم مشروعهم الأكبر.
فى هذه الأجواء المتربصة بالفن والإبداع والمحتقنة بأسباب الانفجار، والمُلبدة بغيوم الرِدَّة والجمود عام 2013، قالت إلهام شاهين:
- لا.
جهرت بها بشجاعة فى وجه هؤلاء الذين ظنوا خطأً أنهم فوق الجميع، وأن إرادتهم هى الغالبة. وقانونهم هو السائد. وما عاداهم أو من عاداهم لا محالة بائد.
كان من الممكن أن تلتزم إلهام الصمت تجاه الهجوم الذى شنه أحد أبواق الرجعية والظلام مثلما يفعل الآخرون فى مثل تلك الأجواء المليئة بالعواصف.. كان من الممكن لها أن تكتفى بدعم نقابتها ومساندة زملائها. وكذلك أن تخوض معركة إعلامية تكشف فيها ألاعيب وزيف هؤلاء.
لكنها لم تلتزم بالصمت، ولم تكتف بدعم نقابة المهن التمثيلية وزملائها الفنانين.. ولم تتوقف عند حدود مخاطبة الرأى العام عبر وسائل الإعلام. وإنما قررت بجانب ذلك اللجوء للقضاء فى وقتٍ كان فيه القضاء وفى درجته الأولى قد حكم على الفنان عادل إمام بالحبس لمدة ثلاثة أشهر، بتهمة ازدراء الدين الإسلامى فى أعماله الفنية.
ومن ثم كان اللجوء إلى القضاء محفوفًا بالمخاطر ومغامرة قد تُكلِّف صاحبها الكثير لكن إلهام فعلتها ورفعت أكثر من دعوى ضد ذلك الرجل الذى أساء إليها، واضعة ثقتها الكاملة فى القضاء المصرى النزيه ومتحملةً فى سبيل ذلك كل الدعاوى التى أرادت تشويه سمعتها والنيل من اسمها وتاريخها.
وانتصرت إلهام وتوالت أحكام القضاء لصالحها، وانحازت العدالة الشامخة لقيم الحرية والجمال. كسبت إلهام شاهين معركتها إذن، وسجَّلت موقفًا شُجاعًا لم ينسه لها تاريخ الفن والإبداع. بل وسوف يسجله كل من يتصدون لاحقًا فى تاريخ الشعب المصرى.
لقد أدركت إلهام شاهين أن المعركة هذه المرة لم تكن معركة شخصية. وأنها لم تكن المقصودة فى ذاتها بذلك الهجوم السافر.. وإنما هى فى جوهرها بين النور والظلام.. بين الاستنارة والجهل.. بين الحرية والجمود. معركة كان لابد للدولة الميدانية المرجوة أن تحقق فيها انتصارًا واضحًا لا لبس فيه. إذا كانت تريد أن تبقى هدفًا دائمًا فى نفوس كل المصريين.
ولا أبالغ إذا قُلت إن خسارة إلهام شاهين، وكذلك عادل إمام لمعركتيهما، لو أنها حدثت – لا قدر الله – كانت ستتبعها خسائر أخرى متعاقبة تصب فى صالح أعداء الفن وحرية الإبداع.. لكن هذه الوقفة الصلبة والموقف القوى كبح جماح أولئك الساعين إلى العودة بنا إلى الوراء.. وأرهص بثورة عارمة فى الثلاثين من يونيو من العام نفسه. حررت مصر من أسر هذا الفكر الظلامي.. وهى الثورة التى قادها الرئيس عبد الفتاح السيسى بكل حِنكة وتصميم وتخطيط.
أما إلهام شاهين فقد أكسبها انتصارها فى تلك المعركة الشرسة صلابة إضافية وشجاعة مُضاعفة.. وهى تخوض معاركها الأخرى أو تدافع عن مواقفها المعلنة فى الفن والسياسة والقضايا العامة.
لقد برهنت إلهام شاهين فنيًا ومجتمعيًا على أن الفنان هو ضمير عصره وروح مُجتمعه ولسان شعبه.. لا يمكن أن ينفصل عن واقعه ويعيش معزلًا فى برج نجوميته العاجي.. عرفت إلهام سر الخلطة السحرية التى تجعلها دائمًا فى صدارة المشهد، ولذلك ستبقى تجربتها جديرة بالاحترام والتقدير، شاء من شاء وأبى من أبى.
بقى أن تعرف أن اسمها بالكامل إلهام السيد أحمد شاهين. وأنها مولودة بمصر الجديدة فى الثالث من يناير.
