رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

متى لا نحتاج إلى «صندوق النقد»؟


7-6-2025 | 13:53

.

طباعة
بقلـم: عبدالقادر شهيب

فى تصريحات له، أعلن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، أننا لسنا بحاجة إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولى.. وبغض النظر عما إذا كان رئيس الحكومة يرد بهذا الإعلان عما أثاره أحد الوزراء السابقين، فإن الأمر يستحق الحديث عنه، بحيث كيف نستغنى حقا عن الصندوق الذى منذ سبعينيات القرن الماضى ونحن نلجأ إليه نطلب دعمه ومساندته مع مَن نسميهم المانحين أحيانا وشركاء التنمية أحيانا أخرى مع بالطبع أمواله وقروضه وقروض البنك الدولى؟

لقد لجأنا إلى الصندوق أول مرة عندما تعرضنا لأزمة فى النقد الأجنبى، وألزمنا أنفسنا ببرنامج أطلقنا عليه برنامج إصلاح اقتصادى حتى نحصل منه على قرض بالنقد الأجنبى، يُعد بأرقام هذه الأيام محدودا وضئيلا جدا، ولأننا لم ننفذ أهم ما جاء فى الاتفاق من التزاماتنا وهو تخفيض الدعم السلعى إلى النصف بعد يناير 1977، لم ينفذ الصندوق التزامه فى الاتفاق، وتراجع عن تقديم القرض المتفق عليه معنا.. لكننا عدنا للتفاوض مع الصندوق أكثر من مرة، لأن أزمة النقد الأجنبى لدينا اتسمت بأنها مزمنة.. وقد أخفق هذا التفاوض مرات مثلما حدث فى تسعينيات القرن الماضى، وأيضًا كما حدث بعد سيطرة الإخوان على البرلمان بغرفتيه، حيث اشترطت إدارة الصندوق موافقة الإخوان، وتحديدا خيرت الشاطر على الاتفاق مع الصندوق، ولكنه رفض بدعوى أن حكومة الجنزورى وقتها سوف تنفق قرض الصندوق، وسيكون على الإخوان بعد إمساكهم بالحكم سداده!

بينما نجحت المفاوضات مع الصندوق أكثر من مرة، وأبرمنا اتفاقا معه، كان أبرزها اتفاق 2016، والاتفاق الأخير الذى ننفذه الآن ولم يكتمل بعد، ومع ذلك تحدث البعض عن اتفاقات مصرية جديدة معه، وهو ما دفع الدكتور مصطفى مدبولى لأن ينفى حاجتنا إلى اتفاق جديد معه.

وفى كل المرات التى لجأنا فيها إلى الصندوق وأبرمنا أو لم نبرم اتفاقات معه، كان الدافع والسبب دومًا هو شُحّ النقد الأجنبى أو تجدد الأزمة الدولارية المزمنة التى نعانى منها منذ عقود مضت، وحاجتنا إلى الاقتراض لتغطية الفجوة الدولارية بشروط مناسبة أو غير مغالى فيها من قِبل المقرضين، دولًا أو هيئات دولية.

ولذلك نحن نستطيع أن نستغنى عن الصندوق عندما نتخلص من تلك الأزمة وننجح فى علاجها علاجا ناجعا وشافيا.. أى عندما يتوازن إنفاقنا من النقد الأجنبى مع إيراداتنا ومواردنا من النقد الأجنبى.. وحتى الآن مواردنا من النقد الأجنبى تغطى احتياجاتنا من النقد الأجنبى باستثناء أعباء الديون الخارجية من أقساط وفوائد.. ولكى يتحقق هذا التوازن علينا إنجاز ثلاثة أمور معا:

أولا: زيادة مواردنا من النقد الأجنبى، والسبيل الفعال لتحقيق ذلك يتمثل فى زيادة إنتاجنا والذى سوف يُترجم فى زيادة صادراتنا، وهدا يحتاج لبلوغه إلى زيادة استثماراتنا الصناعية تحديدا والزراعية أيضا، وهذا أمر يقتضى تشجيع الاستثمار خاصة الذى يمثل أولوية لاقتصادنا الآن والذى سيزيد صادراتنا ويخفض وارداتنا.

ثانيا: تخفيض إنفاقنا من النقد الأجنبى يقتضى تخفيضا كبيرا فى وارداتنا من الخارج، وعدم استيراد إلا الغذاء والدواء ومستلزمات الإنتاج، والاستغناء عن بقية وارداتنا من الخارج عامًا أو عامين.. مع التوقف عن مزيد من المشروعات الاستثمارية التى بها مكون أجنبى كبير، سواء كانت مشروعات عامة، أو خاصة.

ثالثا: ترشيد اقتراضنا من الخارج، وذلك يقتضى منا -كما فعلنا من قبل منذ بداية الألفية وحتى بداية العقد الثانى من القرن الجديد- السيطرة الصارمة على الاقتراض من الخارج؛ حتى تقل بمرور الوقت أعباء الديون الخارجية علينا التى ترهق اقتصادنا الآن.

وإذا فعلنا ذلك فسوف نتخلص من الأزمة المزمنة التى نعانى منها منذ سنوات فى النقد الأجنبى، ولن نعانى من شُح الدولار وظهور السوق السوداء للعملة، وسيمضى اقتصادنا وينمو بشكل مستدام، وبالتالى لن نحتاج أن نلجأ إلى صندوق النقد الدولى، ونلزم أنفسنا ببرنامج إصلاح مالى يرهق أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، أى ستتحقق نبوءة الدكتور مصطفى مدبولى فى هذا الصدد.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة