فى البداية.. وتزامنًا مع احتفالات الدولة بعيد العمال، ما الإجراءات التى تتخذها الدولة لحماية فئة العمالة غير المنتظمة؟
قبل أن أُجيب على هذا السؤال، أريد أن أتوجه بالتهنئة لكل عمال مصر بمناسبة عيدهم، وأؤكد أن الدولة تعتبر العمالة غير المنتظمة شريكًا أساسيًّا فى مسيرة التنمية، وخلال الفترة من يوليو 2024 إلى أبريل 2025، حرصنا على تعزيز الدعم لهذه الفئة عبر زيادة قيمة المنحة الدورية من 500 إلى 1500 جنيه للمنحة الواحدة، حيث صرفنا 6 منح دورية فى المناسبات المختلفة، بإجمالى 686 مليونًا و295 ألف جنيه، استفاد منها 185 ألفًا و304 عاملًا، بالإضافة إلى حصر عمال التراحيل بالتعاون مع المحافظات تمهيدًا لدمجهم فى منظومة التأمين الصحى والاجتماعي، وتوفير أماكن انتظار لائقة لهم فى الميادين الرئيسية، لتجنب تعرضهم للمخاطر أثناء انتظار العمل، فضلا عن صرف 7.7 مليون جنيه كرعاية اجتماعية وصحية استفاد منها 3 آلاف عامل، بالإضافة إلى 13 مليون جنيه كمنح استثنائية لتعويض إصابات العمل، شملت 279 حالة بين مصابين ومتوفين، وأنا شخصيًا أشعر بمسئولية كبيرة تجاه العمالة غير المنتظمة، فإذا حدثت أية حادثة للعامل أباشر حالة العامل شخصيًا، حتى أطمئن عليه، ولا أنسى هنا الإشارة إلى توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة توفير حياة كريمة لكل عامل، وهو ما نعمل على تحقيقه عبر حزمة متكاملة من الإجراءات.
ما أبرز إنجاز حققته وزارة العمل منذ توليك منصبك الوزارى؟
بلا شك الانتهاء من وضع قانون العمل يُعتبر نقلة مختلفة لعمال مصر، لأننا كنا فى انتظار الانتهاء منه منذ أكثر من 8 سنوات، وقد تم الانتهاء منه بشكل متوازن يضمن حقوق العمال وأصحاب الأعمال أيضًا، كما أنه تعتبر «رقمنة الوزارة» حدث جلل وغير مسبوق لأننا قمنا بتغيير البنية التحتية على مستوى 27 محافظة بالتعاون مع الشركة المصرية للاتصالات ومنصة مصر الرقمية، فأصبح الآن من السهل على العامل إصدار أى مستند إلكترونيًا دون الذهاب إلى مكتب العمل أو إلى وزارة العمل وأيضًا الخدمة مستمرة إلى الساعة 11 مساء، وكل ذلك وفر وقتًا وجهدًا على المواطنين، ويُعد هذا الحدث بمثابة عيد للوزارة، لأن هذه الخطوة ستوفر على الوزارة شقًا ماديًا غير مباشرة وأيضًا استفادة مباشرة وهى توفير وقت وجهد على المواطنين، وكل ذلك بالمجان، وتم توفير حاليًا 7إصدارات إلكترونيًا تم تطبيق حتى الآن 3إصدارات منها وهى «ترخيص عمل الأجانب وشهادة القيد وكعب العمل»، وسيتم توفير بقية الإصدارات خلال الفترة المقبلة.
بالإشارة إلى قانون العمل، ما أبرز مميزاته، وهل بالفعل القانون متوازن بين حقوق العامل وأصحاب العمل، لا سيما وأن هناك من يرى أن القانون به بعض العيوب؟
أعلم تماما الإشكالية فى قانون العمل وهى العلاوة السنوية الـ7 في المائة، فالبعض يفهم الموقف بشكل خاطئ ويرى أن الـ7فى المائة أعلى من 3فى المائة المقررين بقانون العمل الجديد، لكن الحقيقة أن الـ3فى المائة أعلى من7فى المائة، لأن الـ7فى المائة كان العامل يصل له علاوة فى نهاية المطاف تقريبًا 1.5فى المائة أما مع إقرار 3فى المائة هذه ستكون العلاوة الفعلية التى ستصل للعامل وبالتالى فإن الـ3فى المائة أكبر فى القيمة مما كان يحصل عليه العامل من قبل، وفيما يتعلق بالحديث عن إلغاء استمارة 6 فهى فى الحقيقة لم تلغَ ولكن تم وضع ضوابط لإصدارها تمنع التلاعب بها فأصبح الآن لا بد أن يذهب العامل بنفسه لتقديمها، فهذه هى الإشكاليات التى يفهمها البعض فهم خاطئ فى قانون العمل، لذلك أؤكد أن قانون العمل متوازن ويضمن حقوق العمال فى المقام الأول، فعلى سبيل المثال العاملين فى قطاع البترول كان مقرر لهم فى القانون القديم أنهم يعملون 8 ساعات يوميًا، فى حين أن ساعات عملهم فى الواقع تصل إلى 12 ساعة وذلك غير قانونى وبدون مقابل، لذلك تم معالجة ذلك فى قانون العمل الجديد، فأصبحت المناطق التى يحددها وزير العمل ولها طبيعة خاصة يصدر بها قرار منفصل يتوافق مع طبيعة ظروف العمل، وعمال المحاجر والمناجم يعملون أكثر من 8 ساعات وكذلك من يعملون فى سيناء وحلايب وشلاتين ولا يأخذون حقوقهم كاملة.
وفيما يتعلق بالعمالة المؤقتة كان القانون القديم به ثغرات تهدر من حقوق العمال المؤقتين لصالح أصحاب الأعمال، لذلك تم تلافى كل هذه الاخفاقات فى قانون العمل الجديد لإعطاء كل عامل حقه كاملاً، وتم إصدار القانون الجديد بالنظر إلى المصلحة العامة وتم مراجعة ومناقشة كل بنود المواد بدقة وحرص شديد، حيث أجرينا حوار مجتمعى بين كافة الأطراف المعنية بالقانون منهم خبراء ومنهم ممثلو العمال ورئيس اتحاد نقابات عمال مصر ومنهم ممثلو النقابات المستقلة، لذلك فهو قانون مبنى على حقوق العمال على أرض الواقع، وسوف يتم إصدار اللائحة التنفيذية بعد إصدار القانون مباشرة، ويمكننى القول إننى مطمئن بإصدار قانون العمل الجديد لأنه قانون عادل ومتوازن.
ماذا عن آلية تنفيذ القانون على أرض الواقع؟
نحن الآن ننتظر التصديق على القانون وإصدار لائحته التنفيذية، وذلك لعمل تفتيش بآلية القانون الجديد، فهناك حاليًا حملات تفتيش تتم بالتعاون مع هيئة التنمية الصناعية ولكن لعمل حملات تفتيش بشكل منظم لا بد من عمل توعية للمفتشين ببنود القانون وبتعديلاته الجديدة لضمان تطبيق القانون بشكل احترافى فى جميع أنحاء مصر .
ما آخر مستجدات قانون العمالة المنزلية؟
أؤكد أنه تم أخذ قرار فيما يتعلق بقانون العمالة المنزلية، وسنعقد جِلسة حوارية مع منظمات المجتمع المدنى ومنظمة العمل الدولية والمنظمات الحقوقية ومع بعض الخبراء، وتم عمل لجنة قانونية لوضع التصور للقانون، وهذا الأمر يوضع على أولويات الوزارة، لأننا لم نضع بنودًا تتعلق بعمالة المنازل فى قانون العمل، وذلك لأن طبيعة عملهم تتطلب وضع الكثير من البنود التى تضمن لهم الحماية من الاستغلال بأشكاله المختلفة، ولكن لم نتجاهلهم فى قانون العمل الجديد كما زعم البعض، فنحن نرغب فى إصدار قانون خاص بهم، حتى نضمن أفضل حماية لحقوقهم، وسيتم الانتهاء منه فى عام 2026 لأنه مشروع قانون حساس ومهم.
ننتقل بعد ذلك للحديث عن صندوق إعانات الطوارئ للعمال، كيف ساهم الصندوق فى حماية العاملين بالشركات المتعثرة؟
صندوق إعانات الطوارئ يُعد أحد أبرز أدوات الحماية الاجتماعية التى أطلقتها الدولة، ولعل إسهاماته أكبر دليل على أهميته، منها قيام الصندوق بصرف 68.5 مليون جنيه كإعانات طوارئ لـ10,660 عامل فى 41 منشأة تعانى من تعثر مؤقت حتى تستعيد عجلة الإنتاج دورتها، فمنذ تأسيس الصندوق فى يوليو 2022 وحتى أبريل 2025، بلغ إجمالى ما صُرف 2.3 مليار جنيه، استفاد منها 429 ألفًا و301 عامل فى 3991 منشأة، كما أنه بتوجيهات مباشرة من الرئيس، رفعنا الحد الأدنى للإعانات من 600 إلى 1500 جنيه، لضمان حصول العامل على حد أدنى من الدخل يحفظ كرامته أثناء الأزمات، وهنا أود أن أشيد بتعاون القطاع الخاص والمؤسسات الدولية فى دعم هذا الصندوق، الذى أصبح نموذجًا يُحتذى به إقليميًّا.
ذكرت جهود مصر فى خفض معدل البطالة إلى 6.4فى المائة، لكن كيف تتعامل الوزارة مع التحديات الجديدة مثل التحولات التكنولوجية التى قد تؤثر على بعض المهن التقليدية؟
هذا سؤال مهم جدًّا.. نحن نُدرك أن الثورة الصناعية الرابعة ستغير شكل سوق العمل، ولذلك نعمل على إعادة تأهيل العمال فى المهن المعرضة للاندثار مثل العمالة اليدوية فى بعض القطاعات عبر برامج تدريبية تركز على المهارات الرقمية، كـ«البرمجة وإدارة الروبوتات»، فضلاً على تشجيع الاستثمار فى الوظائف الخضراء والمهن المرتبطة بالطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري، حيث أطلقنا مؤخرًا شراكة مع وزارة البيئة لتدريب 5000 شاب على تركيب الألواح الشمسية. كما اهتمت الوزارة أيضًا بتطوير منصات التعلم عن بُعد بالتعاون مع جامعات دولية، لتوفير شهادات معتمدة فى مجالات مثل الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات.
كيف تُساهم الوزارة فى تأهيل الشباب لسوق العمل؟
من جانبى أرى أن التدريب المهنى هو بوابة التشغيل الحقيقية وأؤمن بذلك، وأيضًا هذه رؤية الدولة المستقبلية وهى تأهيل الشباب لوظائف المستقبل، بحيث يصبح الشباب مواكبًا ومستعدًا لكافة الوظائف التى تفرضها التكنولوجيا والتطور السريع الذى يحدث الآن، وذلك من خلال الجامعات التكنولوجية والجامعات الأهلية والجامعة العمالية، ونحن لدينا 83 مركز تدريب ثابتًا ومتنقلًا، بالإضافة إلى شراكات مع القطاع الخاص والدولى.
وماذا عن فرص التشغيل التى وفرتها الوزارة؟
نجحنا فى خفض معدل البطالة من 13فى المائة عام 2014 إلى 6.4فى المائة حاليًّا، وذلك عبر توفير 378,174 فرصة عمل فى القطاع الخاص، تشمل 55 ألف فرصة للنساء، و20 ألفًا لذوى الهمم، مع الالتزام الكامل بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتنظيم 42 ملتقى توظيفًا، منها 6 ملتقيات لذوى الاحتياجات الخاصة.
بالحديث عن الأسواق الخارجية.. كيف تعزز مصر حقوق العمال المصريين فى الخارج، وفيما يتعلق بـ«عمالة الحج» كيف يتم اختيارهم فى الوقت الحالى؟
يُعد ملف العمالة المصرية فى الخارج من أبرز الملفات التى تهتم بها وزارة العمل، فتقوم بهذا الدور من خلال 9 مكاتب تمثيل عمالى فى دول عربية وأوروبية مثل إيطاليا والعراق، كما وفرنا 74,246 فرصة عمل جديدة فى مجالات مثل البناء والرعاية الصحية، مع توعية العمال بحقوقهم وواجباتهم عبر ندوات مكثفة، بالإضافة إلى ذلك سوّينا 1524 شكوى عمالية بشكل ودى، وأحلنا 86 شكوى للقضاء، مما يعكس جديتنا فى حماية حقوق العمال، وأيضًا منظومة الربط الإلكترونى بين وزارة العمل والدول بالخارج توفر تبادل العمالة بشكل سليم وبدون استغلال للعامل.
هناك مخاوف من تأثير الأزمات الاقتصادية العالمية على العمال المصريين، هل استعدت الوزارة للتعامل معها؟
نحن نعمل على بناء نظام مرن يتكيف مع الأزمات عبر تعزيز الحماية الاجتماعية بزيادة تغطية التأمينات الصحية والمعاشات، خاصة للعاملين فى القطاع غير الرسمي. كما تم إنشاء صندوق استجابة سريعة للتدخل فى حالات الكوارث أو الأزمات المفاجئة، مثل جائحة أو أزمة اقتصادية، لتوفير دخل مؤقت للعمال المتضررين، وكذا تفعيل مشروعات التشغيل المؤقتة بالتعاون مع جهاز المشروعات الصغيرة، مثل تشجيع العمل فى مشروعات البنية التحتية الكبرى كالعاصمة الإدارية.
كيف تتعاملون مع قضية عمالة الأطفال، خاصة فى القطاع غير الرسمى؟
هذه معركة وطنية نخوضها بالتعاون مع المجتمع المدنى وتحتاج أيضًا تضافر الجهود لتشديد الرقابة على الورش والمصانع الصغيرة، حيث تم تحرير 1240 محضرًا لمخالفات عمالة أطفال خلال عام 2024، وتعمل الوزارة أيضًا على إطلاق عدد من مبادرات توعوية فى القرى الأكثر فقرًا، لشرح مخاطر عمالة الأطفال على صحتهم ومستقبلهم، مع توفير منح دراسية لأطفال الأسر الفقيرة مقابل التزام الأهل بإعادتهم للمدارس.