رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الذهب يتوهج في 2025.. صعود يتجاوز 70% مع تخطي 4500 دولار للأوقية

27-12-2025 | 11:31

الذهب

طباعة
دار الهلال

بأداء فاق التوقعات وتجاوز حاجز 4500 دولار للأوقية، يواصل الذهب قيادة المشهد الاستثماري العالمي في عام 2025 بقوة غير مسبوقة، مسجلا ارتفاعا سنويا تجاوز 70%، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتقلب السياسات النقدية، واستمرار الغموض في المشهد الاقتصادي العالمي.

ومع تسجيله عشرات المستويات القياسية الجديدة والقمم التاريخية، أعاد الذهب تأكيد مكانته كأحد أعمدة الاستقرار في أوقات الاضطراب، ومخزن للقيمة حين تهتز الثقة بالعملات والأسواق.

وخلال عام 2025، حقق المعدن الأصفر أداء استثنائيا، متفوق على معظم فئات الأصول الأخرى، ليصل سعر الأوقية إلى 4562.2 دولار حتى نهاية تداولات يوم الجمعة 26 ديسمبر، بارتفاع نسبته 72.8%، وهي أكبر قفزة سنوية له منذ عام 1979؛ ما عزز جاذبية الذهب كأداة تحوط وتنويع فعالة للمحافظ الاستثمارية.

واستند هذا الصعود القوي إلى مزيج معقد من العوامل، في مقدمتها الطلب المستمر من البنوك المركزية، التي واصلت تعزيز احتياطياتها من الذهب للعام الثالث على التوالي بمعدلات تاريخية مرتفعة.

كما أسهم تصاعد التوترات الجيوسياسية، لاسيما في الشرق الأوسط ومناطق أخرى، في تعزيز الإقبال على الأصول الآمنة، إلى جانب تراجع الدولار الأمريكي وتنامي التوقعات بخفض أسعار الفائدة، وهو ما دعم جاذبية الذهب بوصفه أصلا غير مدر للعائد.

ولعب الزخم الاستثماري القوي من صناديق المؤشرات المتداولة والمستثمرين الأفراد والمؤسسيين، دورا محوريا في دفع الأسعار إلى مستويات قياسية.

وبرزت الرسوم الجمركية خلال العام كعامل غير تقليدي زاد من اضطراب سوق الذهب، مع شروع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بلورة سياساتها التجارية، حيث ساد الغموض بشأن طبيعة الرسوم والسلع المشمولة بها وتوقيت تطبيقها؛ ما دفع المستثمرين إلى زيادة حيازاتهم من الذهب تحوطا من المخاطر.

كما أثار احتمال فرض رسوم على الذهب نفسه، حالة من القلق في السوق الأمريكية، دفعت المتعاملين إلى استيراد كميات كبيرة من الذهب المادي؛ ما أدى إلى نشوء فجوة سعرية بين عقود الذهب في نيويورك والأسعار الفورية في لندن.

وتفاقمت هذه المخاوف في 31 يوليو، عقب إعلان هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية أن واردات الذهب السويسري ستخضع لرسوم جمركية بنسبة 39%؛ ما تسبب في اضطراب حاد بالسوق، وقفزت أسعار الذهب الفوري بأكثر من 3% في جلسة واحدة، بينما سجلت العقود الآجلة مستويات قياسية جديدة، غير أن هذه الموجة لم تدم طويلًا، إذ تراجعت الأسعار بعد إعلان الرئيس الأمريكي أن القرار غير صحيح، وأن سبائك الذهب لن تُدرج ضمن الرسوم المفروضة.

ويرى محللون أن خطورة هذا التطور كانت تكمن في الأهمية الهيكلية للذهب داخل النظام المالي العالمي، إذ تستخدم السبائك كضمان رئيسي لعقود التداول الآجلة، كما تعتمد السوق على تدفقات منتظمة من المعدن النفيس لتسوية العقود.

وكان من شأن فرض الرسوم أن يحدث خللا واسع النطاق، لاسيما أن مصافي التكرير السويسرية تمثل نحو 70% من إنتاج الذهب المكرر عالميًا، ما كان سيدفع الأسعار داخل الولايات المتحدة إلى مستويات تقارب 4,700 دولار للأوقية مقارنة بأسعار أقل في الأسواق العالمية.

ورغم تراجع المخاوف المرتبطة بالرسوم الجمركية في الوقت الحالي، يرى خبراء أن الأثر النفسي للأزمة لا يزال قائما، إذ قد تدفع حالة القلق التي أُثيرت بعض أنشطة التحوط والتداول إلى التحول نحو مراكز مالية بديلة، ما قد يقلص تدريجيًا هيمنة السوق الأمريكية على تداول عقود الذهب الآجلة.

ومع التطلع إلى عام 2026، يدخل سوق الذهب مرحلة جديدة في ظل استمرار حالة عدم اليقين الجيو-اقتصادي.

وتشير توقعات مجلس الذهب العالمي إلى أن الأسعار قد تتحرك في نطاق محدود إذا استقرت الظروف الحالية، لكنها قد تحقق مكاسب إضافية في حال تباطؤ النمو الاقتصادي أو تصاعد المخاطر العالمية، وفي المقابل، قد تتعرض الأسعار لضغوط إذا نجحت السياسات الأمريكية في تحفيز النمو ورفع أسعار الفائدة وتعزيز قوة الدولار.

وفيما يتعلق بالطلب، تتوقع أبحاث "جي بي مورجان" استمرار مشتريات البنوك المركزية عند مستويات مرتفعة خلال عام 2026 لتبلغ نحو 755 طنا، في وقت بات فيه الذهب يمثل قرابة 20% من الاحتياطيات الرسمية العالمية، وهي أعلى نسبة منذ عام 1996، متجاوزا حصة السندات الأمريكية.

كما يتوقع أن يواصل المستثمرون تعزيز طلبهم، مع تدفقات تقدر بنحو 250 طنا إلى صناديق المؤشرات المتداولة، إلى جانب طلب قوي على السبائك والعملات يتجاوز 1,200 طن سنويًا، واحتمال ارتفاع حصة الذهب في المحافظ الاستثمارية إلى ما بين 4 و5% خلال السنوات المقبلة.

وعلى صعيد التوقعات السعرية، يرجح "جي بي مورجان" إمكانية وصول الذهب إلى مستوى 5,000 دولار للأوقية في 2026، مدفوعًا بضعف الدولار الأمريكي واستمرار الطلب المؤسسي ومشتريات البنوك المركزية.

ورغم هذه التوقعات الإيجابية، لا تخلو الصورة من مخاطر محتملة، أبرزها احتمال عودة قوة الدولار أو تثبيت أسعار الفائدة لفترة أطول، إضافة إلى تراجع الطلب على المجوهرات، التي تمثل نحو 40% من الاستهلاك العالمي للذهب، فضلا عن استجابة حذرة من شركات التعدين في ظل القيود التنظيمية والبيئية التي تحد من التوسع السريع في الإنتاج.

وبين هذه العوامل المتشابكة، فقد أعاد الذهب في عام 2025 ترسيخ مكانته كمرتكز مالي واستراتيجي في عالم يتجه نحو مزيد من عدم اليقين.

وبينما يحمل عام 2026 فرصا لمزيد من الصعود، يظل مسار المعدن الأصفر مرهونا بتوازن دقيق بين السياسات النقدية والتطورات الجيوسياسية وثقة المستثمرين، في وقت يبدو فيه أن الذهب لم يقل كلمته الأخيرة بعد.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة