رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

جولة رئاسية فاصلة بين اليسار الشيوعي واليمين المتطرف تضع تشيلي على مفترق طرق

14-12-2025 | 10:17

تشيلي

طباعة
دار الهلال

 يتوجّه الناخبون في تشيلي ، اليوم الأحد ، إلى صناديق الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، في مواجهة هي الأكثر استقطابًا منذ عودة البلاد إلى الديمقراطية عام 1990، بين مرشحة التحالف الشيوعي جانيت جارا والمرشح اليميني المتشدد خوسيه أنطونيو كاست، وسط مؤشرات ترجّح فوز الأخير ليصبح أكثر رؤساء البلاد يمينية منذ نهاية الحكم العسكري.


وتُظهر استطلاعات الرأي تقدّم كاست "59 عامًا"، وهو نائب سابق ونجل عضو في الحزب النازي عبّر علنًا عن إعجابه بنظام الديكتاتور الراحل أوجستو بينوشيه، رغم حلوله ثانيًا في الجولة الأولى بنسبة 23.9% مقابل 26.6% لجارا. ويعكس هذا التقدّم- وفقًا لتقرير نشرته شبكة "bne IntelliNews" المختصة في شئون أمريكا اللاتينية- تحوّلًا واضحًا في مزاج الناخبين نحو اليمين، مدفوعًا بتصاعد المخاوف من الهجرة غير النظامية وارتفاع معدلات الجريمة.


وأكد التقرير أن الانتخابات الراهنة تكشف انقسامًا عميقًا في المجتمع التشيلي حول كيفية معالجة قضايا الأمن والهجرة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على المكاسب الاجتماعية التي تحققت في ظل حكومة الرئيس الحالي جابرييل بوريك، ذات التوجه الوسطي اليساري.


وركّز كاست حملته الانتخابية على وعود بتشكيل "حكومة طوارئ" لمكافحة الجريمة، تشمل إنشاء سجون فائقة الحراسة وتشديد العقوبات، إلى جانب تعهده بترحيل جماعي لنحو 337 ألف مهاجر غير نظامي، معظمهم من الفنزويليين الذين وصلوا إلى البلاد خلال السنوات السبع الماضية. وقال خلال مناظرة يوم الثلاثاء الماضي:" سنغلق الحدود في جميع المناطق التي تشهد عبورًا غير نظامي".


وعلى خلاف حملتيه الرئاسيتين السابقتين عامي 2017 و2021، حيث خسر أمام بوريك، تجنّب كاست هذه المرة الخوض في مواقفه المتشددة بشأن الإجهاض وزواج المثليين، مفضّلًا التركيز على قضايا الأمن والهجرة، التي عززت حضور المرشحين اليمينيين حول العالم.


واقتصاديًا، طرح كاست برنامجًا يتضمن خفض الإنفاق العام بنحو 6 مليارات دولار خلال 18 شهرًا، وهو ما لقي ترحيبًا من المستثمرين، إلا أن اقتصاديين من مختلف الاتجاهات شككوا في إمكانية تطبيق هذه الإجراءات دون المساس بالمزايا الاجتماعية، فيما اعترف فريقه الاقتصادي لوكالة "أسوشيتد برس" بأن فترة أطول لإجراء التعديلات قد تكون "أفضل".


في المقابل، تقود جانيت جارا "51 عامًا" أوسع تحالف تقدمي في تاريخ تشيلي، يضم قوى تمتد من الحزب الشيوعي إلى الديمقراطيين المسيحيين في الوسط. وكانت جارا، التي شغلت منصب وزيرة العمل في حكومة بوريك، من أبرز مهندسي إصلاحات اجتماعية مهمة شملت تقليص أسبوع العمل ورفع الحد الأدنى للأجور وتحسين نظام التقاعد.


غير أن جارا تواجه تحديًا مزدوجًا، يتمثل في تمثيل حكومة لا تتجاوز نسبة تأييدها 30%، إضافة إلى دفاعها عن انتمائها للحزب الشيوعي في بلد لا تزال فيه الحساسية من الشيوعية مرتفعة. 


وتعليقًا على الأمر، قالت لوسيا داميرت، عالمة الاجتماع ورئيسة ديوان الرئاسة السابقة لبوريك:" مجرد اسم الحزب الشيوعي يثير مخاوف لدى الناس".. لذلك، سعت جارا إلى النأي بنفسها عن الحكومة الحالية، مؤكدة أنها تمتلك "أسلوبًا مختلفًا" وأنها ليست "مرشحة الاستمرارية".

كما أعلنت قبل الجولة الأولى نيتها تعليق أو الاستقالة من عضوية الحزب الشيوعي في حال فوزها بالرئاسة. ولتعزيز صورتها المعتدلة، تعهدت بدعم الاستثمار الأجنبي ووجهت انتقادات صريحة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.


ويتضمن برنامجها الانتخابي إقرار "دخل حيوي" بنحو 800 دولار شهريًا للأسر الأكثر هشاشة، إضافة إلى رفع السرية المصرفية لمكافحة الجريمة المنظمة، فيما يرى محللون سياسيون أن فوز كاست المحتمل سيضع تشيلي ضمن موجة الانعطاف اليميني في أمريكا اللاتينية، على غرار ما حدث في الأرجنتين وبوليفيا، كما ينسجم مع نمط انتخابي متكرر في البلاد، حيث دأب الناخبون منذ عام 2005 على معاقبة التحالفات الحاكمة وعدم تجديد الثقة بها في الانتخابات التالية.

 

أخبار الساعة