استقبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والسيدة انتصار السيسي قرينة السيد رئيس الجمهورية، اليوم، الأربعاء، بقصر الاتحادية، ملك مملكة إسبانيا الملك فيليبي السادس، وملكة إسبانيا الملكة ليتيزيا، في أول زيارة دولة يقوم بها إلى مصر.
ولدى وصول الملك فيليبي السادس، والملكة ليتيزيا، إلى قصر الاتحادية، أطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيبا بهما، كما أجريت مراسم استقبال رسمية، حيث عزفت الموسيقى العسكرية السلام الوطني لكلا البلدين.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، بأن المباحثات تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين مصر وإسبانيا، لا سيّما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والسياحية والثقافية والتعليمية.
وقد أكد السيد الرئيس وجلالة الملك أهمية البناء على الزخم الحالي في العلاقات لتوسيع آفاق التعاون المشترك، بما يحقق مصالح وتطلعات الشعبين الصديقين.
وفي هذا السياق، تم بحث آليات تعزيز التبادل التجاري، والتعاون في مجال النقل، إلى جانب استشراف فرص جديدة للتعاون في مجال الآثار.
وذكر المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، حيث أعرب السيد الرئيس عن تقديره للمواقف الإسبانية الداعمة للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، لا سيّما من خلال اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية، والتصويت لصالح “إعلان نيويورك حول حل الدولتين” في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بما يعكس التزام مدريد بمبدأ حل الدولتين، ويكرّس الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأوضح المتحدث الرسمي أن جلالة الملك فيليبي استمع لعرض من السيد الرئيس حول جهود مصر الحثيثة للتوصل لوقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وإلى تقييم السيد الرئيس للوضع في المنطقة، خاصة بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير، حيث أشاد ملك إسبانيا بجهود مصر في هذا الصدد طوال العامين الماضيين، بما في ذلك خطة إعادة إعمار قطاع غزة التي أعدتها مصر وحظيت بدعم واعتماد على المستويين العربي والإسلامي.
وفي هذا الإطار، أكد السيد الرئيس وملك إسبانيا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة دون عوائق، ووقف التصعيد في المنطقة، والسعي للحفاظ على السلام القائم بالمنطقة منذ السبعينيات.
وفي هذا الصدد تم التأكيد على الرفض القاطع لأي مساعي لتهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه، لما سوف يترتب على ذلك من تصفية القضية الفلسطينية، وكونه يشكّل عدوانا وتهديدا لأمن دول الجوار، فضلاً عن تداعياته الخطيرة المتمثلة في موجات نزوح وهجرة غير شرعية غير مسبوقة نحو أوروبا.
كما شدد الجانبان رفضهما التام للممارسات الإسرائيلية غير المشروعة في الضفة الغربية، بما في ذلك عمليات التوسع الاستيطاني أو التلويح بضم الأراضي الفلسطينية باعتبار ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
وشهد اللقاء أيضًا تبادل وجهات النظر حول عدد من الأزمات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، حيث تم التأكيد على أهمية الحلول السياسية والسلمية التي تضمن الحفاظ على سيادة الدول ووحدة أراضيها ومقدرات شعوبها.
وقد اتفق الجانبان على مواصلة التنسيق والتشاور إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء على المستوى الثنائي أو ضمن المحافل الإقليمية والدولية متعددة الأطراف.
وعقب المباحثات، تبادل الأوسمة بين السيد الرئيس وجلالة ملك إسبانيا، وكذا بين السيدة قرينة السيد الرئيس وجلالة ملكة اسبانيا، وذلك تقديراً للعلاقات الاستراتيجية والممتدة بين البلدين الصديقين، وبما يعكس حرصهما على مواصلة تطويرها في مختلف المجالات.
وعقب ذلك أقام السيد الرئيس والسيدة قرينته مأدبة غداء لجلالة ملك وملكة إسبانيا بحضور وفدي البلدين، حيث ألقى السيد الرئيس كلمة للترحيب بجلالة الملك والملكة، ومن جانبه ألقى ملك اسبانيا كلمة لشكر السيد الرئيس والسيدة قرينته على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وأشاد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بمواقف إسبانيا المشرفة إزاء دعم مسيرة السلام في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي لا تزال تمثل جوهر الصراع في المنطقة، معربًا عن بالغ التقدير للموقف الإسباني التاريخي في نصرة الحق المشروع للشعب الفلسطيني في إقامة دولته، واعتراف إسبانيا في توقيت بالغ الأهمية والحساسية بالدولة الفلسطينية لتكون من أوائل الدول، التي بادرت بعد نشوب الحرب في قطاع غزة، باعتماد هذا القرار العادل، والذي يقف على الجانب الصحيح من التاريخ.
جاء ذلك كلمة ترحيبية على هامش مأدبة غداء أقامها السيد الرئيس، والسيدة قرينته انتصار السيسي، لملك إسبانيا الملك فيليبي السادس، والملكة ليتيزيا، في أول زيارة دولة يقوم بها ملك إسبانيا إلى مصر، اليوم الأربعاء.
وقال الرئيس السيسي: "ليس بخاف عليكم، ما تواجهه مصر من تحديات جسام، على مختلف الاتجاهات الإستراتيجية، شرقًا وغربًا وجنوبًا فضلًا عن التحديات المشتركة على الصعيد المتوسطي، فإسبانيا تدرك جيدًا، مدى التحدي الذي باتت تواجهه القضية الفلسطينية، والتهديد المباشر الذي يتعرض له الأفق السياسي لتسويتها من خلال حل الدولتين، إثر ما تعانيه غزة من ويلات الحرب، والكارثة الإنسانية التي ألمت بالقطاع، على نحو لا يمكن تصوره، فضلا عما نشهده بشكل شبه يومي، من محاولات لتقطيع أوصال الضفة الغربية تارة بالحديث عن ضمها، وتارة أخرى بتفشي الاستيطان في أراضيها المحتلة".
وشدد الرئيس السيسي على أن دعم إسبانيا للسلام العادل والشامل في المنطقة، يعكس التزامها بمبادئ الأخلاق والحق والعدالة، مضيفًا: "هو موقف يحظى بتقدير كبير لدينا، على المستويين الرسمي والشعبي.. ونرجو استمرار هذا الدعم، وأن نعمل معًا، من أجل تحقيق سلام دائم وعادل لشعوب المنطقة".
ورحب الرئيس بملك وملكة إسبانيا في بلدهما الثاني، قائلًا: "مصر العالم القديم، وجسر التواصل بين الحضارات، ذلك البلد العريق، الذي شهد على مر التاريخ، علاقات وثيقة مع إسبانيا وشعبها والأسرة المالكة الإسبانية.. فكان ومازال وطنًا ثانيًا لهم، يرحب بهم على أرضه، ويتسع فضاؤه لاستقبالهم، زائرين كراما وأصدقاء أعزاء".
وأوضح الرئيس عبدالفتاح السيسي أن زيارة الدولة التي يقوم بها الملك فيليبي السادس إلى مصر، وإن كانت هي الأولى له في أرض الكنانة؛ فإنها أيضا أول زيارة، يجريها مسئول إسباني على أعلى مستوى إلى مصر، عقب ترفيع العلاقات بين البلدين الصديقين، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بعد توقيع إعلان هذه الشراكة أثناء زيارة إسبانيا في فبراير الماضي.
وأشار الرئيس السيسي إلى أن زيارة ملك إسبانيا تمثل تأكيدًا جديدًا على متانة أواصر الصداقة والتعاون، التي تربط بين البلدين، وتعبيرًا صادقًا، عن الرغبة المشتركة في تعزيزها، وتطويرها نحو آفاق أرحب.
وقال الرئيس السيسي إن البلدين تجمعهما علاقات ثنائية إستراتيجية وثيقة، على كل الأصعدة وفي مختلف المجالات، مضيفًا: "لقد قدم البلدان معا نموذجا رائدا يحتذى به، في كيفية بناء علاقات إيجابية متطورة، وتخدم مصالح شعبيهما وتحقق أهدافهما المشتركة.. سواء في الإطار الثنائي، أو الإقليمي ومتعدد الأطراف".
كما أشاد بما حققه التعاون الثنائي بين البلدين، من تقدم في مجال النقل، متطلعًا لاستلهام نجاحه، على جميع أسس ومجالات التعاون الثنائي بين البلدين، مشيرًا إلى التعاون الثقافي المميز بين البلدين، وخاصة في مجال التنقيب عن الآثار والحفاظ على التراث، حيث يتواجد في مصر، ما يناهز "13" بعثة أثرية إسبانية، تنشط في مناطق سقارة والأقصر وأسوان ووادي الجمال.
وفي ختام كلمته، جدد الرئيس شكره وتقديره لملك إسبانيا، متمنيًا زيارة ناجحة وممتعة في مصر.. قائلًا: "أكرر ترحيبي بكم.. وسوف نسعد بجلالتكم دائمًا.. في زيارات قادمة إلى بلدكم الثاني مصر".