رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د.عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى:620 سائقا طلبوا العلاج طواعية.. وإحالة المتعاطين للنيابة


19-7-2025 | 13:15

د. عمرو عثمان.. مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى

طباعة
حوار: محمود أيوب

على مدار السنوات الماضية، لم تعد قضية الإدمان فى مصر ترفًا اجتماعيًا، يُتناول على استحياء، أو يُختصر فى نشرات التوعية أو الإعلانات القصيرة، بل أصبحت واحدة من أهم أولويات الأمن القومى، ومكونًا رئيسيًا فى معادلة التنمية البشرية والاجتماعية.

وفى ظل توجيهات القيادة السياسية، بدأت مصر تخوض معركتها ضد المخدرات بمنهج علمى وعملى يجمع بين الوقاية والعلاج والتمكين المجتمعى للمتعافين، ويأتى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، التابع لرئاسة مجلس الوزراء، فى طليعة هذه المواجهة، كجهاز وطنى متخصص يقود معركة الوعى والتعافى بخطط استراتيجية ومبادرات ميدانية.

وفى ظل تصاعد جهود الصندوق خلال الفترة الماضية، خاصة فى حملاته المكثفة فى التوعية، خاصة السائقين فى المواقف العمومية وعلى الطرق السريعة، والأنشطة المتزايدة فى قرى «حياة كريمة» والمناطق المطورة، حاورت «المصوّر» الدكتور عمرو عثمان، مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، الذى حدثنا عن حصاد نصف عام من العمل المكثف، وآليات الدعم النفسى والاجتماعى للمتعافين، ومستقبل المعركة الوطنية ضد الإدمان.. فإلى نص الحوار:

 

فى الفترة الأخيرة لاحظنا انتشارًا مكثفًا لحملات الصندوق فى المواقف العمومية والطرق، ما الرسالة التى تحملها تلك التحركات؟

نتحرك بناءً على أولويات واضحة، أحدها فئة السائقين الذين يمثلون خطرًا كبيرًا إذا ما قادوا تحت تأثير المواد المخدرة، لذلك، أطلقنا حملة بعنوان «المخدرات مش هتضيعك لوحدك» بالتعاون مع الهلال الأحمر المصرى، تستهدف المواقف العامة والميادين، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، مثل أن المخدرات تمنح التركيز أو تقلل من الإرهاق، أيضا لا نكتفى بالتوعية النظرية، بل نربط الحملة بإتاحة العلاج المجانى والسرّي، من خلال الخط الساخن 16023، وتلقينا بالفعل مئات الاتصالات من سائقين قرروا الإقلاع بمحض إرادتهم.

وما مدى تأثير الحملة على أرض الواقع، هل هناك تفاعل ملموس؟

الحملة وصلت لأكثر من 10 ملايين مشاهدة على وسائل التواصل الاجتماعى خلال أسبوع من من إطلاقها، بخلاف الأثر الميداني، حيث تلقينا 620 اتصالًا من سائقين طلبوا العلاج من تلقاء أنفسهم، هذه ليست أرقامًا عابرة، بل مؤشرات على تغيّر تدريجى فى الوعى الجمعي، ولاحظنا تحسّنًا فى استجابة المحافظات، حيث يتم التعاون معنا لفتح المجال أمام فرق التوعية، مما يسهل الوصول للفئات الأكثر عرضة.

هل يتم توفير العلاج لهم فورًا، وكيف تضمنون السرية؟

أى شخص يتواصل مع الخط الساخن قبل خضوعه لأى حملة كشف مفاجئة على الطرق السريعة، يحصل على كل خدمات العلاج بالمجان ودون مساءلة قانونية، فالسرية مضمونة بنسبة 100 فى المائة، ونحن نُطبق معايير دولية فى التعامل مع البيانات الشخصية، أما إذا تم ضبط السائق يقود سيارة تحت تأثير المخدر، فيُحال للنيابة العامة، وفقا لقانون المرور.

بعيدًا عن الطرق والمواقف، كيف تمتد أنشطة الصندوق إلى المناطق الريفية؟

نتواجد اليوم فى قرى «حياة كريمة»، والمناطق المطورة مثل «الأسمرات» و«بشائر الخير» و«روضة السيدة»، وتم تنفيذ أكثر من 11 ألف نشاط توعوى خلال النصف الأول من العام الحالى، كما ننفذ أيضًا زيارات منزلية للأسر فى القرى لنشر الثقافة الوقائية، ونُدرّب الأطفال على التفكير الإيجابى واتخاذ القرار من سن مبكرة، أيضا لدينا شراكات قوية مع وزارتى الشباب والرياضة والتربية والتعليم، بالإضافة إلى 34 مركزا علاجيا فى 19 محافظة حتى الآن.

ماذا عن جهود التمكين الاقتصادى للمتعافين، لا سيما أن كثيرا منهم يخشون العودة للمجتمع بسبب الوصمة؟

التمكين الاقتصادى هو صمام الأمان من الانتكاسة. وأنشأنا ورشًا لتدريب المتعافين على حرف داخل مراكز العزيمة، وتم تسليم ما يقرب من 9000 قطعة ملابس من إنتاج المتعافين إلى بنك الكساء المصري، حتى الآن، كما أطلقنا مبادرة «حرفى» لتدريب المتعافين على مهن مثل صيانة الموبايل والتكييف والنجارة وتصنيع الملابس، وخلال 5 أشهر فقط، دربنا أكثر 4000 متعافٍ، كما نوفر قروضًا ميسرة عبر بنك ناصر الاجتماعي، لمساعدتهم على بدء مشاريعهم، نراهن على تحويل المتعافين إلى قدوة، وليس فقط ناجون من الإدمان.

حدثنا عن دور الأسرة، هل هى جزء من المعادلة العلاجية؟

الأسرة شريك رئيسى. كثير من المرضى يتم اكتشافهم بفضل وعى الأم أو الزوجة، ونوفر جلسات دعم نفسى ومشورة مجانية لأفراد الأسرة، ونُعلّمهم كيفية التعامل مع المتعافى خلال فترة التأهيل، كما نُنفذ ورشًا للتوعية الأسرية فى القرى، ونتواصل مباشرة مع الأمهات وربات البيوت، لأن الدور المجتمعى للأسرة يبدأ من الاحتواء، وليس من التبليغ فقط.

تحدثت عن حملات فى المؤسسات الحكومية.. كيف تُنفذ تلك المبادرات؟

ننفذ حاليًا مبادرة «القرار قرارك» فى أكثر من 500 مؤسسة حكومية، وهدفها تطبيق قانون شغل الوظائف المرتبط بالخلو من الإدمان، بل نتيح العلاج داخل أماكن العمل ونتعاون مع الوزارات لتوفير جلسات توعية ومجموعات دعم، أى موظف يتقدم طوعًا يُعالج فى سرية تامة ودون أى عقوبة، بينما تُطبّق الإجراءات القانونية فقط على من يرفض العلاج ويثبت أنه يباشر عمله تأثير المخدر.

وهل هناك تعاون مع منظمات المجتمع المدنى أو جهات دولية؟

لدينا شراكات مستمرة مع مؤسسة حياة كريمة، والهلال الأحمر المصري، ونعمل أيضًا مع منظمات دولية ضمن إطار احترام السيادة والخصوصية الوطنية، كما نُدرّب القيادات الطبيعية والمتطوعين الشباب فى القرى، ليكونوا ركيزة فى نشر الوعي، مما يخلق ما يُعرف بـ«الوقاية المجتمعية»، فنحن نؤمن بأن الحرب على الإدمان لا تُخاض من جهة واحدة فقط، بل من دولة ومجتمع بأكمله.

لكن.. كيف تقيّمون تأثير تلك الجهود على المستوى القومي؟

هناك بالفعل نتائج مباشرة، كتزايد الطلب الطوعى على العلاج، وانخفاض نسب التعاطى فى المؤسسات التى خضعت للكشف، وتوسع قاعدة المتطوعين، كما بدأ يظهر تحوّل فى الخطاب المجتمعي، حيث لم يعد المتعافى يُعامل كوصمة، بل كبطل نجا ويستحق فرصة جديدة، نعمل الآن على إصدار تقرير سنوى شامل لقياس الأثر المجتمعي، ولدينا مؤشرات إيجابية على أننا على الطريق الصحيح، وإن كانت المعركة طويلة.

وما الخطة القادمة لتعزيز التوعية بين طلاب المدارس والجامعات؟

لدينا خطة توسعية طموحة تستهدف طلاب المدارس والجامعات، باعتبارهم من الفئات العمرية الحساسة والمعرّضة لتأثير أصدقاء السوء والمفاهيم الخاطئة، ونعمل حاليًا على تنفيذ أنشطة توعوية داخل أكثر 10 آلاف مدرسة خلال العام الدراسى الجديد، كذلك تنفذ الأنشطة فى الجامعات، منها ورش تفاعلية، وندوات حوارية، وأنشطة فنية ورياضية، حيث يتولى المتطوعون من الطلاب المدربين مهمة نشر الوعى بين أقرانهم، مما يُضاعف التأثير. كذلك نستخدم أدوات تكنولوجية حديثة، مثل: التطبيقات التفاعلية، ومحتوى رقمى جذاب، لمخاطبة الشباب بلغتهم وبأسلوبهم.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة