رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

القاهرة - الرياض.. شراكة الأخوة


12-1-2025 | 22:27

صورة أرشيفية

طباعة
تقرير يكتبه: وليد عبد الرحمن
بين مصر والسعودية تاريخ طويل من العلاقات وشراكات مؤثرة على المستويات كافة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فالسنوات السابقة شهدت لقاءات أخوية كثيرة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولى العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء. هذه اللقاءات كان عنوانها «التفاهم. والأخوة والشراكة المتصاعدة، والتعاون المشترك». فضلا عن التوافق حول جميع القضايا الإقليمية والدولية.
وتتميز العلاقات بين مصر والسعودية بأنها واحدة من أقوى وأعمق العلاقات الثنائية في العالم العربي، وشهدت العلاقة تطورا مستمرا منذ تأسيس المملكة العربية السعودية في ثلاثينيات القرن العشرين. حيث وقفت الدولتان جنبا إلى جنب في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية. سواء في الحروب العربية أو الصراعات الإقليمية. وكانت مصر والسعودية دائما في طليعة التعاون العربي المشترك. تتجاوز العلاقات بين البلدين مستوى التعاون السياسي إلى مجالات أوسع تشمل الاستثمار الطاقة السياحة والتنمية، مع توقيع العديد من الاتفاقيات التي تعزز الروابط الاقتصادية والأخوية بين الشعبين. وزار محمد بن سلمان مصر، أمس الثلاثاء، وأجرى مباحثات مع الرئيس السيسي في قصر الاتحادية، حيث أجريت مراسم الاستقبال الرسمية لضيف مصر، وعزفت الموسيقى العسكرية السلام الوطني لكلا البلدين. وبحسب السفير الدكتور أحمد فهمى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، أجرى الزعيمان لقاء ثنائيا، أعقبته جلسة مباحثات موسعة بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ووفدى البلدين، حيث رحب الرئيس السيسي بالأمير محمد بن سلمان، معربا عن أطيب تحياته لأخيه الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين. وشدد الرئيس على عمق ومحورية العلاقات الاستراتيجية بين مصر والسعودية، لاسيما في ظل التهديدات التي تواجه المنطقة، مؤكدا أهمية مواصلة التنسيق والتعاون المشترك، لتجاوز المرحلة الدقيقة الحالية التي تمر بها منطقتنا وعالمنا الإسلامي، كما أشار إلى الحرص المتبادل على ترجمة العلاقات والروابط التاريخية بين البلدين، من خلال تعزيز الآليات الثنائية المؤسسية، وخاصة من خلال تدشين مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودى لمتابعة مختلف أوجه العلاقات الثنائية وسبل تطويرها باستمرار. وشهدت المباحثات التطورات الإقليمية، وعلى رأسها الأوضاع في قطاع غزة ولبنان، حيث تم التوافق على خطورة الوضع الإقليمي وضرورة وقف التصعيد. وشدد الزعيمان على أن إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، هي السبيل الوحيد لتحقيق التهدئة والسلام والأمن بالمنطقة على نـ نحو مستدام، منوهين إلى أن محاولات تصفية القضية الفلسطينية من شأنها أن تتسبب في استمرار حالة الصراع بالمنطقة. وطالب الزعيمان في ذلك السياق ببدء خطوات للتهدئة، تشمل وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وفى لبنان، ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، والتوقف عن سياسات حافة الهاوية بما يوقف دائرة الصراع الآخذة في الاتساع، وتم كذلك تأكيد ضرورة احترام سيادة وأمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه. كما تباحث الزعيمان حول عدد من القضايا الإقليمية على رأسها أمن منطقة البحر الأحمر، والأوضاع في السودان وليبيا وسوريا. من جانبه؛ نقل الأمير محمد بن سلمان إلى الرئيس السيسى تحيات خادم الحرمين الشريفين، مؤكدا الأهمية التي توليها المملكة التعزيز العلاقات الثنائية ومواصلة البناء على الروابط التاريخية الممتدة بين البلدين والشعبين الشقيقين، لتحقيق المصلحة المشتركة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والتنموية. وفي ذلك السياق تم استعراض الجهود الجارية لتطوير الشراكة الاقتصادية المصرية السعودية، لاسيما في مجال تبادل الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين، والتكامل الاقتصادي في مجالات الطاقة والنقل والسياحة. وشهد الزعيمان في ختام المباحثات التوقيع على تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودي برئاسة الرئيس السيسي وولى العهد السعودي، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين. وقال السفير على الحفنى أمين عام المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن زيارة ولى العهد السعودي لمصر مطلوبة في هذا التوقيت ولقاء مهم مع الرئيس السيسي في ظروف صعبة، ويؤكد أن التشاور بين الرئيس وولى العهد مستمر خلال الـ الفترة المقبلة، للعمل على تسوية أزمات المنطقة، خصوصا أن أجندة الزعيمين للمرحلة المقبلة تحمل لشعوبهما الكثير من الرخاء والتنمية وتحتاج لتنفيذها مزيدا من الاستقرار والهدوء خاصة في محيط المنطقة العربية. ووفق السفير الحفنى فإن مصر والسعودية قوتان إقليميتان وتتسم الدبلوماسية الخاصة بهما بالرصانة، وتسعى كل منهما أن تحافظ على القدر المعيشى من الاستقرار في منطقة مضطربة منذ غزو العراق عام 2003، ثم أزمات الربيع العربي، ثم أحداث الحرب في غزة ولبنان خصوصا أن المنطقة سوف تشهد مزيدا من التوتر بسبب المواجهة بين إسرائيل وإيران وأضاف أن مصر دولة مقدرة عربيا ودورها كبير على المستوى العربي والدولي وبها مقر جامعة الدول العربية والسعودية لها دورها الكبير في المنطقة وتضم منظمة التعاون الإسلامي. لذا فاللقاء على هذا المستوى بين الرئيس السيسي والأمير بن سلمان خصوصا في ظل الأوضاع الحالية، مسألة مهمة ورسالة تحمل معاني كثيرة بأن التنسيق بين البلدين مستمر لمواجهة التحديات المتعاظمة عربيا ودوليا، والتي تمس الأمن | القومي المصرى والسعودي والعربي. وتمثل العلاقات المصرية السعودية ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، وتتسم بالعمق التاريخي والتعاون الاستراتيجي والتنسيق المستمر تجاه القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية. وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والتطورات في لبنان والمنطقة حيث يسعى البلدان لدعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم في ضوء ما يحظيان به من مكانة عالية على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية. ففي غزة، أكدت قيادتا البلدين الشقيقين أكثر من مرة موقفهما الثابت حيال المطالبة بوقف فوري للعمليات العسكرية في غزة، وحماية المدنيين، وايصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، وضرورة التوصل إلى حل سلمى ونهائي للقضية الفلسطينية، وفقا لمبدأ حل الدولتين. وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، ودعم الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة وتحقيق أماله وطموحاته. وفي لبنان عبرت قيادتا البلدين عن قلقهما من التصعيد الإسرائيلي في لبنان، وتضامنهما الكامل مع الشعب اللبناني الشقيق فى الأزمة الراهنة، وضرورة تمكين الدولة اللبنانية بكافة مؤسساتها من القيام بواجباتها وبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية. وجاءت زيارة ولي العهد السعودي إلى مصر امتدادا لحرص قيادة البلدين على تطوير العمل العربي المشترك، وتعزيز علاقات الشراكة كما ستسهم مستقبلا في فتح آفاق الشراكة والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وتعزيز وتحفيز الاستثمار المشترك، وتنمية التبادل التجاري. السفير الحفني قال من جهته إن سياسة مصر في عهد الرئيس السيسي، وسياسة المملكة تسيران في نفس الاتجاه، وفق شراكة كبيرة يغلب عليها الطابع الأخوى، وهو ما تشهده من حفاوة بين الزعيمين، فالزعيمان يحرصان على تجنب الانزلاق في أي مهاترات أو أمور جانبية، والقيام بمحاولات حثيثة في لعب أدوار في المنطقة بالشكل الذي لا يؤثر على جهود الدولتين في دفع عجلة التنمية والارتقاء بمستوى معيشة شعبيهما، ومواجهة أي تحديات سواء عربية أو دولية، خصوصا أن التوترات الدولية تتزايد بشكل يثير القلق. تطورت العلاقات الثنائية بين مصر والمملكة تطورا كبيرا، ما أسفر عن إبرام نحو 70 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة في البلدين. ويعمل البلدان حاليا على تعزيز شراكتهما الاقتصادية. ونقلها إلى آفاق أوسع لترقى إلى مستوى العلاقات التاريخية والاستراتيجية بينهما، عبر تحقيق التكامل بين الفرص المتاحة من خلال رؤية المملكة 2030»، و«رؤية مصر 2030 وزيادة وتيرة التعاون الاستثماري والتبادل التجاري وتحفيز الشراكات بين القطاع الخاص في البلدين، وتضافر الجهود لخلق بيئة استثمارية خصبة ومحفزة. وعززت المملكة ومصر علاقاتهما التجارية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 12.798 مليار دولار فى عام 2023، ويتطلع مجلس الأعمال المصرى السعودى لإنشاء تحالف اقتصادي بين البلدين، للدخول في أسواق ثالثة، وتحقيق التكامل بين قطاعات الأعمال في المشروعات والفرص الاستثمارية. على مستوى اتصالات القمة، ازدادت العلاقات التاريخية بين مصر والسعودية رسودًا فى عهد الرئيس السيسى، وترجمت في زيارات واتصالات لا تنقطع بين مسئولى البلدين بغرض تعزيز علاقاتهما ودعمها في مختلف المجالات، فالتنسيق الكامل والتشاور الدائم هو سمة العلاقات بين البلدين بهدف مواجهة كل ملفات المنطقة وأزماتها. وتدعم مصر والسعودية المبادرات السياسية والحلول السلمية لكل أزمات المنطقة، فى سوريا واليمن وليبيا والسودان، وفقا لقرارات مجلس الأمن والمبادرات الإقليمية والمرجعيات ذات الصلة بما يحافظ على استقرار هذه الدول ووحدة ترابها الوطنى، ويضع مصالحها الوطنية فوق كل الاعتبارات، ويؤسس لحل دائم يكفل الأمن والاستقرار الشعوب هذه الدول، بمعزل عن التدخلات الخارجية. ووفق حديث السفير على الحفنى، فإن ما يحدث في المنطقة والعالم يحتاج دائما إلى تشاور وتبادل وجهات النظر، والتنسيق بين الدولتين كقوتين إقليميتين يسهم في تحقيق الاستقرار المنشود لشعبي مصر والسعودية، ويحقق خطط التنمية بالبلدين عبر شراكات مستمرة. في سياق ذلك تراهن مصر على تنوع المقاصد في خريطتها السياحية لجذب الاستثمارات السعودية في مجال الفنادق والرحلات الداخلية بالمراكب. وجرت لقاءات مطلع الشهر الجاري في الرياض بين شريف فتحى، وزير السياحة والآثار، وأحمد الخطيب، وزير السياحة بالمملكة العربية السعودية، واتفقا على بعض أوجه التعاون المشترك خصوصا فى مجالات التسويق والترويج المشترك والحفاظ على البيئة. وأكد الجانبان المصرى والسعودي أهمية التكامل السياحي بين البلدين وحرص الدولتين على تعزيز وتحقيق هذا التكامل، كما ناقشا سبل زيادة فرص الاستثمارات السياحية السعودية فى مصر، خصوصا في المجال الفندقي. واستعرض فتحى التنوع الذي يتسم به المقصد السياحي المصرى من سياحة شاطئية وثقافية، في إشارة إلى الشواطئ المصرية المطلة على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، والآثار المتنوعة التي ترجع لحقب تاريخية مختلفة، بالإضافة إلى المزارات الإسلامية، ومنطقة التجلى الأعظم المرتبطة بسيدنا موسى ومناجاته ربه، وكذلك مسار رحلة العائلة المقدسة. وتحدث الجانبان المصرى والسعودى عن تشجيع الرحلات بالمراكب الداخلية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية بشكل عام، وبين المقاصد السياحية المصرية بشكل خاص، وكذلك تسهيل إجراءات الحصول على رخص بناء المنشآت الفندقية في مصر والتنسيق بين الشركات العالمية لإدارة الفنادق في مصر والسعودية لتنظيم برامج سياحية مشتركة. وحققت مصر فى العام الماضى 2023 رقما قياسيا في السياحة الوافدة، تمثل في استقبال 14.9 مليون سائح، بعوائد تصل إلى 13.6 مليار دولار. وأعلن مسئولون خلال مؤتمر السياحة والسفر بالسعودية في وقت سابق من هذا العام، أن السياحة السعودية الوافدة إلى مصر قاربت المليون سائح.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة