رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. نجلاء رأفت.. عميدة آداب القاهرة: فخورة بكونى أول سيدة تجلس على مقعد د. طه حسين


13-6-2025 | 20:29

د. نجلاء رأفت عميدة الآداب بجوار تمثال عميد الأدب العربى

طباعة
أعد الملف: محمد السويدى عدسة: ناجـى فـرح

هى العميد الـ33 لكلية الآداب جامعة القاهرة، وأول سيدة تجلس على مقعد الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى وأول عميد مصرى للكلية العريقة التى تأسست عام 1908 حين تأسست الجامعة الأهلية القديمة، جامعة القاهرة حاليًا، إنها الدكتورة نجلاء رأفت أستاذة اللغة العبرية وعميدة كلية الآداب بجامعة القاهرة.

تذكرت الدكتورة نجلاء رأفت أول مرة دخلت فيها كلية الآداب طالبة بالفرقة الأولى عام 1988، وقالت: «لم يكن يخطر ببالى حينها أن أكون يومًا ما عميدًا للكلية، كان لدى فقط شغف وطموح كبيرين أن أصبح معيدةً بعد التخرج، ومن ثم أستاذة جامعية فى المستقبل، فأكرمنى الله وأنعم على بأن أصبحت عميدة لكلية الآداب التى خرجت عظماء الفكر والأدب والثقافة فى مصر والعالم العربى فى المائة سنة الأخيرة، بعد أن مهد لهم الطريق الدكتور طه حسين أمثال. د. شوقى ضيف، ود. سهير القلماوي، ود. جمال حمدان، ود. زكى نجيب محمود، ود. حسين مؤنس، ود. إبراهيم مدكور، ود. محمد مندور، ود. عبدالعزيز الأهوانى، ود. حامد عمار، ود. عائشة عبدالرحمن «بنت الشاطئ»، ود. لويس عوض، ونجيب محفوظ، وأنيس منصور، وكثيرون جدًا غيرهم فى قائمة كبيرة من رموز وعظماء كلية الآداب، وهى تصفها بـ«براند» أكاديمى وتعليمى ذى سمعة محلية ودولية كبيرة».

 
 

«د. نجلاء»، أضافت: عندما التحقت بكلية الآداب، كنت أخطط لدخول أحد القسمين اللغة الإنجليزية أو اللغة الفرنسية، وكانت درجاتى فى المادتين فى الثانوية العامة تؤهلنى لأى منهما، ولكن لوائح الكلية حرمتنى من دخولهما، إذ كانت تشترط فى ذلك الوقت الحصول على الثانوية العامة من مدرسة لغات للتشعيب فى قسم اللغة الإنجليزية، أو أكون خريجة مدرسة الليسيه الفرنسية حتى ألتحق بقسم اللغة الفرنسية، وكلا الشرطين لم يتحققا، فكانت رغبتى التالية الالتحاق بقسم اللغات الشرقية، وفيه ندرس لغات الأمم الإسلامية وآدابها المتمثلة فى اللغات التركية والفارسية والأوردية، كذلك اللغات السامية وآدابها مثل العبرية والسريانية والحبشية، وكنت متفوقة جدًا فى اللغتين الفارسية والعبرية، وأذكر أن رئيس قسم اللغات الشرقية فى ذلك الوقت الدكتور إبراهيم شتا (رحمه الله) وكان أستاذًا للغة الفارسية عرض على التخصص فى لغته، ولكنى اخترت اللغة العبرية، إذ كنت وما زلت أجيدها بطلاقة.

عميدة الآداب فى حديثها، أوضحت أنه «بعد التخرج عام 1992، تم تعيينى معيدة للغة العبرية فى قسم اللغات الشرقية بالكلية، وتدرجت فى السلك الأكاديمى حتى أصبحت أول امرأة تحصل على الأستاذية فى اللغة العبرية الحديثة فى تاريخ الكلية والجامعات المصرية، وبعدها بعدة سنوات، تم تعيينى كأول سيدة تتولى إدارة مركز الدراسات الشرقية، وهو مركز له خصوصية شديدة وأبعاد تتعلق بالأمن القومى للبلاد، لذا شاركت فى ترجمة مقالات خاصة، يترتب عليها اتخاذ قرارات مهمة فى بعض الدوائر الرسمية، وتوليت رئاسة قسم اللغات الشرقية لمدة عامين ونصف العام، وفى أثناء ذلك جرى انتخابى منسقًا عامًا للبرامج الخاصة بالكلية».. وحول بقية تفاصيل هذه الرحلة الثرية وأمور أخرى كان الحوار التالى:

متى تم تعيينك عميدةً للكلية ومَن الذى أبلغك بالقرار؟

بينما كنت رئيسًا لقسم اللغات الشرقية ومنسقًا للبرامج الخاصة بكلية الآداب، رشحت نفسى للعمادة، وذات يوم وقبل منتصف الليل بقرابة نصف ساعة، فوجئت بمكالمة تليفونية من الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة السابق يهنئنى بقرار العمادة، وكان ذلك قبل عامين من الآن، طالبًا منى سرعة التواجد فى اليوم التالى لمباشرة مهام عملى كأول سيدة تتولى منصب العميد فى كلية الآداب.

هل تذكرين أول قرار بتوقيعك كعميد للكلية؟

منذ اليوم الأول لى فى المنصب أتعامل مع كلية الآداب كما لو كانت جامعة وهى فعلاً كذلك، إذ تضم 18 قسمًا أكاديميًا وتسعة برامج خاصة، وقد تأسست فى نفس الفترة التى تأسست فيها الجامعة الأهلية القديمة عام 1908، وبالمفهوم الشعبى الدارج، فإن عيد ميلاد الجامعة هو عيد ميلاد الكلية، وقد اتخذت قرارًا بربط الأقسام الدراسية والبرامج الخاصة ببعض وسد الفجوات بينها، ونفس الشيء بالنسبة للمؤتمرات والندوات المنبثقة عن تلك الأقسام، فضلاً عن تطوير الكلية من الناحية الأكاديمية، وهو ما كان يتماشى مع تكليفات إدارة الجامعة لى فى ذلك الوقت ولا تزال تلك التكليفات قائمة الآن من قِبل الدكتور محمد سامى عبدالصادق.

ماذا عن تعامل رئيس الجامعة معكم كسيدات فى مجلس الجامعة؟

بأمانة شديدة، وحقيقة وليست مجاملة، الدكتور محمد سامى عبدالصادق إنسان على درجة عالية من الأخلاق والتواضع، يحترم الصغير والكبير، كما يحترم العامل البسيط والأستاذ الجامعى على حد سواء، وهو عاشق لتراب جامعة القاهرة، وبالنسبة لتعامله معنا كسيدات عميدات فى مجلس الجامعة، يقدر عملنا جيدًا وينصت إلينا ويلبى كل ما تحتاجه كلياتنا ولا يفرق بين عميد رجل وعميدة سيدة، وهو حريص جدًا على اتباع اللوائح والحيثيات القانونية قبل عرض أى أمر عليه ولا سيما بروتوكولات التعاون مع الجهات خارج الجامعة، ولا يقبل بأى اتفاق أو بروتوكول مع كيانات صغيرة، قائلاً فى ذلك إن جامعة القاهرة كبيرة وعريقة، وكذلك كلياتها ولا بد أن تكون الجهات المتعاونة معها على نفس الدرجة أو قريبة منها فى المكانة العلمية والأكاديمية، جامعة أمام جامعة وكلية أمام كلية ومركز أمام مركز وهكذا، فإذا تأكد من سلامة كل هذه الأمور واللوائح من خلال مستشاريه يوافق على الفور.

حدثينا عن شعورك وأنتِ تجلسين على مقعد الدكتور طه حسين؟

شعور لا يُوصف ويضعنى دائمًا فى تحدٍ بجعل كلية الآداب فى الصدارة دائمًا كما كانت فى عهد الدكتور طه حسين، منارة علمية وأدبية متألقة، وأعتبر وجودى فى هذا المنصب بمثابة وسام على صدرى وأكبر من كل الجوائز أن أجلس على مِقعد عميد الأدب العربى وأول عميد مصرى لكلية الآداب.

ماذا فعلتِ لتكريم الرائدات الأوليات لكلية الآداب؟

كلية الآداب عامرة وزاخرة برموز الفكر والأدب والثقافة الذين تعلموا فى قاعاتها ومدرجاتها وتخرجوا فى أقسامها، ذكورًا وإناثًا على حد سواء، ولكن تبقى للدكتورة سهير القلماوى أستاذة الأدب العربى الراحلة فى تسعينيات القرن الماضى قيمةً كبيرةً لدى كل الإناث والسيدات بكلية الآداب عبر عشرات السنين الماضية، ولم لا وهى التلميذة النجيبة للدكتور طه حسين، وأول امرأة مصرية تحصل على الماجستير فى الآداب فى قسم اللغة العربية تحت إشرافه عام 1937، ثم صارت رئيسًا لقسم اللغة العربية خلال الفترة من 1958 – 1967، وكان حينها عميد الأدب العربى أستاذًا غير متفرغ بقسم اللغة العربية، وتقديرًا لدورها وتاريخها الحافل بالعطاء والتنوير، فقد قررت إطلاق اسمها على أحد قاعات الكلية بمبناها الإدارى والتاريخى، لتكون مخصصة للندوات والمؤتمرات العلمية.

ولأن كلية الآداب لم تنس فضل الأميرة فاطمة إسماعيل ابنة الخديوى إسماعيل فى بناء جامعة القاهرة وكذلك كلية الآداب، فقد تم وضع لوحة رخامية داخل الكلية منذ سنوات طويلة مكتوب عليه «ذكرى عطرة للأميرة فاطمة إسماعيل التى أسهمت فى بناء الكلية».

ننتقل بعد ذلك للحديث عن دور المرأة حاليًا داخل كلية الآداب على كافة المستويات الأكاديمية والإدارية والطلابية أيضًا.. كيف هذا الدور؟

للمرأة دور كبير وجليل فى إثراء العملية التعليمية والإدارية داخل الكلية منذ زمن بعيد وحتى الآن، وقد تعاظم دورها فى السنوات العشر الأخيرة، لك أن تتخيل أن 72فى المائة من أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين والهيئة المعاونة بالكلية من الإناث بواقع 581 فردًا مقابل 227 من الذكور بنسبة 28فى المائة، وبالنسبة للجهاز الإدارى والعاملين، تمثل الإناث الأكثرية بإجمالى 141 بنسبة 56.6فى المائة مقابل 108 من الذكور، كما تستحوذ المرأة على أغلب مقاعد رؤساء الأقسام بالكلية بواقع 11 سيدة مقابل 7 رؤساء لمجالس الأقسام من الذكور، ولدينا وكيلة واحدة سيدة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة مقابل اثنين من الوكلاء الرجال لشئون الطلبة والدراسات العليا، وحتى طالبات الكلية عددهن أكثر من ضعف عدد الطلاب الذكور، 8596 طالبة بكل الفرق الدراسية فى العام الدراسى 2024/ 2025 بنسبة تمثل 70فى المائة مقابل 3692 من الطلاب الذكور بنسبة 30فى المائة.

ما أكثر أقسام الكلية إقبالاً من الطلبة؟

قسم المكتبات والوثائق والمعلومات أكثر أقسام الكلية حاليًا التى يُقبل عليها الطلبة والطالبات، ويرجع السبب فى ذلك إلى فكرة الرقمنة والذكاء الاصطناعى والديجيتال التى تسيطر على سوق العمل وتناسب خريجى القسم، كما أن أقسام اللغات وفى مقدمتها اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية تشهد هى الأخرى أعدادًا كبيرة من الطلبة تقترب من أعداد المقبلين على قسم المكتبات والوثائق والمعلومات.

ألا تخشين من تراجع الإقبال على الكلية فى ظل العلوم التكنولوجية الحديثة ومن بينها الذكاء الاصطناعى؟

إننى من المؤمنين بضرورة ربط العلوم الحديثة مثل الذكاء الاصطناعى بالعلوم الإنسانية فى كلية الآداب، لذلك لم يساورنى الخوف لحظة على مستقبل الكلية ولا أقسامها، فكما قلت الكلية «براند علمى وأكاديمى» يتمتع بسمعة محلية ودولية، وفى هذا السياق نظمت الكلية فى نوفمبر الماضى مؤتمرًا علميًا كبيرًا بعنوان الذكاء الاصطناعى ومستقبل العلوم الإنسانية والاجتماعية، بمشاركة وفود أجنبية وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية، وقد نجح المؤتمر نجاحًا كبيرًا أشاد به الجميع وفى مقدمتهم رئيس الجامعة الدكتور محمد سامى عبدالصادق، والدكتور محمود السعيد نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا، وتبين من خلال مخرجات هذا المؤتمر أن كلية الآداب ليست بمنأى عن التطور التكنولوجى وهى تواكبه وتوظفه لصالح المنتسبين للكلية أساتذة وطلابًا.

أعلنت كلية الآداب مؤخرًا عن احتفال كبير بمئويتها .. هل لنا أن نتعرف على مظاهر هذه المئوية؟

احتفالات كلية الآداب بالمئوية مستمرة حتى نهاية 2025 بعدد كبير من الفعاليات والندوات والمؤتمرات والأنشطة الطلابية المختلفة ثقافية وفنية ورياضية وعلمية واجتماعية، وقد تم الاستقرار على شعار رسمى تندرج تحته كل هذه الفعاليات (مئة عام من التنوير والإبداع) لتجسيد مسيرة قرن من العطاء العلمى والثقافى والوطنى فى كنف الجامعة المصرية التى تأسست عام 1925، ولن ننسى بالطبع تاريخ الكلية الزاخر بالعطاء والتنوير فى كنف الجامعة الأهلية القديمة منذ عام 1908 وحتى 1925، هذا وسوف تقدم الكلية فيلمًا وثائقيًا خاصًا بهذه المناسبة التاريخية، يوثق تاريخ كلية الآداب منذ نشأتها وحتى اليوم، ويتناول أبرز المحطات فى رحلتها المتميزة، ويضم شهادات عدد من أبرز رموز الفكر والثقافة الذين مروا من هذه الكلية العريقة، سواء كانوا من أعضاء هيئة التدريس أو من خريجى الكلية الذين أسهموا فى تشكيل الوعى المصرى والعربى، بالإضافة إلى طباعة مجلد عن رموز وأعلام الكلية فى مائة عام، يتناول سيرهم العطرة فى الثقافة والآدب والفن والتنوير والإبداع، ليس هذا فحسب سوف تقوم الكلية بتشييد جدارية فى مدخلها تتناول رموز الكلية فى مائة عام بمعرفة أساتذة وطلاب كلية الفنون التطبيقية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة