تُعد ذكرى دخول العائلة المقدَّسة إلى أرض مِصر من الأمور التى يحتفل بها المِصريُّون جميعـًا؛ فقد تباركت مِصر وأرضها وشعبها بهٰذه الزيارة، وأصبح مجيء السيد المسيح وأمه السيدة العذراء مريم، يصحَبهما يوسُف النجار و«سالوميّ»، من أهم الأحداث التى جرت على أرض مِصرنا الغالية فى تاريخها الطويل
بدأت رحلة العائلة المقدسة مع ظهور ملاك من السماء ل - يوسف النجار» فى حلم محذرًا إياه من غضب الملك هيرودس وسعيه لقتل السيد المسيح، ثم أمره قائلا: ««قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك. لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه... (مت 2:13) ولم يتوان «يوسف النجار»، فأخذ الصبي وأمه وصحبتهم «سالومي» هاربين من وجه الشر إلى «مصر». وقد بدأ لجوؤهم إلى «مصر» ليلا.
رحلت العائلة المقدسة كأمر الملاك من بيت لحم» في «فلسطين» إلى «غزة» حتى محمية الزرانيق» (الفلوسيات) غرب العريش» بسبعة وثلاثين كيلومترا لتدخل أرض «مصر» عن طريق «سيناء» من جهة الشمال من «الفرما». ثم وصلت العائلة المقدسة إلى مدينة «تل بسطا» (بسطه) قرب مدينة الزقازيق» بمحافظة «الشرقية» حيث أنبع السيد المسيح عين ماء، وتهاوت الأوثان على الأرض ما إن دخلها وقد سبب هذا ذعرا بين أهل المدينة فأساءوا معاملة العائلة
المقدسة لتترك المدينة وتتوجه نحو الجنوب. بعد مغادرة تل بسطا» والتحرك جنوبا، وصلت العائلة المقدسة بلدة مسطرد» (المحمة) التي أطلق عليها هذا الاسم لأن السيدة العذراء أحمات السيد المسيح وغسلت ملابسه فيها، وأيضا أنبع السيد المسيح فيها نبع ماء ما يزال إلى اليوم.
ثم تحركت العائلة المقدسة من «مسطرد» شمالا نحو «الشرق» إلى مدينة بلبيس فيلبس في مركز «بلبيس» بمحافظة «الشرقية»، واستظلت هناك عند شجرة عرفت باسم شجرة مريم». ثم اتجهت العائلة المقدسة من «بلبيس» شمالا لتمر بـ «الزقازيق وتواصل رحلتها إلى «منية سمنود» منية جناح)، وتمر ببلدة دقادوس» حيث شربت من إحدى آبارها.
وعبرت العائلة المقدسة نهر النيل من منية سمنود» إلى مدينة سمنود» (جمنوتي - ذب (نثر) داخل الدلتا، وهناك استقبلها شعب البلدة استقبالا حافلا مباركه السيد المسيحوبارك بئر ماء بالمدينة. وقد ذكرت بعض المصادر التاريخية أن السيدة العذراء، أثناء وجودها هناك عجنت في ماجور كبير بالمدينة مصنوع من الجرانيت موجود حتى الآن.
وترتحل العائلة المقدسة من مدينة سمنود» إلى منطقة «البرلس» لتصل إلى مدينة «سخا» الموجودة حاليا في محافظة كفر الشيخ وذكر أن قدم السيد المسيحظهرت على أحد الأحجار فيها، إلا أن هكذا الحجر قد اختفى ثم أعيد اكتشافه في عام 1984م. وفى أثناء هذه الانتقالات من «سمنود» إلى «سخا»، مرت العائلة المقدسة بكثير من البلاد التابعة لمحافظتى الغربية» «كفر الشيخ»، ويقول البعض إنها عبرت في طريقها براری «بلقاس».
ومن «سخا» عبرت العائلة المقدسة مرة أخرى نهر النيل فرع رشيد إلى غرب الدلتا لتتجه ناحية الجنوب إلى وادى النطرون». وفى الطريق إلى هناك مرت بنبع «الحمرا»: حيث أنبع السيد المسيح نبع ماء عذب أطلق عليه اسم «بئر مريم» وهو يقع وسط البحيرات الممتلئة بملمح النطرون.
ثم تتجه العائلة المقدسة من وادى النطرون جنوبا إلى مدينة «القاهرة» حيث عبرت نهر النيل إلى الناحية الشرقية متجهة ناحية المطرية» و«عين شمس»، وفي تلك الأثناء كان يسكن منطقة «عين شمس عدد كبير من اليهود كان لهم معبد يسمى بمعبد «أونياس». وفي المطرية». استظلت العائلة المقدسة تحت شجرة لتترك لنا أثرا عظيما هو الشجرة التي تعرف باسم شجرة مريم»، وأيضا أنبع السيد المسيح عين ماء شرب منه وباركه. كما ذكر أن السيدة العذراء غسلت في تلك البئر ملابس السيد المسيح، ثم صبت الماء على الأرض فنبت فيها نبات عطرى يسمى «البلسم أو البلسان».
سارت العائلة المقدسة من المطرية» و«عين شمس» إلى «مصر القديمة حيث مرت بمنطقتي «الزيتون» و وسط البلد» حيث كنيسة السيدة العذراء الأثرية بحارة زويلة، وكذلك العزباوية بمنطقة كلود بك»، ومع وصول العائلة المقدسة إلى «مصر القديمة» تحطمت الأوثان فيها فثار والى الفسطاط» وسعى إلى قتل السيد المسيح فأسرعت العائلة بالتحرك جنوبا لتصل إلى منطقة «المعادى» «منف» عاصمة مصر القديمة، تاركة وراءها أحد أهم الآثار في «مصر القديمة» هو الكهف أو المغارة التي لجأت إليها في كنيسة أبي سرجة والسلم الحجري الذي نزلت عليه العائلة المقدسة إلى ضفة النيل من «المعادي» متجهة جنوبا نحو الصعيد في مركب شراعى بالنيل المكان الذي أقيمت عليه الآن كنيسة السيدة العذراء. وفى طريقها مرت بقرية «أشنين النصارى»، متجهة إلى قرية دير الجرنوس» بمركز مغاغة» ديث بئر عميقة يذكر أن العائلة المقدسة شربت منها.
ومرت أيضا ببقعة تسمى «بيت يسوع» شرقي «البهنسا» مكانها الآن قرية «صندفا»، «بنى مزار»
وارتحلت العائلة المقدسة من بلدة «البهنسا» ناحية الجنوب حتى بلدة سمالوط»، ثم عبرت النيل ناحية الشرق حيث دير السيدة العذراء» في «جبل الطير» شرق سمالوط». ويعرف الجبل باسم جبل الطير لأن الوفا من طائر البوقيرس» تجتمع فيه، كما عرف باسم «جبل الكف» بسبب حدث تعرضت له العائلة في رحلتها؛ ففي أثناء عبورها نهر النيل ومرورها بجوار الجبل، كادت صخرة كبيرة تسقط عليها: فمد السيد المسيح يده ومنعها من السقوط وانطبع أثر لكفه على الصخرة.
ومن جبل الطير» إلى «الشيخ عبادة» «بير السحابة». أتصرنا» حيث أنبع السيد المسيح بئر ماء عذب ثم مرت العائلة المقدسة بقرية بنى حسن جنوبا، وعبرت نهر النيل إلى «الروضة» غربا لتصل إلى الأشمونين». بعد ذلك اتجهت العائلة إلى ديروط أم نخلة في الجنوب حيث أنبع السيد المسيح بئر ماء عذب، ثم سارت العائلة إلى «ملوى» دير الملاك»، وعبرت النيل شرقا لتصل إلى تل العمارنة». وفي الطريق استراحت العائلة المقدسة على «كوم بـ «دير أبو حنس» ويطلق عليه «كوم ماريا». ثم أكملت الرحلة فأبحرت من تل العمارنة متجهة جنوبا ناحية ديروط الشريف»، ثم إلى قرية «قسقام» «قوست - قوصيا» وهناك حدث أن الصنم الذي كان يعبده أهل المدينة تهاوى وتحطم فطرد أهل البلد العائلة المقدسة وقد صارت المدينة خرابا فيما بعد. وعلى النقيض من ذلك، اتجهت العائلة إلى بلدة «مير» (ميره) غرب القوصية حيث أكرمها أهلها، وباركهم السيد المسيح وأمه السيدة العذراء.
تحركت العائلة المقدسة من مير» إلى «جبل قسقام» حيث الآن دير المحرق»، ومكثت هناك ستة أشهر وعشرة أيام في إحدى المغارات وهى الآن هيكل كنيسة السيدة العذراء الأثرية بالدير واستقرت العائلة المقدسة هناك حتى ظهر الملاك ليوسف مرة أخرى قائلا: «قم خذ الصبي وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل، لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي .» (مت ۲:۲۰)، لتعود العائلة المقدسة إلى أرض «فلسطين».
وفي طريق العودة، سلكت العائلة المقدسة طريقا أخرى تنحرف جنوبا حتى جبل أسيوط الغربي باركته، ومنه إلى «مصر القديمة»، ثم «المطرية»، ثم «المحمة» «مسطرد» و منها إلى «سيناء» فـ «فلسطين» حيث عادت إلى قرية الناصرة» في «الجليل».
ومن المعروف أن «مصر» هي البلد الوحيد الذي لجأت إليه العائلة المقدسة وعاشت فيه، ليحفظ هذا الحدث في تاريخها، ولتتمتع ببركات لا تنتهي