يواصل الوسطاء تحركاتهم المكثفة لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة نحو مرحلته الثانية، في خطوة من شأنها فتح آفاق أوسع لانسحاب إسرائيلي أشمل، والشروع في جهود إعادة الإعمار، وذلك وفقًا لما نصّت عليه الخطة الأمريكية المطروحة لإنهاء الحرب.
تحركات مكثفة
واجتمع في مدينة ميامي الأمريكية، الجمعة، وفود من الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، لمراجعة تنفيذ المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، ولدفع الاستعدادات للمرحلة الثانية قدمًا.
وحسب ما أعلنه المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، في بيان مشترك عن الحضور، فإن المرحلة الأولى من الاتفاق أحرزت تقدمًا شمل توسيع نطاق المساعدات الإنسانية، وإعادة جثامين محتجزين، وانسحابات جزئية للقوات الإسرائيلية، إضافة إلى خفض مستوى الأعمال العدائية.
وذكر المبعوث الأمريكي أن النقاشات المتعلقة بالمرحلة الثانية في الاجتماع ركزت على تمكين هيئة حكم في قطاع غزة، في إطار سلطة غزّية موحّدة، بما يضمن حماية المدنيين والحفاظ على النظام العام.
وناقش المجتمعون كذلك إجراءات الاندماج الإقليمي، بما في ذلك تسهيل التجارة، وتطوير البنية التحتية، والتعاون في مجالات الطاقة والمياه وغيرها من الموارد المشتركة، باعتبارها عناصر أساسية لتعافي قطاع غزة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وتحقيق الازدهار على المدى الطويل، وفق المصدر ذاته.
وأعربوا عن دعمهم للتأسيس القريب والتشغيل الفعلي لـ«مجلس السلام»، بوصفه إدارة انتقالية تتولى المسارات المدنية والأمنية ومسار إعادة الإعمار، وفق ما ذكره «ويتكوف».
وأكد ويتكوف أن المشاورات ستتواصل خلال الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية قدمًا.
هذا، ومن المقرر أن يعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في لقائهما المرتقب في 29 ديسمبر الجاري، مخطط التقدم بالمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وفق ما أفادت به صحيفة «هآرتس» العبرية عن مصادر، اليوم.
وحسب المصادر، فإن إسرائيل قلقة من البند الذي يربط نزع سلاح حماس بمواصلة انسحاب جيش الاحتلال من القطاع.
وكانت تقارير إخبارية قد أفادت بأن ترامب يعتزم الإعلان عن المرحلة الثانية من اتفاق غزة قبل نهاية الشهر الجاري.
حماس تبحث المرحلة الثانية
في سياق متصل، التقى وفد من حركة حماس، برئاسة خليل الحية، أمس السبت، في مدينة إسطنبول التركية، مع رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن، حيث تناول اللقاء مجريات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسبل استكمال الاحتلال تنفيذ التزاماته في المرحلة الأولى والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأكدت حماس، خلال اللقاء، التزام المقاومة باستمرار وقف إطلاق النار، رغم الانتهاكات «الصهيونية» المستمرة والخروقات المتكررة التي يرتكبها جيش الاحتلال، والتي أسفرت عن ارتقاء أكثر من 400 شهيد منذ بدء سريان الاتفاق، مشددة على ضرورة وقف هذه الخروقات المتواصلة، حسب بيان صادر عنها.
وبحث اللقاء الجهود المبذولة لتهيئة الظروف اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية لمعالجة القضايا العالقة، كما جرى التأكيد على ضرورة تعزيز وحدة الصف الفلسطيني والحفاظ على الثوابت الوطنية، وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ولا تتوقف إسرائيل عن انتهاك وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث أوقعت منذ سريان الاتفاق، في أكتوبر الماضي، 401 شهيدًا، إلى جانب 1,108 مصابين.
وفي التاسع من أكتوبر 2025، أُعلن عن التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بدأ سريانه في اليوم التالي، وذلك خلال مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وفصائل فلسطينية تقودها حركة حماس، استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية، في إطار الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويُعدّ هذا الاتفاق الثالث من نوعه منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على القطاع، إذ تمّ التوصل إلى الاتفاق الأول في نهاية نوفمبر 2023 واستمر سبعة أيام، تلاه اتفاق ثانٍ في يناير 2025 دام نحو 58 يومًا، قبل أن ينهار كلاهما بسبب التعنّت الإسرائيلي.
وأوقف هذا الاتفاق حرب الإبادة الإسرائيلية التي استمرت لعامين ضد المدنيين العزّل في قطاع غزة، وأسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 241 ألف شخص، فضلًا عن دمار هائل لحق بالمنازل السكنية والبنى التحتية، ومجاعة أودت بحياة مئات الأشخاص.