رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

بشهادة «اليونسكو».. «الكشرى».. «خلطة» مصرية تحقق العالمية


20-12-2025 | 11:44

.

طباعة
تقرير: منة خضر عدسة: ناجى فرح

فى خطوة تعكس اهتمامًا متزايدًا بالموروث الغذائى باعتباره جزءًا من الهوية الثقافية المصرية، جاء إدراج الكشرى على قائمة التراث الثقافى غير المادى لمنظمة اليونسكو ليضع هذا الطبق الشعبى فى سياق جديد، يتجاوز كونه وجبة يومية منتشرة فى الشارع المصرى، إلى كونه عنصرًا ثقافيًا له امتداد اجتماعى وحضور متنامٍ خارج الحدود، ويعيد هذا الإدراج طرح تساؤلات حول كيفية التعامل مع الأكلات التراثية، ليس فقط بوصفها جزءًا من الذاكرة الشعبية، وإنما باعتبارها مجالًا من مجالات الترويج الثقافى المنظم.

وفى هذا السياق، أوضح مجدى الوليلى، أحد مسئولى غرفة الحبوب، أن «إدراج الكشرى تراثيًا يمنح مصر فرصة لإعادة تقديم أحد أكثر أطباقها الشعبية انتشارًا فى إطار ثقافى واضح، خاصة فى ظل تنامى الاهتمام العالمى بالمطابخ التقليدية المرتبطة بالهوية المحلية، والاعتراف الدولى بالأكلات الشعبية غالبًا ما يسهم فى إعادة تنظيم حضورها، سواء من حيث التسويق أو التوثيق أو تطوير طرق تقديمها دون المساس بجوهرها، إضافة لكونها فرصة تسويقية مهمة للمطبخ المصرى، لا سيما فى أسواق أوروبا والولايات المتحدة، حيث يزداد الإقبال على الأطعمة التى تحمل خلفية ثقافية واضحة.

وأضاف «الوليلى»، أن «الكشرى يتمتع بميزة الانتشار خارج الحدود»، مستشهدًا بوجود محال كشرى مصرية بالفعل فى عدد من الدول العربية، من بينها السعودية والإمارات وقطر، وهو ما يعكس قدرة الطبق على الوصول إلى شرائح مختلفة من المستهلكين، وموضحًا أن «بعض مكونات الكشرى، وعلى رأسها الحمص والعدس، يتم استيرادها من دول مثل الهند وروسيا، فى حين يُعاد تصدير نسبة من هذه الكميات بعد التعبئة أو التصنيع إلى دول أخرى، من بينها جيبوتى والسودان.

واعتبر أن إدراج الكشرى تراثيًا يمكن أن يسهم فى تنظيم هذه الدورة التجارية، بما ينعكس على تشغيل المصانع المرتبطة بقطاع الحبوب والبقوليات، وتوفير فرص عمل، وتحسين حركة التبادل التجارى فى هذا القطاع .

هناك محال كبرى وسلاسل متخصصة فى عالم الكشرى لها عشرات الفروع تمتلئ يوميا بالآلاف من عُشاق هذا الطبق المميز، حسبما يقول طارق يوسف، رئيس مجلس إدارة كشرى أبو طارق، إن «بداية المطعم كانت بعربة صغيرة، قبل أن يتطور النشاط تدريجيًا إلى كيان منظم يحمل اسمًا تجاريًا مسجلًا».

وأشار إلى أن «المطعم سجل حضورًا لافتًا عندما دخل موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية بعد إعداد أكبر طبق كشرى فى العالم بقطر، وصل إلى نحو 10 أمتار وبوزن تجاوز 8 أطنان، جرى تقديمه لآلاف الأشخاص ضمن فعالية ترويجية للسياحة فى مصر، مع التبرع بجزء من الكمية لبنك الطعام المصري».

وأضاف أن «ما يميز الكشرى هو كونه وجبة مناسبة لشرائح واسعة من المجتمع، بمن فى ذلك النباتيون، كما يتناسب مع فترات صيام الأقباط، فضلًا عن كونه وجبة متكاملة من حيث القيمة الغذائية وتعتمد على مكونات بسيطة ومشبعة»، مؤكدًا أن «الحفاظ على جودة الكشرى يعتمد على معايير واضحة فى اختيار الخامات، وتوازن المكونات داخل الطبق، وطريقة التعبئة والتقديم، وهى عناصر تميز الكشرى الجيد عن غيره».

وأوضح «طارق» أن «مكون الطماطم يُعد من أكثر العناصر تأثرًا بتقلبات الأسعار، نظرًا لعدم استقرار سعره، إلا أن المطعم يحاول قدر الإمكان تجنب رفع أسعار الأطباق، مع الاعتماد على تحديد السعر وفق حجم الطبق والكميات المقدمة، حيث تتراوح الأسعار بين مستويات مختلفة تناسب شرائح متعددة من الزبائن».

من جانبه، قال أحمد شاكر، مدير العلاقات العامة بـ«أبو طارق»، إن «المطعم يستقبل زوارًا من جنسيات مختلفة، من أوروبا ودول الخليج على وجه الخصوص، موضحًا أن التعامل مع السياح يتم وفق أسلوب مهنى يراعى تقديم تجربة احترافية، سواء من خلال شرح مكونات الطبق أو طريقة تناوله».

وأضاف أن «كثيرًا من الزوار يبدون اهتمامًا بتوثيق تجربتهم، وبعضهم يكرر الزيارة أكثر من مرة خلال وجوده فى مصر، بينما يحرص آخرون على اصطحاب الكشرى معهم لتقديمه لأفراد عائلاتهم فى الخارج»، مشيرًا إلى أن الحفاظ على نفس مستوى الجودة والمذاق يمثل أولوية أساسية، وهو ما يتطلب الاعتماد على خامات مستقرة قدر الإمكان، وتدريب العاملين على التعامل المنظم مع الزبائن، خاصة فى فترات الذروة.

 وأوضح أن الإقبال السياحى على تجربة الكشرى شهد تزايدًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، متوقعًا أن يشهد هذا الإقبال زيادة أكبر بعد إدراج الكشرى على قائمة التراث الثقافى غير المادى، باعتباره طبقًا يمثل جزءًا من الثقافة المحلية التى يحرص كثير من السياح على التعرف عليها.

وفيما يخص أسعار أطباق الكشرى، قال عمرو محمد، عامل بمطعم كشرى بمنطقة عين شمس، إن «سعر طبق الكشرى الصغير يبدأ حاليًا من نحو 20 جنيهًا بينما يتراوح سعر الطبق المتوسط بين 30 و45 جنيهًا ويصل سعر الطبق الكبير «جامبو سبيشيال» إلى نحو 50 جنيهًا بحسب الكمية المقدمة، بينما وصل سعر «كيس الكشرى» إلى 17 جنيها بعد أن كان سعره 8 جنيهات فقط خلال عام 2022.

 وأوضح أن هذه الأسعار ارتفعت مقارنة بالسنوات الماضية، حيث كان سعر الطبق يتراوح بين 10 جنيهات بالنسبة للأطباق الصغيرة و17 و22 و24 جنيهًا بالنسبه للأطباق الكبيرة خلال عام 2022»، مشيرًا إلى أن الزيادة تعود إلى ارتفاع أسعار بعض المكونات وتكاليف التشغيل، مع تأكيد أن المحال تحاول تثبيت الأسعار لأطول فترة ممكنة وعدم رفعها إلا عند الضرورة.

ورغم أن إدراج الكشرى فى التراث الثقافى غير المادى يمثل خطوة مهمة، فإن تجارب دول أخرى تشير إلى أن الاعتراف الدولى بالأكلات الشعبية يمكن أن يتجاوز الإطار الرمزى إذا ما تم التعامل معه بشكل منظم، ففى عام 2013، أدرجت اليونسكو تقنيات إعداد السوشى اليابانى ضمن قائمتها للتراث غير المادى، وهو ما أسهم فى تعزيز حضوره عالميًا وربطه بالسياحة والثقافة الغذائية اليابانية، وتحويله إلى تجربة متكاملة تتجاوز كونه مجرد وجبة.

أخبار الساعة