رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«MLDC».. تجربة حية فى بناء الإنسان


19-12-2025 | 13:54

.

طباعة
بقلم: د. ريهام أنسي

في خضم التطور التكنولوجي المتسارع وتزايد التوقعات المجتمعية، لم يعد التسويق الرقمي الحكومي مجرد ترف، بل أصبح ركيزة استراتيجية لتعزيز الشفافية وبناء الثقة بين الدولة والمواطن، وفي هذا السياق، يبرز مركز التنمية المحلية للتدريب بسقارة «MLDC»، التابع لوزارة التنمية المحلية، كنموذج ريادي في توظيف الاتصال والحوكمة لدفع عجلة التنمية. لقد تحول المركز، الذي تأسس في عام 1984 لرفع كفاءة العاملين وإعداد القيادات، إلى منارة فكرية ورقمية لجهود التنمية المحلية في جميع أنحاء الجمهورية.

 

ويؤكد الأداء القياسي وبرامج بناء الكفاءات خلال الفترة من سبتمبر 2024 إلى سبتمبر 2025، أن مركز سقارة شهد طفرة نوعية في أدائه، متجاوزاً خطته الطموحة، فبدلاً من العدد المستهدف من المتدربين البالغ 6500، استقبل المركز فعلياً 7673 متدرباً، عبر 123 دورة تدريبية، ليعكس هذا الأداء تحولاً نحو الكثافة التدريبية والوصول الكمي، حيث استهدفت البرامج شرائح متنوعة من رؤساء المراكز والمدن والأحياء إلى مديري إدارات التحول الرقمي والتخطيط العمرانى، وقد اتجهت محاور التدريب نحو التخصص النوعي ومواكبة المستجدات، متسقة مع رؤية مصر 2030، وشمل ذلك مجالات حيوية مثل: ( التحول الرقمي واستخدام لغة Python في تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي- الحوكمة المراجعة الداخلية، التشريعات، والقضايا- التنمية المستدامة ومواجهة التغيرات المناخية- برامج تأهيل القيادات مثل «إعداد مدربين TOT» وإعداد قادة المستقبل). بالإضافة إلى ذلك، اعتمد المركز آليات انتقاء صارمة للمتدربين، تضمنت اختبارات تحريرية وعملية ومقابلات شخصية، لتقييم المهارات الفنية والإدارية والسلوكية، مما يعزز رسالة العدالة والشفافية. وتتجسد الجودة في حصول المركز على شهادة الأيزو ISO 21001:2018، مؤكداً التزامه بأعلى المعايير في المؤسسات التدريبية.

لم تقتصر جهود المركز على التدريب الداخلي، بل امتدت لتشمل شبكة واسعة من الشراكات الاستراتيجية لتعميق الأثر الوطني والدولي. فقد أضفت بروتوكولات التعاون بعداً استراتيجياً للبرامج، جمعت بين (البعد الأمني: التعاون مع الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا لبرامج مثل «المتغيرات الاستراتيجية والأمن القومي- البعدين المجتمعي والمهني: الشراكة مع المجلس الوطني للتدريب والتعليم واتحاد «بشبابها - البعد الدولي: التعاون المتكرر مع جهات دولية مثل الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لدعم تنمية صعيد مصر. كما شهد المركز عملية تطوير هيكلي وبنية تحتية شاملة، وتُوجت هذه الجهود بتسلم شهادة اعتماد قومي مرموق ضمن دليل مراكز التدريب المعتمدة وطنياً. وتتمثل ذروة هذا التطور في مشروع إنشاء «مركز محاكاة متكامل» لإدارة المخلفات ممول بمنحة من كوريا الجنوبية، مما يشكل طفرة نوعية في إمكانيات المركز التدريبية.

حوكمة الاتصال وبناء الصورة الذهنية الإيجابية تبنى المركز «استراتيجية تواصل حوكمة متكاملة» تهدف إلى بناء سردية استراتيجية موحدة حول إصلاح المنظومة الإدارية. تميزت التغطية الإعلامية بـ:

الربط المستمر بالرؤية الكبرى: ربط جميع الأنشطة بـرؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة 2024-2027 مما يعمق الشرعية السياسية للمركز.

إعلام النتائج والأرقام: التحول من مجرد «الإعلام الإنشائي» إلى التركيز على المخرجات القابلة للقياس، مثل الإعلان عن تدريب أكثر من 10437 متدرباً، مما عزز المصداقية وفقاً لمبدأ الاتصال القائم على البيانات.

توظيف ذكي لوسائل التواصل: استخدام منصات متعددة مثل الفيسبوك والإنستجرام، مع نجاح ملحوظ في زيادة الوصول والتفاعل، حيث ارتفع عدد المتابعين بـ 165.2 في المائة، وبلغ إجمالي الوصول 3.6 مليون، كما ركز الخطاب الإعلامي بشكل خاص على تمكين المرأة القيادية من خلال برنامج «تأهيل القيادات النسائية» الذي يركز على نقل الخبرات الميدانية من قيادات ناجحة.

على الرغم من النجاح الإعلامي الكبير، أشار التقرير إلى فجوة في قياس الأثر الفعلي للتدريب على أداء المتدربين وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن. ولتعزيز المصداقية على المدى الطويل، قدم التقرير توصيات استراتيجية، أبرزها:

الإعلام القائم على الأثر (Outcomes-Based Communication): تصميم حملات ممولة تركز على قصص نجاح حقيقية للمتدربين وكيف أدت لتقليل زمن استخراج الخدمات للمواطن.

حوكمة التدريب: تطوير آليات لقياس العائد على الاستثمار (ROI) في التدريب من خلال إجراء دراسات أثر منهجية تربط نتائج التدريب مباشرة بمستهدفات التنمية.

تطوير المنصات الرقمية: الاستغلال المكثف لمنصة LinkedIn لبناء صورة ذهنية احترافية، وزيادة إنتاج محتوى الفيديو القصير (Reels) لنقل وتسويقية هادفة.

تعزيز الشفافية: توحيد ونشر معايير اختيار المتدربين والمدربين، وبناء بوابة إلكترونية تفاعلية لتكون مرجعاً لخطة التدريب ونتائج القبول وتقارير قياس الأثر.

في الختام، يمثل مركز سقارة نموذجاً للتسويق الرقمي الحكومي الذي لا يكتفي بالتطوير الداخلي، بل يتبنى حوكمة اتصالية متقدمة. وبتبني التوصيات المتعلقة بقياس الأثر وتعميق الاتصال التشاركي، سيتمكن المركز من ترسيخ مكانته ليس فقط كمنارة للتدريب، بل كضمانة حقيقية لتحقيق التنمية المستدامة في الإدارة المحلية المصرية.