«خبر مجهول المصدر يحتوى على معلومات مضللة تنتشر بسرعة بين الناس، وهذا الخبر فى الغالب يُثير الفتنة ويُحدث البلبلة بهدف التأثير النفسى فى الرأى العام وزعزعة الاستقرار النفسى والمجتمعى».. تلك هى «الشائعة» التى دائمًا ما تستهدف الثوابت والإساءة للمجتمع وبث روح الإحباط والتشاؤم، والإضرار المتعمد بالاقتصاد المصرى، فيما يقف قانون تنظيم تداول البيانات والمعلومات كصرح يحمى المجتمع من الأكاذيب وخطوة مهمة فى تعزيز الشفافية ونشر الحقائق.
انطلاقًا من حرص الدولة على التصدى للشائعات أعلن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، الإسراع فى استكمال وإصدار مشروع قانون تنظيم تداول البيانات والمعلومات الرسمية الجارى إعداده، بالتنسيق بين وزارتى العدل والاتصالات، كأداة فعالة لمكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة، وتنظيم وصول المواطنين إلى المعلومات الصحيحة من مصادرها الرسمية، وغلق باب تداول المعلومات المضللة، وذلك انطلاقًا من ترسيخ مبدأ الشفافية.
«مدبولى»، كشف أنه يجرى العمل حاليًا على إعداد مشروع قانون ينظم إتاحة وتداول البيانات امتثالاً لحكم المادة (68) من الدستور، بما يحقق التوازن بين تحقيق الشفافية وتوافر المعلومات والبيانات والإحصاءات، وحماية المعلومات والبيانات السرية، وبين تحقيق الردع والتصدى الفعال للشائعات والأخبار الكاذبة، مؤكدا أن «حرية الإعلام والصحافة يكفلها الدستور، والقوانين المنظمة، والحكومة تؤمن بذلك، وتقدر هذا الدور المهم وترحب بمختلف الآراء والانتقادات التى تستهدف المصلحة العامة، ولكن ما يجب أن نتعاون فيه جميعًا سواء حكومة، أو وسائل الإعلام المختلفة هو مواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة المضللة التى تضر المجتمع بوجه عام».
وفى هذا السياق، تحدث الدكتور رضا عكاشة، أستاذ الصحافة، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، عن القانون وأهميته، وقال: إصدار قانون لتيسير الحصول على البيانات والمعلومات، واحد من أهم أساسيات صناعة الإعلام تاريخيًا، وفى التوقيت الحالى على وجه الخصوص نتيجة تكاثر المعلومات والمنصات غير الموثوقة فى كثير من الأحيان أو ما يُطلق عليه الانفجار المعلوماتى، وفيما يتعلق بالبيئة التشريعية فى مصر فلدينا عشرات القوانين التى تجسدت فى القوانين الرئيسية الأربعة التى صدرت عام 2018 وهى قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وقانون الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، وقانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وقانون مناهضة الجرائم الإلكترونية، وقد عالجت هذه القوانين عشرات الجوانب المرتبطة بالممارسة الإعلامية فى الصحافة الورقية والميديا الإلكترونية، لكن تظل فكرة إنشاء قوانين خاصة لتيسير المعلومات للمجتمع كله وللعاملين فى مجال الإعلام على وجه الخصوص ضرورة مهمة نظرًا لعدة أسباب؛ أولها حجم التضليل والتزييف وإثارة الشائعات التى غطت المجال العام فى كل القضايا، سواء الجادة أو السطحية، كما أن تجربة المتحدث الرسمى للمؤسسات والتى تم الإشارة إليها فى القانون منذ عدة سنوات مع أهميتها إلا أنه غير قادر على تغطية عشرات بل مئات التساؤلات التى يطرحها العامة.
وأضاف «د. عكاشة»: فى تصورى أن توفير المعلومة فى الوقت الحاضر للمستخدمين بلغة الإعلام الإليكترونى والمشاهدين والقراء بات أكثر حتمية، بمعنى أن التساؤلات التى يطرحها الناس كردة فعل للأحداث اليومية يجب أن نوضحها سواء عبر المؤسسات الإعلامية الراسخة أو عبر وسائل التواصل الإجتماعى أو عبر المواقع التى فى الكثير من الأحيان لا يمكن السيطرة عليها بحكم أنها تصدر فى الغالب خارج نطاق الدولة فيما يُعرف علميًا فى الوقت الحالى بتآكل خصوصية الأفراد والجماعات والدول والمؤسسات.
بدوره، قال ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل الديمقراطى، عضو مجلس الشيوخ، إن «إصدار قانون تداول المعلومات أصبح ضرورةً وطنيةً لا تحتمل التأجيل، بعد سنوات طويلة من الغياب التشريعى، ترتب عليها فراغ معلوماتى واسع استغلته منصات غير مهنية فى نشر الشائعات وتزييف الوعى العام»، مؤكدًا أن وجود قانون واضح ينظم إتاحة المعلومات يعزز الثقة بين المواطن والدولة، ويغلق الباب أمام الأخبار المضللة قبل انتشارها.
وأوضح «الشهابى»، أن «الفلسفة الأساسية التى يجب أن تحكم قانون تداول المعلومات هى أن الإتاحة هى الأصل والحجب هو الاستثناء»، لافتًا إلى أن «المعلومات العامة حق أصيل للمواطن، ولا يجوز تقييدها إلا فى أضيق الحدود المرتبطة بالأمن القومى الحقيقى، وليس بالتوسع أو الغموض، لأن الشائعة لا تزدهر إلا فى غياب المعلومة الصحيحة».
وحول إعلان الحكومة العمل على إصدار مشروع قانون تنظيم تداول البيانات أكد «الشهابى» أن «التوقيت بالغ الأهمية، ويعكس إدراك الدولة لحجم المخاطر التى تفرضها حروب الشائعات المنظمة»، مشيرًا إلى أن الدولة بدأت تتحرك لمعالجة جذور الأزمة، لأن غياب المعلومة الرسمية السريعة والدقيقة كان أحد الأسباب الرئيسية فى انتشار الشائعات وإرباك الرأى العام».