رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

عبد السلام سالم: «الأرض ليست خلفية في أعمالي بل كيان حي»| حوار

16-12-2025 | 16:11

عبد السلام سالم

طباعة
فاطمة الزهراء حمدي

يفتتح الفنان التشكيلي الدكتور عبد السلام سالم، رئيس قسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا، معرضه الجديد «أوتاد الأرض» بقاعة الباب سليم بدار الأوبرا المصرية، مقدمًا مساحة بصرية وتأملية تتقاطع فيها الأسئلة الإنسانية مع التجربة الجمالية، يستلهم أعماله من الواقع الراهن، مولدًا طاقة فنية تنحاز إلى مفهومي الثبات والمقاومة، بوصفهما فعلًا وجوديًا وجماليًا في آن واحد.

وفي هذا السياق، أجرت «بوابة دار الهلال» حوارًا مع الفنان التشكيلي الدكتور عبد السلام سالم، للكشف عن رؤيته التشكيلية، ودلالات المعرض، ومحطات تطور تجربته الفنية.

كيف جاءت فكرة معرضك الجديد «أوتاد الأرض»؟

جاءت فكرة المعرض كرد فعل إنساني وفني على الأحداث الإنسانية الجارية، حيث تحوّل الشعور بالصمود والاقتلاع القسري إلى حاجة داخلية لبناء لغة بصرية قادرة على التعبير دون مباشرة، بدأت الفكرة كتأمل في مفهوم الثبات، ثم تطورت إلى رمز بصري متماسك تمثل في «الوتد» بوصفه امتدادًا للجذور وقوة مقاومة للاجتثاث، ليصبح المعرض شهادة فنية على العلاقة العميقة بين الإنسان وأرضه.

 

لماذا اخترت عنوان «أوتاد الأرض»؟ وما الدلالات الفكرية والبصرية التي يحملها هذا الاسم؟

يحمل عنوان «أوتاد الأرض» دلالات فكرية وروحية وبصرية متعددة؛ فالوتد رمز كوني للثبات والتوازن، وقد ورد في الثقافات والديانات ومنها الإشارة القرآنية إلى الجبال كأوتاد باعتباره عنصرًا يحفظ استقرار الأرض. بصريًا، تحوّل الوتد داخل الأعمال إلى أشكال رأسية مجردة تحمل توترًا داخليًا، وتعمل كمجاز لأصحاب الأرض الذين يثبتون رغم محاولات الاقتلاع، جامعًا بين الرسوخ والأمل.

 

يقدم المعرض رؤيتك الخاصة للعلاقة بين الأرض والإنسان، كيف تجسدت هذه العلاقة داخل الأعمال الفنية؟

تجسدت العلاقة بين الأرض والإنسان من خلال الامتداد الرأسي للأشكال، والذي يعكس الجذور العميقة والاتصال الوجودي بالمكان. لم تُقدَّم الأرض كخلفية، بل ككيان حي يتماهى ويتحد مع الإنسان في شكل أشبه بالانصهار، حيث تحولت الخطوط والمساحات إلى علامات بصرية تُعبّر عن الصمود والذاكرة والهوية، في علاقة تكاملية لا يمكن فصل أحد طرفيها عن الآخر.

 

كم عدد اللوحات المشاركة في المعرض؟ وهل اعتمدت على تنوع في الأحجام أو التكوينات؟

يضم المعرض 24 عملاً فنياً وهي مجموعة من الأعمال التي تتنوع في الأحجام والتكوينات، مع الحفاظ على وحدة فكرية وبصرية واضحة، هذا التنوع سمح بتعدد الإيقاعات البصرية داخل الفراغ، وخلق حالات مختلفة من التوتر والامتداد، بما يخدم الفكرة العامة للمعرض دون الإخلال بتماسكه.

 

ما التيما أو الخط الجمالي الغالب على الأعمال؟ وهل هناك تسلسل بصري أو درامي بين اللوحات؟

الخط الجمالي الغالب هو التجريد التعبيري القائم على التكوين وقوة التوتر الداخلي، مع اعتماد واضح على الأشكال الرأسية. هناك تسلسل بصري غير سردي، أقرب إلى مسار شعوري أو درامي، حيث تنتقل الأعمال من حالات مباشرة لعناصر بصرية إلى مساحات أكثر اتساعًا وتأملًا، بما يعكس تطور الفكرة من المقاومة إلى الأمل.

 

ما الخامات المستخدمة في المعرض؟

اعتمد المعرض على خامات وتقنيات الحفر والطباعة، وبشكل خاص الطباعة البارزة والغائرة باستخدام القوالب الخشبية طولية المقطع. استُخدمت مسطحات الخشب الرقائقي، مع توظيف أدوات تقليدية وأخرى من ابتكار الفنان، مما أتاح تحقيق تأثيرات ملمسية وبصرية دقيقة عززت من البعد الرمزي للأعمال.

 

هل هناك لوحة لونية مسيطرة تعبر عن فكرة الأرض والإنسان؟

تميل مجمل الأعمال الفنية إلى استخدام اللون الأسود تعبيرا عن الحزن بالإضافة إلى درجات اللون البني الترابي والتي تربطنا بالأرض والمواد الخام، بما يعكس طبيعة الجذور والاتصال العضوي بالمكان. هذه المعالجة اللونية لا تهدف إلى الزخرفة، بل إلى تعزيز الإحساس بالثبات والعمق، وترك مساحة لتفاعل المشاهد مع العمل على المستوى الوجداني.

 

كم تستمر مدة المعرض؟

يُقام المعرض لفترة زمنية تصل أسبوعين من تاريخ الافتتاح حتى تتيح للزائر فرصة التأمل والتفاعل مع الأعمال، بما يسمح بتكوين علاقة بصرية وشعورية متدرجة مع التجربة الفنية المطروحة.

 

يُعد هذا المعرض رقم كم في مسيرتك الفنية؟ وكيف ترى تطور تجربتك التشكيلية عبر السنوات؟

هذا المعرض هو رقم 11 في المعارض الفردية بينما شاركت في الكثير من المحافل والمعارض الفنية الدولية التي تتجاوز الـ 75 مشاركة ، أما عن هذا المعرض فهو يمثل محطة متقدمة ومهمة في مسيرتي الفنية، حيث تم الرجوع فيه إلى وسيط الخشب حيث الطباعة البارزة ولكن بأسلوب تقني متفرد يعكس نضجًا على المستويين المفاهيمي والتقني. عبر السنوات، انتقل اهتمامي من الشكل المباشر إلى التكوينات المجردة والرمزيية ذات التوتر الداخلي، وأصبح الفن بالنسبة لي أداة وعي وشهادة إنسانية، لا مجرد ممارسة جمالية.

 

كيف تنظر إلى مفهوم «محو الأمية البصرية»؟ ولماذا أصبح ضروريًا اليوم؟

محو الأمية البصرية أصبح ضرورة ملحّة في ظل الطوفان البصري الذي نعيشه اليوم المنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. فالفرد بات مستهلكًا للصور دون امتلاك أدوات تحليلها أو فهما. الفن والتعليم البصري يسهمان في بناء وعي نقدي يمكّن المتلقي من قراءة الصورة، وفهم دلالاتها الثقافية والسياسية والإنسانية.

 

ما الآليات القادرة على الوصول إلى محو الأمية البصرية لدى الجمهور، خاصة الأجيال الجديدة؟

تبدأ الآليات من التعليم الفني المبكر، وتعزيز ثقافة المتاحف والمعارض، ودمج الفنون البصرية في المناهج التعليمية، إلى جانب استثمار الوسائط الرقمية بطريقة واعية. كما أن الحوار المفتوح بين الفنان والجمهور، وتقديم الفن بوصفه تجربة إنسانية تفاعلية، يُعد من أهم الوسائل لبناء وعي بصري حقيقي ومستدام.

أخبار الساعة