رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

غزة بعد شهرين من وقف إطلاق النار.. خروقات إسرائيلية مستمرة وأزمة إنسانية متفاقمة

9-12-2025 | 10:43

قطاع غزة

طباعة
محمود غانم

مرّ شهران على الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، خلال الاجتماعات التي استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية، وهو الاتفاق الذي أنهى حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة لعامين ضد المدنيين العزّل في القطاع، غير أن غزة ما زالت تعاني جراء الخروقات الإسرائيلية المتكررة ومحاولات الاحتلال التنصّل من التزاماته.

وواصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال فترة سريان الاتفاق الذي نصّ على إنهاء الحرب، استهداف الفلسطينيين في قطاع غزة بذَرائع واهية وأحيانًا دون ذرائع، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والجرحى.

استمرار نزيف الدماء

وحسب وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، فقد سقط 376 شهيدًا، بجانب 981 مصابًا، منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة.

وبذلك ترتفع حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 70,365 شهيدًا و171,058 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023.

وبحسب إعلام فلسطيني، فإن الاحتلال يسعى لفرض واقع ميداني جديد على الأرض، عبر القصف المتقطع وتفجير الآليات المفخخة والتحليق المكثف في سماء القطاع، ما يهدد بانهيار الاتفاق.

ووفق بيان صادر عن مكتب الإعلام الحكومي بغزة، اليوم الثلاثاء، فإن الاحتلال واصل، منذ دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025 وحتى مساء الاثنين 8 ديسمبر 2025 (لمدة 60 يومًا)، ارتكاب خروقات جسيمة ومنهجية للاتفاق، بما يمثل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي الإنساني، وتقويضًا متعمدًا لجوهر وقف إطلاق النار ولبنود البروتوكول الإنساني الملحق به.

وخلال هذه الفترة، رصدت الجهات الحكومية المختصة 738 خرقًا للاتفاق، جاءت تفاصيلها على النحو التالي: 205 جرائم إطلاق نار مباشرة ضد المدنيين، 37 جريمة توغّل للآليات العسكرية داخل المناطق السكنية، 358 جريمة قصف واستهداف لمواطنين عُزّل ومنازلهم، و138 جريمة نسف وتدمير لمنازل ومؤسسات وبنايات مدنية.

وقد أسفرت هذه الانتهاكات الممنهجة عن استشهاد 386 فلسطينيًا، وإصابة 980 آخرين، إلى جانب 43 حالة اعتقال غير قانوني نفّذتها قوات الاحتلال.

التنصّل من الالتزامات الإنسانية

إنسانيًا، واصل الاحتلال تنصّله من التزاماته الواردة في الاتفاق وفي البروتوكول الإنساني، إذ لم يلتزم بالحدّ الأدنى من كميات المساعدات المتفق عليها، حيث لم يدخل إلى قطاع غزة خلال 60 يومًا سوى 13,511 شاحنة من أصل 36,000 شاحنة يُفترض إدخالها، بمتوسط يومي 226 شاحنة فقط من أصل 600 شاحنة مقررة يوميًا، أي بنسبة التزام لا تتجاوز 38%، وفق المكتب.

وأوضح أن هذا الإخلال الجسيم أدى إلى استمرار نقص الغذاء والدواء والماء والوقود، وتعميق مستوى الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة.

بينما بلغت شحنات الوقود الواردة إلى قطاع غزة خلال الفترة ذاتها 315 شاحنة فقط من أصل 3,000 شاحنة وقود يُفترض دخولها، بمتوسط 5 شاحنات يوميًا من أصل 50 شاحنة مخصصة وفق الاتفاق، ما يعني أن الاحتلال قد التزم بنسبة 10% فقط من الكميات المتفق عليها بخصوص الوقود، وهو ما يُبقي المستشفيات والمخابز ومحطات المياه والصرف الصحي في وضع شبه متوقف، ويفاقم المعاناة اليومية للسكان المدنيين، طبقًا للمكتب.

وأكد أن استمرار هذه الخروقات والانتهاكات يُعد التفافًا خطيرًا على وقف إطلاق النار، ومحاولة لفرض معادلة إنسانية تقوم على الإخضاع والتجويع والابتزاز.

وحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التدهور المستمر في الوضع الإنساني، وعن الأرواح التي أُزهقت والممتلكات التي دُمّرت خلال فترة يُفترض فيها أن يسود وقف كامل ومستدام لإطلاق النار.

ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والرئيس ترامب والجهات الراعية للاتفاق، الوسطاء والضامنون، إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، وإلزام الاحتلال "الإسرائيلي" بتنفيذ التزاماته كاملة دون انتقاص، وضمان حماية المدنيين، وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية والوقود وفق ما نصّ عليه الاتفاق، وبما يمكّن من معالجة الكارثة المستمرة في قطاع غزة.

وبدوره، يؤكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الظروف الإنسانية في غزة لا تزال مزرية.

وشدد أوتشا على أن الاحتياجات تفوق بكثير قدرة المجتمع الإنساني على الاستجابة، بالنظر إلى العوائق المستمرة التي لا تزال تواجهها الأمم المتحدة.

وتشمل هذه العوائق انعدام الأمن، وصعوبات التخليص الجمركي، والتأخير ورفض البضائع عند المعابر، ومحدودية الطرق المتاحة لنقل الإمدادات الإنسانية داخل غزة، بحسب المكتب.

ترقّب للمرحلة الثانية

ومن المنتظر أن يشهد القطاع الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، أحد أبرز الملفات التي يعمل الوسطاء على إنجازها.

وفي المقابل، تُعد المماطلة الإسرائيلية أبرز العقبات أمام التقدم إلى هذه المرحلة، إذ تربط تل أبيب الانتقال إليها باسترداد رفات جميع أسراها من غزة، رغم أنه لم يتبقَّ لها في القطاع سوى رفات أسير واحد فقط.

وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد أن يعلن عن البدء بالمرحلة الثانية لاتفاق غزة يوم الخميس القادم.

ويُعدّ هذا الاتفاق الثالث من نوعه منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على القطاع، إذ تمّ التوصل إلى الاتفاق الأول في نهاية نوفمبر 2023 واستمر سبعة أيام، تلاه اتفاق ثانٍ في يناير 2025 دام نحو 58 يومًا، قبل أن ينهار كلاهما بسبب التعنّت الإسرائيلي.

 

أخبار الساعة