تداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لواقعة فتاة ذهب إلى ما يعرف بـ"البشعة" لإثبات إنها عذراء وقت زواجها، بعد أن اتهمها زوجها بأنها لم تكن عذراء وقت زواجهما، في واقعة أعادت الجدل بشأن تقليد "البشعة" الذي تعد طقسًا قبليًا كان ولا يزال يستخدم في بعض المناطق لإثبات صدق أو كذب شخص ما.
واقعة فتاة البشعة
وفي مقطع الفيديو المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت الفتاة تدعى بوسي، جالسة تحكي في رعب شديد واقعتها في وتعرضها للظلم والاتهام من قبل زوجها، الذي اتهمها ظلما بأنها لم تكن عذراء وقت زواجهما، فذهبت هي وأهلها إلى "البشعة" لإثبات صدقها.
وظهر في الفيديو شخص يمسك بأداة معدنية تم تسخينها، وطلب من الفتاة تمريرها على لسانها ثلاث مرات، ثم تناول رشفات من المياه، لإثبات صدقها، فإن كانت صادقة لن يحترق لسانها أما إن كانت كاذبة فسيحترق، وبعد ممارسة هذه الخطوات، أثبت أن الفتاة صادقة وأنها كانت عذراء وقت زواجها، واستقبلت أسرتها النتيجة بالزغاريد والفرحة فيما انهارت الفتاة من البكاء.
فيما أكد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أن هذه الممارسة من الخرافات، وأن الفتاة تعرضت لظلم وعنف نفسي كبير، مؤكدين أن البشعة ممارسة سيئة وأن الناس يجب عليهم التوقف عن هذه الطقوس والجهل الذي لا يتفق مع المجتمع أو الدين.
ما هي البشعة؟
البشعة، هي طقس قبلي، له جذور تاريخية في بعض القبائل العربية، استخدمت للحكم على براءة أو إدانة شخص، بعد استنفاذ جميع الأدلة لإظهار الحقيقة في الواقعة.
تقوم تلك العملية على استخدام أداة معدنية يتم تسخينها حتى تصبح حمراء من شدة النار، وبعدها يتم لعقها من قبل الشخص المدعي، وخلال هذه الفترة يقوم المُبشع بدور المحقق؛ فيتحدث إلى المتهم طالباً منه إظهار الحقيقة، ومُظهراً له مدى خطورة حرق النار للسانه، ويطلب منه إظهار لسانه إلى الحاضرين، وبعدها يتم لعق البشعة ثم ينتظر الجميع بضع دقائق ، ثم يطلب المبشع من المتهم مد لسانه مرة أخرى أمام الحاضرين، فإذا ظهرت البثور على لسانه فإن ذلك يعني أنه مدان أو كاذب، وإن ظل لسانه سليما فهذا يعني أنه بريء من التهمة المنسوبة إليه.
حكم البشعة في الدين
وكانت دار الإفتاء، أوضحت في فتوى سابقة لها منشورة عبر موقعها الرسمي، أن البشعة ليس لها أصلٌ في الشرع في إثباتِ التُّهَمِ أو مَعرِفة فاعِلِها، والتعامل بها حرامٌ ولا يجوز شرعًا؛ لِمَا فيها مِن الإيذاء والتعذيب، ولمَا فيها مِن التَّخَرُّص بالباطل بدعوى إثبات الحَقِّ.
وأكدت دار الإفتاء أنه يجب أن نَعمَل بالطُّرُق الشرعية التي سَنَّتْها لنا الشريعة مِن التراضي أو التقاضي، مُستَهْدِينَ بنحو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «البَيِّنةُ على مَنِ ادَّعى واليَمِينُ على مَن أَنكَرَ» رواه الدارقطني.
وقالت إن الشريعةُ السَّمْحَة رَسَمَت لنا طُرُقَ المُطالَبَةِ بالحَقِّ وإثباته، أو نَفي الادِّعاءِ الباطل، وهذا ما يجب على المسلمين أن يَتمسَّكوا به دون سواه مِن الطُّرُق السيِّئة التي لا أصلَ لها في الشرع؛ موضحة أن الشرع لم يَجعل إثباتَ التُّهَمِ مَنوطًا بغيرِ ما رَتَّبه طريقًا لإثباتِ ذلك مِن إقرارٍ أو بَيِّناتٍ أو نَحوِها.