تحل اليوم ذكرى وفاة الفنان القدير حسن عابدين، أحد أبرز الوجوه التي جمعت بين الوقار والدفء الإنساني في الدراما المصرية. ورغم مسيرته الحافلة التي امتلأت بالأدوار المؤثرة على المسرح والشاشة، فإن حياته لم تخلُ من محطات مؤلمة، أبرزها قراره المفاجئ باعتزال الفن قبل أن تعيده نصيحة الإمام محمد متولي الشعراوي إلى الأضواء مجددًا.
يعد الفنان الراحل حسن عابدين من العلامات البارزة في تاريخ الدراما المصرية، حيث نجح في المزج بين الكوميديا والتراجيديا بموهبة فريدة جعلته قريبًا من قلوب الجماهير.
ولد في 21 أكتوبر 1931 بمحافظة بني سويف، ونشأ في أسرة معروفة هناك. كان والده يتمنى له مسارًا عمليًا مستقرًا، فعينه في محكمة بني سويف، لكن شغفه بالفن دفعه للانضمام إلى المسرح العسكري، وهناك بدأت رحلته الحقيقية مع التمثيل، وارتبط بصداقة قوية مع الفنانين حسن حسني وإبراهيم الشامي.
شارك عابدين في حرب فلسطين عام 1948 وهو لا يزال في الثامنة عشرة من عمره، ووقع في الأسر على يد القوات الإسرائيلية قبل أن تنقذه وساطات من حكم الإعدام. وبعد عودته، تزوج من ابنة عمه اليتيمة ورُزق منها بأربعة أبناء: طارق، إيمان، هبة، وخالد.
في مشواره الفني، تميز حسن عابدين بتجسيد شخصية الأب الطيب أو الموظف الكادح المتمسك بالقيم، وقدم على المسرح أعمالًا تحمل رسائل سياسية واجتماعية مثل "ثمن الحرية" و"على الرصيف"*مع سهير البابلي، و*"عش المجانين"و"نادي العباقرة". أما في التلفزيون، فقد تألق في مسلسلات خالدة مثل "أبنائي الأعزاء شكرًا" و"فرصة العمر" و"برج الأكابر".
ورغم نجاحه الكبير، مر الفنان الراحل بأزمة نفسية عميقة بعد منعه من دخول روضة الرسول أثناء أداء مناسك العمرة، وهو ما دفعه للتفكير في اعتزال الفن نهائيًا. إلا أن لقاءه مع الشيخ محمد متولي الشعراوي غيّر مجرى حياته، إذ نصحه الشيخ بعدم الاعتزال قائلاً له:«أنت تقدم كلمة طيبة للناس، وإن اعتزلت فلن يبقى من يوصل مثل هذه الرسائل».
تلك الكلمات أعادت إليه الأمل، فقرر أن يتضمن كل عمل يقدمه مشهدًا للصلاة، رغبةً منه في أن يقتدي به المشاهدون.
في سنواته الأخيرة، أُصيب حسن عابدين بمرض سرطان الدم، لكنه ظل متمسكًا بعمله ومبادئه حتى رحيله في 5 نوفمبر 1987 عن عمر ناهز 58 عامًا. قبل وفاته، أوصى أبناءه بتقوى الله، والابتعاد عن مظاهر الدنيا الزائلة، قائلاً لهم إن "الموت حق، والاستعداد له واجب".
رحل الفنان حسن عابدين، لكنه ترك إرثًا فنيًا وإنسانيًا خالدًا، وشخصيات محفورة في ذاكرة الجمهور المصري والعربي.