رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

سقطوا فى بروكسل.. الإخوان «مرتزقة» العصر


3-11-2025 | 14:34

.

طباعة
بقلم: طارق أبو السعد

هكذا سقط الإخوان فى بروكسل سقوطًا مدويًا، وكشفوا عن أنفسهم بأنهم مجرد مرتزقة يعملون لمَن يدفع، سقطوا أمام قوة شعبية الرئيس والتفاف الشعب حوله، سقطوا وسقطت ادعاءاتهم الهزلية ضد مصر، شعبًا ورئيسًا وحكومة، سقطوا بعد أن فقدوا شرعيتهم كمعارضين، فقد تبين أنهم عملاء يعملون ضد الوطن وليسوا ضد الحكومة، سقطوا وتبين للجميع أنهم مجرد مرتزقة لا ضمير لهم ولا وطن ينتمون له.

عندما تقرر عقد قمة بين مصر والاتحاد الأوروبى، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسى سيشارك فيها بشخصه، ولأن الزيارة عنوان لاستقرار الدولة وزيادة لثقة دوائر اتخاذ القرار العالمية فى حكمة الرئيس، بعدما استطاع أن يبدد شكوك الدول الأوروبية نحو مصر، وإقناعهم بأنه بالفعل رجل سلام يناصر القضايا الإنسانية العادلة، وصاحب رؤية مستقبلية للعلاقات بين الشرق الأوسط وأوروبا قائمة على الاحترام المتبادل، وأن الدولة المصرية قادرة على فرض رؤيتها للقضايا الدولية وإنهاء الفوضى فى المنطقة العربية، فكان لمحور الشر أن يتحرك لإفشال الزيارة أو التشويش عليها، ليس فقط لأنها نقطة فاصلة فى العلاقات الأوروبية المصرية، بل لتزامن هذا التقدم المصرى مع انهيار شعبية رئيس وزراء إسرائيل، واعتبار الشارع الأوروبى والعالمى نتنياهو أنه قاتل الأطفال، واحتمال إدانته كمجرم حرب، هنا انتفض أعداء مصر ومحور الشر فلجأوا لمرتزقة العصر الحالى لإفشال الزيارة أو التشويش عليها وإحباط إنجازاتها المادية والمعنوية.

غير أن مرتزقة العصر الحالى (الجماعة الإرهابية) فشلوا فى تنفيذ مهمتهم، فبعد حشدهم لعناصرهم من جميع دول الاتحاد الأوروبى بواسطة التنظيم العالمى وبعد إنفاق ملايين الدولارات، والتواصل مع منظمات فى بلجيكا «تميل» إلى تنظيمهم الإرهابى أو تتبع أفكارهم، (حسب المصادر البلجيكية)، لتنفيذ حملة إعلامية وشعبية تظهر الرئيس والدولة المصرية كأنهم دعاة حرب، لكنهم اصطدموا بالمصريين المقيمين فى بلجيكا، فقد فاجأوهم بتواجدهم أمام مقر الرئيس لتحيته، حبًا وتقديرًا وحماية لممثل الدولة المصرية، هذا الالتفاف الشعبى على بساطته وعفويته كان كافيًا لردع تواجد عناصر «الإرهابية» عن تنفيذ مخططتها التخريبى.

كما وقفت شعبية الرئيس بين الأوساط الأوروبية كرجل سلام وقائد لشعب محب للسلام، أمام أى دعاية سوداء حاولت الجماعة القيام بها. فالدولة المصرية، بقيادة الرئيس، استطاعت وقف الحرب على غزة وسعيها الدائم والدءوب لإنقاذ الأطفال والنساء والأبرياء من عدوان جيش الاحتلال، كل هذا أفسد عليهم خطتهم الموازية وهى الترويج لخطابهم الساقط أن مصر تحاصر غزة.

ولا يمكن إغفال دور الخارجية المصرية فى كشف زيف ادعاءات الجماعة الإرهابية، وأنهم مجرد مرتزقة يعملون لصالح جهات مضادة للدولة المصرية بمقابل مالى سخى، وأنهم لا يعنيهم القضية الفلسطينية ولا الشعب الفلسطينى ولا حتى الشعب المصرى ولا أى شعب من شعوب العالم، كل ما يعنيهم تنفيذ مخطط الممول (الأونر)، فإذا دفع لهم نشطوا فى الهجوم، وإذا دفع لهم غيره للهجوم على دولة أو شخص آخر نفذوا ما يريد، ليس لديهم مبدأ ولا قيمة أخلاقية يتحركون من خلالها ولأجلها، بل يحركهم المال والحقد والكراهية. إن المتتبع لتاريخ الجماعة فى مصر وخارجها، يظهر له بوضوح أن الإخوان نموذج حى للمرتزقة فى العصر الحديث، لا يحركهم مبدأ، ولا يجمعهم مشروع وطنى، بل تجمعهم المصلحة والتمويل والولاء لمَن يدفع أكثر.

«المرتزقة» وأبعادهم الفكرية والسياسية

المرتزقة فى اللغة مأخوذون من الرزق، أى مَن يعمل مقابل أجر دون انتماء أو عقيدة. وفى الاصطلاح السياسى والعسكرى، يُقصد بهم الأفراد أو التنظيمات التى تقاتل أو تعمل لحساب قوة خارجية مقابل المال أو المكاسب السياسية، دون أن يكون لها انتماء وطنى حقيقى أو قضية عادلة.

المرتزقة لا يعرفون معنى الوطن، بل يعرفون فقط الجهة الممولة التى تضمن له البقاء والنفوذ، وهكذا هى جماعة الإخوان، التعريف ينطبق عليها بدقة مذهلة؛ فهى لم تُقم وزنًا يومًا للحدود الوطنية أو لمصالح الشعوب التى تحكمها، بل كانت ترى العالم الإسلامى ساحة مفتوحة للتوظيف السياسى، وتتحرك دائمًا وفق أجندة مَن يمولها ويدعمها.

النشأة المشبوهة والتغلغل تحت ستار الدين

حين أسس حسن البنا جماعة الإخوان عام 1928 فى الإسماعيلية، كانت البلاد لا تزال تحت وطأة النفوذ البريطانى، وكانت قناة السويس شريانًا استراتيجيًا تتحكم فيه القوى الاستعمارية، وقد أثبتت الوثائق البريطانية لاحقًا أن السلطات الاستعمارية غضّت الطرف عن نشاط الجماعة بل دعمتها ضمنيًا، لأنها رأت فيها وسيلة لمناكفة التيارات الوطنية الحقيقية التى كانت تنادى بالاستقلال التام عن بريطانيا.

تحت ستار الدعوة والإصلاح، زرع البنا بذرة تنظيمية تدين بالولاء للمرشد بالبيعة والجماعة بالانتماء، ولا انتماء للوطن، رفعوا شعار الجهاد سبيلنا، لكنه لم يكن جهادًا فى سبيل الله، بل كان عملًا تخريبيًا ضد الأنظمة والأحزاب الوطنية، لا ضد المحتل الأجنبى، حارب الإخوان حكومات مصر المتعاقبة أكثر مما واجهوا المحتل، وأقاموا نظامًا سريًا مسلحًا استُخدم فى الاغتيالات السياسية، مما أكد أن الجماعة كانت تعمل بمنطق العصابة لا بمنطق الدولة، ودائما لصالح جهة غير وطنية ومقابل مادى سخى.

فالوثائق البريطانية الرسمية Foreign Office Files, 1940–1954)) محفوظة فى الأرشيف الوطنى البريطانى (National Archives – Kew) تكشف عن متابعة السلطات البريطانية لنشاط الإخوان، وعن مراسلات تؤكد أن الجماعة كانت تُعتبر أداة يمكن استخدامها ضد الحركة الوطنية المصرية، وضد حزب الوفد تحديدًا.

مشاهد من التاريخ تؤكد الارتزاق السياسى

فمنذ تأسيس الجماعة، وهى أداة فى يد القوى الغربية، تنفق عليها وتستخدمها ضد أعدائها، فى الثلاثينيات والأربعينيات كانت ضد القوى الوطنية التى تطالب بالاستقلال، وفى الخمسينيات كانت ضد تمدد الأحزاب الشيوعية فى المنطقة العربية، وفى السبعينيات والثمانينيات كانوا ضد الاتحاد السوفييتى، وفى التسعينيات ومطلع الألفية كانوا ضد أى قوة وطنية تسعى للتغيير أو الإصلاح بعيدا عن رايتهم، وفى مطلع الألفية الثالثة كانوا ضد الأنظمة الوطنية والجيوش الوطنية.

هذه المحطات لم تكن بناء على أفكارهم، بل وفق صاحب التمويل، الذى يختار أهدافه التى يريد من الجماعة هدمها، وفى كل هذه المعارك التى استُؤجروا فيها، استخدموا الدين سلاحا سياسيا، مرة ضد القومية العربية ومرة ضد الشيوعية والاشتراكية، ومرات ضد الأنظمة الوطنية والجيوش النظامية، وأحيانا يستخدمون الاغتيال وسيلة للانتقام من أعداء صاحب التمويل، فقد اغتالوا رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى عام 1948، ليس لأنه قرر حل الجماعة بل لأنه وقف يندد بجرائم الاحتلال البريطانى فى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وعندما نشب الخلاف بينهم والرئيس عبدالناصر، لجأت الجماعة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا طلبًا للدعم، وقد كشفت وثائق المخابرات الأمريكية لاحقًا أن بعض قادة الإخوان عرضوا التعاون مع واشنطن ضد نظام عبدالناصر مقابل مساعدات مالية وسياسية، لذا حاولوا اغتيال جمال عبدالناصر عام 1954، لا لشيء إلا لأنه كان يقود المنطقة نحو التحرر من الاستعمار وكان ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من العمليات الإجرامية التى لم تكن أبدا بدافع «الجهاد»، بل كانت عمليات سياسية مأجورة لخدمة مصالح قوى أجنبية أرادت إضعاف أى قوة وطنية.

كما نسقت الجماعة لاحقًا مع المخابرات البريطانية والأمريكية فى أفغانستان خلال الثمانينيات، حيث شارك آلاف من أعضاء الإخوان فى ما يسمى «الجهاد الأفغاني» الذى كان حربًا بالوكالة ضد الاتحاد السوفييتى تموّله المخابرات الأمريكية، كل هذه الوقائع تثبت بلا شك أنهم مجرد مرتزقة، وإن ادعوا غير ذلك.

مرتزقة فضحتهم وثائق CIA

ولأنهم مرتزقة، كان لا بد من مقابل مالى يضمن لهم الاستمرار، فما كان بمقدور الجماعة الإرهابية أن تنمو وتتمدد عبر والعديد من الدول، لولا التمويل الضخم الذى تدفّق إليها من الخارج، فخلال الحرب الباردة، رأت واشنطن ولندن فى الإخوان حليفًا ضد المد القومى الناصرى واليساري. فقد وفّرت لهم المخابرات البريطانية ملاذًا آمنًا فى لندن، فيما احتضنتهم المخابرات الأمريكية فى أوروبا بعد خروجهم من مصر عام 1954، ووثّقت تقارير غربية عديدة أن وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA قدّمت دعمًا ماليًا وإعلاميًا للإخوان عبر واجهات خيرية ومراكز بحثية، مثل وثيقة المخابرات المركزية الأمريكية CIA Report, 1954 & 1958)) الوثيقة التى أفرجت عنها الوكالة عام 2005 بموجب قانون حرية المعلومات، والتى تشير بوضوح إلى أن الجماعة «تم توظيفها ضد الشيوعية والقومية العربية»، وأن بعض قياداتها عرضوا التعاون مع واشنطن فى عهد عبد الناصر، ولا يمكن فهم أن جملة «يتم توظيف جماعة أو حزب بمقابل مالى» إلا أنهم مرتزقة.

مرتزقة فى قصر الرئاسة

بمجرد وصولهم إلى السلطة فى مصر، بعد فوزهم بالرئاسة والبرلمان، سعوا إلى أخونة الدولة والسيطرة على الجيش والقضاء والإعلام، والأخطر أنهم فتحوا خطوط تواصل سرية مع واشنطن وتل أبيب، وسمحوا بالتنسيق الأمنى مع الإدارة الأمريكية فى ملفات تمس الأمن القومى المصرى، وهو ما أكد أنهم لم يكونوا يديرون دولة ذات سيادة، بل ينفذون أجندة خارجية تحت عباءة الشرعية فى مرحلة ما بعد سقوط حكمهم فى مصر عام 2013، دخلت دول إقليمية على الخط، فوفرت للإخوان الإرهابية دعمًا سياسيًا وإعلاميًا وماليًا وملاذًا آمنًا.

ثم تحولت الإخوان الإرهابية إلى جماعة إعلامية مأجورة تبثّ الأكاذيب ضد مصر، عبر قنوات مدعومة من دول إقليمية ودول عالمية، مثل «مكملين» و«الشرق»، وأصبح قادتها المقيمون فى عواصم تلك الدول يتلقون التمويل مقابل بث خطاب تحريضى ضد مؤسسات الدولة، وتجنيد الشباب للقيام بأعمال إرهابية داخل مصر، بل وصل الأمر إلى أن بعضهم اعترف بتلقى الأموال مباشرة من مخابرات دول إقليمية لإدارة حملات إلكترونية وسياسية ضد مصر وبعض الدول العربية، هذا الاترزاق خلال العقود الماضية، سمح للإخوان الإرهابيين بنسج شبكة مصالح اقتصادية ضخمة تمتد من الخليج إلى أوروبا وإفريقيا، أنشأوا شركات تجارية وبنوكًا ومؤسسات خيرية، ظاهرها الإغاثة وباطنها التمويل السياسى، وقد كشفت تحقيقات دولية عن تورط كيانات تابعة لهم فى غسل الأموال وتمويل الإرهاب، خاصة فى أوروبا وأمريكا الشمالية، وفى مصر نفسها، امتلكت الجماعة شركات استيراد وتصدير ضخمة كانت تُستخدم لتمويل التنظيم السرى وإخفاء مصادر التمويل الخارجى، وهكذا أصبحت الجماعة شبكة من المرتزقة عابرة للحدود، تعتمد فى بقائها على التمويل الأجنبى، لا على تبرعات محلية أو مشروع اقتصادى وطنى.

خطر الإخوان المرتزقة

إن أخطر ما فى جماعة الإخوان، ليس فقط استخدامها العنف أو ارتهانها للتمويل الخارجى، بل انعدام مبدأ الهوية، وتحولها لجماعة مرتزقة، جماعة تتحدث عن الإسلام وهى تمارس النفاق السياسى، تدّعى الدفاع عن المظلومين وهى تُتاجر بدمائهم، تزعم نصرة الأمة، وهى تبيعها لمَن يدفع أكثر.

لقد فشلت الجماعة فى كل تجربة حكم خاضتها فى مصر، وتونس، والسودان لأنها لا تؤمن بالدولة الوطنية، بل ترى نفسها «دولة داخل الدولة»، وعندما فُضحت ارتباطاتها وتمويلاتها، لجأت إلى التحريض والفوضى والإرهاب، لتؤكد للعالم أنها ليست حركة إصلاحية، بل مرتزقة سياسية تقتات على الأزمات.

الإخوان.. النموذج الأوضح لمرتزقة الدين والسياسية

لقد أثبت التاريخ أن جماعة الإخوان ليست سوى مرتزقة هذا العصر، لا ينتمون لوطن، ولا يخلصون لدين، بل يستخدمون كليهما لتحقيق مصالح ذاتية ومكاسب مالية وسياسية. حركتهم تموّلها دول أجنبية وتوجهها أجهزة استخبارات، وخطابهم يتبدل حسب الريح السياسية والمال القادم من الخارج.

وإذا كانت الجيوش المرتزقة تبيع سلاحها لمَن يدفع، فإن الإخوان يبيعون الدين نفسه لمَن يشتريه، فيتحول القرآن فى أيديهم إلى شعار سياسى، والإسلام إلى تجارة رابحة فى سوق المصالح الدولية.

إن مواجهة هذه الجماعة لا تكون بالسلاح وحده، بل بفضح فكرها المرتزق وكشف خيانتها الوطنية. فالإخوان لا يمكن أن يعيشوا إلا فى الظلام، أما حين تُسلّط عليهم أضواء الحقيقة، فينكشف زيفهم ويسقط قناعهم، ليظهر وجههم الحقيقى: وجه المرتزقة الذين باعوا أوطانهم باسم الدين.

 

أخبار الساعة