شارك السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة المصرية الأوروبية، التي عقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل، أمس الأربعاء، وهي القمة الأولى من نوعها، وخلالها أكد الرئيس السيسي تقديره للشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، كما عقد عدة لقاءات على هامش القمة، منها مشاركته في الحدث الاقتصادي المصاحب للقمة.
لقاء الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية
واستقبل الرئيس السيسي، أمس، كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، وذلك بمقر إقامته في العاصمة البلجيكية بروكسل، واستهل اللقاء بالتعبير عن تقديره للشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، مؤكداً أهمية تعزيز التشاور والتنسيق بين الجانبين، لا سيما في المجالات السياسية والأمنية، بما يخدم مصالح منطقة الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي على حد سواء.
وأشار إلى أن الأوضاع في الشرق الأوسط تشهد اضطراباً، وأن مصر تلتزم بسياسة متزنة وحكيمة تهدف إلى ترسيخ الأمن والاستقرار، بعيداً عن المصالح الضيقة، حيث أثبتت السنوات العشر الماضية نجاح النهج المصري. كما أوضح السيد الرئيس أن أوروبا لم تتأثر بشكل كبير بتداعيات الهجرة غير الشرعية، بفضل الجهود المصرية في هذا المجال، وعلى رأسها منع خروج قوارب الهجرة غير الشرعية منذ سبتمبر ٢٠١٦، في وقت تستضيف فيه مصر نحو عشرة ملايين أجنبي نزحوا إليها من دول تعاني من الأزمات وعدم الاستقرار، مشدداً سيادته على أن تحقيق الاستقرار في تلك الدول هو السبيل الأمثل للحد من هذه الظاهرة.
ومن ناحيتها، أعربت كالاس عن سعادتها بلقاء الرئيس، مشيدةً بالدور الحيوي الذي قامت به مصر في وقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار، ليس فقط في غزة، بل أيضاً في السودان وغيرها من الدول التي تشهد أزمات. وأكدت أن خطة الرئيس ترامب تمثل خطوة إيجابية، وأن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى المشاركة الفاعلة في تنفيذها، مشددة على أهمية الحفاظ على السلطة الفلسطينية، وعلى استعداد الاتحاد الأوروبي لدعم جهود إعادة إعمار غزة، بما في ذلك المؤتمر المرتقب بمصر في نوفمبر المقبل.
الحدث الاقتصادي المصاحب للقمة المصرية الأوروبية
كذلك شارك الرئيس السيسي، أمس في الحدث الاقتصادي المصاحب للقمة المصرية الأوروبية الأولى، بحضور رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، وبمشاركة أكثر من 300 من رؤساء وممثلي أكثر من 60 شركة أوروبية، إلى جانب 100 شركة مصرية، و15 مؤسسة من مؤسسات التمويل الدولية، بالإضافة إلى ممثلين عن الهيئات الاقتصادية التابعة لدول الاتحاد الأوروبي.
وخلال اللقاء، أكد الرئيس السيسي أهمية وثقل الشراكة الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبى، الذى يعد الشريك التجارى والاستثمارى الأول لمصر، بنسبة تصل إلى نحو 27% من تجارة مصر الخارجية فى عام 2024، كما مثلت استثمارات الاتحاد الأوروبى فى مصر، نحو 32% من أرصدة الاستثمار الأجنبى المباشر، الموجودة فى مصر فى عام 2024.
وأضاف أن "نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، فى مسار التعاون الاقتصادى بين مصر والاتحاد الأوروبى؛ مرحلة تتطلب رؤية أوسع وطموحا أكبر، وسط هذه التطورات غير المسبوقة، التى شهدتها منطقتنا ومحيطنا الإقليمى، خلال الأعوام الأخيرة، وإننى على يقين راسخ، بأن مصر اليوم؛ تمثل فرصة حقيقية وملموسة أمام مجتمع الأعمال الأوروبى، وليس مجرد شريك قريب جغرافيا."
وأشار إلى أن الحكومة المصرية، اتخذت حزمة من الإجراءات، فى إطار برنامجها للإصلاح الاقتصادى.. أسفرت عن رفع التصنيف الائتمانى لمصر، من جانب مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية الرئيسية، وأشادت تلك المؤسسات وصندوق النقد الدولى، باتباع مصر لسعر صرف مرن .. فضلا عن تزايد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع معدل النمو السنوى، خلال الربع الأخير من العام المالى 2024/2025 إلى "4.4%"، مقارنة بـ"2.4%"، فى العام المالى 2023/2024 بما يعكس مرونة الاقتصاد المصرى، بالرغم من التحديات والأزمات الإقليمية والدولية.
ولفت إلى أن موقع مصر الإستراتيجى، يتيح للشركات الأوروبية النفاذ إلى أكثر منن "1.5" مليار مستهلك فى إفريقيا، والمنطقة العربية والاتحاد الأوروبى ذاته بفضل شبكة واسعة من اتفاقيات التجارة الحرة، واتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، والموقع المتميز على الممرات المائية والبرية التجارية، والبنية الأساسية المتطورة.
القمة المصرية الأوروبية
وشارك الرئيس السيسي في القمة المصرية الأوروبية الأولى، التي انعقدت أمس بمقر المجلس الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، وترأس الجانب الأوروبي كل من السيد أنطونيو كوستا رئيس المجلس الأوروبي، والسيدة أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، وعقد لقاء ثنائي بين الرئيس والمسؤولين الأوروبيين، بحضور وزير الخارجية المصري، تلاه توقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة.
وبدأت القمة المصرية الأوروبية بكلمتين ترحيبيتين من رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية، ثم ألقى السيد الرئيس كلمته الافتتاحية، التي أعرب فيها عن بالغ الامتنان لحفاوة الاستقبال، مؤكداً أن القمة تمثل تجسيداً للالتزام المشترك بتعزيز الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي.
وأعرب عن التطلع لبحث سبل تعميق التعاون فى مجالات محورية تشمل الاستثمار، والتنمية المستدامة، والطاقة، والأمن، والتعليم، والابتكار والهجرة. كما أكد أن مصر تُعد شريكاً موثوقاً للاتحاد الأوروبي، وتمثل عمقاً استراتيجياً له، وتمتلك من الإمكانات ما يؤهلها لتكون شريكاً صناعياً وتكنولوجياً فاعلاً.
وتناول الرئيس في كلمته كذلك التحديات العابرة للحدود، مثل الهجرة غير الشرعية، وتدهور الأوضاع الإنسانية، والإرهاب، والهجمات السيبرانية، مؤكداً أن مصر تظل طرفاً مسؤولاً في مواجهتها، وتسعى دوماً إلى ترسيخ السلام والاستقرار وتحقيق الرفاهية في المنطقة، وهو ما تجلى في استضافتها لقمة “شرم الشيخ للسلام” لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وسعيها المستمر للوساطة في حل النزاعات الإقليمية، معرباً عن التطلع إلى نقاشات بناءة خلال القمة.
وذكر المتحدث الرسمي أن فعاليات القمة تضمنت مناقشات حول عدد من القضايا الجيوسياسية المختلفة، ومن ضمنها تطورات الوضع في قطاع غزة، الأزمات في ليبيا، السودان، سوريا، القرن الإفريقي، الملف النووي الإيراني، الحرب في أوكرانيا، اليمن، والبحر الأحمر، فضلاً عن موضوعات الهجرة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، والجوانب الاقتصادية والاستثمارية، وغير ذلك من الموضوعات التي تندرج ضمن محاور اتفاقية الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث استعرض الجانبان موقفهما إزاء كل من تلك القضايا والموضوعات.
وشارك الرئيس السيسي، أمس، بمقر المجلس الأوروبي في بروكسل، على هامش القمة المصرية الأوروبية، في عشاء عمل على شرف سيادته استضافه أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبي.
وخلال كلمته، أكد الرئيس السيسي أنه "أود أن أغتنم هذه الفرصة اليوم، لأؤكد لكافة الحضور الكريم، الاهتمام الكبير الذى توليه مصر، للعمل سويا مع الاتحاد الأوروبى، لتعزيز الشراكة الإستراتيجية والشاملة القائمة بين الجانبين وهى الشراكة التى لا ننظر إليها، باعتبارها قائمة بين مصر ومؤسسات الاتحاد الأوروبى فحسب، وإنما تشمل مسار العلاقات الثنائية بين مصر وجميع الدول الأعضاء بالاتحاد، بما يحقق مصالح الشعب المصرى، والشعوب الأوروبية على حد سواء. "
البيان المشترك
وعقب القمة صدر البيان المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث أكد البيان أنه تمثل قمة اليوم محطة بارزة في تعميق العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، انطلاقًا من اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية وأولويات المشاركة واتفاق الشراكة الاستراتيجية والشاملة. ونؤكد مجدداً التزامنا المشترك بتحقيق الاستقرار والسلام والأمن والازدهار على المدى الطويل، والقيم العالمية للديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ونؤكد طموحنا المشترك لمواصلة تعميق العلاقات الاستراتيجية طويلة الأمد، والتعاون في مواجهة التحديات العالمية والإقليمية المشتركة وتعزيز المصالح المشتركة وتجديد أولويات المشاركة. وتُقر القمة بالدور المحوري لمصر في تعزيز الاستقرار من خلال مبادرات السلام وجهود حل النزاعات في المنطقة.
كذلك أكد البيان "ضرورة تعزيز فاعلية النظام الدولي متعدد الأطراف القائم على القواعد وفي القلب منه منظمة الأمم المتحدة، مع الالتزام بالتعاون الوثيق في مواجهة التحديات العالمية وإيجاد حلول سلمية للنزاعات. ومع احتفالنا بالذكرى الثمانين لميثاق الأمم المتحدة، نؤكد دعمنا لتنفيذ "ميثاق الأمم المتحدة للمستقبل"، والإصلاحات الطموحة التي تسعى إليها "مبادرة الأمم المتحدة الثمانين"، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وندين جميع انتهاكات القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وندعو إلى احترامه بشكل كامل."
وفيما يخص غزة، أكد البيان "دعوة جميع الأطراف إلى مواصلة العمل على تنفيذ الخطة، ونرحب بجهود الوساطة المصرية في هذا الصدد. وإذ لا يزال يساورنا قلق بالغ إزاء الوضع الإنساني الكارثي في غزة، فإننا ندعو إلى توفير وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع ودون عوائق، وإلى استعادة الخدمات الأساسية، بما في ذلك البنية التحتية الطبية على وجه الخصوص."
لقاء رئيسة البرلمان الأوروبي
واجتمع الرئيس السيسي اليوم، مع روبرتا ميتسولا، رئيسة البرلمان الأوروبي، وأعرب، الرئيس عن تقديره للدور الإيجابي والداعم الذي يضطلع به البرلمان الأوروبي، والسيدة ميتسولا على وجه الخصوص، في تعزيز مسار الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي.
كما أكد أهمية مواصلة التعاون والتنسيق بين الجانبين في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب الإسراع في تنفيذ محاور الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، وتعزيز الحوار البرلماني المصري الأوروبي باعتباره جسراً للتواصل بين شعوب ضفتي المتوسط. ومن ناحيتها، وجهت ميتسولا الشكر على جهود مصر في التوصل لاتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، مؤكدة انه لولا جهود الرئيس في هذا الصدد ما كان من الممكن التوصل إلى الاتفاق.
واستعرض الرئيس خلال اللقاء جهود مصر في ترسيخ الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الوساطة التي أفضت، بالتعاون مع الوسطاء الآخرين، إلى التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في قطاع غزة، فضلاً عن استضافة مصر لقمة شرم الشيخ للسلام بمشاركة دولية رفيعة المستوى، حيث تم التأكيد في هذا الصدد على ضرورة تثبيت وقف اطلاق النار في قطاع غزة، وأهمية ادخال المساعدات الانسانية بكميات كافية، وتقديم الرعاية الطبية اللازمة للجرحى والمصابين.
وشددت رئيسة البرلمان الأوروبي على أن الاتحاد الأوروبي يدفع نحو تطبيق حل الدولتين. كما تناول اللقاء جهود مصر في تسوية الأزمات الإقليمية بما يحفظ سيادة الدول واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها، ويصون مقدرات شعوبها. من جانبها، أعربت رئيسة البرلمان الأوروبي عن تقديرها الكبير للدور المحوري الذي تضطلع به مصر في المنطقة، مشيدة بسياساتها الحكيمة والمتزنة، ومعتبرة إياها ركيزة أساسية للاستقرار في الشرق الأوسط وجنوب المتوسط.