نجح منتخب المينى فوتبول للسيدات، فى رفع كأس المونديال، الذى احتضنته ملاعب كردستان العراق، وذلك عقب فوز تاريخى على منتخب «السامبا»، المنتخب الأعلى تصنيفًا فى اللعبة عالميًا، وهو فوز تحدث عنه أحمد سمير، رئيس الاتحاد المصرى للمينى فوتبول، الذى نقل اللعبة من المجهول إلى العالمية، خلال سنوات قليلة.
«سمير»، أكد أن هذا التتويج المذهل لم يكن صدفة، بل كان ثمرة رؤية وعزيمة وشغف، وهنا يكشف لنا خلال هذا الحوار الخاص، كواليس الاستعداد، وبدايات التأسيس، وخططه المستقبلية لاستمرار النجاح وتوسيع انتشار اللعبة داخل مصر وخارجها.
كيف بدأ التحضير المميز الذى قادكم لتحقيق هذا الإنجاز العالمى؟
التحضير كان قائمًا على الإيمان والتوفيق من الله (سبحانه وتعالى)، فالاتحاد المصرى لـ«المينى فوتبول» تم تدشينه عام 2019، وأنا مَن أسسته بعدما شاهدت اللعبة منتشرة فى الخارج بينما لم تكن موجودة فى مصر، وتحدثت مع الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، الذى رحب بالفكرة فورًا، وبدأنا التنفيذ بخطة مختلفة تمامًا.. بعدها قررت ألا أبدأ من المدن الكبرى مثل القاهرة أو الإسكندرية، بل من الأطراف والمناطق النائية، من حلايب وشلاتين مرورًا بالصعيد والوادى الجديد، فكنت أريد أن أُثبت أن مصر كلها قادرة على احتضان اللعبة، لا العاصمة فقط.
وقمنا بتجهيز الحكام والمدربين وإطلاق دورات تدريبية تعتمد على الكفاءات المصرية، وأسسنا دورى المناطق وكأس مصر، إلى جانب بناء «عائلة المينى فوتبول»، وكانت أول مباراة رسمية للعبة فى مصر فى شمال سيناء، وقت نشاط الإرهاب هناك، وأقنعت القيادات بأن إقامة مباراة كرة فى هذه المنطقة رسالة قوية للعالم أن مصر آمنة ومستقرة، وبالفعل انطلقت المباراة يوم 26 ديسمبر 2020، وبعدها بيوم واحد فقط كنا فى الوادى الجديد نلعب مباراة أخرى، رغم المسافة الطويلة، وهذا المشهد يجسد الهمة والإصرار والإيمان بالفكرة، ومن هنا انطلقت رحلتنا نحو القمة حتى أصبحنا أبطال إفريقيا والعالم فى سنوات قليلة.
بعد الفوز بالمونديال، كيف ترى مستقبل لعبة المينى فوتبول فى مصر؟
المستقبل يعتمد على الاستمرارية والعمل الجاد، ولكن الحقيقة أن اللعبة ما زالت تعانى من نقص الدعم والرعاة، وعلينا أن نحافظ على الزخم، فحتى الآن، لا توجد رعاية كافية، وأنا كرئيس اتحاد أتابع صفحات التواصل الاجتماعى بنفسى وأقوم بالتغطية الإعلامية للمباريات.. لكن الإنجاز العالمى الأخير سيجعل الأنظار تتجه إلينا، وواثق أن النجاح سيجذب الدعم قريبًا، ويبقى هدفنا أن نصنع منظومة مستقرة تضمن استمرار البطولات وتوسيع قاعدة المشاركة فى كل المحافظات.
كيف ستستفيدون من هذا الإنجاز لنشر اللعبة بشكل أكبر؟
الاستفادة ستكون من خلال استثمار الدعاية الإعلامية الكبيرة التى حققناها، ورغم أننا لم نحظَ باهتمام محلي، لكن الصحافة البرازيلية نفسها كتبت عنا وأشادت بأدائنا أمام منتخب بلادها، الذى يُعد الأقوى فى العالم وصاحب التاريخ الأعرق فى المينى فوتبول نحن لا نؤمن بفكرة «التمثيل المشرف»، بل نلعب من أجل تحقيق الإنجاز الحقيقي، كما أننى أفكر بعقلية الكابتن محمود الجوهرى وصالح سليم: الانضباط والالتزام وتحقيق الأهداف التحضير النفسى كان له دور كبير أيضًا. بعد خسارتنا من البرازيل فى المباراة الأولى، عقدت جلسة مطوّلة مع اللاعبات، وقلت لهن: انسين الخسارة، نحن سنكسبهم فى النهائي».. وقلتها بإيمان تام، وأضفت: «يا تهينوا مصر يا تكرموها وتكرموا أنفسكم»، وتلك الجلسة غيّرت كل شيء، لدرجة أن بعض اللاعبات المصابات قررن المشاركة رغم الألم، وكان إصرارهن سر الانتصار فى النهائى.
وما أبرز الفروق بين المينى فوتبول وكرة القدم التقليدية؟
المينى فوتبول لعبة سريعة ومليئة بالإثارة، تُلعب عادة بـ5 إلى 7 لاعبين فى شوطين مدتهما 15 دقيقة فقط على ملعب صغير يتراوح طوله بين 25 و40 مترًا وعرضه بين 15 و25 مترًا.. والكرة أكبر قليلًا من كرة الصالات (مقاس 4.5)، وإيقاع اللعب أسرع بكثير من كرة القدم التقليدية التى تضم 11 لاعبًا فى شوطين من 45 دقيقة.
اللعبة تدمج بين متعة الكرة الخماسية وحماس كرة القدم الكبيرة، وتعتمد على المهارة والتركيز وسرعة رد الفعل، وهى لعبة تناسب الشباب المصرى الموهوب الذى يتميز بالمهارة والحركة السريعة.
وكيف تقيّم أداء لاعبات المنتخب فى البطولة الأكبر عالميًا؟
كل لاعبة فى المنتخب كانت على قدر المسئولية، نحن نعمل كـ»عائلة واحدة»، لا فرق بين أساسية واحتياطية، لكن هناك لاعبات قدّمن أداءً مميزًا، مثل يارا التى سجلت أول هدف فى مرمى البرازيل بالمباراة النهائية رغم إصابتها، وأصرت على المشاركة، وسالى منصور التى نالت جائزة أفضل لاعبة فى البطولة، وهى واحدة من أبرز المواهب الصاعدة فى اللعبة.. فالفريق كله أظهر روحًا قتالية عالية، والبطولة أثبتت أن مصر تملك جيلًا من اللاعبات قادرات على المنافسة عالميًا.
وما الرسالة التى تود توجيهها بعد هذا الإنجاز التاريخى؟
رسالتى أن ما تحقق ليس نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة، نريد أن نستثمر هذا النجاح فى بناء قاعدة قوية من الشباب والبنات فى كل المحافظات، وأن نغرس فكرة أن الرياضة رسالة وطنية قبل أن تكون منافسة بدأنا من الصفر، من حلايب وشلاتين، واليوم نرفع علم مصر على منصات التتويج العالمية اقول لكل شاب وفتاة: لو عندك حلم، ابدأه بإيمان وشغف، حتى لو من مكان بسيط»، فالنجاح لا يعرف حدودًا، ومصر دائمًا قادرة على صنع المعجزات عندما يؤمن أبناؤها بأنفسهم وبوطنهم.