«المصوّر» التقت واحدًا من أبرز حراس المرمى فى تاريخ الكرة المصرية، سعفان الصغير، خريج مدرسة الدراويش، الذى انطلق بقفازه الذهبى فى فترة الثمانينات، واعتزل مطلع الألفية بعد مسيرة امتدت حوالى خمسة عشر عامًا، بعدما قدم خلال مسيرته فى قلعة الإسماعيلى 257 مباراة و8 مباريات بقميص المنتخب المصري، ليتجه بعد ذلك إلى تدريب حراس المرمى، فى محطات خليجية ومحلية، وها هو الآن يستكمل مسيرته مع الفراعنة.. وفى هذا الحوار يحدثنا مدرب حراس مرمى منتخب مصر الأول، عن كيفية اختيار حراس الفراعنة.
بداية.. حدثنا عن معايير اختيار قائمة حراس المرمى وعلى أساسها اختير الرباعي: محمد الشناوى، مصطفى شوبير، محمد صبحى، وعبدالعزيز البلعوطى؟
الاختيار جاء بعد دراسة دقيقة ومتابعة مستمرة لكل الحراس على مدار الموسم، سواء فى الدورى المحلى أو البطولات القارية، فالجهاز الفنى لا يتعامل مع الأسماء بقدر ما ينظر إلى الحالة الفنية والنفسية لكل حارس، ويبقى محمد الشناوى الحارس الأول فى مصر، لما يملكه من خبرة دولية كبيرة، وقدرته على التعامل مع المباريات الكبرى بثبات وثقة.. أما مصطفى شوبير، فهو من الحراس الذين تطوروا بشكل ملحوظ فى الفترة الأخيرة، ويمثل مستقبل حراسة المرمى فى مصر، لذا كان من المهم منحه الثقة والمشاركة فى أجواء المنتخب حتى لو لم يكن أساسيًا فى ناديه.. كذلك محمد صبحى يقدم أداءً مستقرًا مع الزمالك رغم الظروف الصعبة التى يمر بها الفريق، بينما عبدالعزيز البلعوطى يستحق التقدير لما يقدمه من مستوى مميز مع فاركو، وهو نموذج للحارس المجتهد الذى يفرض نفسه بالأداء وليس بالاسم.
هناك من يتساءل عن سبب ضم مصطفى شوبير رغم أنه لا يشارك بصفة أساسية مع الأهلى.. ما ردك؟
هذا سؤال مشروع من وجهة نظر الجماهير، لكننا فى الجهاز الفنى نرى الصورة من منظور مختلف، مصطفى شوبير شارك فى مباريات حاسمة خلال الموسم الماضى، وأثبت أنه يمتلك شخصية قوية داخل الملعب، كما أنه يتدرب يوميًا فى بيئة احترافية، ويحتك بأفضل اللاعبين فى إفريقيا، وهو ما يرفع من مستواه الفنى والذهني.. ونحن لا نختار على أساس عدد المباريات فقط، بل على أساس الجاهزية الفنية والبدنية والنفسية، ومدى قدرة الحارس على تمثيل المنتخب وقت الحاجة، وشوبير يمتلك كل المقومات لذلك.
ماذا عن استبعاد حارس بيراميدز أحمد الشناوى رغم تألقه اللافت هذا الموسم؟
بالفعل، أحمد الشناوى يقدم موسمًا مميزًا مع بيراميدز، وكان أحد أبرز أسباب فوز فريقه على أوكلاند سيتى ثم الأهلى السعودى فى بطولة كأس الانتركونتيننتال، بالإضافة إلى بدايته القوية فى دورى الأبطال أمام الجيش الرواندى، لكننا نعمل وفق خطة فنية متكاملة، ونتابع جميع الحراس بشكل مستمر، استبعاده لا يعنى خروجه من الحسابات نهائيًا، بل العكس تمامًا، هو تحت المتابعة الدقيقة، وقد يكون له دور فى الفترة المقبلة، والجهاز الفنى يثق فيه كثيرًا، وعودته للمنتخب مسألة وقت لا أكثر.
ما خطة الجهاز الفنى لدعم مركز حراسة المرمى قبل كأس الأمم الإفريقية المقبلة فى المغرب؟
نحن نعمل على أكثر من محور، أولًا: الحفاظ على جاهزية الرباعى الحالى من خلال فترات إعداد قصيرة ومعسكرات تدريبية خاصة بالحراس، ثانيًا نتابع مجموعة من الحراس الشباب فى الدورى الممتاز والقسم الثانى لتوسيع قاعدة الاختيار، كما نسعى لتطبيق برامج تدريب حديثة تعتمد على تحليل الأداء بالفيديو، وقياس رد الفعل وسرعة الحركة، والتعامل مع الكرات العرضية والضربات الثابتة، و هدفنا أن يكون لدينا أكثر من حارس جاهز فنيًا وبدنيًا قبل البطولة القارية.
من وجهة نظر الجهاز الفنى للتوأم، هل ما زال الشناوى هو الحارس الأول لمنتخب مصر؟
بكل تأكيد، محمد الشناوى هو الحارس الأول فى الوقت الحالى، وهذه ليست مجاملة، بل واقع تفرضه الأرقام والخبرة، هو قائد داخل وخارج الملعب، ويمتلك حضورًا قويًا وشخصية مؤثرة فى زملائه، الشناوى أثبت نفسه فى أصعب المواقف، سواء فى البطولات الإفريقية أو مباريات المنتخب الحاسمة، ووجوده يمنح الجميع شعورًا بالثقة والاستقرار، لكن فى الوقت نفسه، نحن نعمل على تجهيز البديل المناسب، لأن منتخب مصر لا يمكن أن يعتمد على اسم واحد فقط.
هل هناك نية لضم وجوه جديدة قبل بطولة «الكان» المقبلة؟
نعم الباب مفتوح أمام الجميع، نحن نتابع عددًا من الحراس الشباب الذين يقدّمون أداءً متميزًا فى الدورى، ومن الممكن أن نرى أسماء جديدة تنضم خلال المعسكرات المقبلة، فلسفتنا واضحة: المنتخب لمن يستحق، وليس لمن له اسم.
أحمد الشناوى انضم مؤخرًا لمنتخب المحليين وتألق بشكل لافت.. هل ترى أن ذلك قد يكون مقدمة لعودته للمنتخب الأول؟
بالتأكيد، تألق أحمد الشناوى مع منتخب المحليين رسالة قوية أنه لا يزال يمتلك الكثير ليقدمه، انضمامه جاء بالتنسيق الكامل مع الكابتن حلمى طولان، لأننا نعمل كمنظومة واحدة داخل الاتحاد، ونسعى لمنح كل لاعب فرصة حقيقية لإثبات نفسه، إذا استمر بنفس المستوى والتركيز، فعودته للمنتخب الأول ستكون قريبة جدًا.
فى توقعاتك.. هل مصر قادرة على الفوز بكأس الأمم الإفريقية 2026؟
بكل صراحة، مصر دائمًا تذهب إلى أى بطولة من أجل الفوز، وليس لمجرد المشاركة، لدينا جيل قوى من اللاعبين يمتلك الخبرة والطموح، وجهاز فنى يقوده العميد حسام حسن يعرف جيدًا معنى القتال والانتصار، سنواجه منافسة شرسة بلا شك، لكننا نثق فى أنفسنا وفى قدرات اللاعبين على إعادة اللقب إلى القاهرة.
كيف ترى مجموعتنا التى تضم جنوب إفريقيا وأنغولا وزيمبابوى؟
المجموعة متوازنة، لكنها ليست سهلة، جنوب إفريقيا منتخب متطور جدًا، وأنجولا وزيمبابوى يمتلكان لاعبين محترفين فى أوروبا، ولكن لدينا خطة واضحة للتعامل مع كل خصم، خطة تعتمد على دراسة نقاط القوة والضعف بالفيديو، والتحضير الذهنى للاعبين قبل كل مباراة.
ننتقل إلى الجانب الفنى.. ما أحدث الأساليب التى تعتمدها فى تدريب حراس المرمى حاليًا؟
كرة القدم الحديثة لم تعد تعتمد على رد الفعل فقط، بل على «التحليل الذكى»، نستخدم أدوات تحليل الفيديو، وتقنيات قياس سرعة الاستجابة، وتمارين خاصة بالمواقف المفاجئة داخل منطقة الجزاء، كما نركز على الجانب الذهنى، لأن الحارس فى النهاية نصف الفريق، ويجب أن يمتلك شخصية قوية وقدرة على اتخاذ القرار فى أجزاء من الثانية.
ماذا عن التواصل بينك وبين مدربى حراس الأندية الكبرى مثل الأهلى والزمالك وبيراميدز؟
نعم، التواصل مستمر، نحن لا نعمل بمعزل عن الأندية، بل نعتبر أنفسنا امتدادًا لها، و كان لدينا تواصل دائم مع ميشيل يانكون قبل رحيله عن الأهلى، ومع مدربى الزمالك وبيراميدز حاليًا، لأن تطوير الحراسة مسئولية جماعية، والفكرة أن نوحد أساليب التدريب ونقلل الفجوة بين المدرسة المحلية والأوروبية فى هذا المركز الحيوى.
بصفتك من أبناء مدرسة الدراويش، كيف ترى مستقبل النادى بعد أزماته الأخيرة؟
الإسماعيلى يحتاج إلى إدارة مستقرة ومشروع واضح، فلا يمكن أن تعيد بناء فريق وأنت تغيّر فى الجهاز الفنى كل شهرين، والحل فى رأيى يبدأ من الاستثمار فى قطاع الناشئين، لأن الإسماعيلى دائمًا ينجب أفضل المواهب فى مصر، ولو تم دعم الفريق بثلاث أو أربع صفقات مميزة فى ميركاتو يناير 2026، مع عودة الثقة للجماهير، أعتقد أن النادى سيعود تدريجيًا إلى مكانته الطبيعية.
من وجهة نظرك، من أفضل حارس فى مصر خلال الموسم الماضى؟
كل حارس له ما يميزه، لكن إن تحدثنا عن الاستمرارية والثبات، فمحمد الشناوى كان الأفضل، يليه محمد صبحى الذى قدم أداءً قويًا رغم الضغوط، كما أُشيد بأداء البلعوطى الذى تطور كثيرًا، وأحمد الشناوى الذى عاد بقوة بعد فترة من الإصابات.
هل الدفاع الجيد يجعل الحارس أفضل، أم أن صاحب القفاز هو من يصلح أخطاء الدفاع؟
العلاقة تكاملية، لا يمكن أن ينجح حارس دون دفاع منظم، ولا دفاع ينجو دون حارس متميز، لكن الحارس المميز هو الذى «يشيل الفرقة» فى الأوقات الصعبة، ويمنح زملاءه الثقة، وهذه هى مدرسة الحراس المصريين عبر التاريخ.
ما الفارق بين المدرسة المصرية والأوروبية فى إعداد الحراس؟
المدرسة الأوروبية تعتمد على التفاصيل الدقيقة جدًا: حركة القدمين، زاوية الرؤية، سرعة اتخاذ القرار، والتعامل مع الكرات العالية.. فى المقابل، المدرسة المصرية تمتاز بالقوة الذهنية، ورد الفعل السريع، والشجاعة فى المواجهات الفردية، وهى عناصر لا تقل أهمية.. الفارق أننا فى مصر كنا نعتمد كثيرًا على الموهبة الفطرية، بينما فى أوروبا يعتمدون على المنهج العلمى، ونحن الآن نحاول الدمج بين الاثنين: الموهبة المصرية مع الانضباط الأوروبى، وحين نصل إلى هذه المعادلة، سنرى حراسًا مصريين يحترفون فى الدوريات الكبرى مرة أخرى.
هل هناك أسماء تراها مستقبل حراسة المرمى فى مصر؟
بالتأكيد، هناك أكثر من اسم واعد جدًا، لكن لا أحب أن أذكر أسماء محددة حتى لا أضع عليهم ضغوطًا، لكن ما أستطيع قوله إن مصر تمتلك جيلًا من الحراس الصاعدين فى أندية مثل الاتحاد السكندرى، المقاولون العرب، وإنبي، وسيراميكا، وكلهم يسيرون فى الطريق الصحيح، نحن نتابعهم باستمرار، وهناك خطة لإشراك بعضهم فى معسكرات مستقبلية لاكتساب الخبرة الدولية مبكرًا.
إلى أى مدى يكون التدريب الفردى خارج الأندية مفيدا للحراس الشباب؟
الأمر نسبى، التدريب الفردى مفيد جدًا بشرط أن يكون تحت إشراف متخصص يعرف متى يضغط على الحارس ومتى يريحه، لكن المشكلة أن بعض الحراس يتدربون مع مدربين غير متخصصين فى حراسة المرمى، فيكتسبون عادات خاطئة يصعب تصحيحها فيما بعد، أنا دائمًا أقول: «التمرين مش بالكم، بالكيف»، والأفضل أن تتدرب نصف ساعة بتركيز سليم من أن تتدرب ساعتين بطريقة خاطئة.
بالحديث عن الجانب النفسى.. كيف تتعامل مع الحارس بعد ارتكابه خطأ فى مباراة دولية مثلًا؟
الحارس بشر، والخطأ جزء من اللعبة، لكن الأهم هو كيف يخرج من لحظة الخطأ، دورى كمدرب هو أن أسانده نفسيًا، لا أن أهاجمه، أعيد له الثقة وأجعله يرى الموقف بهدوء، وأحيانًا خطأ واحد يجعل حارسًا ينهار، وأحيانًا يجعله أقوى، هنا يأتى دور المدرب فى التوازن النفسى، خاصة فى المنتخبات التى يكون الضغط الجماهيرى فيها هائلًا مثل مصر.
محلياً .. ما تحليلك للمنافسة على لقب دورى نايل هذا الموسم؟
الدورى المصرى الممتاز هذا الموسم قوى جدًا، وهناك تقارب كبير فى المستوى بين الأندية، الأهلى يظل المرشح الأول دائمًا بفضل الاستقرار وجودة العناصر، لكن لا يمكن تجاهل بيراميدز والمصرى والزمالك فى حال تحسن نتائجه، وأعتقد أن المنافسة على المراكز الخمسة الأولى ستكون مشتعلة حتى الأسابيع الأخيرة.
أخيراً.. ما الرسالة التى يوجهها سعفان الصغير لحراس المنتخب والجماهير المصرية قبل تصفيات كأس العالم؟
رسالتى الأولى للحراس: أنتم تمثلون مصر، فكونوا دائمًا على قدر المسئولية، ولا تنسوا أن القميص الوطنى لا يُمنح بل ينتزع بالأداء والالتزام.. وأقول للجماهير: ثِقوا فى منتخبكم، وفى الجهاز الفنى بقيادة حسام حسن، فنحن نعمل بكل طاقتنا لإسعاد الشعب المصرى، حراسة المرمى فى أيدٍ أمينة، ومصر قادرة على العودة إلى المونديال وكأس الأمم بإذن الله.