«علم الروم».. صفقة استثمارية جديدة على طريق جذب الاستثمارات الأجنبية، وخاصة العربية منها، والتى دخلت نطاق التنفيذ بعد الإعلان غير الرسمى عنها، لتلحق بنظيراتها فى رأس الحكمة والبحر الأحمر، وهى الخطوة التى وصفها الخبراء بأنها تأكيد على قوة الاقتصاد المصرى وقدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية بشكل يؤكد ثقة العالم فى مصر واقتصادها المتنامى، رغم ما تعانيه المنطقة المحيطة.
الصفقة، التى أبرمتها الحكومة مع الصندوق السيادى القطرى بمقتضاها، شملت اتفاقًا لشراء 5000 فدان فى منطقة علم الروم على الساحل الشمالى، بقيمة تقترب من 7 مليارات دولار، وذلك بهدف إنشاء مشروع سياحى متكامل، يُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية فى خريطة الاستثمار العقارى والسياحى بالمنطقة.
بموجب الصفقة، ستحصل مصر على حصة من إيرادات المشروع، مقابل تنفيذ أعمال البنية التحتية وتوصيل المرافق اللازمة، على أن يتم الإعلان الرسمى عن الصفقة خلال أكتوبر الجارى، حيث تقع «علم الروم» شرق مدينة مرسى مطروح، وتستمد اسمها من حصن رومانى أثرى بالمنطقة وتتميز بشواطئ هادئة وطبيعة بكر جعلتها مقصدًا لعُشاق الصيد والسياحة العائلية، وتبعد المنطقة نحو 50 كيلومترًا فقط عن رأس الحكمة، التى شهدت فى أكتوبر 2024 صفقة إماراتية ضخمة بقيمة 35 مليار دولار، ما يضع الساحل الشمالى الغربى فى صدارة خريطة الاستثمارات الأجنبية الكبرى فى مصر.
الخبراء عددوا مزايا الصفقة القطرية، أهمها أنها تعد مؤشرًا على تعزيز الشراكة الاقتصادية بين القاهرة والدوحة، وانعكاسًا لثقة المستثمرين الخليجيين فى البيئة الاستثمارية المصرية، خصوصًا فى قطاعات السياحة والتطوير العقارى الفاخر، ويرى خبراء أن هذه الخطوة تمثل بداية لسلسلة من الاستثمارات القطرية المنتظرة فى مصر، والتى من شأنها توفير آلاف فرص العمل وزيادة تدفقات النقد الأجنبى، بما يعزز مكانة مصر كوجهة استثمارية رائدة فى المنطقة العربية.
وفى هذا السياق، قال محرم هلال، رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين، إن «الاستثمارات القطرية فى منطقة علم الروم بقيمة 7 مليارات دولار تمثل خطوة إيجابية تعكس ثقة المستثمرين العرب فى الاقتصاد المصرى، وهذه الاستثمارات ستوفر فرص عمل جديدة للشباب، وتُسهم فى زيادة تدفقات العملة الصعبة، بما يعزز استقرار السوق المحلى».
«هلال»، أضاف أن «أى استثمارات تدخل مصر تعنى تقليل معدلات البطالة، وزيادة الاحتياطى النقدى، ودعم قوة الدولة سياسيًا واقتصاديًا»، مشيرًا إلى أن «مصر اليوم تعيش واحدة من أعظم فتراتها بفضل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أعاد لمصر مكانتها كـ”العمود الفقرى للدول العربية”».
وأشار رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين، إلى أن «الاستثمارات القطرية ليست سوى بداية، متوقعًا ضخّ المزيد خلال الفترة المقبلة، خاصة فى قطاعات كبرى مثل رأس الحكمة والعقارات، إلى جانب استثمارات سعودية وخليجية أخرى»، موضحًا أن «الاستثمارات القطرية فى علم الروم هى رسالة واضحة بأن مصر قادرة على جذب رءوس الأموال العربية والأجنبية، رغم الضغوط السياسية والاقتصادية العالمية وتحديدا من الولايات المتحدة وروسيا والصين».
«محرم»، توقع أن «نشهد خلال الفترة المقبلة زيادات جديدة فى حجم الاستثمارات القطرية والعربية، بما قد يتجاوز أضعاف الـ7 مليارات المعلنة»، مؤكدا أن «مصر تستحق أن تستقبل استثمارات لا تقل عن 100 مليار دولار، بالنظر إلى مكانتها ودورها القيادى فى المنطقة».
بدوره، أكد يسرى الشرقاوى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن «جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطاع التطوير العقارى يمثل خطوة إيجابية ومحمودة، ولا يجب النظر إليه من زاوية جنسية المستثمر سواء كان قطريا أو إماراتيا أو من أى جنسية خليجية، هذا الاستثمار هو جزء من جهود الدولة فى تعزيز التنمية العمرانية المتكاملة».
«الشرقاوى»، أضاف أن «صفقة علم الروم والخاصة بالاستثمار القطرى فى مصر، وغيرها من هذه المشروعات، كما حدث فى صفقة رأس الحكمة، تستهدف الاستفادة من البنية التحتية القوية التى تمتلكها مصر، وفتح آفاق جديدة للاستثمار الأجنبى، فضلًا عن خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وزيادة الحصيلة الدولارية للبلاد»، لافتًا إلى أن الأمر لا يخلو من بعض الجوانب التى تستوجب الدراسة، خصوصًا فيما يتعلق بطبيعة العقود الاستثمارية المبرمة، وتأثيراتها على الأجيال القادمة خلال الخمسين عاما المقبلة، مشددا على أهمية النظر إلى معادلة متوازنة فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
كما أشار إلى أن «التركيز فقط على العقارات والسياحة يجب أن يتوازى مع تعزيز الاستثمار فى القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة والسياحة المستدامة، لما لها من أثر كبير فى توفير فرص العمل المستدامة، وزيادة الصادرات، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلى، وهو ما ينعكس فى النهاية على تحسين جودة حياة المواطن المصرى».
من جهته، أكد وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أن «توقيع اتفاقية بين قطر ومصر لشراء 5000 فدان بمنطقة “علم الروم” بمنطقة الساحل الشمالى، لإنشاء مشروع سياحى متكامل هو خطوة جيدة ومعتبرة من الحكومة يؤكد حرصها على جذب وتسهيل الاستثمارات الأجنبية لمصر، بشكل يؤكد أن الاقتصاد المصرى فى طريقه الصحيح للتعافى كما أنها تؤكد ثقة مجتمع الأعمال العالمى فى قوة الاقتصاد المصرى».
وأوضح أن «الحكومة المصرية ستستفيد من المشروع من خلال الحصول على حصة من الإيرادات، مقابل توفير المرافق العامة وتنفيذ البنية التحتية، على أن يتم الإعلان الرسمى عن المشروع خلال أكتوبر المقبل»، لافتًا إلى «هذه الصفقة تعكس توجها متزايدا نحو تحويل الاستثمارات الخليجية فى مصر إلى شراكات استراتيجية طويلة الأمد، بما يتيح فرصًا لتعزيز الاستقرار المالى ودعم النمو الاقتصادى».