رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الطلاب على أعتاب تجربة مختلفة تنتظر التقييم.. مناهج جديدة.. «التطوير الصعب»


14-9-2025 | 10:26

.

طباعة
تقرير: نهال بلال

بين حماس وزارة التربية والتعليم لإطلاق خطة تطوير غير مسبوقة تشمل 94 منهجًا، وقلق الخبراء من أن الاستعجال قد يهز ثبات العملية التعليمية، يقف العام الدراسى الجديد على أعتاب مرحلة مفصلية. الوزارة أعلنت عن مناهج مطورة تمتد من رياض الأطفال حتى الثانوية، وأتاحت نسخًا رقمية عبر موقعها الرسمى فى خطوة نحو التعليم العصرى. لكن أصواتًا تربوية حذرت من أن التغيير المتكرر دون تقييم علمى كافٍ قد يربك الطلاب والمعلمين معًا، ما يجعل العام الجديد اختبارًا حقيقيًا لقدرة المنظومة على الموازنة بين التحديث والاستقرار.

 

محمد الغمرى، استشارى التطوير المهنى للمعلمين والخبير التربوى بوزارة التربية والتعليم، أشار إلى أن العام الدراسى الحالى، والذى ينطلق خلال أيام قليلة، سيكون عامًا استثنائيًا بكل المقاييس وعلى أكثر من صعيد، فالوزارة أولت اهتمامًا كبيرًا بأعمال الصيانة والتجديد فى المدارس، حيث جرى الانتهاء من طلاء الفصول والأسوار، وصيانة دورات المياه، وترميم المقاعد، بجانب أعمال التشجير لتهيئة بيئة تعليمية محفزة وآمنة، موضحًا أن هذه الجهود شملت بشكل خاص المدارس فى المناطق الريفية والمحرومة لضمان تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب.

وأضاف أن الوزارة أنهت إجراءات تسكين الطلاب المتقدمين إلى الصف الأول الابتدائى ورياض الأطفال فى التوقيت المناسب لتفادى أى تأخير فى التحاقهم بالعام الدراسى الجديد، كما تم إعداد جداول الحصص الدراسية، لا سيما فى المرحلة الثانوية، مع التأكيد على حرية الطلاب فى اختيار نظام البكالوريا المصرية وعدم إلزامهم به.

«الغمرى» أكد أن الوزارة نجحت هذا العام، وبشكل غير مسبوق، فى سد العجز فى أعداد المعلمين من خلال عدة آليات، أبرزها التعاقد بنظام الحصة بعد تحديد الاحتياجات عبر لجان بكل مدرسة، ومد الخدمة للمعلمين الراغبين بعد سن التقاعد، مع إعطاء الأولوية لمن اجتازوا اختبارات التنظيم والإدارة أو ممن ينتظرون نتائج الأكاديمية العسكرية، مشيرًا إلى أن الوزارة شددت على المتابعة الدورية لالتزام المعلمين بمواعيد الحضور، فضلًا عن عقد تدريبات تخصصية لمعلمى الحصة قبل بدء الدراسة.

ويوضح أن الوزارة ألزمت المديريات التعليمية بتسليم الكتب الدراسية للطلاب فورًا دون تخزينها، لافتًا إلى أن وزير التربية والتعليم أكد على حرمة العقاب البدنى أو النفسى داخل المدارس، وأن أى مخالفة فى هذا الإطار ستُواجه بإجراءات قانونية صارمة وفورية، بجانب تطبيق منظومة منضبطة تشمل الالتزام بالزى المدرسى، وتفعيل التسجيل الإلكترونى للغياب، وإخطار أولياء الأمور بشكل يومى.

ويختتم «الغمرى» تصريحاته بالتأكيد أن الوزارة حريصة على تعزيز القيم الوطنية والانتماء بين الطلاب من خلال الالتزام بالنشيد الوطنى، واحترام العلم المصرى، فى إطار بيئة مدرسية داعمة للتربية السليمة والانضباط.

د. عاصم حجازى، أستاذ علم النفس التربوى المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، يرى أن تطوير المناهج يعد المهمة الأصعب بالنسبة لوزارة التربية والتعليم، خاصة بعد التغييرات الهيكلية الكبيرة التى أجرتها على كل من نظام الثانوية العامة ومسار التعليم الفنى، موضحًا أن الوزارة التزمت بخطوات شملت تيسير المناهج المطورة وتبسيطها للطلاب مع التركيز على الجانب التطبيقى، إلى جانب تدريب المعلمين على التعامل مع هذه المناهج وإتاحتها عبر موقع الوزارة من مرحلة رياض الأطفال وحتى الشهادة الإعدادية.

وأشار إلى أن الوزارة اهتمت أيضًا بطباعة كتيبات للتقييمات فى محاولة لتعظيم الاستفادة من المناهج المطورة وحث الطلاب على الحضور والالتزام، لافتًا إلى أن الاستراتيجية العامة للتطوير ترتكز على مواكبة تطورات العصر. لكنه حذر فى الوقت نفسه من أن تكرار تغيير المناهج على فترات متقاربة دون وجود تقييمات علمية وموضوعية للمناهج المستبدلة يعكس وجود مشكلة تستدعى الانتباه.

«حجازى» أكد أن عملية التطوير ينبغى أن تكون أكثر تعقيدًا مما هو قائم الآن، بحيث لا تقتصر على إسناد الأمر إلى لجنة، بل يجب أن تسبقها دراسة مستفيضة تكشف أوجه القصور ونقاط القوة، وتحدد متطلبات العصر وقدرات الطلاب وإمكانات المدارس، موضحًا أن التطوير قد يكون جزئيًا ولا يُشترط أن يكون كليًا فى كل مرة، فالتغيير المتلاحق دون مبررات كافية قد يؤدى إلى حالة من عدم الاستقرار والقلق لدى الطلاب والمعلمين على حد سواء، ويمثل عبئًا على العملية التعليمية.

فأكد د. محمد فتح الله، أستاذ القياس والتقويم التربوى، أن تطوير الكتب والمناهج هذا العام يمثل خطوة مهمة نحو تحسين جودة التعليم وتجويده، مشددًا على الحاجة إلى الانتقال من الحفظ إلى تنمية التفكير والإبداع كنهج أساسى فى المنظومة التعليمية.

وبحسب «فتح الله»، فإن خطة وزارة التربية والتعليم لتطوير المناهج لهذا العام الدراسى تمثل خطوة مهمة نحو تحسين جودة التعليم، حيث شملت مواد أساسية مثل اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات والعلوم والتربية الدينية، فى إطار رؤية تراعى مختلف المراحل التعليمية بداية من رياض الأطفال حتى الصف الثانى الإعدادى.

وأضاف أن التطوير شمل تنسيقًا متدرجًا بين المراحل الدراسية لضمان التكامل فى المحتوى التعليمى، وأن الوزارة استجابت لمطالب المجتمع بتحديث المعلومات والتركيز على مهارات التفكير والإبداع بدلًاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين، لكن التنفيذ يتطلب تدريبًا فعليًا للمعلمين لمواجهة التحديات فى التطبيق.

تطوير الكتب، كما يوضح «د. فتح الله»، لا يقتصر على المحتوى فحسب، بل يشمل طرق العرض وأساليب الشرح، ويعزز إتاحة الكتب بصيغ ورقية ورقمية تسهيلاً على الطلاب وأولياء الأمور، إذ إن توفير التنوع فى المنصات يسهم فى تقليل الاعتماد على الشرح التقليدى فقط.

ويبين أن التقويم ليس مجرد امتحان، بل هو الضامن الحقيقى لإصلاح منظومة التعليم، مؤكدًاً أن التقويم التربوى هو جوهر العملية التعليمية التى تقوم على ثلاثة عناصر: «تحديد المحتوى، طريقة التدريس، ثم التأكد من تحقق التعلم فعليًا»، وأن النتائج غالبًا ما توصى بمراجعة المناهج وأساليب التدريس والعناصر التعليمية، لتؤكد دوره فى التطوير المستدام.

ويعتبر د. «فتح الله» أن تطوير التعليم قضية «أمن قومى» تتطلب شراكة مجتمعية حقيقية بين وزارة التربية والتعليم، ونقابة المعلمين، وأكاديمية المعلم، والجامعات، وأولياء الأمور، معربًا عن تقديره للقيادة السياسية لما توليه من اهتمام بتحديث المنظومة التعليمية بما يتماشى مع التحولات التقنية العالمية.

وشدد على أن تطوير المعلمين هو عامل أساسى فى نجاح العملية، مشيرًا إلى ضرورة تبنى برامج تدريبية مستمرة وممنهجة لرفع كفاءاتهم، بالإضافة إلى تأهيلهم لمواكبة التغيرات فى المناهج وأساليب التقويم الحديثة.

الاكثر قراءة