قال مفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد، إن المؤتمر الدولي العاشر لدور وهيئات الإفتاء في العالم المقرر عقده بالقاهرة يومي 12 و13 أغسطس الجاري تحت عنوان: "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، برعاية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الإفتاء في ظل التطور التكنولوجي المتسارع والسعي إلى بناء عقل إفتائي جديد يجمع بين الانضباط الشرعي والوعي الرقمي في عصر طغت عليه أدوات الذكاء الاصطناعي.
وأكد المفتي، خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الخميس بدار الإفتاء، أن المؤتمر يطرح مفهوما جديدا ومركزيا وهو صناعة "المفتي الرشيد"، باعتباره النموذج الأمثل للتعامل مع قضايا العصر، في مقابل ما يُتداول من مصطلحات مثل"المفتي الرقمي"أو"العصري"، موضحا أن الرشد هنا لا يعني فقط مواكبة التكنولوجيا بل يمثل بوصلة أخلاقية وعلمية تجمع بين الحكمة والمعرفة وفهم الواقع والقدرة على إصدار الفتوى المنضبطة التي توازن بين الثابت والمتغير وتدرك مقاصد الشريعة وأبعاد العصر.
كما أوضح أن الدار تسعى من خلال هذا المؤتمر إلى تقديم رؤية مستقبلية شاملة للمؤسسات الإفتائية، تجعلها أكثر قدرة على استشراف التحديات وتقديم إجابات رشيدة ومنضبطة دون الوقوع في فخ التقنية المطلقة أو الجمود وهي رؤية تقوم على التكامل بين الاجتهاد الشرعي والأدوات العصرية، وتحترم ثوابت الدين دون أن تغفل مستجدات الحياة.
وأضاف الدكتور نظير عياد أن المحور الأول من محاور المؤتمر يتناول "تكوين المفتي الرشيد العصري"من خلال إكساب المفتين مهارات القيادة وإدارة الأزمات، والتعامل مع قضايا البيئة والعلاقات الدولية.. مشيرا إلى أن المؤتمر يخصص محورا لموضوع"الإفتاء في عصر الذكاء الاصطناعي"لمناقشة الضوابط الشرعية لاستخدام هذه التقنيات في عملية الإفتاء، وتشمل المحاور أيضا تحليل أدوات البحث الرقمي، وتأثير الإعلام الرقمي على الفتوى، إلى جانب محور خاص بالأطر الأخلاقية للتقنيات الحديثة.
وبين أن هذه المحاور تهدف إلى تحقيق رؤية شاملة لتحديث المنظومة الإفتائية، تبدأ من تأهيل الكوادر العلمية الشابة، مرورًا بتوسيع إدراك المفتين لأدوات التحليل الرقمي، وانتهاء بوضع معايير منضبطة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في دعم الفتوى، كما يسعى المؤتمر إلى تعزيز الثقة المجتمعية في المؤسسات الإفتائية، من خلال رفع جودة الفتاوى المقدمة وارتباطها بالواقع المعاصر.
كما أعلن المفتي عن تنظيم أربع ورش عمل متخصصة ضمن فعاليات المؤتمر، تسعى إلى تحويل الرؤية الفكرية إلى ممارسات عملية، الإفتاء وتستهدف هذه الورش دعم قدرات المشاركين وتمكينهم من أدوات العصر دون التفريط في الأصول الشرعية.
وأشار إلى أن المؤتمر يمثل ملتقى دوليا فريدا من نوعه، حيث يشارك فيه عدد كبير من العلماء والمتخصصين من أكثر من 90 دولة، من بينهم وزراء وعلماء ومفتون، وخبراء تكنولوجيا، ومتخصصون في الإعلام الرقمي وصناعة المحتوى، ويؤكد هذا التنوع المكانة الدولية التي باتت تحظى بها الأمانة العامة ودار الإفتاء المصرية، كمرجعية معترف بها عالميًا في قيادة الفكر الإفتائي المتجدد.
وقال إن المؤتمر يعد أيضا فرصة لإبراز دور مصر الرائد في قيادة العمل الإفتائي عالميا، حيث لم تكتف الدولة باستضافة الفعاليات، بل تقدم نموذجا متكاملا للجمع بين الجدية البحثية، والبعد العملي، والانفتاح على العالم، من خلال مبادرة دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة، بمناقشة القضايا المعاصرة، والعمل على وضع حلول تطبيقية لها، ما يجعلها بحق "قاطرة العالم الإسلامي" في مجال الإفتاء الحديث.