رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

بعد أسابيع من «المساومة والتلاعب».. «ترامب» يُربك الأسواق العالمية بـ«التعريفات الجديدة»


8-8-2025 | 01:15

.

طباعة
تقرير: سلمى أمجد

فى تصعيد جديد، كشف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية الشاملة تستهدف الواردات من عشرات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مُختتمًا بذلك أشهرًا من المساومة والتلاعب والتأخير وازدياد المخاوف من اشتعال حرب تجارية عالمية تسببت فى زعزعة استقرار الأسواق المالية فى جميع أنحاء العالم، كما انعكست العواقب الوخيمة على الاقتصاد الأمريكى نفسه، حيث يتحمل المستهلكون والشركات الأمريكية فاتورة تلك الرسوم، مما يعزز الانفصال عن عقود من التجارة الحرة ويشير إلى حقبة حمائية جديدة.

 

«ترامب»، وقّع الخميس الماضى أمرًا تنفيذيًا بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 10 فى المائة و41 فى المائة على 69 دولة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجديدة حيز التنفيذ فى السابع من أغسطس الجارى لإتاحة الوقت لدائرة الجمارك الأمريكية لتحصيلها.

وفى أمر منفصل، رفع «ترامب» الرسوم الجمركية على الصادرات الكندية إلى 35 فى المائة، بدءًا من الأول من أغسطس الجارى باستثناء السلع المُعفاة بموجب اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA)، كما أعلن عن تمديد مهلة المفاوضات التجارية القائمة مع المكسيك لمدة 90 يومًا نظرًا لتعقيد القضايا المشتركة مما يتيح مدة أطول للتفاوض على اتفاق تجارى أوسع. بينما تواجه البرازيل رسومًا بنسبة 10 فى المائة، مع خضوع بعض السلع لتعريفة إضافية تصل إلى 40 فى المائة. من جهة أخرى، انخفضت الرسوم المفروضة على الاتحاد الأوروبى واليابان وكوريا الجنوبية لتصل إلى 15 فى المائة. وقد تم استثناء الصين من حزمة التعريفات الجديدة حيث اتفقت واشنطن وبكين على استمرار الهدنة التجارية حتى 12 أغسطس الجاري. وبالتالى يستمر العمل بمستويات الرسوم الجمركية المتفق عليها البالغة 30 فى المائة على الواردات الصينية و10 فى المائة على السلع الأمريكية.

وفور إصدار «ترامب» الرسوم الجديدة، عزز الذهب، الملاذ الآمن التقليدى، من مكاسبه، حيث ارتفعت العقود الآجلة للمعدن الثمين بنسبة 1.6 فى المائة متجاوزة 3400 دولار للأوقية بينما شهدت الأسهم الأمريكية تراجعًا، حيث انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعى ومؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 1 فى المائة لكل منهما، وفى الوقت نفسه، انخفض مؤشر«ناسداك» المركب الذى يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا، بأكثر من 2 فى المائة. ويعزى الانخفاض أيضًا إلى صدور تقرير الوظائف الأمريكية، والذى أظهر أداء أضعف من المتوقع، مما زاد من مخاوف المستثمرين، حيث أضافت الولايات المتحدة 73 ألف وظيفة فى يوليو الماضى، وهو أقل بكثير من التوقعات، وفقًا لبيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكى (BLS)، كما ارتفع معدل البطالة بشكل طفيف إلى 4.2 فى المائة.

فى سياق متصل، تراجعت أرقام شهرى مايو ويونيو بشكل حاد يوضح بدء تباطؤ التوظيف مع ترسيخ التعريفات الجمركية الأولية. فخلال هذين الشهرين، أضافت الولايات المتحدة إجمالى 258 ألف وظيفة، وهو أقل بكثير من التقدير السابق البالغ 286 ألف وظيفة ما دفع ترامب إلى طرد إريكا ماكينتارفر، رئيسة مكتب إحصاءات العمل، والتى اتهمها، دون دليل، بالتلاعب بتقارير الوظائف الشهرية «لأغراض سياسية»، وأكد محللون أن الجمع بين التعريفات الجمركية المرتفعة والتوظيف البطيء قد يدفع الولايات المتحدة نحو ضربة اقتصادية مزدوجة متمثلة فى «الركود التضخمي»، حيث يتباطأ الاقتصاد بينما ترتفع الأسعار، وفقًا لما أفادت به شبكة «إيه بى سي» نيوز، وقد يشكل هذا الاحتمال تحديًا لمجلس الاحتياطى الفيدرالى، الذى يخاطر برفع التضخم أكثر إذا خفض أسعار الفائدة أو دفع الولايات المتحدة إلى الركود إذا رفع أسعار الفائدة.

فى هذا السياق، أوضح الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، أن ترامب يتعامل مع دول العالم بمبدأ «الذئاب المنفردة»، حيث يتلاعب مع كل دولة بأدواته الخاصة، ويضغط بشدة فى الأساس ليصل إلى الهدف الذى تم وضعه. فنجده فرض رسومًا جمركية بنسة 10 و15 فى المائة ثم رفعها بنسبة 30 فى المائة، ليتم التفاوض لتصل إلى 15 فى المائة كما حدث مع الاتحاد الأوروبى واليابان، وفى النهاية نجح «ترامب» فى الوصول إلى التعريفة الجمركية التى وضعها فى الأساس كهدف.

«البهواشى» أكد أن السياسة التجارية التى اتخذها الرئيس ترامب لها أضرار كبيرة جدًا على الاقتصاد الأمريكى من جهة، والاقتصادات الناشئة والنامية من جهة أخرى، وفيما يتعلق بالاقتصاد الأمريكى، تسببت التعريفات فى زيادة تكلفة مدخلات الإنتاج التى تستوردها الشركات الأمريكية لتصنيع منتج أمريكى لا تتعدى فيه نسبة المكون المحلى نسبة الـ50 فى المائة، كذلك هناك شركات غير قادرة على تحمل تكلفة هذه الرسوم، فزادت من شرائها للمدخلات فى محاولة للاستفادة من المهلة المطروحة ما أدى إلى زيادة العجز فى الميزان التجارى الأمريكي، وعلى المدى المتوسط أو الطويل ستخرج بعض الشركات من عجلة الإنتاج، وبالتالى سيزداد حجم البطالة، وتخلق حالة من التضخم، أما الاقتصادات الناشئة، فهى تعتمد فى الأساس على التصدير سواء منتجات خام أو منتجات نصف مصنعة من الداخل الأمريكي، وفرض الرسوم سيتسبب فى تراجع صادراتها.

بدوره، قال الخبير الاقتصادى، الدكتور على الإدريسى، إن «القيود الجمركية قد تؤدى إلى تراجع حركة التبادل التجارى بين أمريكا وبقية الدول، خاصة الدول الصناعية الكبرى مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية. كذلك الرسوم ستنعكس على المستهلك الأمريكى فى صورة زيادة بأسعار الأجهزة والسيارات والسلع الاستهلاكية، ما يؤدى إلى زيادة التضخم، وبعض الدول قد ترد بفرض تعريفات مماثلة، مما ينذر بحرب تجارية تؤثر على سلاسل الإمداد العالمية، كما أن السياسات الحمائية تضعف الثقة فى النظام التجارى العالمي، وتدفع رءوس الأموال نحو مناطق أكثر استقرارًا».

وفيما يتعلق باستثناء مصر من التعريفات الجديدة، أوضح «الإدريسى»، أنه «حتى الآن، لا توجد إشارات رسمية لفرض رسوم على الواردات المصرية، وقد تكون مصر خارج حزمة الدول المستهدفة لأسباب منها تواضع حجم الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكى مقارنة بدول أخرى، العلاقات الاستراتيجية والسياسية بين القاهرة وواشنطن، والاتفاقيات التجارية القائمة مثل الكويز (QIZ) التى تسهل دخول بعض السلع المصرية دون جمارك».

وبسؤاله عن كيف يمكن لمصر أن تستفيد من ذلك، أوضح «الإدريسى»، أن «هناك فرصا واقعية للاستفادة، ومنها زيادة الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكى كبديل لبعض الدول التى تم فرض رسوم عليها، مثل المنسوجات والملابس الجاهزة قد تحل محل واردات من الصين أو بنجلاديش. كذلك جذب استثمارات أجنبية تبحث عن منفذ للأسواق الأمريكية بدون جمارك، خاصة من الدول المتضررة، فضلًا عن تعزيز الشراكة مع الدول العربية المستثناة أيضًا لإنشاء مناطق تصنيع مشتركة تُصدّر للولايات المتحدة».

«الإدريسي» انتقل بعد ذلك للحديث عن مخاطر التعريفات المحتملة على مصر، موضحًا أنه «رغم عدم فرض رسوم مباشرة، هناك تداعيات غير مباشرة، منها زيادة تكلفة المواد الخام عالميًا بسبب اضطراب سلاسل التوريد، وتباطؤ التجارة العالمية الذى قد يؤثر على صادرات مصر لأسواق أخرى مرتبطة بالاقتصاد الأمريكي، هذا إلى جانب الضغط على الميزان التجارى إذا ارتفعت أسعار السلع الأمريكية المستوردة».

أخبار الساعة

الاكثر قراءة