افتتحت الفنانة أنغام فعاليات المهرجان بصوتها الدافئ الذى لامس وجدان الجماهير، مؤكدة أن «الفن فى العلمين له نكهة خاصة، والجمهور هنا يجعلنا نُعيد اكتشاف أنفسنا على المسرح»، وكانت أمسيتها نموذجًا للتواصل الإنسانى والفنى، اختلط فيها الحنين بالإبداع.
وفى الخامس والعشرين من يوليو المنقضى، قدّم النجم تامر حسنى عرضًا شاركه فيه مطرب الراب «الشامى»، فى واحدة من أكثر الليالى تفاعلاً، وصرّح «الشامى» عقب الحفل قائلاً: «لم أرَ جمهورًا أكثر حيوية من جمهور مصر، تؤبرنى يا جمهور مصر، فهذا المسرح وهذه المدينة يشعّان طاقة إيجابية لا توصف» .
وقال الفنان تامر حسنى مخاطبا الجمهور على المسرح : «كل مرة أغنى فى العلمين، أشعر وكأنى أبدأ من جديد، فالجمهور هنا لا يسمع فقط، بل يشاركك الغناء والحلم».
فى ليلة 1 أغسطس، قدّم الهضبة عمرو دياب واحدة من أكبر الحفلات الجماهيرية فى تاريخ المهرجان، بأغانٍ من ألبومه الجديد «ابتدينا»، حيث تفاعل الجمهور بشكلٍ وصفه «دياب» عندما وجه حديثه للجمهور قائلا: «أنتم السر فى كل حاجة حلوة، محبتكم هى اللى خلتنا نوصل لكل ده، وما يحدث هنا فى العلمين ليس مجرد حفلات، بل هو مشروع وطنى للفن والحياة».
ومازال الجمهور فى انتظار حفلات باقى النجوم منهم الكينج محمد منير، وكاريوكى أمير عيد، وأيضا مطرب الراب ويجز، ليتم الإعلان عن نفاد تذاكر حفلاتهم منذ الآن ومن المتوقع أن يتم طرح تذاكر مرة أخرى نظرا لشدة الإقبال على حفلات المهرجان.
لم يقتصر المهرجان على الغناء فقط، بل شهد أيضًا عروضًا مسرحية ضخمة أبرزها «ألف ليلة وليلة»، بالإضافة إلى منافسات رياضية على الشاطئ مثل الترياتلون وكرة الشاطئ، ومساحات مخصصة للأطفال قدمت ورشًا ترفيهية وتعليمية.
كما خُصصت معارض فنية للفنانين الشباب، ومساحات تذوق لأشهر الطهاة المصريين والعالميين، ما جعل المهرجان كرنفالًا حقيقيًا يقام على هامشه بعض الفعاليات المجانية للأسرة والطفلة.
وفى هذا السياق، قال محمد السلامونى أحد الجماهير الذى كان متواجدا فى حفلة الهضبة عمرو دياب: «الهضبة» يعود بنا دائما لأيام التسعينات، ولكن فى كل مرة أحضر حفلة له أشعر بأننى سعيد، ومهرجان العلمين الجديدة ليس مجرد مهرجان فنى داخل مدينة، ولكنها فكرة ثقافية فنية عالمية على أرض مصرية.
نقاد وصناع يعلّقون
بدوره، قال الناقد الفنى محمد عبدالرحمن: تنظيم المهرجان هذا العام يُدرّس، مزج بين الحداثة والهوية، وتنوع فنى غير مسبوق، فما يحدث فى العلمين ليس مجرد فن، بل اقتصاد وإبداع وتنمية، حيث إن مدينة العلمين الجديدة، فى صيف 2025، لم تكن فقط موقعًا للحدث، بل كانت الحدث نفسه. بمسارحها، وجمهورها، وفنانيها، بل كتبت المدينة سطرًا جديدًا فى كتاب الثقافة العربية.
فعاليات وزارة الثقافة
وبالتزامن مع المهرجان، انطلقت فعاليات مهرجان «ليالينا فى العلمين»، وهو واحد من أهم المشروعات الفنية التى تُقام هذا الصيف، برعاية وزارة الثقافة ووزارة الإسكان، فى تجربة تُعيد الفن إلى جمهوره الأصيل بشكل مجانى.
لم يكن الحضور عادياً، ولم تكن الليالى مثل باقى الليالى، فعلى أنغام الربابة وصوت المزمار البلدى، وعلى وقع خطوات راقصة تستدعى ذاكرة الجنوب والدلتا، تحوّل المسرح الرومانى وساحات الممشى السياحى بمدينة العلمين الجديدة إلى ساحات فرح وثقافة، و إلى منصة للفن الشعبى، وعروض للسيرك، وأوبرا للأطفال، والورش المفتوحة أمام الجميع.
بدا واضحاً أن مهرجان «ليالينا فى العلمين» جاء ليكسر الصورة النمطية عن الثقافة النخبوية، فكل ما قُدّم خلال الأسبوعين الأول والثانى من الفعاليات كان موجهاً للناس البسطاء، المصطافين، العائلات، الأطفال، الشباب، والفن هذه المرة لم ينتظر جمهوره فى المسارح، بل ذهب إليه فى الهواء الطلق، على البحر، بدون تذاكر أو بروتوكول.
افتتحت الفرقة القومية للموسيقى الشعبية فعاليات « ليالينا فى العلمين» بعزفٍ أصيل لأغانى الريف والصعيد، أعقبتها عروض فرقة الشرقية للفنون الشعبية التى قدّمت رقصات تنقلت بالجمهور من السواحل إلى الصعيد، مروراً بواحات مصر القديمة.
أما فرقة مصطفى كامل للموسيقى العربية، فاستعادت الزمن الجميل عبر أغنيات سيد درويش وعبدالوهاب، وسط تفاعل جماهيرى لافت.
وجاءت عروض السيرك، وفرق الأطفال، وأوبرا النشء، لتضفى على ليالينا بُعدًا جديدًا، حيث بدا واضحاً أن الأطفال باتوا جزءًا أصيلاً من الجمهور المستهدف.
فى تصريحات صحفية، قال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة: «ليالينا فى العلمين ليست مجرد مهرجان، بل خطوة حقيقية نحو تحقيق العدالة الثقافية، وجزء من استراتيجية الجمهورية الجديدة فى بناء الإنسان، فإن الدولة لم ترض بأن تكون العلمين مدينة صامتة من إسكان وشواطئ فقط، بل حولت المدينة الساحرة إلى مدينة تتنفس فنًا، وتنمو على إيقاع الهوية المصرية، فهذه هى الثقافة التى نريدها، التى تكون مفتوحة على الشارع، ومجانية، ومتاحة لكل الفئات، فيها من التراث، وفيها من المستقبل».
الجمهور يتفاعل.. والأطفال يستمتعون بالورشة التفاعلية
من وسط الزحام، تحدث الكابتن محمد مسعد، أخصائى تأهيل الإصابات والعلاج الطبيعى، قائلا: كنت أظن أن المصيف لا يمكن أن يجمع بين البحر والفن، لكننى هنا أجد أن كل شيء متاح ومجانى وجميل، فالعروض تبث الفرح فينا وفى أطفالنا فضلا عن ورش الرسم للأطفال، فأنا لم أتوقع أن أرى عروضاً بهذا المستوى على الممشى، والفن هنا يعيش مع الناس، ولا يبتعد عنهم.
وبالعودة للناقد محمد عبدالرحمن، أكد أن «ليالينا فى العلمين» ليست فعالية صيفية عابرة، بل هى تجربة تؤسس لفكرة جديدة، بل أن تكون الثقافة جزءاً من التمدن، وأن تتحول الفنون من كونها مناسبة إلى أن تكون عادة، فإن المهرجان يحرك المياه الراكدة فى ملف الثقافة الجماهيرية، وينقل الفن من القاهرة إلى كل مدينة، من المسارح إلى الأرصفة، من الفئات المغلقة إلى الجمهور العام، لذلك يرى أن أبعاد المهرجان تتجاوز كونه فعاليات ترفيهية.