لأكثر من 150 يومًا، استخدمت إسرائيل الغذاء كأداة للضغط على الفلسطينيين في قطاع غزة، بهدف دفع حركة "حماس" إلى تقديم تنازلات في إطار العملية التفاوضية، بما يحقق لها مكاسب فشلت في تحقيقها ميدانيًا.
وبدأت هذه السياسة في الثاني من مارس الماضي، بالتزامن مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير، إذ قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، عقب انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق.
جاء هذا القرار بعد رفض حركة "حماس" لمقترح أمريكي ينص على وقف مؤقت لإطلاق النار خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، مقابل الإفراج عن عدد من المحتجزين الإسرائيليين، بدلًا من تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق يناير، التي تنص على وقف دائم لإطلاق النار.
مجاعة تخنق أسراكم
أدى القرار الإسرائيلي بوقف دخول المساعدات إلى قطاع غزة إلى زيادة تفاقم الأوضاع الإنسانية، واندلاع مجاعة خلّفت عشرات الوفيات، إلى جانب إصابة عشرات الآلاف بسوء التغذية.
ولم تستثنِ هذه المجاعة أسرى الاحتلال لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، إذ طالتهم كما طالت سكان القطاع، ما حولهم إلى ورقة ضغط إضافية على الحكومة الإسرائيلية.
وفي سياق الحرب النفسية، نشرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مقطعي فيديو لأسيرين إسرائيليين تظهر عليهما علامات المجاعة وسوء التغذية.

وفي هذه الرسائل المصورة، أكدت كتائب القسام أن أسرى الاحتلال لديها "يأكلون مما نأكل، ويشربون مما نشرب"، في رسالة واضحة إلى إسرائيل مفادها أن سياسة التجويع التي تنتهجها تهدد حياة أسراها، الذين تزعم أنها تخوض الحرب من أجل استعادتهم.
وقد دفع ذلك رئيس وزراء الاحتلال إلى "التواصل مع رئيس المكتب الإقليمي للصليب الأحمر، لاتخاذ إجراءات تجاه حماس وجميع الأطراف في غزة للتأكد من أن الأسرى الإسرائيليين سيتلقون العلاج المناسب والتغذية المناسبة بسبب حالتهم الصعبة"، حسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه.
وزعم رئيس وزراء الاحتلال، وهو مجرم حرب مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، أن أسراه لدى المقاومة "يتعرضون لتجويع منهجي ومتعمد، وأن تصرفات حماس تتعارض مع القانون الدولي واتفاقية جنيف"، متجاهلًا الحصار الخانق المطبق بقرار منه على أكثر من مليوني فلسطيني بغزة.
وجاءت اتصالات نتنياهو بعد حالة استياء واسعة عمّت الداخل العبري بسبب الحالة التي ظهر بها الأسرى، مطالبين بإبرام صفقة تبادل شاملة لإعادتهم.
ومن جانبها، أكدت القسام، أنها مستعدة للتعامل بإيجابية والتجاوب مع أيّ طلب للصليب الأحمر بإدخال أطعمة وأدوية للأسرى الإسرائيليين لديها.
غير أنها في المقابل اشترطت فتح الممرات الإنسانية بشكلٍ طبيعي ودائم لمرور الغذاء والدواء لعموم أبناء الشعب الفلسطيني في كل مناطق قطاع غزة، ووقف الطلعات الجوية للعدو بكل أشكالها في أوقات استلام الطرود للأسرى.
وكررت التأكيد على أنها لا تتعمد تجويع الأسرى، حيث إنهم "يأكلون مما يأكل مقاتلوها وعموم أبناء الشعب الفلسطيني".
وقالت إن "الأسرى لن يحصلوا على امتياز خاص في ظل جريمة التجويع والحصار" المفروضة من قبل إسرائيل.