فازت الفنانة نازلي مدكور بجائزة الدولة للتفوق في مجال الفنون لعام 2025 وجاء ذلك وفق إعلان جوائز الدولة اليوم بالمجلس الأعلى للثقافة بحضور الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة.
في تقاطع غير معتاد بين التحليل الاقتصادي والريشة الفنية، برز اسم نازلي مدكور كأحد الأسماء المهمة في مشهد الفن التشكيلي المصري المعاصر، حيث انتقلت من عالم الأرقام والسياسات إلى عوالم اللون والخيال، وقدّمت تجربة فنية وإنسانية فريدة، جمعت بين العمق الفكري والتعبير البصري.
ولدت نازلي مدكور في 25 فبراير عام 1949 في القاهرة، وتخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 1971، قبل أن تتخصص في إدارة الأعمال (دبلوم 1977)، ثم نالت درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1980. وكانت أطروحتها الأكاديمية بعنوان: "برامج الدفاع المصرية وتأثيرها على تنمية مصر"، ما يعكس خلفية فكرية تحليلية كانت ستقودها في اتجاهات تقليدية لولا شغفها بالفن.
عملت مدكور لدى الأمم المتحدة لعدة سنوات، بداية من عام 1972 كباحثة في مجال تنظيم الأسرة، ثم كخبيرة اقتصادية في مركز التنمية الصناعية التابع للأمم المتحدة، قبل أن تتخذ القرار المصيري بالتفرغ الكامل للفن عام 1981، لتبدأ بعدها مسيرة حافلة في الإبداع التشكيلي.
منذ عام 1982، أقامت معارض فردية في مصر وخارجها، ووجدت أعمالها طريقها إلى عدد من المجموعات الفنية المهمة، منها متحف الفن المصري الحديث وكلية موراي إدواردز بجامعة كامبريدج، حيث وُضعت ضمن تجارب نسائية بارزة تنتمي إلى ما بعد الحداثة.
لم يكن اهتمام نازلي مدكور بالمرأة مجرد موضوع عابر في لوحاتها، بل امتد إلى التأليف أيضًا، حيث أصدرت عام 1989 كتابًا مهمًا باللغة العربية بعنوان "المرأة المصرية والإبداع الفني"، نشرته جمعية تضامن المرأة العربية، وأعيد إصداره باللغة الإنجليزية عام 1993، ليحمل صوت المرأة الفنانة إلى دوائر أوسع من القراء والباحثين.
وفي عام 2005، قدّمت تجربة فنية خاصة برسم نسخة محدودة من رواية "ليالي ألف ليلة" لنجيب محفوظ، مزجت فيها بين الأدب الراقي والتجسيد البصري، لتضيف إلى رصيدها مشروعًا جديدًا يربط بين التراث العربي والابتكار الفني.
بفضل خلفيتها المتعددة، تجمع أعمال نازلي مدكور بين الحس النقدي والفني، بين الوعي السياسي والاجتماعي، والتعبير الذاتي والجمالي، ما جعلها من الأصوات التشكيلية المهمة في مصر، ومن النساء الرائدات اللاتي لم يكتفين بتغيير الصورة، بل أعدن رسمها من جديد.