رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

باقتصادات تبلغ 3 تريليونات دولار.. اتفاقية التجارة الحرة القارية.. تكامل اقتصادى بـ«العملة المحلية»


27-7-2025 | 10:11

.

طباعة
تقرير: رانيا سالم

تستعد مصر لتصدير أول شحنة سلع غذائية إلى دولة غانا باستخدام نظام المدفوعات والتسويات لعموم إفريقيا (PAPSS) بالعملات المحلية، وذلك فى إطار اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، بما يعد خطوة تدعم التكامل الاقتصادى القارى وتخفف الاعتماد على العملات الأجنبية.

 

مع بداية عام 2021 تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية كأكبر اتفاقية تجارية شارك فيها 54 دولة إفريقية، تطبق نظام (PAPSS) أو تمكين المدفوعات الفورية عبر الحدود الإفريقية بالعملة المحلية، ليتم الإعلان عن أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم، تصل الكتلة الاقتصادية فيها إلى المرتبة الثامنة فى العالم بناتج محلى إجمالى يبلغ 3 تريليونات دولار.

مصر كانت من أولى الدول الإفريقية التى وقعت على الاتفاقية فى 2018، وصدقت عليها فى 2019، لتكون من أوائل الدول المصادقة عليها، بل إنها لعبت دورًا مهمًا خلال رئاستها للاتحاد الإفريقى فى 2019 فى دفع الاتفاقية نحو التنفيذ.

وفى هذا السياق، أوضحت الدكتورة  نهلة أبو العز، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن «اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) أطلقها الاتحاد الإفريقى بهدف إنشاء سوق موحدة للسلع والخدمات فى إفريقيا، لتعزيز التجارة البينية بين الدول الإفريقية وتقليل الاعتماد على الشركاء خارج القارة، فالهدف الرئيسى للاتفاقية هو إزالة الرسوم الجمركية تدريجيًا على 90 فى المائة من السلع، وتحسين حرية حركة الأشخاص، وتسهيل الاستثمارات وتحقيق التكامل الاقتصادى بين دول القارة».

وتابعت: شاركت مصر بفعالية منذ البداية، فوقعت على الاتفاقية فى مارس 2018، ثم صدقت رسميًا على الاتفاقية فى أبريل 2019، لتكون من أوائل الدول المصادقة عليها، بل لعبت مصر دورًا مهمًا خلال رئاستها للاتحاد الإفريقى فى 2019 فى دفع الاتفاقية نحو التنفيذ».

«أبو العز»، انتقلت بعد ذلك للحديث عن أبرز بنود الاتفاقية، لافتة إلى أنها تتمثل فى استخدام  نظام المدفوعات والتسويات لعموم إفريقيا بالعملات المحلية  Pan-African Payment and Settlement System أو (PAPSS) وهو نظام دفع موحد على مستوى إفريقيا يُمكّن من إجراء المدفوعات بالعملات المحلية، دون الحاجة للدولار أو اليورو، وهو ما يقلل الاعتماد على العملات الأجنبية، يخفض تكلفة التحويلات والوقت اللازم للتسويات المالية، وفى الوقت ذاته يسهم فى تسهيل التجارة البينية بين الدول الإفريقية.

ورغم أن الاتفاقية تعد خطوة نحو التكامل المالى الإفريقى، كما بينت «د. نهلة»، هناك عدد من التحديات أهمها،  تفاوت قوة العملات المحلية، وضعف البنية التحتية المصرفية فى بعض الدول، والحاجة لتوافق تشريعى وتنظيمى أكبر بين الدول الإفريقية.

وعن أهمية الاتفاقية للقارة الإفريقية أوضحت «د. نهلة»، أن «الاتفاقية ستساعد فى زيادة حجم التجارة مع دول القارة دون رسوم جمركية، وخلق فرص استثمارية جديدة للشركات المصرية فى الأسواق الإفريقية، ودعم الصادرات المصرية خاصة فى القطاعات الصناعية والدوائية والغذائية، وتعزيز الربط اللوجستى والبنية التحتية بين مصر والدول الإفريقية مثل محور القاهرة - كيب تاون».

كما أكدت أن «أهم فائدة للاتفاقية تتمثل فى الحد من المنافسة الأجنبية عبر تقوية السوق الإفريقى المشترك، ودعم مشروعات الربط البرى والسككى مثل طريق (فالقاهرة - كيب تاون)، والاستثمارات المصرية فى مشروعات الطاقة الشمسية فى الدول الإفريقية».

بدورها، اتفقت الدكتورة سالى محمد فريد، أستاذ ورئيس قسم السياسة والاقتصاد بكلية الدراسات الإفريقية العليا، جامعة القاهرة، مع الرأى السابق، وأضافت: منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، هى أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم، تضم سوقاً تجارياً يبلغ عدد سكانه 1.2 مليار نسمة وتصل الكتلة الاقتصادية فيه إلى المرتبة الثامنة فى العالم بناتج محلى إجمالى يبلغ 3 تريليونات دولار، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الناتج لهذا التكتل الاقتصادى الإفريقى 2050.

وأوضحت «د. سالي»، أن «هناك فارقاً بين منطقة التجارة الحرة القارية وبين اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، فالاتفاقية تُمثل أهمية أكبر بكثير، وعلامة فارقة فى مسيرة التكامل والتنمية الإفريقية، ومن جهة أخرى، تُمثل حافزًا لأساليب جديدة فى ممارسة الأعمال والإنتاج والعمل والتجارة داخل إفريقيا ومع بقية العالم».

وأضافت: ستعمل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية على تسهيل التجارة بين البلدان الإفريقية من خلال تحقيق العديد من الأهداف المترابطة المهمة، كالسوق الإفريقية الواحدة، وإنشاء سوق إفريقية واحدة للسلع والخدمات، هذا يعنى إزالة معظم الحواجز التجارية، ووضع سياسات مشتركة لتسهيل حركة البضائع، وكذلك الأموال، والأشخاص، والشركات، والخدمات.

وتابعت: كذلك، ستعمل الاتفاقية على تسهيل التجارة على الشركات، وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وإزالة الحواجز غير الجمركية، بما يعنى التخلص من كافة التدابير التى تجعل التجارة بين الدول الإفريقية صعبة، مثل التأخيرات الجمركية.

وبحسب أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، فإن «الاتفاقية ستعمل على المساعدة فى تطوير السياسات التى تسهل التجارة والخدمات ذات الصلة، مثل بناء الطرق وتسهيل الوصول إلى الموانئ، بجانب بناء الخبرة الإفريقية، وهذه من أبرز مكاسب الاتفاقية، بناء الخبرة الإفريقية فى مجالات حقوق الملكية الفكرية والاستثمار والمنافسة والتجارة الإلكترونية، وانخفاض الضرائب والتعريفات الجمركية بين الدول الأعضاء».

«د. سالي»، أوضحت أن «نظام (PAPSS) أو تمكين المدفوعات الفورية عبر الحدود الإفريقية بالعملة المحلية، يدعم ثلاث عمليات أساسية هى الدفع الفورى والتمويل المسبق وصافى التسوية، فلم يعد المشاركون بحاجة إلى تحويل العملات المحلية إلى عملات صعبة، مما يستلزم مغادرة الأموال من إفريقيا ليتم تحويلها قبل إرسالها مرة أخرى إلى البنك المستفيد مما يضيف أياما إلى وقت المعاملة، بالإضافة إلى ذلك، يتم إجراء عمليات التحقق من الامتثال والقانون والعقوبات على الفور داخل النظام».

وعن حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الإفريقية وتكتلاته الاقتصادية قالت: وفقاً لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر ودول الاتحاد الإفريقى 9.2 مليار دولار خلال عام 2023 مقابل 8.7 مليار دولار خلال عام 2022،  ومن المتوقع زيادة حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الإفريقية بعد التنفيذ الكامل لاتفاق منطقة التجارة الحرة القارية، وهذا التبادل التجارى سيشهد تحولاً مهماً بعد الاتفاقية؛ فتُركّز اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) على تعزيز التجارة البينية بين الدول الإفريقية، مما يشمل العديد من الأنشطة الاقتصادية الهامة، كالتجارة فى السلع والخدمات، تطوير سلاسل القيمة الإقليمية، تعزيز التصنيع، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة».

كما أكدت أن «اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية تهدف إلى تحويل إفريقيا إلى سوق قارية موحدة، مما يعزز النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة فى جميع أنحاء القارة، فعلى مستوى التجارة فى السلع والخدمات تهدف الاتفاقية إلى إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام التجارة بين الدول الأعضاء، مما يسهل تبادل السلع والخدمات ويزيد من حجم التجارة البينية».

واستطردت: فى تطوير سلاسل القيمة الإقليمية تسعى الاتفاقية إلى ربط الدول الإفريقية فى سلاسل قيمة إقليمية متكاملة، مما يتيح للدول الأعضاء الاستفادة من مزاياها النسبية، وتحقيق التنمية الصناعية، وفى تعزيز التصنيع تسعى الاتفاقية إلى تشجيع الدول الإفريقية على تطوير قطاعات التصنيع، وخاصة الصناعات ذات القيمة المضافة، مما يقلل من الاعتماد على الصادرات الأولية ويعزز النمو الاقتصادي.

بدوره، قال أحمد زكى أمين عام شعبة المصدرين ورئيس لجنة الشئون الإفريقية بالاتحاد العام للغرف التجارية: للاتفاقية أهمية كبيرة على المستويين السياسى والاقتصادى، فهذه الاتفاقية تعيد الروابط السياسية والاقتصادية بين مصر والدول الإفريقية، ووقف هيمنة وسيطرة دول أخرى على القارة الإفريقية، وبالتالى سيزداد حجم الصادرات المصرية من السلع والمنتجات للقارة بأكملها، وهو ما ينعكس على الزيادة الإنتاجية والتشغيلية للمصانع المصرية وتشغيل عمالة جديدة، فهناك تبعيات وتداعيات كثيرة متعلقة بدوائر الإنتاج ستتأثر بشكل جيد».

«زكي» لفت إلى أن «هناك تقارباً بين اتفاقية مصر مع الصين وبين اتفاقية مصر مع الدول الإفريقية، فرغم أن الصادرات المصرية للصين أقل من استيرادنا لكنها رحبت باتفاقية التبادل بالعملات المحلية، وهو ما طبقته مصر مع دول القارة الإفريقية رغم أننا هنا فى وضع معاكس فصادراتنا هى الأكثر».

كما أوضح أن «مصر تصدر لدول إفريقيا العديد من السلع والمنتجات، كالمواد الغذائية والأسمدة والمواد الكيماوية ومواد البناء ومواد هندسية كهربائية وزراعية، فـ80 فى المائة من المنتجات للدول الإفريقية يتم استيرادها من مصر، وفى المقابل تستورد مصر البن والشاى ومواد خام كالنحاس ومنتجات زراعية كالأناناس، والأخشاب»، متوقعًا أن يزداد حجم الصادرات المصرية لإفريقيا من 30 إلى 40 فى المائة خلال الخمس سنوات المقبلة،   فمن أكثر الدول التى يتم التبادل التجارى معها كتنزانيا وكينيا وزامبيا وكونغو وغانا ونيجيريا وكوت دفوار وساحل العاج، وجنوب إفريقيا، وهى الدول الغنية بالثروات والمواد الخام التى يتم استخدامها فى الصناعة، على حد قوله.

ولفت «زكى» الانتباه إلى أن الاتفاقية سيكون لها عظيم الأثر فى الربط الكهربائى وممرات الطاقة الخضراء ونقل الطاقات المتجددة من الدول الإفريقية عبر مصر كمركز إقليمى للطاقة إلى الدول الأوروبية.

 

 

الاكثر قراءة