قال الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن التسجيلات المتداولة مؤخرًا للرئيس جمال عبد الناصر لا تقدم قراءة مختلفة لمشروعه الوطني، بل تؤكد أن "سياسة الرئيس عبد الناصر في إدارة الصراع مع إسرائيل لم تكن، كما أرادت بعض المصادر أن تُصوّر، وكأنها سياسة ذات وجهين، بل كانت المسألة واضحة؛ فقد كان هناك تمسك ثابت بالمبادئ، وإن تنوعت التكتيكات".
وأضاف في حوار مع المصور ينشر لاحقا: "على سبيل المثال، قبوله لمبادرة روجرز في يونيو 1970 كان لأسباب واضحة: السبب الأول، أن عبد الناصر كان بالفعل يضغط على الولايات المتحدة لتتقدم بمبادرة.. والسبب الثاني، كما يعلم الجميع، أن وقف إطلاق النار—أو بالأدق، الساعات القليلة التي سبقت وقف إطلاق النار، وأظن أنها كانت في 8 أغسطس 1970—كانت هي الساعات التي أنجزت فيها مصر، بعمل أشبه بالإعجاز، بناء حائط الصواريخ الأخير على الضفة الغربية لقناة السويس، وهو الحائط الذي عبرت تحت غطائه القوات المصرية في حرب أكتوبر 1973".
ثورة يوليو حاضرة في الوجدان الوطني
وفي تعليقه على استمرار الحضور الشعبي لثورة يوليو رغم مرور 73 عامًا على قيامها، قال الدكتور أحمد يوسف إن "ثورة يوليو 1952 كانت من الشعب وإليه، فالنخبة التي قامت بالثورة كانت كلها من الطبقة المتوسطة، وكل قيادات الثورة كانت تشعر بآلام الشعب وأوجاعه ومشاكله، ولذلك كانت هناك محاولات جادة لحل هذه المشكلات".
وأوضح أن "هناك حرصًا شديدًا في الحركة الوطنية المصرية على مفاهيم مثل الكرامة الوطنية والاستقلال، وكل هذه المعاني الرفيعة، فجاءت ممارسات ثورة يوليو لترجمة هذه المبادئ إلى واقع ملموس، كما في جلاء القوات البريطانية، وتأميم شركة قناة السويس، وغير ذلك".
وأشار إلى أن "الثورة عملت على معالجة مشكلات خطيرة تمس أوضاع الطبقات الوسطى والدنيا في المجتمع المصري، وبالتالي، عندما تتعرف الأجيال الجديدة على هذه الممارسات، فإنها ترتبط بها".
وتابع: "لا أزعم أن كل الأجيال الجديدة مطلعة على ميراث ثورة يوليو، لكن ما أعنيه هو أنه عندما تتاح الفرصة لمعرفة هذه الممارسات والسياسات، فإنها تلقى قبولًا وحماسًا شديدين لدى الأجيال الجديدة".
عنوان يلخص التجربة
وحول العنوان الذي يمكن أن يختزل تجربة الثورة وتأثيرها، قال الدكتور أحمد يوسف أحمد: "أفضل أن أستخدم تعبير (ثورة 23 يوليو.. نداء الحاضر والمستقبل)، بمعنى أنها ما زالت صالحة لحل مشكلات الحاضر والمستقبل".