على شاطئ هادئ في سهل حشيش بالغردقة، كان السياح يحتشدون في انتظار العرض اليومي لرياضة "الرجل الطائر"، والجميع ينتظر لحظة انطلاق الماء، وبدء العرض، وفي قلب هذا المشهد، كان يقف محمود عبد الغني، لاعب الفلاي بورد الشهير، بابتسامته المعتادة وهدوئه الذي يسبق الطيران.
محمود عبد الغني، الشاب الذي عشق السماء فوق البحر، يطير كعادته بجهاز الـ"فلاي بورد"، يرسم حركاته المعتادة في الهواء، يصفق له الحضور، يبتسم الصغار الذين يشاهدونه لأول مرة منبهرين من دقة حركته، أما هو فكان كمن يعانق السماء للمرة الأخيرة.
محمود عبد الغني.. بطل عروض الفلاي برود
محمود، صاحب الـ44 عامًا، من أوائل المصريين الذين تعلموا رياضة "الرجل الطائر"، وكرّس سنوات من عمره ليصنع من اللعبة متعة حقيقية للسياح في البحر الأحمر، وكان وجهًا مألوفًا لكل من قصد منتجعات الغردقة بحثًا عن الإثارة.

وفي ختام العرض، طار محمود عاليًا ثم سقط ليس كالمعتاد في الماء، وإنما لم ينهض بعدها.. أشارت التحقيقات إلى أن السقطة كانت مفاجئة، لا شبهة جنائية فيها، مجرد لحظة قاسية جمعت بين خلل فني وحركة خاطفة انتهت بارتطام رأسه في الرخام، وكان الثمن فيها روحه التي تعلقت بالهواء والماء.
حكاية نشأة لعبة الرجل الطائر
رياضة الـ"فلاي بورد"، التي بدأت عام 2012 من فكرة لإطفاء حريق على سواحل مدينة مرسيليا الفرنسية، تحولت إلى واحدة من أكثر العروض جذبًا للسياح في البحر الأحمر، بفضل أمثال محمود من المغامرين الذين صنعوا البهجة باندفاع الماء، وعناق الهواء.
ورغم أن جهاز الفلاي بورد مصنوع بعناية -من حذاء خاص وخراطيم وقاعدة طيران وخوذة أمان- فإن اللعبة لا تخلو من المجازفة.

محمود كان يعرف المخاطر، ولم يكن يخشاها، لأنه يحب أن يطير وأن يُدهش الناس عندما يحلق بجسده فوق البحر.
رحل محمود عبد الغني، لكن صورته في السماء بذراعيه الممدودتين، وابتسامته قبل القفزة الأخيرة، ستظل حاضرة.