من المنتظر إعلان جوائز الدولة قريبًا جدًا، ولعل من حُسن حظى أننى توليت المسئولية فى هذا التوقيت، حيث اكتشفت أن مدة عمل أعضاء المجلس الأعلى للثقافة، وهو الجهة المعنية باختيار الفائزين بهذه الجوائز، تنتهى فى 18 فبراير هذا العام، بينما بدأت مهمتى أول من ديسمبر الماضى.
وبما أن تشكيل المجلس الجديد يتطلب اختيار نخبة من الشخصيات المصرية الرفيعة، ممن لهم إسهامات واضحة وأثر ملموس فى المجالات الثقافية والعلمية، وهى شخصيات يُشار إليها بالبنان، فإن هذه العملية تمر بعدة مراحل وإجراءات تنظيمية، وتختتم هذه الإجراءات بصدور قرار من رئيس مجلس الوزراء، مما يستغرق بطبيعته وقتًا غير قصير.
ولذلك، فإن الفترة الماضية شهدت بعض التحديات الإدارية المرتبطة بإعادة تشكيل المجلس، والتى أثرت بدورها على توقيت إعلان الجوائز، إلا أننا نسعى جاهدين لاستكمال الإجراءات فى أقرب وقت ممكن، فهو إجراء قد يبدو طويلا، لكنه سليم من الناحية القانونية والإدارية.
إذًا متى الموعد؟
نحن فقط فى انتظار توقيع القرار من رئيس مجلس الوزراء، وبمجرد صدوره سنجتمع فورا، وندعو المجلس إلى الانعقاد، وسيتم التصويت على الجوائز.. وقد نعلن أسماء الفائزين بالجوائز قبل نهاية شهر يوليو إن شاء الله.
هل توجد علاقة بين إعلان الجوائز والسنة المالية للدولة.. فقد أُثيرت هذه النقطة وأنها مخالفة للوائح المجلس، خاصة أن إعلان الجوائز يتم سنويا فى شهر مايو أو يونيو؟
لا، إطلاقا.. هذا الربط غير صحيح، توقيت الجوائز لا علاقة له بالسنة المالية أو بأشهر محددة كأبريل أو مايو، نحن نتعامل وفقًا للسنة الميلادية.
كل عام تظهر بعض الانتقادات حول اختيارات الفائزين، وهو أمر متوقع فى أى جائزة كبرى.. هل هناك نية لتطوير آليات اختيار لجان التحكيم أو معايير الاختيار والترشيح؟
أنا شخصيا أؤمن بأهمية التغيير، التغيير يبعث على الأمل، ويمنح الثقة للمجتمع الثقافي، وغير مقبول أن نظل نرى نفس الأسماء فى اللجان عامًا بعد عام، لذلك نحرص عند الترشيح للجان التحكيم أن نراعى عددًا من المعايير، بحيث تشمل ممثلين عن جميع محافظات وجامعات مصر، المجلس ليس حكرًا على العاصمة أو الجامعات الكبرى، بل هو مجلس يعبر عن مصر كلها، فلا بدّ أن يشارك الكل، حتى يجد المجتهد فرصة وأملًا فى الوصول، ويكون الباب مفتوحًا أمام الجميع.
وهل هذا التغيير سيتم بصفة دورية؟
نعم.. اللجان يتم تشكيلها سنويا، لاختيار الأعمال المتقدمة، وكل عام سنقوم بتغييرات تضمن التنوع والكفاءة.
وماذا عن القيمة المالية للجائزة؟ هل هناك نية لزيادتها خاصة مع ارتفاع معدل التضخم؟
قيم الجوائز جيدة.. فقيمة جائزة النيل خمسمائة ألف جنيه وميدالية ذهبية، وقيمة جائزة الدولة التقديرية مائتا ألف جنيه وميدالية ذهبية، وقيمة جائزة الدولة للتفوق مائة ألف جنيه وميدالية فضية، وقيمة جائزة الدولة التشجيعية خمسون ألف جنيه.
والقضية ليست فى القيمة المادية، فمثلا جائزة النيل هى أرفع وسام تمنحه مصر، وتُعرف أيضا بـ «قلادة النيل العظمى» وهى مصنوعة من الذهب الخالص، وتزن ما بين 170 إلى 200 جرام، إذا حسبنا قيمتها اليوم، فهى قد تتجاوز 800 ألف جنيه، لكن الأهم من ذلك هو القيمة المعنوية، حين يحمل الإنسان ميدالية جائزة النيل، فهو يحمل شرفًا وتاريخًا ومكانة لا تُقدر بثمن.
هناك تساؤل يطرحه البعض حول إمكانية ترشح أعضاء المجلس أنفسهم للجوائز، مما قد يثير حرجًا أثناء التصويت.. هل من آلية لتجنب ذلك؟ مراعاة الشفافية والعدالة؟
نحن نعمل وفقا لقواعد واضحة.. باب الترشح مفتوح لكل مَن تنطبق عليه الشروط، وإذا كان المتقدم عضوًا فى المجلس، فهو ينسحب من جلسة التصويت؛ احتراما للشفافية، لكن لا يجوز أن نمنع شخصًا مستحقًا من الترشح لمجرد أنه عضو، ما دام انطبقت عليه الشروط.
نحن نبذل كل ما فى وسعنا لضمان الشفافية، وتوسيع دائرة المشاركة الثقافية، ونسعى إلى تطوير النظام عامًا بعد عام، ليكون أكثر عدالة واحترافًا، وأؤكد أن جوائز الدولة ستظل منبرًا لتكريم مَن يستحق، لا مَن يُجامل.
استراتيجية عامة
دعنا ننتقل إلى محور آخر يتعلق باستراتيجية المجلس.. البعض يرى أن دور المجلس الأعلى للثقافة هو وضع استراتيجية عامة للدولة، وصياغة سياسات ثقافية كبرى.. لكن فى الواقع ما نراه فى الغالب هو ندوات وصالونات ثقافية، وكتب تُطبع، وأمور ربما ليست من صميم مهامه الكبرى التى ينتظرها الناس منه؟
هنا أوضح أن النقطة الأهم كيف يتم توظيف هذه الأنشطة؟ على سبيل المثال، إذا نظمنا ندوة أو مؤتمرا عن الذكاء الاصطناعي، واستضفنا فيه شخصيات علمية مرموقة، هل نكتفى بذلك؟ بالتأكيد لا، يجب أن تُختتم هذه الفعالية بتوصيات، تُرفع إلى الجهات المعنية، لتساهم فى خدمة الدولة، وهذا هو التوظيف الحقيقى لأى فعالية ثقافية، وينطبق الأمر ذاته على الورش والمائدة المستديرة وغيرها.
إذًا.. هذه الأنشطة تندرج ضمن تكوين استراتيجية ثقافية؟
بالضبط، فصناعة السياسات لا تتم فى فراغ، أو غرف مغلقة، ولا يمكننى أن أجلس فى مكتبى وأضع استراتيجية، بل يجب أن أختار موضوعات تمس الواقع، وأناقشها من خلال فعاليات نقاشية، أستفيد فيها من الخبرات العلمية والفكرية، ثم نخرج بتوصيات قابلة للتنفيذ.
لكن لماذا لا يتم هذا من خلال اللجان؟ لدينا 24 لجنة متخصصة، أليس من المفترض أن تقوم بهذه المهمة من خلال اجتماعاتها الدورية؟
وهذا ما يحدث بالفعل.. اللجان هى التى تقترح موضوعات المؤتمرات، مثلا لجنة الجغرافيا طلبت عقد مؤتمر عن المدن النظيفة والطاقة المتجددة، وهى قضايا تخدم الدولة بشكل مباشر، وفى هذه الفعاليات، لا نعتمد فقط على أعضاء اللجنة، بل نستضيف خبراء من خارجها، لنستفيد من معارفهم، وهذه التوصيات تُعد نتاجا عمليا يُرفع للجهات المسئولة.
نشعر بتغير فى الفترة الأخيرة حول نوع القضايا التى تتم مناقشتها فى لجان المجلس.. لماذا؟
أنت مَن قلت ذلك، وليس أنا.. ولو كنت قلت عكس ذلك، لم أكن لأغضب، بل كنت سأراجع نفسي، لأن دورى أن أُعيد للمجلس وزنه وصوته.. فى الماضي، لم يكن المجلس يخرج بأنشطته خارج مقره، اليوم نحن نجوب محافظات الجمهورية، إن لم نجد قصر ثقافة، نعمل من خلال الجامعات.
هل تنظمون مؤتمرات خارج القاهرة؟
نعم، فى كل المحافظات.. نظمنا ندوة فى مكتبة الإسكندرية، وأخرى فى العريش، وسنعود إليها قريبا، الفكرة هى كسر الحاجز، أن نصل إلى المواطن فى كل مكان.
هل ترى أن هذا الخروج من الحيز المغلق خطوة إيجابية؟
بالطبع.. حين نذهب إلى حلايب وشلاتين، يشعر المواطن أن الدولة تراه وتقدره، حين يذهب وفد من المجلس إلى أقصى الجنوب أو إلى مطروح أو العريش ويستمع إلى شاعر أو كاتب، فهذه رسالة دعم لا تقدر بثمن، حينها سيشعر المثقف والمواطن بكيانه، وأن موهبته محل تقدير.
هل هذا من صميم أدوار المجلس، أم مجرد دور فرعى؟
بل أراه من الأدوار الأساسية، لا يمكننى أن أكتفى بالشكوى من التطرف أو من فقدان الهوية الثقافية، دورى وصول المعلومة الصحيحة، أن نساهم فى التثقيف وبناء الوعي.. وهذا بالطبع بجانب وضع الاستراتيجيات والسياسات العامة، كلها حلقات متكاملة، فالتثقيف نفسه يحتاج إلى قواعد، لا يمكن أن أضع سياسات ثقافية دون النزول إلى أرض الواقع.
ما الآلية التى يتم من خلالها وضع الاستراتيجيات العامة للدولة فيما يتعلق بالشق الثقافي؟ وآلية اختيار أعضاء اللجان؟
أودّ أن أوضح أن عملية اختيار أعضاء اللجان النوعية بالمجلس الأعلى للثقافة ليست مجرد إجراء إدارى، بل هى فى صميم وضع السياسات الثقافية للدولة، فإذا نجحنا فى اختيار أعضاء يتمتعون بالكفاءة والتنوع الحقيقي، فقد نجحنا فعليًا فى صياغة سياسات تخدم الوطن، أما إذا فشلنا فى هذا التكوين، فإننا نفشل فى تحقيق الهدف الأسمى للمجلس.
ولذلك حرصت على توسيع قاعدة الاختيار، وقد تواصلت مع الدكتور مصطفى رفعت، الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات، وطلبت منه ومن رؤساء الجامعات، قاعدة بيانات كاملة للأساتذة الحاصلين على درجة أستاذ فى مختلف التخصصات.. والهدف من ذلك أن ننشئ قاعدة بيانات دقيقة تساعدنا على انتقاء أفضل الكفاءات من مختلف أنحاء الجمهورية.. فعلى سبيل المثال، حين أبحث عن تخصص كعلم النفس، تظهر أمامى قائمة بكل المتخصصين فى هذا المجال، ومن ثم أبدأ فى الاختيار بناء على الكفاءة والتميز الأكاديمي.
نحن نؤمن بأن فى مصر طاقات محترمة ومخلصة، وتستحق أن نمنحها فرصة المشاركة فى صياغة المشهد الثقافي، كما أن توسيع دائرة المشاركة يفتح الأفق أمام الآخرين، ويخلق روحا من المنافسة والاجتهاد، فربما مَن لم يتم اختياره اليوم يسعى لأن يكون ضمن اللجنة غدا.
وهنا أؤكد أن المجلس الأعلى للثقافة ليس مجرد مبنى فى القاهرة، بل هو كيان وطنى يجب أن تصل أنشطته ورسائله إلى كل ربوع الجمهورية، لأن الثقافة ليست حكرا على العاصمة، بل حق لكل مواطن فى كل قرية ومدينة.
هل المجلس يضع استراتيجية ثقافية عامة كل عام؟ أم كل لجنة تقدم رؤيتها بشكل منفصل؟
كل لجنة تقدم رؤيتها الخاصة، مع بداية الدورة الجديدة، أى بعد تشكيل اللجان الجديدة نطلب من كل لجنة أن تحدد استراتيجيتها السنوية، وتطرح الموضوعات التى ستعمل عليها، المهم أن تكون هذه الموضوعات مرتبطة بالدولة واحتياجاتها، لا مجرد موضوعات نظرية، وهذه الرؤى تُدمج فى استراتيجية عامة ترفع لوزارة الثقافة.. وعند انعقاد أى مؤتمر تنتج عنه توصيات مجدية، نقوم برفعها مباشرة للجهات المختصة.
هل هناك آلية لتقييم أعضاء اللجان واختيارهم؟
بالفعل، وسيكون هناك نموذج محدد يطلب من المتقدمين تعبئته، يوضح فيه خلفيته العلمية، ومجالات تميزه، ورؤيته، ليتم التقييم بشكل أكاديمى ومنهجى.
هل هناك نية للتعامل مع التحول الرقمى بشكل أكبر داخل اللجان؟ أو حتى تطوير نوعية اللجان نفسها؟
أؤكد لك أنه سيكون هناك تطوير شامل فى بنية اللجان: استحداث لجان جديدة، دمج بعض اللجان، أو حتى إلغاء لجان لم تعد تتماشى مع متطلبات العصر، فالواقع يتغير، ويجب أن نواكبه.
هل عدد اللجان سيتغير عن 24 لجنة؟
قد يقل أو يزيد، حسب الحاجة.. هذا ما سنعمل عليه بعد الانتهاء من ملف الجوائز، وتحديدا سيتم تشكيل اللجان فى أكتوبر ونوفمبر المقبلين.
ماذا عن التعاون فى ملف حماية الملكية الفكرية؟
هناك تعاون مع الدكتور هشام عزمي رئيس جهاز حماية الملكية الفكرية، رغم أن الجهاز لا يزال فى طور التأسيس. لدينا لجنة معنية بهذا الملف، لكن التنسيق مع الجهاز الجديد مهم لضبط الإطار القانونى والتشريعى.
ما رأيك فى القانون المصرى الذى يحدد 50 سنة لحماية حقوق حقوق الملكية الفكرية للمبدع؟ وهل ترى أن المدة كافية أم لا بد من زيادة هذه المدة إلى 100 سنة لحماية حقوق المبدع والدولة؟
هناك جهاز متخصص مسئول عن هذا الملف، وسيتولى صياغة الضوابط المناسبة، خاصة أن المسألة تحتاج إلى توازن بين حق المؤلف، حق الدولة، وحق الجمهور.
كيف يتعامل المجلس مع الحروب الثقافية والفكرية وحملات التضليل؟
هذا هو جوهر الدور التوعوى للمجلس.. مهمتنا أن نواجه هذه الحروب بنشر المعرفة، توعية الشباب، وتقديم خطاب ثقافى يخدم الدولة ويحارب التطرف والتضليل.
هل توجه لجان المجلس للعمل على قضايا تمس الدولة مثل الإرهاب، الذكاء الاصطناعى، الطاقة، المدن النظيفة والمشروعات القومية؟
نعم، هذه موضوعات حيوية، ناقشنا مؤخرا أثر الذكاء الاصطناعي، والطاقة الجديدة، وغيرها من المشاريع القومية، كل لجنة تضع أفكارا تنعكس على الدولة فى الوقت المناسب، من خلال خبراء وأكاديميين أصحاب رؤية.
الثقافة في الجمهورية الجديدة
كيف ترون ما أنجزه الرئيس السيسى ثقافيا؟
أنا أعشق هذا الرجل، وأكررها هنا: الرئيس عبدالفتاح السيسى هو «نعمة من الله» لمصر وللوطن العربى.. نحن نعيش فى منطقة شديدة الاضطراب، والرئيس يدير الأمور بثبات وذكاء خارق، ورؤيته لبناء الإنسان واضحة ومتكاملة، وقد بدأت تؤتى ثمارها.
وماذا عن مشروعات بناء الإنسان ثقافيا؟
جائزة «المبدع الصغير»، التى تُقام تحت رعاية السيدة انتصار السيسى، تمثل مثالًا رائعًا للاهتمام بالجانب الثقافى فى سن مبكرة، وهى مفتوحة للجميع، بمَنْ فى ذلك ذوو الهمم، هذا مشروع يستحق الإشادة، لأنه يدعم الفن والإبداع منذ الطفولة، عبر المسرح، والشعر، والغناء، وكل الألوان الثقافية.
ولا يمكن بناء مجتمع قوى من دون إنسان سليم وواعٍ، التغيير لا يحدث فى يوم وليلة، بل عبر سنوات، ونؤسس لجيل جديد أكثر وعيًا وثقافة، هذا ما تسعى إليه الدولة، والرئيس السيسى يدير هذا الملف برؤية واضحة.
ومن الصعب أن تطلب من شاب يسمع مطربا شعبيا أن يتحول فجأة ليستمع إلى «أم كلثوم»، بل علينا أن نقدم له البدائل، ونفتح أمامه كافة نوافذ الفن، ونمنحه فرصة التمييز والتأمل، وأن نبنى داخله فن التذوق، فيمكنه الاختيار، لا أن نفرض عليه بالقوة.
ما دور المجلس فى الجمهورية الجديدة؟ وكيف تواكب الثقافة هذه المرحلة؟
اختياراتنا لموضوعات الندوات والفعاليات تأتى بما يتماشى مع فكر الجمهورية الجديدة، نحن نهتم بتجديد الخطاب الثقافي، وتحديث المفاهيم، وتقديم موضوعات تخدم الواقع والتحديات المعاصرة، الثقافة عنصر أساسى فى بناء الإنسان، ولا يمكن فصلها عن مشروع الدولة.
إذا طلبنا منك تصورًا لمشروع ثقافى وطنى كبير، على غرار ما فعله ثروت عكاشة فى الستينيات، ماذا تقترح؟
فى رأيى، أن نجوب العالم بثقافتنا، كما فعلت أم كلثوم بعد 1967 عندما أقامت حفلات فى الدنيا كلها، لدينا طاقات وإمكانات فى كل الفنون: الغناء، الشعر، الموسيقى، المسرح وغيرها، هذه الطاقات يمكن أن تقدم صورة عظيمة عن مصر، وتُعيد دورها فى العالم من خلال القوة الناعمة، وليس فقط بالعائد المالي، بل بالعائد المعنوى والسياسى والسياحى.
ما المشروع الثقافى الذى تتمنى أن يُنفذ تحت إشرافك فى المجلس؟
لا يمكن حصره فى مشروع واحد، لأن لدينا 24 لجنة، وكل لجنة يمكن أن تحقق مشروعا عظيما فى مجالها، المهم أن يكون لكل نشاط انعكاس إيجابى على الدولة والمجتمع، مشروعى الأساسى هو أن أجعل الثقافة حاضرة فى كل مشروع قومي.
ما أولوياتكم فى المجلس الأعلى للثقافة حاليا؟
أولويتى هى أن يكون المجلس مواكبا لرؤية مصر 2030، ويشارك فى تنفيذها، لا أن يكون بمعزل عنها، نحن نضع سياسات واستراتيجيات ثقافية تسهم فى تطوير المجتمع المصري، ونركز على تحويل الرؤى إلى فعل ثقافى مؤثر على الأرض.
وعندما توليت المسئولية، وجهت كل اللجان بأن تعمل لصالح الدولة، وليس بشكل فردى أو استعراضي، وأن ننتقل بأنشطتنا إلى المحافظات والجامعات فى كل المحافظات، بالشراكة مع قصور الثقافة والجامعات الحكومية والأهلية والخاصة، الثقافة لا يمكن أن تُحصر داخل مبنى، ولذلك خرجنا إلى كل ربوع الجمهورية.
هناك انتقادات بأن الثقافة تُعامل كسلعة.. ما رأيكم؟
الثقافة ليست سلعة تُباع وتُشترى، لكنها أيضا تحتاج إلى موارد لتستمر.. لا مانع من وجود مردود مادى معقول مقابل خدمات ثقافية مرضية، نحن لا نهدف إلى الربح، بل إلى الاستدامة، لا بد أن نصون المؤسسات الثقافية ونطورها لتؤدى دورها.
مؤتمر الرواية العربية
ما مصير مؤتمر الرواية؟ ولماذا لم يُعقد حتى الآن رغم أهميته؟
مؤتمر الرواية توقف فى الأساس بسبب جائحة كورونا، ولكن بعد انتهاء الجائحة، أصبحت هناك معوقات مادية ضخمة، فروق الأسعار أصبحت هائلة، وما كان يُصرف فى الماضى لم يعد يكفى الآن.. لذلك بدأنا نبحث عن حلول خارج الصندوق، منها التعاون مع رعاة من الشركات الوطنية، وبالفعل اتخذنا خطوات جادة، ونحن الآن فى انتظار الرد.
ولماذا لا تتحمل الوزارة كامل التكلفة باعتباره حدثا ثقافيا قوميا؟
هذا المؤتمر ليس مجرد فعالية، بل هو واجهة لمصر الثقافية، وهو مهم جدا للدولة، لكننا نعمل بعقلانية فى ظل الأوضاع الاقتصادية، الدعم من الدولة موجود، والوزير يتابع معى خطوة بخطوة، لكن أيضا علينا أن نتحرك وفقا للواقع، البحث عن شركاء وسبل تمويل جديدة لا يعنى التقصير، بل هو نوع من إدارة الموقف.
هل يمكن أن نحدد موعدا تقريبيا لانعقاد المؤتمر؟
أنا أمنيتى الشخصية أن يُعقد غدا، لكن الأمور لا تسير بالأمنيات وحدها، هناك إجراءات وتمويل، وكلها تحتاج إلى وقت، بمجرد أن تصلنا الموافقة بالرعاية والدعم، سنبدأ فورا.
لماذا لم تفكر الوزارة فى إلغاء المؤتمر بعد هذا التوقف الطويل طالما غير قادرة على تحمل التكلفة؟
لا يمكن.. هذا مؤتمر دولي، ينعقد تحت مظلة مصر، ويجمع مثقفين من العالم العربي... إلغاؤه يُعد انتقاصًا من مكانة مصر الثقافية، مصر أم الدنيا.
هناك مَن يرى أن الوزارة لا تضع هذا المؤتمر ضمن أولوياتها مقارنة بمهرجانات أخرى كـ»السينما» أو «معرض الكتاب».. ما ردك؟
الواقع غير ما يُقال.. المجلس الأعلى للثقافة يسعى بكل الطرق لإقامة المؤتمر، ومعرض الكتاب يحقق ربحًا، أما مؤتمر الرواية فلا يحقق عائدا ماديا مباشرا، لكنه يحقق عائدا ثقافيا كبيرا، ومع ذلك نحن نبذل الجهد، وننظر رد الشركات الوطنية لرعاية المؤتمر.
هل ترى أن المثقفين فى مصر متعاونون معكم؟ أم هناك حالة من العزلة أو الفتور؟
بالعكس تماما.. المثقفون متعاونون بشكل كبير جدا، ولا يتأخر أحد منهم عن أى دعوة أو مشاركة، هناك تواصل شبه يومى مع عدد كبير من المثقفين، وحالة من الانخراط الحقيقى فى الأنشطة الثقافية، سواء داخل القاهرة أو فى المحافظات، كل مَن نطلب منه المشاركة يستجيب.
أشرف التعلبى


