رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

سكينة فؤاد.. صوت عظيمات مصر


4-7-2025 | 18:03

الكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد

طباعة
تقرير: أشرف التعلبى

فى المدينة الباسلة بورسعيد، وُلدت الكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد فى الأول من سبتمبر عام 1945، لتبدأ منذ نعومة أظافرها رحلة طويلة فى دروب الكتابة والوعى.. ومن قلب تلك المدينة الصامدة، انطلقت «سكينة» محملة بالشغف، متنقلة إلى القاهرة، عاصمة الفكر والثقافة، حيث التحقت بكلية الآداب فى جامعة القاهرة، وتخرجت فيها حاصلة على ليسانس الآداب عام 1964.

 

إلى جانب الصحافة، لم تغفل سكينة فؤاد عن الكتابة الإبداعية، فاشتهرت بروايتها «ليلة القبض على فاطمة»، التى تحوّلت لاحقًا إلى فيلم سينمائى حقق صدى واسعًا، ثم تتابعت أعمالها الأدبية بعد ذلك، لتضيف إلى المكتبة روايات مثل «بنات زينب»، و«دوائر الحب»، و«ترويض الرجال»، و«امرأة يونيو»، و«حروب جديدة»، إضافة إلى كتاب الأعمال الكاملة الذى يجمع عددًا من مقالاتها حول الأمن الغذائى والنقد للفساد والتلوث الغذائى.

«سكينة» لم تكن فقط شاهدة على ما جرى فى مصر من تحولات، بل كانت من أوائل من قرأوا «السيناريو الخطر»، الذى تحيكه جماعات الظل ضد الدولة الوطنية، وعندما التحقت لفترة قصيرة بالفريق الرئاسى للرئيس المعزول محمد مرسى، ما لبثت أن استقالت فى نوفمبر 2012، احتجاجًا على الإعلان الدستورى الذى رأته عنوانًا لانفلات سياسى خطير.

لكن أقوى لحظات سكينة فؤاد فى الذاكرة السياسية الوطنية ستظل مرتبطةً بيوم الثالث من يوليو 2013، وهى كانت من بين وجوه المشهد المدنى والسياسى التى شاركت فى إعلان خارطة الطريق بعد خروج الملايين لإسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية، قالت فى كلمتها التاريخية آنذاك: جئت أبحث عن إجابات لكيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وهل كان ممكن هذا الشعب بملايينه أن يخرج غاضبًا ليملأ كل شوارع وميادين بلاده إن لم يكن حجم الألم قد تجاوز كل أرصدة الصبر؟

تمنيت أن نستطيع وأستطيع مع الصحبة الكريمة، ووسط هذا البيت الوطنى الذى كل ما قام به كان استجابةً للإرادة الشعبية، كان تأكيدًا لأنه لا يريد أى دور سياسى ولكن أمن هذا الوطن والحفاظ عليه وحمايته من أى مخاوف أو انقسامات مسؤولية من مسؤولياته الأساسية.

وجدت حوار ومحاولات عميقة للوصول إلى الحلول التى لا تُقسم، لا تُقصى، لا تسبب ألمًا، تقوم بجمع كل أبناء هذا الوطن، تنبه وتذكر بهذا الرصيد، رصيد الوحدة ورصيد عدم الانقسام، وأن هذه الادعاءات بالانقسام بين تيارات دينية وتيارات مدنية لا حقيقة لها ولا وجود لها، لأن الكل فى هذا الوطن مصرى ووطنى ومؤمن ومتمسك بعقيدته. إذًا أسباب الصراع يجب أن تزال ليعود هذا الشعب الذى يقف فى جميع ميادين مصر يطمئن ويثق أنه يستطيع أن ينطلق وأن يعمل وأن يتجاوز الألم، وألا تصل مصر لا قدر الله ولا كان إلى ما وصلت إليه شعوب من انقسامات وصراعات، وكنت أثق أن هذا لا يمكن أن يحدث فهذا الشعب العظيم سيظل كما كان لا ينقسم ولا يتفرق. وجدت كل الحوار الذى دار وكل المحاولات التى تمت محاولة لإعادة جمع الشمل، لإعلاء الإرادة الشعبية، لطمأنة الشعب بكل أطيافه، بكل تياراته لإيقاف إهدار الدم المصرى».

لم تكن مشاركتها مجرد حضور سياسى، بل تجسيد لصوت آلاف النساء، المكافحات، الغاضبات، اللواتى صرن أيقونات لثورة شعبية لا مثيل لها.. وتقول «سكينة»، إن دعوتها للمشاركة فى المشهد الجليل لإنفاذ إرادة الشعب بالإعلان التاريخى فى 3 يوليو موقف يليق بآلاف النساء المكافحات وصانعات أعظم الأجيال من النساء والرجال، ولكنها كانت استجابةً من الخالق لتتويج عشقها للوطن فى كل كلمة خطها قلمها طوال عشرات السنين.

وفى مقالها بجريدة الأهرام يوم 28 يونيو 2015، عبرت سكينة فؤاد عن مشاعرها تجاه ثورة 30 يونيو، فقالت: «كما كان خروج الملايين فى ذلك اليوم العظيم انعتاقًا وتحررًا للشعب المصرى من محنة حكم جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى، فقد كان لى، شخصيًا، مع الأسباب العامة التى دفعت المصريين إلى الانفجار غضبًا والخروج لاستعادة ثورتهم، انعتاقًا وتحررًا من أوجاع عقل وروح تعذبتا بقرار خاطئ اتخذته – بعد طول تردد ورفض واعتذار – حين ظننت أنه لا بأس من المشاركة فى الرقابة وصناعة القرار بعد أن أصبح حكم الجماعة أمرًا واقعًا.

لقد سبقت هذه المشاركة بتحذيرات واضحة وصريحة، نشرتها علنًا، حول الكارثة التى ستحدث إذا حاولت الجماعة أن تُغلب نفسها على مصر، أو إذا ترددت فى إقامة حكم ديمقراطى يحترم سيادة المصريين ويحقق أهداف ثورتهم.

ويعلم الله أننى لم أقبل الاقتراب من أى دائرة من دوائر صناعة القرار إلا لحمل ملفات المخاطر والمشكلات التى كنت أكتب عنها باستمرار، خاصة فى السنوات الأخيرة من حكم النظام الأسبق، ونشرتُ كثيرًا منها على صفحات الأهرام، حتى تم إيقاف مقالاتى عقابًا على ما أكتب، ثم واصلت النشر فى صحف الوفد والدستور، تحت عناوين كانت أحيانًا تحمل صفة «بلاغات مفتوحة إلى النائب العام».

ولا تزال سكينة فؤاد حتى اليوم تؤكد – مرارًا وتكرارًا – أن ثورة 30 يونيو كانت تجسيدًا لعظمة ووعى الشعب المصرى، الذى أدرك بخطورته ووعيه الدينى والحضارى أن استمرار حكم جماعة الإخوان يشكل تهديدًا وجوديًا لهوية مصر.

 
 
 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة