رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

رغم إعلان وقف إطلاق النار.. د. أحمد فؤاد أنور: شلل تام يضرب إسرائيل


27-6-2025 | 12:33

الدكتور أحمد فؤاد أنور أستاذ اللغة العبرية والباحث فى الشأن الإسرائيلى

طباعة
حوار: دعاء رفعت

رغم إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، فإن تداعيات التصعيد العسكرى الأخير ما زالت تضرب العمق الإسرائيلى بشدة. فالهدنة، التى لم تلتزم بها الأطراف بشكل فعلى، لم تُنه حالة الشلل والاضطراب داخل إسرائيل، بل كشفت هشاشة الجبهة الداخلية وتزايد الانقسامات فى مجتمع اعتاد لعب دور المعتدى لا المتضرر.

اليوم، يعيش الداخل الإسرائيلى حالة من الفوضى: آلاف المهاجرين، صفارات إنذار لا تهدأ، وخسائر اقتصادية فادحة، يقابلها تكتم رسمى على أعداد القتلى الحقيقيين. فى هذا السياق، حاورت «المصور» الدكتور أحمد فؤاد أنور، أستاذ اللغة العبرية والباحث فى الشأن الإسرائيلى، حول ملامح الأزمة العميقة التى يمر بها المجتمع الإسرائيلى، والتفكك الداخلى فى ظل التهديدات الأمنية والسياسية المتفاقمة.

 

بين الاعترافات الرسمية وفشل القبة الحديدية ومشاهد الدمار غير المألوفة.. كيف تُقيّم الوضع الداخلى لإسرائيل الآن؟

الجانب الإسرائيلى مُنى بخسائر غير متوقعة. الحكومة الإسرائيلية وجيش الاحتلال هما مَن بادرا بالهجوم على إيران يوم 13 من يونيو الجاري، فى هجمة مفاجئة، وعلى هذا النحو كان من المفترض أن يكونا على أهبة الاستعداد لرد الفعل الإيراني، وألا يُباغتا، لكن هذا لم يحدث. وأعتقد أن هذه لطمة كبيرة، والتقليل من حجم الخسائر ونوعيتها أصبح مثيرًا للسخرية فى الداخل الإسرائيلي. فالجانب الرسمى يعترف بنحو 25 قتيلًا، وهذا العدد قليل بشكل كبير ولا يتناسب مع حجم صافرات الإنذار التى دوت -على إثر الهجمات الإيرانية- والتى يُقدر عددها بنحو ألف صافرة إنذار. أيضًا، الاعتراف بأكثر من 10 آلاف مهجر -جراء الإصابات المباشرة التى استهدفت المبانى السكنية فى تل أبيب- هو أمر جديد. فأصبحنا الآن نسمع عن التهجير داخل إسرائيل، بعدما كانت إسرائيل تأمل وتخطط وتهدف إلى إجبار الفلسطينيين على التهجير من أراضيهم. ولكن حاليًا تم تهجير آلاف الإسرائيليين من مساكنهم، وهو مؤشر خطير، بعدما كان الجانب الإسرائيلى يلوّح بأن هذا السيناريو سوف يحدث للفلسطينيين. وهذه ليست المرة الأولى، ففى الأشهر القليلة الماضية حدث سيناريو التهجير فى أعقاب هجمات السابع من أكتوبر فى جنوب وشمال إسرائيل. فقبل أن يتم التعافى من هذا السيناريو الأول، انضم الآن عشرات الآلاف إلى السيناريو.

أيضًا، الاعتراف بنحو 2595 مصابًا -يدعى الاحتلال بأنهم من المدنيين- فهذا أمر غير معقول. فلا يمكن أن يكون كل هذا العدد من الإصابات فى صفوف المدنيين فقط. وفى ظل هذه الأرقام، لا يمكن أن يكون عدد القتلى 25 فقط. وهذا إخفاء من الرقابة العسكرية لأعداد القتلى والخسائر الحقيقية. وبالطبع، معهد «وايزمان» الذى تم قصفه، مؤشر خطير على قدرة الصواريخ الإيرانية على الهروب من القبة الحديدية، ومن منظومة «حيتس»، ومن المنظومة الأمريكية لإسقاط الصواريخ، بينما لا يمكن الاستهانة برمزية الإصابة الدقيقة لهذا المعهد المرتبط بجيش الاحتلال وتسليح قذر خاص بالأسلحة البيولوجية والكيميائية، كون المعهد يحمل رمزية خاصة بحمل اسم الكيميائى حاييم وايزمان، رئيس الدولة الذى تعاون مع الإنجليز فى الحرب العالمية الثانية بأسلحة ساعدتهم فى عملية الصمود ضد الألمان.

وسط التقارير التى تتحدث عن فرار الإسرائيليين ورفض جنود الاحتياط للخدمة العسكرية والخلافات السياسية العميقة.. هل يمكن أن ينفجر الداخل الإسرائيلى قريبًا؟

بالطبع، هذه الخسائر عمّقت الانقسام بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية التى تتوغل بصلاحيات السلطة القضائية، وهو مؤشر يهدم المنظومة الصهيونية والمشروع الاستيطانى الذى تعرض لصدمة كبيرة بسبب هذه الحرب، وما سبقها من عدوان شرس على قطاع غزة والضفة الغربية. ففى وقت الخطر، لا يزال الانقسام موجودًا، خاصة أن هناك ما يقرب من خُمس السكان فى إسرائيل وهم من «عرب 48» لا يخدمون فى الجيش الإسرائيلي، ويُضاف إلى ذلك نحو 20 فى المائة آخرين من الحريديم لا يتم تجنيدهم فى صفوف الاحتلال. وبهذا، يزيد العبء والخطورة على قوات الاحتياط من العلمانيين، والذين بالفعل، يحاولون رفض الخدمة والتمرد، بل والهرب من إسرائيل. وهذه هى المعضلة: فمَن يخدم فى صفوف الجيش، يزيد العبء عليه، ومَن لا يخدم يتمتع بالرفاهية فى صفوف المدنيين. وهذا الوضع يجعل الداخل الإسرائيلى عرضة للانفجار، فالجانب العلمانى قد ينفجر فى وجه هؤلاء الذين يُطلق عليهم كائنات «طفيلية»، وأعتقد أنه فى المقابل، لن يقبل الحريديم أبدًا فكرة التجنيد فى صفوف جيش الاحتلال أو حتى المشاركة الرمزية فى الخدمة العسكرية، وهذا يرجع إلى معتقداتهم الدينية التى ترى أن هؤلاء القادة السياسيين والجنود هم مَن يستعجلون الخلاص، ويعترضون على مشيئة السماء.

وكيف ترى انعكاسات هذا التدهور على الاقتصاد فى إسرائيل؟

الاقتصاد الإسرائيلى حاول التعافى بعد شلل فى قطاعات مثل الزراعة والسياحة، ونزيف العقول الذى تعانى منه إسرائيل منذ بداية الحرب فى غزة فى أكتوبر 2023، حيث تهرب العقول الإسرائيلية إلى الخارج، خاصة فى مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فيما يفر الأطباء الإسرائيليون بحثًا عن فرص عمل برواتب كبيرة خارج إسرائيل. وفى ظل هذا التدهور الاقتصادى والأمني، بالطبع سوف يستمر الفرار من إسرائيل، فيما تفيد بعض التقارير بأن 40 فى المائة من الإسرائيليين كانوا يفكرون فى الهجرة بالفعل قبل بدء التصعيد الإسرائيلى - الإيرانى.

ويواجه أيضًا الداخل الإسرائيلى معضلة أخرى، وهى مواجهة الحكومة الإسرائيلية آمال المعارضة الإسرائيلية التى ترغب فى الفرصة المناسبة لسحب الثقة من حكومة نتنياهو التى تُسمى بـ»حكومة الخراب»، وقد يحدث ذلك بآلية الخيانة، أى بتآمر عدد من أعضاء حزب الليكود أو حزب آخر مثل حزب «شاس» أو غيرهم، والتمرد على الائتلاف الحكومى الحالي، ويقوموا بإسقاطه مقابل مكافأة مستقبلية، ليسقط نتنياهو ويواجه مصيره بعد الخروج من المشهد السياسى.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة