بعد مواجهتى سويسرا وألمانيا الأخيرتين، فى بطولة العالم للشباب بكرة اليد ببولندا، نجح شباب الفراعنة فى تصدر المجموعة الثامنة بثلاثة انتصارات متتالية، حيث افتتحوا مشوارهم بالفوز على السعودية 35-30، ثم تغلبوا على البحرين 28-19، قبل أن يختتموا الدور الأول بانتصار مثير على إسبانيا بطل أوروبا، «بنتيجة 30-29».
الطموح بكل معانيه فى هذه البطولة، راود شباب الفراعنة بقيادة مدربهم مجدى أبو المجد ونجومه الشباب إلى مواصلة تألقهم والحصول على إحدى بطاقتى التأهل إلى ربع النهائى، لاسيما عقب التفوق على بطل أوروبا المنتخب الإسبانى، وبعدما حسم التعادل بنتيجة 16-16، الشوط الأول من اللقاء، وتمكن منتخب مصر فى الشوط الثانى، من التقدم بفارق هدف، لتنتهى المباراة بفوز الفراعنة بنتيجة 30-29، وتصدر الفراعنة المجموعة برصيد 6 نقاط، وتصدر منتخب مصر ترتيب مجموعته فى الدور التمهيدى بـ6 نقاط، وجاء المنتخب الإسبانى فى المركز الثانى برصيد 4 نقاط..
ولاشك أن التأهل للدور الرئيسى بالعلامة الكاملة، كان دافعا حقيقيا ورئيسيا للاعبين والجهاز الفنى لمواصلة المسيرة لإحراز تقدم آخر، لاسيما بعدما قدم شباب الفراعنة أداء جيدا وقويا فى دور المجموعات، ونجحوا فى الفوز بمبارياته الثلاث، ووضح أن الهدف كان الوصول لمنصات التتويج مهما كان حجم الصعوبات، ولذا كان المتوقع أن الفوز فى مباراتى سويسرا وألمانيا يضع الفراعنة على الطريق الصحيح نحو النهائى.. ويأتى الأداء المتميز والروح العالية التى أدى بها لاعبو منتخب شباب الفراعنة، ليؤكد أن مستقبل كرة اليد فى مصر واعد، حيث يمتلك المنتخب الوطنى سجلًا حافلًا بالإنجازات ويحظى بشعبية كبيرة، لاسيما بعدما حصلت مصر على شرف تنظيم مونديال 2021 للكبار، وبعدما نجح منتخب الشباب فى حصد الميدالية البرونزية بكأس العالم الذى أقيم فى إسبانيا يوليو الماضى بتحقيق العلامة الكاملة فى الدور الأول، ليصبح أول منتخب غير أوروبى فى تاريخ بطولات العالم يفوز بجميع مبارياته بدور المجموعات..
والحقيقة أن تفوق اللاعبين المصريين الشّباب فى البطولات العالمية أخيراً، ليس وليد اللحظة أو جاء صدفة، بل تحقّق بعد سنوات من الإعداد المميز والتخطيط، وتنفيذ استراتيجية واضحة ومحكمة لتطوير اللعبة فى مصر، لأسباب عديدة ومبررات منطقية، تعتمد على معايير صحيحة من بينها أن إعداد اللاعبين يبدأ مبكراً، إذ يلعب البراعم لمدة 5 سنوات فى مرحلة كرة اليد المصغرة، ثم ينتقل منها للعب فى مراحل سنية أكبر لمدة 6 سنوات، حتى المرحلة العمرية الأقل من 19 سنة، وجميع هذه المراحل العمرية تخضع لمعايير دقيقة فى التدريبات والمباريات، إذ يُجبر المدربون على اتّباع أحدث الطّرق العالمية فى التدريب، والتغذية واللياقة، وأثبتت استراتيجية انتقاء اللاعبين المميزين فاعليتها خلال الأعوام الأخيرة، حيث يتم انتقاء اللاعبين من جميع المدارس الإعدادية والثانوية فى المدن المصرية عبر مشروع العمالقة والموهوبين، وهذا الانتقاء يتم وفق أسس علمية محدّدة، بناء على المقياس البدنى والجسمانى للاعب، ومدى تطوره فى اللعبة وقدرته على تحقيق الانتقال السريع من الدفاع للهجوم، والتسديد على المرمى من مسافة 9 أمتار، وكل هذه العناصر أثبتت نجاحها فى بطولة العالم للناشئين فى مقدونيا، وكذلك بطولة العالم للشباب المقامة حاليا فى بولندا..
ورغم الإشادة الكاملة بالجهد المبذول من القاعدة العريضة من المسئولين باتحاد اللعبة، ومع أن لعبة كرة اليد فى مصر تعد اللعبة الثانية بعد كرة القدم، فإنّ قاعدتها الميدانية فى المدن والقرى ليست كبيرة، مقارنة بدول أخرى مثل ألمانيا التى يبلغ عدد لاعبيها فى كرة اليد أكثر من مليون لاعب، ويسعى مسئولو الاتحاد فى مصر لانتهاج سياسة فريدة لتعويض ضعف هذه القاعدة بسبب العوامل المادية، عبر تفعيل وتكثيف برنامج التدريب للاعبى المنتخب بجميع المراحل العمرية من خلال 5 وحدات تدريبية كل أسبوع، وهذا معدل كبير جداً يتفرد به اتحاد اللعبة، بعد اختيار 20 لاعباً موهوباً من كل محافظة مصرية للمنتخبات المختلفة بمقاييس ومعايير دقيقة، ولذا فإن الكثير من المعايير والدراسات العلمية تؤكد أنّ لعبة كرة اليد ينتظرها مستقبل مشرق فى مصر، خلال الفترة المقبلة، وبالتالى فإنّه إذا وُسّعت قاعدتها بالمحافظات المختلفة سيسهم ذلك فى حصول الفراعنة على بطولات العالم الكبرى فى المستقبل.
